لم أشغل في الجامعة أي منصب إداري إلا مرة واحدة غدوت فيها رئيس قسم اللغة العربية ولم أكمل في المنصب عاما ثانيا إذ استقلت لخلاف بين عميد كلية الآداب والنائب الأكاديمي ، وسبب الخلاف هو أن الأخير طلب مني ، بناء على قرار اتخذته الجامعة بخصوص العمل الإضافي لا يسمح فيه لمن يشغل منصب عميد بتدريس أي مساق إضافي ، طلب مني ألا أطرح للعميد مساقا إضافيا ، في حين أن العميد أراد أن يتجاوز القرار .
كانت وجهة نظري أن قرار الإدارة هو الصحيح ، فهي تخفف العبء لمن يشغلون مناصب إدارية ، ليتفرغوا لإدارة العمادة أو القسم أو ما يتطلبه المنصب الإداري ، وبين إصرار العميد ، مسؤولي المباشر ، على تنفيذ ما طلب ، وإصرار النائب الأكاديمي على عدم تجاوز قرار الجامعة ، قدمت استقالتي لأنني لم أرغب في ألا يكون لي رأي ، وكان رأيي إلى جانب قرار الإدارة - أي عدم طرح مساق إضافي للعميد . وللأسف فإن رئيس القسم الذي عين بعدي مباشرة سمح له بتدريس إحدى عشرة ساعة إضافية ، لا ثلاث ساعات فقط ، وكان تقلب الإدارة في مواقفها وعدم ثباتها على قرار سببا لخلافي المتواصل معها ، ولدي في هذا أدلة كثيرة.
لقد آثرت التدريس والإشراف على رسائل الماجستير فقط ، ولما كان علي أن أشارك في لجان القسم ، فقد اخترت أن أكون عضوا في لجنة خطط الماجستير ، وكنت واحدا من ثلاثة أولهما بالطبع من يشغل منصب رئاسة القسم .
الخطط التي كان طلبة الدراسات العليا يتقدمون بها ، طبعا بعد موافقة المشرف عليها ، كان قسم لا بأس به منها ضعيفا جدا وقسم آخر كان كتب فيه من قبل ولم يوضح صاحبه فيه إن كان اطلع على الدراسات السابقة ، وإن كان سيضيف إلى ما كتب ، أو إن كان سيطبق منهجا جديدا يختلف عن المناهج السابقة التي طبقت ، من قبل ، في دراسة الموضوع .
غالبا ما كنت أحاجج الطلاب والأساتذة في الخطط ، وكنت أطلب توضيحات وتعديلات ، كما كنت أرفض العديد منها وآتي بأدلة ، وأحيانا كنت استدعي صاحب الخطة إلى الجلوس مع لجنة الخطة لتناقشه فيها .
أكثر الخطط عموما تشير إلى فقر معرفي من المشرف والطالب معا وإلى قلة اطلاعهما على الدراسات السابقة في الموضوع . ما إن تخطر فكرة في ذهن الطالب حتى يوافق المشرف عليها .
لقد أشرفت في أثناء تدريسي على تسع وعشرين رسالة ماجستير ، ثلاثة عناوين فقط منها اختارها الطلاب أنفسهم ، واخترت للطلاب الآخرين موضوعاتهم ، وكنت أركز فيها على الأدب الفلسطيني مما لم يكتب فيه أو على أعمال أدبية روائية عربية صادرة حديثا لم يكتب فيها .
الحزم الذي أبديته تجاه الخطط لم يرق لأحد العمداء ولآخرين ممن رفضت خطط طلابهم ، وهكذا اقترح العميد ان يكون عضوا في لجنة الخطط ، وتمت إضافة عضو خامس ، بالتنسيق معه ، وهكذا صرت صوتا ضائعا في المهرجان ، فإذا ما رفضت خطة يتم التصويت عليها ، وهكذا تجاز .
كان بعض الطلاب مثلا يقررون مع أستاذهم أن يكتبوا في موضوع الموت في شعر شاعر أو في مرحلة ما ، وحين كنت أنظر في المنهج المقترح أدرك أن الكتابة لن تسفر عن نتائج تستحق ، وعندما أطلب تعديلات وأناقش المشرف فيها كان يوافق على رأيي نظريا . كنت أتساءل مثلا كيف يمكن أن يكتب طالب في موضوع الموت دون أن يقرأ الفلسفة الوجودية ، وأصر على أن يقرأ الطالب مادة فلسفية يتكيء عليها لمعالجة موضوعه ، وبعد سنتين أو ثلاثة حين أسأل الطالب إن كان قرأ شيئا في الموضوع وطبق المنهج الوجودي في دراسة الأدب يجيب بابتسامة توحي أنه لم يأخذ بالتعديلات .
