بسم الله الرحمن الرحيم
"كل شوق يسكن باللقاء، لا يعوّل عليه". هذه العبارة لـ"ابن عربي"
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ ... فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمل.
علي أن أعترف بداية أني عبد ضعيف لا يملك من أدوات المعرفة إلا قطرة من عطاءات الخالق، ولكن برغم ذلك سأحاول وسعي أن أدلو بدلوي علي أجد ريح يوسف في الجب ، ومعذرة أن جاءت هذه السياحة عبر وسائل الذوق والنهج الانطباعي ولعله ما نتقنه ،ونترك النقد الأكاديمي النظري المتخصص لأهله .
رواية شاهد قبر للكاتب الشاب محمد يوسف مسوكر
دراسة انطباعية تحليلية
1/ العنوان :
ربما كان العنوان(شاهد قبر) يثير الدهشة والاستغراب والتحريض على التنقيب على الدلالات والمضمون ،وفي تقديري ان اختيار العنوان يعتبر احد اكبر المعضلات والتحديات التي تواجه الكاتب ،وارى أن العنوان بما يحمله من دلالات ومعاني قد كان موفقا وملائما للنص الروائي الذي بين ايدينا ،ولئن كان متاحا لنا ان نعبر او نسقط تصوراتنا في العنوان نقول بداية (أن المتأمل في شواهد القبور القديمة، يلاحظ أنها وقد زينت الآلاف من الرموز والشعارات الدينية والعلمانية مختلف شواهد القبور عبر العصور ، مما يشير إلى المواقف تجاه الموت والآخرة ، والانتماء إلى منظمة أخوية أو اجتماعية ، أو تجارة الفرد أو احتلاله أو حتى الهوية العرقية. في حين أن العديد من رموز هذه الشاهدة لها تفسيرات بسيطة إلى حد ما ، فليس من السهل دائمًا تحديد معانيها وأهميتها. لم نكن حاضرين عندما تم نحت هذه الرموز في الحجر ولا يمكن أن ندعي معرفة نوايا أسلافنا. قد يكونون قد أدرجوا رمزًا معينًا لأي سبب آخر غير أنهم اعتقدوا أنه جميل).
ووفقا للمعايير الفنية جاء العنوان مناسبا للغرض الذي كتب لأجله النص الأدبي عموما والروائي خصوصاً, ومن حيث استيفائه لعنصر التشويق،والابهار , هذا بصرف النظر عن اختياره الذكي والإيجابي لغة ومضموناً.. ي التخطيط الإداري، نسأل القيادي سؤالاً بديهياً: ماذا تريد أن يكتب على شاهد قبرك؟، أول ما يتبادر إلى ذهنه، هو مشروعه الأسمى، غالباً. مثل كان فلان أو فلانة بارعاً في كذا، أو قدم كذا، أو ناصر أو كان أول من تصدى لكذا. لا يهم حجم ما نقدم، بقدر البدء «بتفريغ» كل ما في جعبتنا لنفيد أنفسنا ومن حولنا معنوياً أو مادياً،وهنا أتذكر قصة المدير الأميركي الذي سأل أحد زملائه في اجتماع عمل: «ما أثمن أرض في العالم؟». فبدأت تأتيه الإجابات، فمنهم من قال: «إنها أرض الخليج الغنية بالنفط»، ومنهم من قال «أراضي الألماس في أفريقيا».فقال المدير: «إجاباتكم خاطئة. إنها المقبرة!»، فبدأ يشرح لهم أن المقابر فيها ملايين الناس ممن قضوا نحبهم، وهم ما زالوا يحملون في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة التي لم ترَ النور بعد.ولحسن الحظ، كان أحد المستمعين بالصدفة، المؤلف الأميركي الشاب تود هنري، الذي أعجبته الفكرة كثيراً، ثم أطلق كتابه الشهير «مت فارغاً» أو Die Empty، حيث وضع فيه أفكاراً عملية تساعد الفرد على أن يفرغ يومياً ما في جعبته من طاقات وأفكار ومعلومات مفيدة له ولمجتمعه.لا يمكن أن نفرغ ما في جعبتنا، ما لم نخطط بالطريقة الصحيحة. من هنا، كنت في غاية السرور، حينما قرأت أمس إعلاناً في الصفحة الأخيرة لـ"البيان"، تعلن فيها حكومة أم القيوين عن رؤيتها. إذ تتطلع إلى «جودة حياة عالية، لمجتمع متلاحم، مبني على اقتصاد مستدام، وسياحة جاذبة». وهنا
