تعرضت في الحلقة الثامنة من هذه المقالات – وبحسب التسلسل السردي لصاحب كتاب ( مجزرة الشجرة ) الأستاذ حسن الطاهر زروق – تعرضت بالكتابة عن ما انتهى إليه اعتقال كل من الملازم / عبد العظيم عوض سرور، الملازم / فيصل مصطفى ، الملازم / هاشم المبارك و الملازم / علي محمد علي زروق وأواصل في هذه الجزئية من المقالات استعراضي للكتاب محور الحديث وكنت قد ختمت المقال السابق بأني قد وعدت جمهور القراء في هذه الحلقة بأن نقرأ ما خطه قلم صاحب ( مجزرة الشجرة ) عن ذلك الذي اقتيد من وزارة الداخلية سيراً على الأقدام حتى السفارة المصرية ليتم احتجازه هناك.
الملازم / أحمد حسين:
(( تم اعتقاله في الساعة التاسعة مساء 22 يوليو في الخرطوم من وزارة الداخلية وقام باعتقاله بعض جنود المظلات وأحد ضباط وقوة من الجنود يقودها المقدم زيادة صالح الشيخ ومن وزارة الداخليه اقتادوه سيراً على الأقدام حتى السفارة المصرية حيث تم حجزه مع ضباط آخرين معتقلين )). ( مجزرة الشجرة: ص 67 ).
هكذا بداية حكاية أعتقال الملازم والذي احتج وطلب من الضابط المسؤول تفسير سبب احتجازهم في السفارة المصرية. فتم نقله منها (( وبقية المعتقلين إلى الشجرة وأدخلوهم قرقول اللواء الثاني فوجدوا هناك الشهيد عبد المنعم محمد أحمد محتجزاً داخل زنزانة ومجموعة من الضباط المعتقلين منهم الشهيد أحمد جبارة الذي كان نائماً )). ( مجزرة الشجرة: ص 68 ).
ثم يحدثنا – نحن معشر القراء – يحدثنا المؤلف عن الليلة الاولى للملازم / أحمد حسين في معتقله بمعسكر الشجرة حيث رحل في الليلة نفسها (( إلى مكاتب سلاح المدرعات حيث تعرض ومن معه للاستفزاز والإهانة وللسب والسرقة فنهبوا ساعاتهم وما معهم من نقود. استلقى أحمد الحسين ونام حتى ساعة متأخرة من الليل حيث استيقظ فوجد الشهيد محجوب إبراهيم وسمع صوت الشهيد عبد المنعم في الغرفة المجاورة يتحدث بثبات أثناء استجوابه )). ( مجزرة الشجرة: ص 68 ).
وكما يحدث في كل حكاية يزج بنا المؤلف لنتابع عن كثب ما يدور في أروقة المحاكمة فبعد أن (( أخذ خلاصة البيانات توجه أحمد الحسين للمحكمة وكان حسبما أعلن رئيسها هو المقدم عبد المنعم حسين، ولكن أحمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكري تدخل وغير رئاسة المحكمة وفرض نفسه رئيساً عليها )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
نحن الآن أمام مشهد من مشاهد الفساد القضائي وعدم المؤسسية ولكن دهشتنا سوف لن تتوقف هنا حينما يطلعنا الاستاذ حسن الطاهر زروق أن هنالك مشهد عبثي آخر وهو تغيير (( الرائد الذي أخذ خلاصة البيانات وكان مفروضاً أن يتولى مهمة ممثل الإتهام استبدل بالعقيد أحمد يحى عمران وتحولت كل هيئة المحكمة إلى ممثل إتهام )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
لتكتمل مشاهد العبثية بهذا المشهد حيث (( كان أحمد محمد الحسن يسرد على المتهم فقرات وحقائق دارت بينه وبين قائد سلاح المدرعات أحمد عبد الحليم منذ أمد بعيد. وظل ممثل الإتهام يكرر أكثر من مرة مطالبته بإنزال أقصى العقوبة على المتهم ليكون عظة للآخرين. وكان أحمد محمد الحسن يتظاهر خلال المحكمة بأنه نعسان وتعبان، ويغفو وينام من حين لآخر. ثم يوجه أسئلته بطريقة مسرحية واستفزازية للمتهم ورفضت المحكمة في النهاية أن تسمع للمتهم بتقديم خطته دفاع شفوية أو مكتوبة )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
جدير بالذكر انه وبنهاية محاكمة الملازم / أحمد حسين أو أحمد الحسين، نسي المؤلف أن يوضح لنا – نحن معشر القراء – الحكم الذي أنزل بالمعتقل وكم مدة اعتقاله بعد الحكم في السجن وأين أمضى فترة حكمه.
