قيل الكثير في الخصاء castration وحوله وباسمه كذلك، وانتقل الأثر ورمزه من كونه تحويراً في مسار قوة الرجل الذكرية. ليصبح الرجل دون قضيب فاعل. يصبح القضيب في وضعية عطالة مع استمرار الخصاء. إذ ما أن يعلَن عن الخصاء ، حتى يدخل القضيب في وضعية حِدَاد مؤبدة. هنا يحال الرجل على النسَب الخصيوي. والنسب الخصيوي علامة كارثية بالنسبة إليه وعليه. يعني ذلك، أن تلك الطاقة التي كانت تستحضره في لحظة شبق معين أو غلمنة، واشتهاء للجسد المقابل: الأنثوي، لا يعود لها من قائمة. الخصية تفقد علامتها الخصيوية. إنها مجرد اسم منزوع الصفة. أكثر من ذلك، شاهدة عيان موت الذكورة المتفاخَر بها.
كيف يمكن للخصية أن تمثّل الرجل في عمومه، وقد أفقِدت طاقتها نحو الداخل، وبعثرتها، لتبقى مجرد كيس أجوف، هو كفن فارغ، تابوت ماثل أمام النظر، إنما يدل كل منهما على حدث فيزيولوجي غُيّر فيه، وألبِسَ الرجل نقيض ما كان يعرَف به. إنه كائن خصيوي فقط ؟!
أن يصبح/ يغدو الرجل محمولاً بخصية عاطلة عن العمل، سيمياء الجسد الجاري تقزيمه وإفقاره وقد نزِع منه ما يصله بالحياة التي تتطلب إنسالاً ليُشهَد على استمراريتها. لأن الخصيَّ يعيش في حياة الآخر هنا، كونه محكوماً لأجل محتوم، وليس هناك من يمكنه أن يحمل اسمه أباً، جداً. إنه الميت الذي يعيش مشهدية تكفُّنه وتبويته على مدار الساعة .
الخصية التي لم تكن تُرى، وهي ضمن كيسها المعلَّق أسفل قاعدة القضيب، هي ذاتها اسم دون مسمى، لأن البلاء متركّز عليها، ولا يعود مرئياً سوى كيس غشائي شديد التجعد، منكمشاً على نفسه مبلّغاً من ساعته عن حدث انعطافي في تاريخ الجسد الذي أريدَ له ألا يعود إلا مجرد خصية، هي ذاتها مخلوعة عن " عرشها " الداخلي، وهي تسمّي الرجل في كلّيته من خلال ما كان يعتد به، يعيش لحظة الشهوة والنشوة وتأكيد الذات، ليعيش وضعاً نقيضاً.
ربما كان من الصعب، وصف عذابات المخصي. إنه يحس، يدرك، ينتبه، يعيش رغبة اشتهاء الآخر، لكنها حالات تفقر مع الزمن. لأن مباشرة الإخصاء تحويل فوري بالجسد من كونه جسد رجل ذكر، إلى مجرد رجل دون ذكر يُذكَر .
ليس من علامة جنسية تموقعه حيث يجب أن يشار إليه. رجل لا يُحسَب له حساب، من الجنسين. إنه منزوع الفعل الذي كان يخضع لمراقبة ومعاقبة، ويُزجر أو يضرَب أو يقتل، على أي خطوة ذات شبه تجاه أي امرأة، أو يعايَن من مجتمعه بالذات. لا النساء يخفن منه، أو يرغبن فيه، ولا الرجل يعودون حاسبين له الحساب الذي كان.
إنه مجرد كيس غشائي ليس إلا، كما هي التينة التي قزّمتها حرارة الشمس، إلى درجة عدم قابليتها للأكل .
المخصي علامة فارقة للذي كان يشار إليه بكامله. وقد تأطر دوره كثيراً، أصبح جسمه الذي كان يعيش توترات، جرّاء طفح كيل غلمة، أو شبق، والبحث عما يحرره من توتره هذا، وقد بلغ ذروة نشوته. يحال إلى الخارج الأقصى.
لا صُلْب لديه. لا قوة عضوية، تعينه على إشهاره بتدفق منوي معين. لقد غارت القوة هذه، وتلاشت، وجعلت الجسد الذي كان يساوَم عليه طللياً، مهجوراً، منبوذاً، يتيم الاسم .