2/ المقدمة/ المدخل
المقدمة: دائما تظهر ثراء النص بهدفه ومضمونه, وخلاصة ماذا يريد المؤلف أن يقوله لنا, وهي بكثافة طرحها ورشاقة مفرداتها تبين ما يقصده الكاتب من رسائل يريد ايصاله للمتلقي كما أن ذكاء لغتها تظهر مدى قوة النص كتمهيد تشويقي للقارئ، محفز للقراءة فمعظم الروايات ذات التأثير تبدأ من المقدمة ،الآن يكون مستحسنا أن ندلف الى بهو حيث تبهرك المقدمة وهي استهلالية ومدخل مثير للراوية حيث تتجلى ملامح وبوادر صراع الاضداد والثنائيات المتنافرة مما يمنح القارئ الحافز لاكتشاف ما وراء النص حينما يدهشك الكاتب بعبارة رقيقة وقوية :" ما أتمناه في هذه اللحظة وما يتمناه المزارع على تضاد. المطر في مدينة تعتمد على الزراعة الموسمية تلك رغبة المزارع أو كل أمانيه. أما أنا فليس هناك مواسم احتفالية أزجي بها وقتي وأخرج من دوامة التوقف عند نقطة البحث عن جامعة في بلدة تمتلك مدرسة ثانوية واحدة يتبادل فيها الطلاب المقاعد، مجموعة تأتي من الصباح حتى الظهيرة وأخرى مساء)
عليه نرى لابأس أن نطرح تصور لمفهوم الرواية ليكون منطلقا في معالجة تفاصيل رواية شاهد قبر ودراستها نقديا.
فالرواية: هي عبارة سرد قصصي طويل يصور شخصيات فردية من خلال سلسلة من الأحداث والأفعال و المشاهد، فالرواية ، مع أختها القصة القصيرة ، شكل أدبي جديد لم تعرفه العصور الكلاسيكية والوسطى ، نشأ مع البواكير الأولى لظهور الطبقة البورجوازية وما صحبها من تحرر الفرد من ربقة التبعيات الشخصية،والرواية نوع من أنواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من أجمل أنواع الأدب النثري. تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ،وما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامة وإنْ كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية تتناول الرواية مشكلات الحياة ومواقف الإنسان منها في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع الإنساني خلال هذا القرن. ومن انواع الرواية، رواية غرامية، رواية اجتماعية، رواية تاريخية، رواية بوليسية السيرة الذاتية .ومن خلال التعريف السابق نحاول معرفة الكاتب الى أي نوع تنتمي روايته، ونقول أن رواية (شاهد قبر ) لا شك أن العنوان جاذب ومشوق، وذو دلالة رمزية حيث يمكن القول لأن الرواية تنتمي بجدارة للرواية الاجتماعية ممزوجة بالسيرة الذاتية بالإضافة للخيال السحري الكامل النضج والتسلسل المنطقي لتنامي الاحداث حيث تشعر وأنت تمرر عدستك عبر السطور تشعر كأنك تشاهد فلم سينمائي متقن الإعداد والإخراج حيث يتسنى لك التنقل بين وحدات وفقرات متنوعة من التفاعل الاجتماعي والحيوات المختلفة للشخصيات المتعددة التي تجسد أنماطا من السلوكات المتباينة، قد