النقيب / صلاح السماني:
(( بعد اعتقاله في مواقع كتيبة جعفر، تم نقله إلى سلاح المهندسين وهناك تعرض مع بقية الضباط للتحرشات من حثالة القوات المسلحة والشعب السوداني من جنود المظلات يقودهم في جبن وخسة الرائد فتحي أبو زيد)). ( مجزرة الشجرة: ص 69 - 70 ).
مع الساعات الأولى من اعتقاله النقيب تعرض للاستفزاز من زملائه الضباط وسلب حقه الشرعي في الدفاع عن نفسه كذلك فبحسب ما أورده المؤلف يطلعنا عن (( سرعة محمومة أخذت له خلاصة البيانات ومثل أمام المحكمة التي ترأسها العقيد الطاهر محي الدين ولم تستمر المحكمة أكثر من ربع ساعة دون أن تتاح لصلاح فرصة الدفاع أو التقييد بأبسط قواعد القانون العسكري وإجراءات المحاكم )). ( مجزرة الشجرة: ص 70 ).
بعد المحاكمة ويالمفارقة (( ظل في معتقل الشجرة حتى يوم 28 / 7 / 71 حيث حضر السفاح نميري وهو في حالة هستيرية وتشنج حيواني ومخمور بدرجة لا تليق بالمدنين ومرتادي الحانات وكان بصحبته أحمد محمد الحسن وأخطر صلاح بالحكم وهو 15 عاماً سجناً. وتم نقله إلى سجن كوبر الذي تحول إلى معتقل للشرف والبطولة )). ( مجزرة الشجرة: ص 70 ).
النقيب / عباس عبد الرحيم الأحمدي:
ما حدث في محاكمة النقيب/ عباس عبد الرحيم الأحمدي وهو الشخصية الخامس والعشرين من كتاب ( مجزرة الشجرة ) ربما يعد دليل على كيف كان يدير الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري دولته ولكن لنبدأ الحكاية من أولها (( بعد اعتقاله في مكاتب لواء المدرعات الأول. تم ترحيله في عربة سكاوت تحت حراسة مجموعة من الجنود يحملون أسلحة معمرة وجاهزة للضرب. وبعد مناقشة بين الحرس وأحد ضباط المدرعات تم ترحيل عباس إلى مكاتب مدرسة سلاح المهندسين)). ( مجزرة الشجرة: ص 70).
ومثلما حدث مع بعض المعتقلين، نجا النقيب من محاولة للقتل من قبل زملائه وذلك (( بعد ساعة من الزمن حضر رقيب من سلاح المظلات وأقتحم المكتب ووجه بندقية ج3 التي كان يحملها لإبادة كل الضباط المعتقلين وهنا أسرع رقيب من سلاح المدرعات وأمسك بالبندقية ورفعها نحو سقف الغرفة وأخرجها من المكتب وكان رقيب المظلات يسب ويستفز ويلعن ويتوعد بالقتل والثأر لمن ماتوا في بيت الضيافة )). ( مجزرة الشجرة: ص 71 ).
ومنذ الدقائق الأولى من محاكمته تتبدى لنا – نحن معشر القراء – العبثية في جلساتها وذلك (( بعد خلاصة البيانات وقف نقيب عباس أمام محكمة برئاسة المقدم عبد المنعم حسين، وقد حكمت المحكمة ببراءته ولكن أحمد عبد الحليم أصر على إعادة المحاكمة وطلب من أحمد محمد الحسن استدعاء شهود إضافيين من لواء المدرعات الأول. وبالفعل حضر الشهود ولكنهم انقلبوا إلى شهود دفاع ولم يقتنع أحمد عبد الحليم وأحمد محمد الحسن فوضعا حكماً من عندهما هو 6 سنوات على أن يرفع للسفاح نميري لأن أحمد عبد الحليم صرح بأن الأحمدي لا يمكن أن يكون برئياً )). ( مجزرة الشجرة: ص 72 – 73 ).