يصبح محكوماً من قبل الآخر، والآخر مركَّب هنا: من جهة الرجل وهو في موقعه السلطوي المعروف، فيُطلق لحركته العنان، دون خوف من أن يمارس " هتكاً " معيناً، ومن جهة المرأة التي لا تعود تنظر إليه من موقع الاشتهاء، أو حتى في كونه رجلاً. وما يترتب على ذلك قيمياً، في تاريخ الجنسانية بالذات. فهو مطرود خارجاً، لا يصنَّف ذلك التصنيف الذي يؤهّله لأن ينظَر في أمره، ويُصغى إليه. فلا مكان له بين الرجال الذين يتناغمون مع ذكورتهم، والنساء اللواتي يعشن نسبهن الجنسي، وما في ذلك من طاقة جنسية قائمة تتفعل بوجود المقابل الذكوري. إنه كائن الهباب .
بطريقة أخرى، تصبح صفة المخصي تعذيباً للرجل هذا، وربما للارجل، لحظة التذكير بعملية الدمج بين كون أحدهما رجلاً، وكونه ذكراً، أي مميَّزاً بقضيب نشط، يتقدم صاحبه، أو يدل عليه، ويؤكد حضوره هنا وهناك. بينما الآخر الذي غدا مخصياً، فهو محال على الغياب، على اللااسم الذي يضفي عليه قيمة شرفية معينة .
بطريقة أخرى، تصبح صفة المخصي إخراجاً تاريخياً، حيث يسجَّل ذلك في ذاكرته، وعند من قرّر ذلك، أو أشرف على عملية الإخصاء، ودوَّن اسمه. إنها حالة تذكير بلا ذاكرة، إن جاز الوصف. إذ طالما إن الإخصاء قد تم، يعني ذلك " فصل المقال فيما بين ما كان، وما هو كائن من انفصال ". لقد انتزع من نفسه. أي مكابدة داخلية، لمن لا يشار إليه، إلا في وضعية خدمية/ تخديمية، ولا يصغى إليه، إلا بوصفه الكائن الناقص أو البليغ نقصاً، وقد أصبح بالغ الهشاشة؟
لقد أصبح جسده ممهوراً من الخارج، فعليه إذاً، أن يعيش هذا الوسم الذي شمله في كلّيته. حيث يشار إليه من خلال ما كان يعرَف به، وليتذكر على مدار الساعة أنه وجد بخصية، وها هو يستمر بخصية ودونها. إنه يعيش موته العضوي الفعال.
ربما، بالطريقة هذه، جرى الحديث تاريخياً، عن الخصاء الاجتماعي، السياسي، النفسي، التاريخي، والقيمي.
وهذا يمضي بنا إلى ما يغيّب في كل هذه الخصاءات، وقاسمها المشترك واحد، وفي المجتمعات الشمولية، أي وهي تخضع لسلطة رجل واحد، هو واحده من يمكن أن يشير إلى ذكورة معممة. إذ بوجود هذا الراعي القطيعي، وعصاه بدالتها القضيبية الضاربة والموجهة والحارسة عليه، عنوان بارز يجهر بنفوذ أثره. ليكون هو الفاعل الذكري، وقد استفحل شأنه ذكورياً " هل من قرابة دلالية أو معجمية بين كون أحدهم فحلاً، وكون الفحولة استفحالاً ؟" ذلك ما يستحق دراسة على أصعدة مختلفة. فالفحل يعيش وضعية سيطرة واستحكاماً بجسد/ جسم الآخر، إنه أكثر من كونه ذكراً، وهو بوظيفته البيولوجية: إنه ذكر ، وقد أضيفت إليه تلك العلامة التي تجعل منه في كلّيته ذكورة. فالمشهد الفاليكي " القضيبي " وهو في كامل " انتشاره " أي وقد بلغ ذروة الانتصاب، ومن خلال عضو يعاين في وضعية معينة، يحيل الجسد بكامله إلى ما هو قضيبي، كما لو أن الرجل " الفحل " هنا صار الجسد المرئي بكل أطرافه حضوراً قضيبياً.