تتفق معها أو تختلف لكنها موجودة تمارس أدوراها في مسرح الحياة وفقا لكسبها الثقافي و الاجتماعي ،وتكاد تلمس بيديك نبض الحياة بكل زخمها وتناقضاتها وتصادماتها ، تلحظ الحب والكراهية وصراع المصالح وتتبدى لك نظرية الاقصاء والتهميش والسخرية من الآخر في أبشع صورها ،وهذا يدل على قدرة محمد مسوكر في التقاط الصور الإنسانية ببصيرة نافذة وواعية ويأخذك رغمك إلى عوالم انسانية قد يتجاهلها البعض أو يتناساها ولكل حسب قناعته، ولكن التفاصيل في الرواية تظل توثيق باهر وواقعي لممارسات استعلائية ودنياوات ثرية للممارسات الاجتماعية ، وصيرورة الحياة بقسوتها وعنفها ، كما تلاحظ أن سؤال الهوية حاضر بكل مرارته وقبحه ،وتدني درجة الوعي التي تصنف الناس إلى مجموعات مختلفة ومتصادمة ،صراع بين الرغبات والأحلام ،والحب واللاحب
وفي تقديري أهم ما تتميز به الرواية(شاهد قبر ) أنها قصة إنسانية مفعمة بالصور البيانية والجمالية والحياتية والسحرية الواقعية الصادمة و المفجعة ، تتشابك فيها الأحداث وتتقاطع الأمكنة والأزمنة ، وتتلاقى الشخصيات وتتفارق ، إلا أن مسارها القصصي واضح ومتّسق في مراحله ، والرواية (شاهد قبر) رواية اجتماعية واقعية استمد الكاتب تفاصيلها من أحداث حقيقية اقتبسها الكاتب من الواقع وهي صور مفعمة بالأخيلة الغنية والساحرة من مخزون الكاتب الفكري والروائي ، ولا بد من الاشارة أن الكاتب تتوافر فيه الموهبة وسيطرته و قدرته الواعية على السرد القائم على تقنيات واضحة، وأساليب وقواعد من عرض الفكرة ،وترتيب الخواطر ،وتسجيل الصور الاجتماعية و بسط لمشاعره وأفكاره حتى تصل إلى ذهن المتلقي في قالب تعبيري محكم ،وصور تعبيرية دقيقة لاناس يعيشون في هامش الحياة
اللغة :
معلوم أن اللغة القالب الذي تصب فيه الأفكار ،وللحق استطاع الكاتب ام يوائم بين اللهجة المحلية الدارجة ولغة التجري والفصحى في أبهى صورة ،وبالإجمال اتسمت لغة الرواية بالسهولة والعذوبة دون تعقيد لغوي ولا تقعر ولا غلو في المفردات بل عمدت الى لغة ميسرة ممزوجة ببعض المفردات الدارجة مع كلمات بلغة التجري هو من اللغات البجاوية السائدة في ذلك الفضاء من شرق السودان مفردات بلغة التجري مفعمة بالدلات والاشارات العميقة الي تعزز ارتباط الراوي بالجذور كنوع من الوفاء للسان الذي شكل رؤيته للعالم وهذه نقطة تستحق الاشادة لأني فيما أعلم لم اجد كاتبا قد سبق كاتب (رواية شاهد قبر) في بناء أركان روايته بتوليفة رائعة بين الفصحى والدارجة واللغة المحلية المصنفة كلهجة مثلما فعل هو في هذه الراوية فهذا يحمد له في اطار رفد الانتاج الفكري والقصصي بهذه التوليفة ولكن أزعم ولست متأكدا أن نفر من البربر أو الامازيغ أو عرب تشاد قد مارسوا ذات الهواية والطقوس في إنتاجهم الأدبي ،وشكل ذلك قيمة اضافية ونوعية للمنتج الابداعي،وبشكل عام- نجد أن اللغة في هذه الرواية كثر سلاسة وانسيابا ومباشرة في توصيل المعنى ، وهي أي العامية او الفصحى متسقة مع انحياز الكاتب لشريحة من المهمشين وتتسق مع صراحة السرد، والذي لا يعرف المواربة وتغليف المعاني، والتخفي وراء العبارات .