يسدل مؤلف الكتاب – محور استعراضي – الستار على آخر مشاهد محاكمة النقيب/ عباس عبد الرحيم الأحمدي وهو مشهد لقاء الرئيس المخلوع ببطانته والمتهم فقد (( حضر السفاح نميري في حوالي الساعة الرابعة فجراً في حالة سكر شاذة فقدمت له الأوراق ووقع على الحكم وهو ست سنوات كما وضعه أحمد عبد الحليم وفي الصباح حضر أحمد محمد الحسن عرضت عليه الأوراق لإعلان الأحكام بوصفه رئيساً لفرع القضاء العسكري فهاج وأزبد وسأل: " مين اللي وقع على الأوراق دي " فقيل له الرئيس نميري، فتراجع وقال بلهجته المصرية: " دا محظوظ أوي كان لازم ياخد خمستاشر سنة على الأقل – خلاص نادرة " ، ونودي على عباس وأعلنوه بالحكم وأرسل إلى السجن )). ( مجزرة الشجرة: ص 73 ).
الملازم / فيصل محجوب كبلو:
(( قضى ليلة 22 يوليو في الاعتقال بمعسكر سلاح المظلات ونقل يوم 23 يوليو لمعسكر الشجرة. وهنالك استقبله المقدم عبد القادر محمد أحمد وملازم يدعى فتحي عبد الغفور (من أقارب مأمون عوض أبو زيد) بالاستفزاز والسباب وكلاهما جبان لا يجرؤ على رد التحية كاملة كان المعتقل في الشجرة أشبه بما تصوره القصص عن معسكرات الاعتقال النازية .. الإرهاب والأحقاد والفوضى والتعذيب وإنعدام كل صلة بما هو إنساني)). ( مجزرة الشجرة: ص 74 ).
بهذه الفقرة ندلف إلى قصة الملازم/ فيصل محجوب كبلو مع الاعتقال. ومرة أخرى نجدنا – نحن معشر القراء – وقد فغرنا أفواهنا دهشة فبعد فترة (( تم استدعاء فيصل أمام السفاح نميري الذي كان مخموراً. فسأل فيصل: " ضربتني ليه؟ " فرد عليه فيصل: " أنا ما ضربتك لأني ما شفتك وما قابلتك " فرد عليه السفاح: " يعني أنا كذاب؟ أنا حانادي ثلاثة شهود يشهدوا ضدك " فقال له فيصل: " مافي داعي للشهود " وفي تلك اللحظة دخل أحمد محمد الحسن فسأله السفاح نميري مشيراً إلى فيصل: " دا منتظرين بيهو شنو؟ " فأجابه أحمد محمد الحسن: " محكمته جاهزة ياريس " )). ( مجزرة الشجرة: ص 74 – 75 ).
ويتدخل الرئيس المخلوع النميري وهو صاحب البطولة المطلقة للمسرحية التراجيدية ( مجزرة الشجرة ) يدخل مرة أخرى في قرارات (( المحكمة التي انعقدت برئاسة ابكدوك لم تجد المحكمة ما يبرر اصدار حكم رادع بالمستوى الذي طلبه السفاح نميري فأصدرت حكمها بالسجن خمس سنوات ولكن السفاح تهيج وطالب بتكوين محكمة أخرى برئاسة العقيد الطاهر محي الدين وممثل الإتهام أحمد يحي عمران. فأصدرت حكمها بالسجن 15 عاماً ولم تستمر إلا عشر دقائق فقط )). ( مجزرة الشجرة: ص 75 ).