غير مرة تقدم طلاب للكتابة عن أشعار محمود درويش وكنت أرفض خططهم لأنهم لم يقرأوا الدراسات السابقة التي أنجزت عن أشعاره ، وغير مرة رفضت خططا في موضوعات الأدب الشعبي الفلسطيني لأنها لن تأتي بجديد ، وكنت أحيل المشرف والطالب معا إلى ما كتب ، فقد كنت أول من درس الأدب الشعبي في القسم وجمعت دراسات عديدة أنجزت فيه .
إن كانت هناك سمة أخرى ، يمكن أن أستخدمها تضاف إلى ظاهرة الفقر المعرفي ، فهي سمة " اللفلفة " ، وهذه السمة تجسدت في جانبين ؛ أولهما توسيع عدد أعضاء اللجنة ، وثانيهما الموافقة الشكلية على التعديلات .
وما كان يلفت نظري في بعض الأحيان أن بعض أعضاء هيئة التدريس كانوا يكتبون الخطط لطلابهم ، فتكون أعلى من مستوى الطلاب وفيها من الإشارات ما يشير إلى ذلك ، فمن ذلك خطة كتبها مشرف لطالب اتكأ فيها على مراجع بالانكليزية كان المشرف اعتمد عليها في بعض أبحاثه ولم يرها الطالب وأورد الطالب في خطته فصلا لمناقشة المستشرقين في آرائهم وهو غير كفء لذلك ، عدا عدم إلمامه بالانجليزية إلماما يمكنه من ذلك . ومن ذلك أن طالبة اعتمدت على مراجع باللغة الفرنسية ، وهي لا تعرفها ، وكان مشرفها وهو من فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ يريد أن يقول إن مستوى خريجي الجامعات العبرية والمدارس في إسرائيل أفضل منه في جامعات الأرض المحتلة في العام ١٩٦٧ . لقد سألت الطالبة إن كانت الخطة من وضعها فأكدت ذلك ، ولما سألتها عن إتقانها الفرنسية أخبرتني أن مشرفها ساعدها.
ولعل الكتابة عن لجان مناقشة الرسائل تستحق تفصيلا وكتابة مستقلة .
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2576982925888594
كانت وجهة نظري أن قرار الإدارة هو الصحيح ، فهي تخفف العبء لمن يشغلون مناصب إدارية ، ليتفرغوا لإدارة العمادة أو القسم أو ما يتطلبه المنصب الإداري ، وبين إصرار العميد ، مسؤولي المباشر ، على تنفيذ ما طلب ، وإصرار النائب الأكاديمي على عدم تجاوز قرار الجامعة ، قدمت استقالتي لأنني لم أرغب في ألا يكون لي رأي ، وكان رأيي إلى جانب قرار الإدارة - أي عدم طرح مساق إضافي للعميد . وللأسف فإن رئيس القسم الذي عين بعدي مباشرة سمح له بتدريس إحدى عشرة ساعة إضافية ، لا ثلاث ساعات فقط ، وكان تقلب الإدارة في مواقفها وعدم ثباتها على قرار سببا لخلافي المتواصل معها ، ولدي في هذا أدلة كثيرة.
لقد آثرت التدريس والإشراف على رسائل الماجستير فقط ، ولما كان علي أن أشارك في لجان القسم ، فقد اخترت أن أكون عضوا في لجنة خطط الماجستير ، وكنت واحدا من ثلاثة أولهما بالطبع من يشغل منصب رئاسة القسم .
الخطط التي كان طلبة الدراسات العليا يتقدمون بها ، طبعا بعد موافقة المشرف عليها ، كان قسم لا بأس به منها ضعيفا جدا وقسم آخر كان كتب فيه من قبل ولم يوضح صاحبه فيه إن كان اطلع على الدراسات السابقة ، وإن كان سيضيف إلى ما كتب ، أو إن كان سيطبق منهجا جديدا يختلف عن المناهج السابقة التي طبقت ، من قبل ، في دراسة الموضوع .
