في فبراير سنة 2000 أي منذ أكثر من عشر سنوات مضت. زار مصر الروائي ماريو فارجاس يوسا. لم يكن قد حصل على نوبل. حصل عليها فقط يوم الخميس الأول من أكتوبر الحالي. ولذلك كان الاهتمام بزيارته بسيطاً وعادياً.
قضى فيها حوالي عشرة أيام. أجرى لقاء مع الأدباء والكتاب في المركز الثقافي الإسباني. وهو الجهة التي كانت قد وجهت له الدعوة لزيارة مصر. أي أن الرجل جاء لمصر ليس مدعواً من أي جهة مصرية.
ثم أجرى لقاء مع المثقفين في المجلس الأعلى للثقافة وزار مدينة الإسكندرية بناء على طلبه. وأذكر أنه سافر إليها بالقطار. مع أنه كان يمكن أن يسافر لها بالطائرة. ثم طلب أن يلتقي بنجيب محفوظ. وقد التقاه فعلاً.
يومها دهشت من عدم الاهتمام الرسمي بزيارته. فالرجل قبل عشر سنوات من حضوره لمصر أي سنة 1990 كان مرشحاً لرئاسة بلاده. ولم يفز في هذه الانتخابات. وقال عن نفسه بشجاعة يحسد عليها أنه فشل بشرف.
واعترف بهذا الفشل الشريف الذي لم أفهم يومها كيف يفشل الإنسان بشرف؟ لكني أكبرت فيه هذه الشجاعة الأدبية النادرة. أي أن يوسا عندما جاء لمصر كان مرشحاً سابقاً لرئاسة بلاده. ولهذا تصورت أن يجري الاهتمام السياسي به وهو ما لم يحدث.
للأسف الشديد لم أحضر لقاءه مع نجيب محفوظ. لأنه اختار يوم الأحد. الذي يذهب نجيب محفوظ إلى فندق شيبرد. ذهب إليه يوسا ومعه الدكتور محمود علي مكي. لعب دور المترجم. أما لقاء المجلس الأعلى للثقافة. فقد أداره إدوار الخراط.
رحلة الإسكندرية صحبه فيها الدكتور حامد أبو أحمد. وأذكر أنني طلبت من الدكتور حامد أبو أحمد أن يجري معه حواراً خلال الطريق. فقال لي انه ليس صحفياً حتى يفعل هذا. قلت له الأمر أبسط مما تتصور. أسئلة نبلورها معاً ونتفق عليها وتوجهها له.
ثم تحصل على إجاباته. قال لي انه لم يمسك بجهاز تسجيل في حياته كلها. قلت له إفعلها لأول مرة. وقد أجرى حامد أبو أحمد حواراً يقف في منتصف المسافة بين الحوار الصحفي والحوار الأكاديمي.
وحامد أبو أحمد الذي بدا لي في المرة الوحيدة التي رأيت فيها يوسا رؤيا العين في المركز الثقافي الإسباني. بدا لي ربما كان صديقاً له أو معرفة. فهو صاحب فضل تعريفنا بيوسا قبل أن يأتي بمصر. لأنه قبل حضوره بسنوات. ترجم له حامد أبو أحمد روايته: من قتل موليرو ونشرت في الهيئة المصرية العامة للكتاب. ثم صودرت.
ومازالت مصادرة حتى الآن. وأحلم أن تتسبب بركات نوبل في رفع الحظر عنها وطرح الكمية المحبوسة في المخازن في الأسواق. هذا إن كانت الكمية ما زالت صالحة للتداول. لأننا نعرف عيوب التخزين في مصر. وحالة المخازن في مصر.
يوسا عندما قابل نجيب محفوظ – وقد عرفت بعض تفاصيل اللقاء من نجيب محفوظ نفسه ومن الدكتور مكي ومن بعض الحضور – قال يوسا لمحفوظ ان العالم المحفوظي يتطابق مع عالم أمريكا اللاتينية. أكد أن هناك الكثير من التشابه في الأوضاع الاجتماعية وطريقة الحياة.
وقد علق محفوظ على كلامه بأن سبب كلام يوسا اقتباس روايتين لنجيب محفوظ في السينما المكسيكية. هما روايتا: زقاق المدق، وبداية ونهاية. وقد لعبت بطولة الرواية الأولى سلمى حايك. حيث لعبت الدور الذي لعبته الفنانة شادية في فيلم: زقاق المدق المصري.
يوسا قال له ان الحياة توشك أن تكون واحدة. ثم حكى له أن بورخيس أهم كتاب أمريكا اللاتينية قد تأثر كثيراً بألف ليلة وليلة.