في الحلقة العاشرة والأخيرة من مقالاتي التي عنونتها بـــ ( مجزرة الخرطوم ) سوف أورد لكم – عزيزاتي وأعزائي القراء الكرام – ما أورده صاحب كتاب ( مجزرة الخرطوم ) بشأن ذلك المعتقل الذي استمرته محاكمته خمس وأربعين دقيقة كأطول محاكمات معسكر الشجرة رغم أنه – أي المعتقل – لم يتحدث خلالها سوى عشر دقائق فقط !!!!.
- أواصل بإذن الله -
الملازم / أحمد حسين:
(( تم اعتقاله في الساعة التاسعة مساء 22 يوليو في الخرطوم من وزارة الداخلية وقام باعتقاله بعض جنود المظلات وأحد ضباط وقوة من الجنود يقودها المقدم زيادة صالح الشيخ ومن وزارة الداخليه اقتادوه سيراً على الأقدام حتى السفارة المصرية حيث تم حجزه مع ضباط آخرين معتقلين )). ( مجزرة الشجرة: ص 67 ).
هكذا بداية حكاية أعتقال الملازم والذي احتج وطلب من الضابط المسؤول تفسير سبب احتجازهم في السفارة المصرية. فتم نقله منها (( وبقية المعتقلين إلى الشجرة وأدخلوهم قرقول اللواء الثاني فوجدوا هناك الشهيد عبد المنعم محمد أحمد محتجزاً داخل زنزانة ومجموعة من الضباط المعتقلين منهم الشهيد أحمد جبارة الذي كان نائماً )). ( مجزرة الشجرة: ص 68 ).
ثم يحدثنا – نحن معشر القراء – يحدثنا المؤلف عن الليلة الاولى للملازم / أحمد حسين في معتقله بمعسكر الشجرة حيث رحل في الليلة نفسها (( إلى مكاتب سلاح المدرعات حيث تعرض ومن معه للاستفزاز والإهانة وللسب والسرقة فنهبوا ساعاتهم وما معهم من نقود. استلقى أحمد الحسين ونام حتى ساعة متأخرة من الليل حيث استيقظ فوجد الشهيد محجوب إبراهيم وسمع صوت الشهيد عبد المنعم في الغرفة المجاورة يتحدث بثبات أثناء استجوابه )). ( مجزرة الشجرة: ص 68 ).
وكما يحدث في كل حكاية يزج بنا المؤلف لنتابع عن كثب ما يدور في أروقة المحاكمة فبعد أن (( أخذ خلاصة البيانات توجه أحمد الحسين للمحكمة وكان حسبما أعلن رئيسها هو المقدم عبد المنعم حسين، ولكن أحمد محمد الحسن رئيس فرع القضاء العسكري تدخل وغير رئاسة المحكمة وفرض نفسه رئيساً عليها )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
نحن الآن أمام مشهد من مشاهد الفساد القضائي وعدم المؤسسية ولكن دهشتنا سوف لن تتوقف هنا حينما يطلعنا الاستاذ حسن الطاهر زروق أن هنالك مشهد عبثي آخر وهو تغيير (( الرائد الذي أخذ خلاصة البيانات وكان مفروضاً أن يتولى مهمة ممثل الإتهام استبدل بالعقيد أحمد يحى عمران وتحولت كل هيئة المحكمة إلى ممثل إتهام )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
لتكتمل مشاهد العبثية بهذا المشهد حيث (( كان أحمد محمد الحسن يسرد على المتهم فقرات وحقائق دارت بينه وبين قائد سلاح المدرعات أحمد عبد الحليم منذ أمد بعيد. وظل ممثل الإتهام يكرر أكثر من مرة مطالبته بإنزال أقصى العقوبة على المتهم ليكون عظة للآخرين. وكان أحمد محمد الحسن يتظاهر خلال المحكمة بأنه نعسان وتعبان، ويغفو وينام من حين لآخر. ثم يوجه أسئلته بطريقة مسرحية واستفزازية للمتهم ورفضت المحكمة في النهاية أن تسمع للمتهم بتقديم خطته دفاع شفوية أو مكتوبة )). ( مجزرة الشجرة: ص 69 ).