الشخصيات : ...
.يبدو أن الكاتب بذل مجهودا مقدرا في صناعة شخصيات الراوية ، حيث تم اختيار شخصيات الراوية بعناية فائقة مع تصميم درامي لأدوارهم في الراوية في ترتيب واقعي و موضوعي، بيد أن الشخصية الرئيسية والمحورية ، وهي شخصية(ابراهيم) شخصية تتمتع بقدر عال من القلق الابداعي والحراك النفسي المتصاعد والبحث الشاق عن غايات بعيدة المنال ،وأحلام عصية التحقق إلا أنه بالرغم من وجود المعيقات و المنقصات و الكوابح الاجتماعية والاقتصادية والاقصائية ،لم يستسلم ولم ينهزم، بل عاش حياته بكل عنفوان وعافية ،متصالحا مع ذاته ، في حوار صاخب و دائم للتماهي والمقاربة مع التأويلات والتفسيرات وربما احيانا التماس العذر والمبررات لمن يسيئون له ولكيانه بجهل او بشكل متعمد لم يفت كل ذلك في عضده فكان حضورا في الملمات واغاثة الملهوف ومناصرة الضعيف والاستجابة الراشدة لنبضات قلبه وصرخات الوجع العاطفي ...ففي اول موقف عند رجوعه بعد فشل حلمه الهروبي من دخول السينما بسبب المطر ،ومن ثم قراره بالرجوع ومقابلته لنسوة فقيرات لا يعرفن حدا في المنطقة فينبري لهم ابراهيم في شهامة وغيرة واعية ويستضيفهم في بيته ، وقبل ذلك نجد ن ثمة حوار دار بين ابراهيم ورجل كان يعتقد إبراهيم خواجة ولكن اكتشف انه تركي جاء للتنقيب عن الاثار العمرانية لأجداده الاتراك ...وبرغم ما أصابه من احباط بسبب تبخر ضياع فرصة تعلم لغة أجنبية أو فرصة عمل بالدولار .هذا المشهد وما صاحبه من حوار شائق يدلل على اهتمام الاخر بماضيه وتاريخه
شخصية سائق السيارة وهذا موقف آخر يكشف عن نفسية أصحاب السيارات واستغلال الظروف ،وهذا جزء من رعونات كثيرة يمارسها من بيده الغلبة سواء كان على مستوى السلطة أو الثروة ،مرورا ببائعات الخمر البلدية والاستغلال البشع من رجالات الشرطة من خلال الابتزاز المتكرر بغض النظر حرام أم حلال ، كنوع من الفساد المحمي بالقانون ، وتبرز هنا جهل الناس بالظواهر الطبيعية (رعود/برق الخ..) يتبدى لحظة اغلاق السائق للمذياع خوفا من الصواعق يندرج تحت الكثير من المعتقدات التي بمثابة مسلمات ولا تسل عن منطقيتها أو معقوليتها
وتستمر الأمور في السياق الذي أراده الكاتب ،حيث نجد شخصية فذة كريمة وصارمة وهي ام إبراهيم(أرهيت) ككل نساء البجا حريصة بالقيام بواجبها بوعي فطري ، يقتحم عليها إبراهيم خصوصياته ليلا ومع ثلة من الأضياف الغرباء حيث استيقظت من نومها دون ضجر لاستقبال ضيوف الهجعة بدون سابق انذار ...تقوم بواجب الضيافة من عشاء وقهوة وحسن استقبال وفي هذا اشارة أن أهالي المنطقة (البجا)يحظون برصيد وافر من القيم كالكرم والرجولة وكثير من مكارم الأخلاق ،ولكن هناك شيء حدث لفت نظر النساء القادمات من سفر وهو أن (إبراهيم) لا يجيد التقرايت بطلاقة مما أوقع أمه في حرج فاعتذرت لهن بأن أبناء المدارس ينسون لغتهم المحلية ،وحاولت أن تبرر لهم ،وأن تغير الصورة الذهنية التي تخصم من مقام الفروسية حينما قالت إحداهن(إن ابنك فارس ولكن لا يتحدث لغتنا) فالأهل يرون فقدان لغتهم كارثة .