ورد عليه محفوظ. لاحظت أن الأدب اللاتيني فيه روح ألف ليلة وليلة. وقال له ان الواقعية السحرية موجودة في ألف ليلة وليلة. وحكى عن المرأة التي تطير وعن الحبيب الذي ينام يحلم بحبيبته. فيصحو ليجدها بجواره. ثم ينام مرة أخرى ليصحو فلا يجدها إطلاقاً. قال يوسا إن ألف ليلة وليلة من النصوص التي لها تأثير كبير في أمريكا اللاتينية.
واعترف أنه قرأها وهو صغير. وقال - وياللعجب العجاب - انها يتم تدريسها في المدارس. لحظتها أبدى محفوظ دهشته الشديدة. لأن ألف ليلة وليلة لا تدرس في أي مدرسة في أي قطر من أقطار الوطن العربي. بل إنها في بلادنا مطاردة بالمصادرة والمنع في كل وقت.
قال يوسا ان في بلاده وكافة أرجاء أمريكا اللاتينية ترجمات مختلفة لألف ليلة وليلة تناسب كل الأعمار. وأن بورخيس قام بعمل دراسة طويلة عن ترجمتها للغات الأوروبية مما قوى الاهتمام بها. يومها قال له يوسا أن له لقاء مع المثقفين المصريين.
ودعاه لحضوره. لم يكن يعرف الضيف أن نجيب محفوظ بسبب مشاكل السمع والبصر لا يحضر لقاءات عامة. حتى لقاءات الرئيس كان يعتذر عن عدم حضورها. فاعتذر له عن حضور لقائه.
ولكن نجيب محفوظ من باب الفضول فقط سأله عما سيتكلم في لقائه مع الأدباء المصريين. قال سأتحدث عن أشياء أنت تعرفها وعانيت منها. سأتكلم كيف ولد الاهتمام بالأدب عندي وكيف تكونت رؤيتي للعالم. والمتعة التي أجدها في الكتابة. وهي أمور أعتقد أنها مشتركة بيننا.
سأله نجيب محفوظ عن الأدب العربي فقال يسحرني في الأدب العربي وجود الحكاء والراوي الشعبي وهذا التقليد لا يزال سارياً ويدل على خصوصية الأدب العربي. وأن قصة من قصصه الأخيرة فيها الراوي شخصية رئيسية مثلما نجد في الأدب العربى.
قضى فيها حوالي عشرة أيام. أجرى لقاء مع الأدباء والكتاب في المركز الثقافي الإسباني. وهو الجهة التي كانت قد وجهت له الدعوة لزيارة مصر. أي أن الرجل جاء لمصر ليس مدعواً من أي جهة مصرية.
ثم أجرى لقاء مع المثقفين في المجلس الأعلى للثقافة وزار مدينة الإسكندرية بناء على طلبه. وأذكر أنه سافر إليها بالقطار. مع أنه كان يمكن أن يسافر لها بالطائرة. ثم طلب أن يلتقي بنجيب محفوظ. وقد التقاه فعلاً.
يومها دهشت من عدم الاهتمام الرسمي بزيارته. فالرجل قبل عشر سنوات من حضوره لمصر أي سنة 1990 كان مرشحاً لرئاسة بلاده. ولم يفز في هذه الانتخابات. وقال عن نفسه بشجاعة يحسد عليها أنه فشل بشرف.
واعترف بهذا الفشل الشريف الذي لم أفهم يومها كيف يفشل الإنسان بشرف؟ لكني أكبرت فيه هذه الشجاعة الأدبية النادرة. أي أن يوسا عندما جاء لمصر كان مرشحاً سابقاً لرئاسة بلاده. ولهذا تصورت أن يجري الاهتمام السياسي به وهو ما لم يحدث.
للأسف الشديد لم أحضر لقاءه مع نجيب محفوظ. لأنه اختار يوم الأحد. الذي يذهب نجيب محفوظ إلى فندق شيبرد. ذهب إليه يوسا ومعه الدكتور محمود علي مكي. لعب دور المترجم. أما لقاء المجلس الأعلى للثقافة. فقد أداره إدوار الخراط.
رحلة الإسكندرية صحبه فيها الدكتور حامد أبو أحمد. وأذكر أنني طلبت من الدكتور حامد أبو أحمد أن يجري معه حواراً خلال الطريق. فقال لي انه ليس صحفياً حتى يفعل هذا. قلت له الأمر أبسط مما تتصور. أسئلة نبلورها معاً ونتفق عليها وتوجهها له.