جدير بالذكر انه وبنهاية محاكمة الملازم / أحمد حسين أو أحمد الحسين، نسي المؤلف أن يوضح لنا – نحن معشر القراء – الحكم الذي أنزل بالمعتقل وكم مدة اعتقاله بعد الحكم في السجن وأين أمضى فترة حكمه.
النقيب / صلاح السماني:
(( بعد اعتقاله في مواقع كتيبة جعفر، تم نقله إلى سلاح المهندسين وهناك تعرض مع بقية الضباط للتحرشات من حثالة القوات المسلحة والشعب السوداني من جنود المظلات يقودهم في جبن وخسة الرائد فتحي أبو زيد)). ( مجزرة الشجرة: ص 69 - 70 ).
مع الساعات الأولى من اعتقاله النقيب تعرض للاستفزاز من زملائه الضباط وسلب حقه الشرعي في الدفاع عن نفسه كذلك فبحسب ما أورده المؤلف يطلعنا عن (( سرعة محمومة أخذت له خلاصة البيانات ومثل أمام المحكمة التي ترأسها العقيد الطاهر محي الدين ولم تستمر المحكمة أكثر من ربع ساعة دون أن تتاح لصلاح فرصة الدفاع أو التقييد بأبسط قواعد القانون العسكري وإجراءات المحاكم )). ( مجزرة الشجرة: ص 70 ).
بعد المحاكمة ويالمفارقة (( ظل في معتقل الشجرة حتى يوم 28 / 7 / 71 حيث حضر السفاح نميري وهو في حالة هستيرية وتشنج حيواني ومخمور بدرجة لا تليق بالمدنين ومرتادي الحانات وكان بصحبته أحمد محمد الحسن وأخطر صلاح بالحكم وهو 15 عاماً سجناً. وتم نقله إلى سجن كوبر الذي تحول إلى معتقل للشرف والبطولة )). ( مجزرة الشجرة: ص 70 ).
النقيب / عباس عبد الرحيم الأحمدي:
ما حدث في محاكمة النقيب/ عباس عبد الرحيم الأحمدي وهو الشخصية الخامس والعشرين من كتاب ( مجزرة الشجرة ) ربما يعد دليل على كيف كان يدير الرئيس المخلوع جعفر محمد نميري دولته ولكن لنبدأ الحكاية من أولها (( بعد اعتقاله في مكاتب لواء المدرعات الأول. تم ترحيله في عربة سكاوت تحت حراسة مجموعة من الجنود يحملون أسلحة معمرة وجاهزة للضرب. وبعد مناقشة بين الحرس وأحد ضباط المدرعات تم ترحيل عباس إلى مكاتب مدرسة سلاح المهندسين)). ( مجزرة الشجرة: ص 70).
ومثلما حدث مع بعض المعتقلين، نجا النقيب من محاولة للقتل من قبل زملائه وذلك (( بعد ساعة من الزمن حضر رقيب من سلاح المظلات وأقتحم المكتب ووجه بندقية ج3 التي كان يحملها لإبادة كل الضباط المعتقلين وهنا أسرع رقيب من سلاح المدرعات وأمسك بالبندقية ورفعها نحو سقف الغرفة وأخرجها من المكتب وكان رقيب المظلات يسب ويستفز ويلعن ويتوعد بالقتل والثأر لمن ماتوا في بيت الضيافة )). ( مجزرة الشجرة: ص 71 ).
ومنذ الدقائق الأولى من محاكمته تتبدى لنا – نحن معشر القراء – العبثية في جلساتها وذلك (( بعد خلاصة البيانات وقف نقيب عباس أمام محكمة برئاسة المقدم عبد المنعم حسين، وقد حكمت المحكمة ببراءته ولكن أحمد عبد الحليم أصر على إعادة المحاكمة وطلب من أحمد محمد الحسن استدعاء شهود إضافيين من لواء المدرعات الأول. وبالفعل حضر الشهود ولكنهم انقلبوا إلى شهود دفاع ولم يقتنع أحمد عبد الحليم وأحمد محمد الحسن فوضعا حكماً من عندهما هو 6 سنوات على أن يرفع للسفاح نميري لأن أحمد عبد الحليم صرح بأن الأحمدي لا يمكن أن يكون برئياً )). ( مجزرة الشجرة: ص 72 – 73 ).
