كيف يمكن أن يتعايش المتمرد مع المحافظ،الفن بجوار السلطة ،المتحول مع المستقر،روح الفنان القلقة المـُتشككة مع روح الضابط الواثقة والمتعجرفة بثقتها؟
ماذا يحدث لروح الفنان عندما يتم هندمتها لتناسب قامة الضابط والعكس؟
ما مصير التحالف الجهمني السري بين الدولة وبين مملكة الخارجين على القانون؟
هذه بعض أسئلة رواية وحيد الطويلة،جنازة جديدة لعماد حمدي،
لكن عليك أن تننبه،أنت أمام كاتب مولع بالتجريب،لا يقدم لك عالمه دفعة واحدة،وسرده يتدفق دفقة دفقة،ليبني عالما مـُتشابكا ومـُعقدا
من بداية الرواية يضعك الطويلة أمام الحدث دون مقدمات،ضابط مباحث سابق يهوى الفن التكشيلي،دخل الشرطة بناء على رغبة والده،في طريقه لحضور جنازة ابن مجرم عتيد،كبير دولة المرشدين،والذي كان سببا في إحالة هذا الضابط للمعاش،بعد تسرب علاقة الضابط "فجنون" بالمـُرشد "ناجح" ،وفي طريق رحلة الضابط إلى تلك الجنازة،يغوص بنا الرواي في تلك العوالم السفلية لدولة الخارجين والمارقين عبر شخوص عديدة قدمهم السرد سريعا،رابطا كل ذلك بهذا التحالف السري بين الدولة والسلطة والخارجين على القانون،هذا التحالف بالتأكيد مشروط ومؤقت،وغالبا ما ينتهي بأن يأكل طرف منهما الطرف الآخر،دون أن ينتهي هذا التحالف الأبدي بالتأكيد،لكن روح الفنان هنا انتصرتْ على روح الضابط،فالفنان أكمل طريقه إلى الجنازة،بينما استقبله المرشد السابق بطريقة مـُحايدة،ربما أقرب إلى الامبالاة.
لم يهتم الكاتب وهو يقدم لنا عالم المجرمين المرعب والغريب بمحاكمتهم،يقدمهم في صورتهم البشرية الخالصة والمـُعقدة،أيضا صورة الضابط هنا غير نمطية وهي تخالف صورة الضابط الجلاّد التي قدمها الكاتب في روايته السابقة “حذاء فيلليني”، فهو هنا فنان،وحساس، ولديه عمق إنساني،وربما هنا تتجلى محنته،وتتجلى رمزية الرواية،إذا أنت هنا أمام انسحاق الفن أمام السلطة،الحـُلم أمام الواقع،لا مجال هنا للفن وأسئلته وقلقه،المـُتاح الوحيد هو السكون والجمود والاستقرار،وهل هذا التحالف بين السلطة وعوالم المسجلين إلا من أجل تحقيق هذا الاستقرار المـُتوهم والذي يقتل في طريقه كل رغبة في الإزاحة والتمرد والحـُلم؟ّ وربما من هنا ندرك لماذا سار في جنازة الفنان عماد حمدي التي استلهمتْ الرواية اسمه نفر قليل،ولماذا على حد قول الكاتب لو مات مدير أمن القاهرة لامتلأ ميدان التحرير على آخره؟ّ!
على ذلك فالعنوان ليسرد اعتبار لشخص عماد حمدي بقدر ما هو تكريما لشخصية الفنان المهزوم.
تعتمد بنية السرد في الرواية على بناء سردي خاص جدًّا،يتلاعب الطويلة بالراوي،من خلال تنويع استخدام الضمائر ما بين ضمير المتكلم و ضمير المخاطب والذي يجعل القارئ متورطًا في السرد والحدث،وإن كان البعض يعيب على الطويلة استغراقه في الحديث إلى بطله وكثرة الأوامر والنواهي إليه،فأنا أرى أن الراوي هنا هو الصوت الداخلي لشخصية الضابط،الطرف النقيض له،لا تنس أن شخصية الضابط نفسها مـُلتبسة ومزودجة بين الفنان والعسكري،كل ذلك عبر لغة نسجها الكاتب مع خلال هذا العالم،لغة جماليتها نبعتْ من واقعيتها.