ثم تتوالى المشاهد والوقائع خروج النسوة مع ابي إبراهيم بطفلهم المريض الى كسلا ،وما اعترضهم في الطريق من رجل الامن وهو مشهد قبيح تأذى منه البجا كثيرا فتم انزالهم من السيارة ،مما تسبب في وفاة الطفل (ما أرخص الانسان عند العيادة الخارجية، حيث يتم استقبال المرضى في حالاتهم الطارئة، كان الجو مثالا للبؤس فالروائح الكريهة وعفن الجروح، وعمال المشاريع بعضهم يتلوى ويتقيأ من سموم ثعبان لدغه في المشروع وآخر يئن من التيفود أو مرض الكالازار الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن)
شخصية التركي: جاء دوره مشابها لرحلة ابراهيم الذي يبحث عن التاريخ والهوية ،وفهما يشتركان في الاهتمام بالموروث الثقافي .
شخصية إسماعيل وهو والد إبراهيم (يتمتع بنبل وجمال انساني ، يعمل في التجارة ، مع امتلاكه قدرا لا باس به من الذكاء وحسن التدبير ، له مواقف مشرفة مع النسوة الاغراب ، ومع من حوله من بني جنسه في المعاملات التجارية من بيع وشراء .
سليمان الشقيق الاصغر لإسماعيل يمثل شخصية المثقف المستنير وهو من القلة المحظوظين الذين وجدوا فرصة افضل لاستكمال التعليم، فهو يجسد دور التنوير والعقلانية ،وفشله في تحقيق حلمه بخطوبة محاسن ومن قبلها ايرات ،وفي تقديري أن إيرات تحمل رمزية الوطن الذي يسكن الخيال .وكان يرى أن قدرا مشتركا بينهما والاختلاف في التعاطي مع القدر تدخل الراوي بلسان نحن التقينا في هذه الدنيا وفق قوانين ليس وفق خياراتنا لذلك استمراريتنا رهن بقدرتنا على التعايش، سليمان كعادته يجادل الليل،ويبثه الشكوى و يتحسر على (إيرات) الصبية التى رأى منها جذع نهدها من فتحة في قميصها بين إبطها ونهايات صدرها. وحيائها الذي تدفق وغمر الأرض وأزهر، صبية ظهرت في حياته كبرق واعد لا يتكرر، لحظة استجابة سماوية انشغل عنها بسراب الأرض. فتاة من أهله وإن كانت بدوية انطبعت في ركن قصي من ذاكرته، أغفلها رغبة في التعليم والتمدن ظلت ذكراها تطارده كاللعنات
- إيرات امرأة لن تأتي أبدا لن تتكرر، برق لاح في سمائي وغاب، لو رآها من قال:
رأيت صبايا فارس.......يغسلن النهد بماء الصبح
شخصية سميرة : فتاة جميلة تتميز بقدر وافر من الجمال والثقافة والوعي والنضج ،وتمثل عاطفة الحب الأول والعلاقة النبيلة الراشدة بنيها وإبراهيم و النهايات المؤلمة لقصة الحب العميقة لأسباب من صنع الآخرين "يصفها الراوي على نحو رومانسي آخاذ(سميرة فتاة في العشرين من العمر، قمحية البشرة، متناسقة في الطول والجسد، في عينيها فضاء متسع يغري بالتأمل، شفاهها كرز. إذا ما ابتسمت تكشف عن نجوم ثاقبات مطمعات يثرن الحياة، مليحة، ترتسم على محياها ابتسامة دائمة، ساحرة، تحبها المجالس من كل الأعمار، ثغرها الباسم، وجاذبيتها أكسباها قدرة فائقة على التأثير، ودودة، حيوية