الفحل في موقعه السياسي، والمتنفذ، بمقدار ما يحيل النساء إلى عالمهن " الحريمي " فـ" يواقع " أيا منهن، ساعة يشاء، وليس ساعة تشاء إحداهن، كما تدل صفة " الحريم، الحرمة، الحرام موقوفاً على المعني بأمرهن "، وبمقدار ما يحيل الرجال من حوله إلى أشباه مخصيين، لأنه يُرى أنى اتجهوا على أنه قضيبي منتصب بلا هوادة، كما لو أنه أخصاهم جميعاً. ولا غرابة في ذلك. ففي المجتمع الكلياني، تصبح الذكورة في مضمارها السياسي تعبيراً صارخاً دالاً على سلطة تتموضع جنسانياً، وقد عطّل الذكوري الأول الأجساد جميعاً، ودونما استثناء. أي ما ينزع عن الرجال من حوله، وهو في تسلطه المعمم، من كل علامة بروز أو " انتصاب " جسدي. حيث الواقف أمامه منتكس الرأس، كما لو أنه يعلن له عن أنه أصبح مخصيه، أنه نبذ قصيبه، تنازل له، وما في ذلك من استدبار رمزي رهيب. ثمة مواقعة رمزية هنا، كما لو أنه في الوضعية هذا " يلوط بالجميع، حتى أفراد عائلته الذكور، بما أنه الكائن الأرضي الذي يعلو ولا يعلى عليه.
هذه العطالة الموقَّع عليها سلطوياً، وعبر صك مجتمعي، يشهد له القانون الموضوع بذلك، تحيل الفحل الاستثنائي إلى كائن غيبي، حيث لا يحاط به، جرّاء تدفقات القوة إليه وهو يسلب من حوله وفي مجتمع ذكورياتهم بالجملة، وهذا ما شأنه أن يطوّح بالمجتمع ذاته، في مفهومه الفلسفي، حيث لا يعود له من قيمة فعلية، أي بوصفه مجتمعاً، إنما هو جمع حسابي، تم تحت إشراف هندسة ذكورية متعالية ونافذة الأثر، ليعيش حداده القضيبي العام، خروجه من التاريخ نفسه .
نعم، يمكن لأحدهم، في مجتمعاتنا هذه، أن يتقدم إلى أي كان، على أنه رجل، وذكر فحل بالمقابل، سوى أنه لا يقول إلا الوهم اليومي لموقعه، والوهن النفسي من الداخل، لحظة تفكيره فيما هو عليه من قيمة أو اعتبار سياسي بالذات، هنا يتعمَّم المشهد الخصائي: رجال مخصيون، نساء مخصيات. أو لا دالعي لكل هذه الترتيبات، لأن مجرد النزول إلى شارع مدينة ما، والدخول في علاقة ما، وقراءة ما هو موجود ومرئي هنا وهناك، يسهل تبيُّن ذلك، حيث يتأبد العقاب للخصية وقد استحالت علامة على ما لم تعد علامة: خصية ولِدت، وخصية أعدِمت، وأبقيت باسمها لتعيش رعب المعيش اليومي، حيث الإيروس في خناق الثاناتوس!
كيف يمكن للخصية أن تمثّل الرجل في عمومه، وقد أفقِدت طاقتها نحو الداخل، وبعثرتها، لتبقى مجرد كيس أجوف، هو كفن فارغ، تابوت ماثل أمام النظر، إنما يدل كل منهما على حدث فيزيولوجي غُيّر فيه، وألبِسَ الرجل نقيض ما كان يعرَف به. إنه كائن خصيوي فقط ؟!
أن يصبح/ يغدو الرجل محمولاً بخصية عاطلة عن العمل، سيمياء الجسد الجاري تقزيمه وإفقاره وقد نزِع منه ما يصله بالحياة التي تتطلب إنسالاً ليُشهَد على استمراريتها. لأن الخصيَّ يعيش في حياة الآخر هنا، كونه محكوماً لأجل محتوم، وليس هناك من يمكنه أن يحمل اسمه أباً، جداً. إنه الميت الذي يعيش مشهدية تكفُّنه وتبويته على مدار الساعة .
الخصية التي لم تكن تُرى، وهي ضمن كيسها المعلَّق أسفل قاعدة القضيب، هي ذاتها اسم دون مسمى، لأن البلاء متركّز عليها، ولا يعود مرئياً سوى كيس غشائي شديد التجعد، منكمشاً على نفسه مبلّغاً من ساعته عن حدث انعطافي في تاريخ الجسد الذي أريدَ له ألا يعود إلا مجرد خصية، هي ذاتها مخلوعة عن " عرشها " الداخلي، وهي تسمّي الرجل في كلّيته من خلال ما كان يعتد به، يعيش لحظة الشهوة والنشوة وتأكيد الذات، ليعيش وضعاً نقيضاً.