غالبا ما كنت أحاجج الطلاب والأساتذة في الخطط ، وكنت أطلب توضيحات وتعديلات ، كما كنت أرفض العديد منها وآتي بأدلة ، وأحيانا كنت استدعي صاحب الخطة إلى الجلوس مع لجنة الخطة لتناقشه فيها .
أكثر الخطط عموما تشير إلى فقر معرفي من المشرف والطالب معا وإلى قلة اطلاعهما على الدراسات السابقة في الموضوع . ما إن تخطر فكرة في ذهن الطالب حتى يوافق المشرف عليها .
لقد أشرفت في أثناء تدريسي على تسع وعشرين رسالة ماجستير ، ثلاثة عناوين فقط منها اختارها الطلاب أنفسهم ، واخترت للطلاب الآخرين موضوعاتهم ، وكنت أركز فيها على الأدب الفلسطيني مما لم يكتب فيه أو على أعمال أدبية روائية عربية صادرة حديثا لم يكتب فيها .
الحزم الذي أبديته تجاه الخطط لم يرق لأحد العمداء ولآخرين ممن رفضت خطط طلابهم ، وهكذا اقترح العميد ان يكون عضوا في لجنة الخطط ، وتمت إضافة عضو خامس ، بالتنسيق معه ، وهكذا صرت صوتا ضائعا في المهرجان ، فإذا ما رفضت خطة يتم التصويت عليها ، وهكذا تجاز .
كان بعض الطلاب مثلا يقررون مع أستاذهم أن يكتبوا في موضوع الموت في شعر شاعر أو في مرحلة ما ، وحين كنت أنظر في المنهج المقترح أدرك أن الكتابة لن تسفر عن نتائج تستحق ، وعندما أطلب تعديلات وأناقش المشرف فيها كان يوافق على رأيي نظريا . كنت أتساءل مثلا كيف يمكن أن يكتب طالب في موضوع الموت دون أن يقرأ الفلسفة الوجودية ، وأصر على أن يقرأ الطالب مادة فلسفية يتكيء عليها لمعالجة موضوعه ، وبعد سنتين أو ثلاثة حين أسأل الطالب إن كان قرأ شيئا في الموضوع وطبق المنهج الوجودي في دراسة الأدب يجيب بابتسامة توحي أنه لم يأخذ بالتعديلات .
غير مرة تقدم طلاب للكتابة عن أشعار محمود درويش وكنت أرفض خططهم لأنهم لم يقرأوا الدراسات السابقة التي أنجزت عن أشعاره ، وغير مرة رفضت خططا في موضوعات الأدب الشعبي الفلسطيني لأنها لن تأتي بجديد ، وكنت أحيل المشرف والطالب معا إلى ما كتب ، فقد كنت أول من درس الأدب الشعبي في القسم وجمعت دراسات عديدة أنجزت فيه .
إن كانت هناك سمة أخرى ، يمكن أن أستخدمها تضاف إلى ظاهرة الفقر المعرفي ، فهي سمة " اللفلفة " ، وهذه السمة تجسدت في جانبين ؛ أولهما توسيع عدد أعضاء اللجنة ، وثانيهما الموافقة الشكلية على التعديلات .
وما كان يلفت نظري في بعض الأحيان أن بعض أعضاء هيئة التدريس كانوا يكتبون الخطط لطلابهم ، فتكون أعلى من مستوى الطلاب وفيها من الإشارات ما يشير إلى ذلك ، فمن ذلك خطة كتبها مشرف لطالب اتكأ فيها على مراجع بالانكليزية كان المشرف اعتمد عليها في بعض أبحاثه ولم يرها الطالب وأورد الطالب في خطته فصلا لمناقشة المستشرقين في آرائهم وهو غير كفء لذلك ، عدا عدم إلمامه بالانجليزية إلماما يمكنه من ذلك . ومن ذلك أن طالبة اعتمدت على مراجع باللغة الفرنسية ، وهي لا تعرفها ، وكان مشرفها وهو من فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ يريد أن يقول إن مستوى خريجي الجامعات العبرية والمدارس في إسرائيل أفضل منه في جامعات الأرض المحتلة في العام ١٩٦٧ . لقد سألت الطالبة إن كانت الخطة من وضعها فأكدت ذلك ، ولما سألتها عن إتقانها الفرنسية أخبرتني أن مشرفها ساعدها.
ولعل الكتابة عن لجان مناقشة الرسائل تستحق تفصيلا وكتابة مستقلة .
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2576982925888594