في حركتها، طروبة مليئة بالإيقاعات، تنساب في النفس كالموسيقى، تتنافس الفتيات في صحبتها، خدومة طيعة، النساء الأمهات يتضرعن للمولى أن يرزقهن مثلها بنتا أو زوجة لأبنائهن، بارة بوالدتها. توفي والدها وهي صبية، متضرعة إلى الله أن يتقبله قبولا حسنا، ترى الكمال في إبراهيم الذي ملأ خلاياها ولم يترك ثغرة تنفذ منها أماني الخلق. فهو إنسانها الحقيقي الذي يشعرها هدوؤه بالثبات، وهو القادر على امتصاص كل انفعالاتها منذ أيام طفولتهما الأولى.( سميرة تتذكر عبار سليمان : المعرفة تحول الإنسان إلى حالة عقلانية،)
شخصية مريومة المرأة التي لا أحد يعرف أصلها ونسبها ومن أين جاءت إلى تلك المدينة، لاحظ إسماعيل أن مريومة يبدو عليها أعراض حمل، فبطنها بارزة، وعلى وجهها إعياءشخصية أحمد : صديق لإبراهيم بيد أن علاقتهما تشوبها جرثومة الكره المكتوم والحسد الهابيلي ضد قابيل ،وأمه التي تسعى بين الناس بالنميمة وافساد العلاقات الاجتماعية و الحاجة نفيسة ست الزار
شخصية ود بال عاي ..تتميز بالانتهازية والوصولية والمصلحة الذاتية واطلاق العنان للشهوة الجنسية والشهية البطنية ومعاقرة الكاس و الخمر ،بجانب فلسفة خاصة به في نظرته لاهله والاستثمار في حوائجهم ،وهو فاقد التربوي يكره الكتب والثقافة .
شخصية الرقيب صالح الذي جاء من الجنوب لحضور مراسم زواج سعيد ،حضوره شكل المفتاح لمشاكل اهله المتمثلة في الجنسية وفرص الدراسة الجامعية، ونظرته الوقورة في معالجة الأمور
وهناك بعض الشخصيات الثانوية : مثل موسى الرطاني صاحب الشاي،وأدريس المتحمس للثورة الارترية ،وعمار وسليم ،وابو تلاتة،وحاجة نفيسة صاحبة الزار ، وود
الطيب والزبير ود الماحي (تجار السوق ) والسماني .
والمهم أن الراوي قام بطريقة عبقرية وجزلة في بناء الشخصيات بغض النظر عن دورها في الرواية ،فهي لا تبالغ وتعطي كل شخصية قدرها المستحق في اريحية وتهذيب دون الاخلال بمقومات الشخصية وسماتها ،وهذا يحسب للكاتب حيث قام بتوزيع الدوار وتركيب المواقف بواقعية سحرية جاذبة
يوجد أخطاء إملائية طفيفة من شاكلة
ص60 بجلابها بجلبابها
شئونها ص30 الصحيح شؤون
بداو الصحيح بدؤوا ص34 رءوسناص37
المسئول ص39 المسؤول
أبنائ أبنائي و رؤوس ص66
: جاؤُوا الحركات.ص69 جاءوا
(ملاءات وملاء) أشياهم,اشياءهم ص150
ص94رءوس /رؤوس، كئوس /كؤوس ص106، بالمسئولية/المسؤولية ص107‘ جاءوا /جاؤوا ص114، ينطفض النهد كرأس القط(الصحيح) ينتفضن ص31
السياق الزمني "شاهد قبر" تتمدد تفاصيل الراوية الى سبعينيات القرن الماضي ،فترة حكم نميري
الحيز المكاني: شرق السودان - يلاحظ حضور اثني مكّثف في الرواية(امبررو ، فلاتة، جعليين ، نوبة، حبش، حلب، اتراك، عنج، فونج، )مما يعطي الراوية زخما انسانيا وجماليا وسعة لقبول الاخر .