تحية للمايسترو الكبير وحيد الطويلة على إبداعه،وإن كنتُ أحب أكثر باب الليل،وانحاز أكثر لعمق حذاء فليني.
ماذا يحدث لروح الفنان عندما يتم هندمتها لتناسب قامة الضابط والعكس؟
ما مصير التحالف الجهمني السري بين الدولة وبين مملكة الخارجين على القانون؟
هذه بعض أسئلة رواية وحيد الطويلة،جنازة جديدة لعماد حمدي،
لكن عليك أن تننبه،أنت أمام كاتب مولع بالتجريب،لا يقدم لك عالمه دفعة واحدة،وسرده يتدفق دفقة دفقة،ليبني عالما مـُتشابكا ومـُعقدا
من بداية الرواية يضعك الطويلة أمام الحدث دون مقدمات،ضابط مباحث سابق يهوى الفن التكشيلي،دخل الشرطة بناء على رغبة والده،في طريقه لحضور جنازة ابن مجرم عتيد،كبير دولة المرشدين،والذي كان سببا في إحالة هذا الضابط للمعاش،بعد تسرب علاقة الضابط "فجنون" بالمـُرشد "ناجح" ،وفي طريق رحلة الضابط إلى تلك الجنازة،يغوص بنا الرواي في تلك العوالم السفلية لدولة الخارجين والمارقين عبر شخوص عديدة قدمهم السرد سريعا،رابطا كل ذلك بهذا التحالف السري بين الدولة والسلطة والخارجين على القانون،هذا التحالف بالتأكيد مشروط ومؤقت،وغالبا ما ينتهي بأن يأكل طرف منهما الطرف الآخر،دون أن ينتهي هذا التحالف الأبدي بالتأكيد،لكن روح الفنان هنا انتصرتْ على روح الضابط،فالفنان أكمل طريقه إلى الجنازة،بينما استقبله المرشد السابق بطريقة مـُحايدة،ربما أقرب إلى الامبالاة.
لم يهتم الكاتب وهو يقدم لنا عالم المجرمين المرعب والغريب بمحاكمتهم،يقدمهم في صورتهم البشرية الخالصة والمـُعقدة،أيضا صورة الضابط هنا غير نمطية وهي تخالف صورة الضابط الجلاّد التي قدمها الكاتب في روايته السابقة “حذاء فيلليني”، فهو هنا فنان،وحساس، ولديه عمق إنساني،وربما هنا تتجلى محنته،وتتجلى رمزية الرواية،إذا أنت هنا أمام انسحاق الفن أمام السلطة،الحـُلم أمام الواقع،لا مجال هنا للفن وأسئلته وقلقه،المـُتاح الوحيد هو السكون والجمود والاستقرار،وهل هذا التحالف بين السلطة وعوالم المسجلين إلا من أجل تحقيق هذا الاستقرار المـُتوهم والذي يقتل في طريقه كل رغبة في الإزاحة والتمرد والحـُلم؟ّ وربما من هنا ندرك لماذا سار في جنازة الفنان عماد حمدي التي استلهمتْ الرواية اسمه نفر قليل،ولماذا على حد قول الكاتب لو مات مدير أمن القاهرة لامتلأ ميدان التحرير على آخره؟ّ!
على ذلك فالعنوان ليسرد اعتبار لشخص عماد حمدي بقدر ما هو تكريما لشخصية الفنان المهزوم.
تعتمد بنية السرد في الرواية على بناء سردي خاص جدًّا،يتلاعب الطويلة بالراوي،من خلال تنويع استخدام الضمائر ما بين ضمير المتكلم و ضمير المخاطب والذي يجعل القارئ متورطًا في السرد والحدث،وإن كان البعض يعيب على الطويلة استغراقه في الحديث إلى بطله وكثرة الأوامر والنواهي إليه،فأنا أرى أن الراوي هنا هو الصوت الداخلي لشخصية الضابط،الطرف النقيض له،لا تنس أن شخصية الضابط نفسها مـُلتبسة ومزودجة بين الفنان والعسكري،كل ذلك عبر لغة نسجها الكاتب مع خلال هذا العالم،لغة جماليتها نبعتْ من واقعيتها.
تحية للمايسترو الكبير وحيد الطويلة على إبداعه،وإن كنتُ أحب أكثر باب الليل،وانحاز أكثر لعمق حذاء فليني.