ثم تحصل على إجاباته. قال لي انه لم يمسك بجهاز تسجيل في حياته كلها. قلت له إفعلها لأول مرة. وقد أجرى حامد أبو أحمد حواراً يقف في منتصف المسافة بين الحوار الصحفي والحوار الأكاديمي.
وحامد أبو أحمد الذي بدا لي في المرة الوحيدة التي رأيت فيها يوسا رؤيا العين في المركز الثقافي الإسباني. بدا لي ربما كان صديقاً له أو معرفة. فهو صاحب فضل تعريفنا بيوسا قبل أن يأتي بمصر. لأنه قبل حضوره بسنوات. ترجم له حامد أبو أحمد روايته: من قتل موليرو ونشرت في الهيئة المصرية العامة للكتاب. ثم صودرت.
ومازالت مصادرة حتى الآن. وأحلم أن تتسبب بركات نوبل في رفع الحظر عنها وطرح الكمية المحبوسة في المخازن في الأسواق. هذا إن كانت الكمية ما زالت صالحة للتداول. لأننا نعرف عيوب التخزين في مصر. وحالة المخازن في مصر.
يوسا عندما قابل نجيب محفوظ – وقد عرفت بعض تفاصيل اللقاء من نجيب محفوظ نفسه ومن الدكتور مكي ومن بعض الحضور – قال يوسا لمحفوظ ان العالم المحفوظي يتطابق مع عالم أمريكا اللاتينية. أكد أن هناك الكثير من التشابه في الأوضاع الاجتماعية وطريقة الحياة.
وقد علق محفوظ على كلامه بأن سبب كلام يوسا اقتباس روايتين لنجيب محفوظ في السينما المكسيكية. هما روايتا: زقاق المدق، وبداية ونهاية. وقد لعبت بطولة الرواية الأولى سلمى حايك. حيث لعبت الدور الذي لعبته الفنانة شادية في فيلم: زقاق المدق المصري.
يوسا قال له ان الحياة توشك أن تكون واحدة. ثم حكى له أن بورخيس أهم كتاب أمريكا اللاتينية قد تأثر كثيراً بألف ليلة وليلة.
ورد عليه محفوظ. لاحظت أن الأدب اللاتيني فيه روح ألف ليلة وليلة. وقال له ان الواقعية السحرية موجودة في ألف ليلة وليلة. وحكى عن المرأة التي تطير وعن الحبيب الذي ينام يحلم بحبيبته. فيصحو ليجدها بجواره. ثم ينام مرة أخرى ليصحو فلا يجدها إطلاقاً. قال يوسا إن ألف ليلة وليلة من النصوص التي لها تأثير كبير في أمريكا اللاتينية.
واعترف أنه قرأها وهو صغير. وقال - وياللعجب العجاب - انها يتم تدريسها في المدارس. لحظتها أبدى محفوظ دهشته الشديدة. لأن ألف ليلة وليلة لا تدرس في أي مدرسة في أي قطر من أقطار الوطن العربي. بل إنها في بلادنا مطاردة بالمصادرة والمنع في كل وقت.
قال يوسا ان في بلاده وكافة أرجاء أمريكا اللاتينية ترجمات مختلفة لألف ليلة وليلة تناسب كل الأعمار. وأن بورخيس قام بعمل دراسة طويلة عن ترجمتها للغات الأوروبية مما قوى الاهتمام بها. يومها قال له يوسا أن له لقاء مع المثقفين المصريين.
ودعاه لحضوره. لم يكن يعرف الضيف أن نجيب محفوظ بسبب مشاكل السمع والبصر لا يحضر لقاءات عامة. حتى لقاءات الرئيس كان يعتذر عن عدم حضورها. فاعتذر له عن حضور لقائه.
ولكن نجيب محفوظ من باب الفضول فقط سأله عما سيتكلم في لقائه مع الأدباء المصريين. قال سأتحدث عن أشياء أنت تعرفها وعانيت منها. سأتكلم كيف ولد الاهتمام بالأدب عندي وكيف تكونت رؤيتي للعالم. والمتعة التي أجدها في الكتابة. وهي أمور أعتقد أنها مشتركة بيننا.
سأله نجيب محفوظ عن الأدب العربي فقال يسحرني في الأدب العربي وجود الحكاء والراوي الشعبي وهذا التقليد لا يزال سارياً ويدل على خصوصية الأدب العربي. وأن قصة من قصصه الأخيرة فيها الراوي شخصية رئيسية مثلما نجد في الأدب العربى.