يسدل مؤلف الكتاب – محور استعراضي – الستار على آخر مشاهد محاكمة النقيب/ عباس عبد الرحيم الأحمدي وهو مشهد لقاء الرئيس المخلوع ببطانته والمتهم فقد (( حضر السفاح نميري في حوالي الساعة الرابعة فجراً في حالة سكر شاذة فقدمت له الأوراق ووقع على الحكم وهو ست سنوات كما وضعه أحمد عبد الحليم وفي الصباح حضر أحمد محمد الحسن عرضت عليه الأوراق لإعلان الأحكام بوصفه رئيساً لفرع القضاء العسكري فهاج وأزبد وسأل: " مين اللي وقع على الأوراق دي " فقيل له الرئيس نميري، فتراجع وقال بلهجته المصرية: " دا محظوظ أوي كان لازم ياخد خمستاشر سنة على الأقل – خلاص نادرة " ، ونودي على عباس وأعلنوه بالحكم وأرسل إلى السجن )). ( مجزرة الشجرة: ص 73 ).
الملازم / فيصل محجوب كبلو:
(( قضى ليلة 22 يوليو في الاعتقال بمعسكر سلاح المظلات ونقل يوم 23 يوليو لمعسكر الشجرة. وهنالك استقبله المقدم عبد القادر محمد أحمد وملازم يدعى فتحي عبد الغفور (من أقارب مأمون عوض أبو زيد) بالاستفزاز والسباب وكلاهما جبان لا يجرؤ على رد التحية كاملة كان المعتقل في الشجرة أشبه بما تصوره القصص عن معسكرات الاعتقال النازية .. الإرهاب والأحقاد والفوضى والتعذيب وإنعدام كل صلة بما هو إنساني)). ( مجزرة الشجرة: ص 74 ).
بهذه الفقرة ندلف إلى قصة الملازم/ فيصل محجوب كبلو مع الاعتقال. ومرة أخرى نجدنا – نحن معشر القراء – وقد فغرنا أفواهنا دهشة فبعد فترة (( تم استدعاء فيصل أمام السفاح نميري الذي كان مخموراً. فسأل فيصل: " ضربتني ليه؟ " فرد عليه فيصل: " أنا ما ضربتك لأني ما شفتك وما قابلتك " فرد عليه السفاح: " يعني أنا كذاب؟ أنا حانادي ثلاثة شهود يشهدوا ضدك " فقال له فيصل: " مافي داعي للشهود " وفي تلك اللحظة دخل أحمد محمد الحسن فسأله السفاح نميري مشيراً إلى فيصل: " دا منتظرين بيهو شنو؟ " فأجابه أحمد محمد الحسن: " محكمته جاهزة ياريس " )). ( مجزرة الشجرة: ص 74 – 75 ).
ويتدخل الرئيس المخلوع النميري وهو صاحب البطولة المطلقة للمسرحية التراجيدية ( مجزرة الشجرة ) يدخل مرة أخرى في قرارات (( المحكمة التي انعقدت برئاسة ابكدوك لم تجد المحكمة ما يبرر اصدار حكم رادع بالمستوى الذي طلبه السفاح نميري فأصدرت حكمها بالسجن خمس سنوات ولكن السفاح تهيج وطالب بتكوين محكمة أخرى برئاسة العقيد الطاهر محي الدين وممثل الإتهام أحمد يحي عمران. فأصدرت حكمها بالسجن 15 عاماً ولم تستمر إلا عشر دقائق فقط )). ( مجزرة الشجرة: ص 75 ).
في الحلقة العاشرة والأخيرة من مقالاتي التي عنونتها بـــ ( مجزرة الخرطوم ) سوف أورد لكم – عزيزاتي وأعزائي القراء الكرام – ما أورده صاحب كتاب ( مجزرة الخرطوم ) بشأن ذلك المعتقل الذي استمرته محاكمته خمس وأربعين دقيقة كأطول محاكمات معسكر الشجرة رغم أنه – أي المعتقل – لم يتحدث خلالها سوى عشر دقائق فقط !!!!.
- أواصل بإذن الله -