ربما كان من الصعب، وصف عذابات المخصي. إنه يحس، يدرك، ينتبه، يعيش رغبة اشتهاء الآخر، لكنها حالات تفقر مع الزمن. لأن مباشرة الإخصاء تحويل فوري بالجسد من كونه جسد رجل ذكر، إلى مجرد رجل دون ذكر يُذكَر .
ليس من علامة جنسية تموقعه حيث يجب أن يشار إليه. رجل لا يُحسَب له حساب، من الجنسين. إنه منزوع الفعل الذي كان يخضع لمراقبة ومعاقبة، ويُزجر أو يضرَب أو يقتل، على أي خطوة ذات شبه تجاه أي امرأة، أو يعايَن من مجتمعه بالذات. لا النساء يخفن منه، أو يرغبن فيه، ولا الرجل يعودون حاسبين له الحساب الذي كان.
إنه مجرد كيس غشائي ليس إلا، كما هي التينة التي قزّمتها حرارة الشمس، إلى درجة عدم قابليتها للأكل .
المخصي علامة فارقة للذي كان يشار إليه بكامله. وقد تأطر دوره كثيراً، أصبح جسمه الذي كان يعيش توترات، جرّاء طفح كيل غلمة، أو شبق، والبحث عما يحرره من توتره هذا، وقد بلغ ذروة نشوته. يحال إلى الخارج الأقصى.
لا صُلْب لديه. لا قوة عضوية، تعينه على إشهاره بتدفق منوي معين. لقد غارت القوة هذه، وتلاشت، وجعلت الجسد الذي كان يساوَم عليه طللياً، مهجوراً، منبوذاً، يتيم الاسم .
يصبح محكوماً من قبل الآخر، والآخر مركَّب هنا: من جهة الرجل وهو في موقعه السلطوي المعروف، فيُطلق لحركته العنان، دون خوف من أن يمارس " هتكاً " معيناً، ومن جهة المرأة التي لا تعود تنظر إليه من موقع الاشتهاء، أو حتى في كونه رجلاً. وما يترتب على ذلك قيمياً، في تاريخ الجنسانية بالذات. فهو مطرود خارجاً، لا يصنَّف ذلك التصنيف الذي يؤهّله لأن ينظَر في أمره، ويُصغى إليه. فلا مكان له بين الرجال الذين يتناغمون مع ذكورتهم، والنساء اللواتي يعشن نسبهن الجنسي، وما في ذلك من طاقة جنسية قائمة تتفعل بوجود المقابل الذكوري. إنه كائن الهباب .
بطريقة أخرى، تصبح صفة المخصي تعذيباً للرجل هذا، وربما للارجل، لحظة التذكير بعملية الدمج بين كون أحدهما رجلاً، وكونه ذكراً، أي مميَّزاً بقضيب نشط، يتقدم صاحبه، أو يدل عليه، ويؤكد حضوره هنا وهناك. بينما الآخر الذي غدا مخصياً، فهو محال على الغياب، على اللااسم الذي يضفي عليه قيمة شرفية معينة .
بطريقة أخرى، تصبح صفة المخصي إخراجاً تاريخياً، حيث يسجَّل ذلك في ذاكرته، وعند من قرّر ذلك، أو أشرف على عملية الإخصاء، ودوَّن اسمه. إنها حالة تذكير بلا ذاكرة، إن جاز الوصف. إذ طالما إن الإخصاء قد تم، يعني ذلك " فصل المقال فيما بين ما كان، وما هو كائن من انفصال ". لقد انتزع من نفسه. أي مكابدة داخلية، لمن لا يشار إليه، إلا في وضعية خدمية/ تخديمية، ولا يصغى إليه، إلا بوصفه الكائن الناقص أو البليغ نقصاً، وقد أصبح بالغ الهشاشة؟
لقد أصبح جسده ممهوراً من الخارج، فعليه إذاً، أن يعيش هذا الوسم الذي شمله في كلّيته. حيث يشار إليه من خلال ما كان يعرَف به، وليتذكر على مدار الساعة أنه وجد بخصية، وها هو يستمر بخصية ودونها. إنه يعيش موته العضوي الفعال.
ربما، بالطريقة هذه، جرى الحديث تاريخياً، عن الخصاء الاجتماعي، السياسي، النفسي، التاريخي، والقيمي.
وهذا يمضي بنا إلى ما يغيّب في كل هذه الخصاءات، وقاسمها المشترك واحد، وفي المجتمعات الشمولية، أي وهي تخضع لسلطة رجل واحد، هو واحده من يمكن أن يشير إلى ذكورة معممة. إذ بوجود هذا الراعي القطيعي، وعصاه بدالتها القضيبية الضاربة والموجهة والحارسة عليه، عنوان بارز يجهر بنفوذ أثره. ليكون هو الفاعل الذكري، وقد استفحل شأنه ذكورياً " هل من قرابة دلالية أو معجمية بين كون أحدهم فحلاً، وكون الفحولة استفحالاً ؟" ذلك ما يستحق دراسة على أصعدة مختلفة. فالفحل يعيش وضعية سيطرة واستحكاماً بجسد/ جسم الآخر، إنه أكثر من كونه ذكراً، وهو بوظيفته البيولوجية: إنه ذكر ، وقد أضيفت إليه تلك العلامة التي تجعل منه في كلّيته ذكورة. فالمشهد الفاليكي " القضيبي " وهو في كامل " انتشاره " أي وقد بلغ ذروة الانتصاب، ومن خلال عضو يعاين في وضعية معينة، يحيل الجسد بكامله إلى ما هو قضيبي، كما لو أن الرجل " الفحل " هنا صار الجسد المرئي بكل أطرافه حضوراً قضيبياً.
الفحل في موقعه السياسي، والمتنفذ، بمقدار ما يحيل النساء إلى عالمهن " الحريمي " فـ" يواقع " أيا منهن، ساعة يشاء، وليس ساعة تشاء إحداهن، كما تدل صفة " الحريم، الحرمة، الحرام موقوفاً على المعني بأمرهن "، وبمقدار ما يحيل الرجال من حوله إلى أشباه مخصيين، لأنه يُرى أنى اتجهوا على أنه قضيبي منتصب بلا هوادة، كما لو أنه أخصاهم جميعاً. ولا غرابة في ذلك. ففي المجتمع الكلياني، تصبح الذكورة في مضمارها السياسي تعبيراً صارخاً دالاً على سلطة تتموضع جنسانياً، وقد عطّل الذكوري الأول الأجساد جميعاً، ودونما استثناء. أي ما ينزع عن الرجال من حوله، وهو في تسلطه المعمم، من كل علامة بروز أو " انتصاب " جسدي. حيث الواقف أمامه منتكس الرأس، كما لو أنه يعلن له عن أنه أصبح مخصيه، أنه نبذ قصيبه، تنازل له، وما في ذلك من استدبار رمزي رهيب. ثمة مواقعة رمزية هنا، كما لو أنه في الوضعية هذا " يلوط بالجميع، حتى أفراد عائلته الذكور، بما أنه الكائن الأرضي الذي يعلو ولا يعلى عليه.
هذه العطالة الموقَّع عليها سلطوياً، وعبر صك مجتمعي، يشهد له القانون الموضوع بذلك، تحيل الفحل الاستثنائي إلى كائن غيبي، حيث لا يحاط به، جرّاء تدفقات القوة إليه وهو يسلب من حوله وفي مجتمع ذكورياتهم بالجملة، وهذا ما شأنه أن يطوّح بالمجتمع ذاته، في مفهومه الفلسفي، حيث لا يعود له من قيمة فعلية، أي بوصفه مجتمعاً، إنما هو جمع حسابي، تم تحت إشراف هندسة ذكورية متعالية ونافذة الأثر، ليعيش حداده القضيبي العام، خروجه من التاريخ نفسه .
نعم، يمكن لأحدهم، في مجتمعاتنا هذه، أن يتقدم إلى أي كان، على أنه رجل، وذكر فحل بالمقابل، سوى أنه لا يقول إلا الوهم اليومي لموقعه، والوهن النفسي من الداخل، لحظة تفكيره فيما هو عليه من قيمة أو اعتبار سياسي بالذات، هنا يتعمَّم المشهد الخصائي: رجال مخصيون، نساء مخصيات. أو لا دالعي لكل هذه الترتيبات، لأن مجرد النزول إلى شارع مدينة ما، والدخول في علاقة ما، وقراءة ما هو موجود ومرئي هنا وهناك، يسهل تبيُّن ذلك، حيث يتأبد العقاب للخصية وقد استحالت علامة على ما لم تعد علامة: خصية ولِدت، وخصية أعدِمت، وأبقيت باسمها لتعيش رعب المعيش اليومي، حيث الإيروس في خناق الثاناتوس!