مفردات بالتجري وردت في السرد (اللغة التِجْرِية)
(بالحروف الجعزية ትግረ تِجرِ أو ትግሬ تِجري) هي إحدى اللغات الإفريقية الآسيوية من الفرع السامي وتجد أصلها في اللغة السبئية من جنوب شبه الجزيرة العربية أو الجعزية، الجئزية Ge'ez القديمة. يتحدث بها حوالي 3,015,488 شخص معظمهم في إرتريا.كما تعرف أيضاً باسم التِقْرِي أو التِقْرَأيِتْ أو التِجْرَأيِتْ (الجيم معجم يُنطق مثل الجيم باللهجة المصرية والقاف مثل الكاف المنصوبة باللهجة المغربية أو القاف باللهجة السودانية)، وهي واحدة من اللغات الإريترية الرسمية التسع وتستخدم في المنخفضات الإرتيرية الشرقية والغربية والسواحل البحرية شمال مصوع وجزر دهلك الإرترية والمنطقة الشرقية في السودان وسط قبائل الحباب وقبائل الماريا وبني عامر.
السماديت (هيا... هليت... أميي... بيت).
(جِنى فداب) ،منقوقاي
(أرحبو أرحبو قدم بلو).
بأب أمو
بالتكوبة
الكبرو
(أوو... إكلت). كفو إتميكم أبو إبراهيم ولت سب ص36الخطى ص61 الخطا لعبة سومية.
الكِرِيات.
السِتِيات
السِكِبات
العشل
ود حيمة أي طفل من أم غير مطلقة وليست أرملة. ويصعد طفل
كنيباي ..يا ولت أب نواي وأحمد – حنقل شيطان، سنيت من صبابحه
(شافق عور ولد)
التحليل النهائي
من المتعارف فنياً، أن الروايات تطرح أسئلة، وليست معنية بالأجوبة، لذلك نعتقد أن الأديب محمد مسوكر حسنا فعل بطرح مثل هذه الأسئلة الضرورية بشكل واضح في ثنايا هذه الرواية الفذة.
ويبدو أن إبراهيم بطل الرواية تكمن مأساته في انشطاره بين الوعي المتقدم والواقع المتردي أمامه ،كمثل عمه تماما المثقف الذي يبحث عن تناغم بين خطابه الداخلي ورصيده من المخزون الثقافي الذي يبدو متعثرا ،و عاجزا في إيجاد معادلة بين المتناقضات ذات الشيء يعاني منه (إبراهيم) حيث تتداعى في ذهنه صور كثير للصراعات وللخيبات والاحباطات بدءا من قلقه المخيف في بناء الهوية الحقيقة وعتابه على المثقف في عدم ارتقائه لتبني الحقائق باعتبار ان موطن البجا فضاء ممتدا جغرافيا من سهول السودان ،لى مرتفعات ارتريا
الحبكة في الرواية جاءت متنوعة فهي كالشبكة العنكبوتية شكلا ، و أحادية المسار، ونهاية ا جاءت النهاية مفتوحة وبالإمكان اضافة ملاحق لها،
- اما بالنسبة للفاعل المتهم بممارس للتهميش، وهنا الحديث عن النص الموازي لواقع البجا ، وبالنظر للبنك الزارعي كرمز للثروة والسلطة، فإن اختصار سياسته التمويلية على إقراض كبار المزارعين يعتبر من منطلق موضوعي، لا يمكننا ان نفسره باستهداف للبجا و تعمد تهميشهم، ولكن ما يشوه الصورة تصرفات المحافظ المسؤول من توزيع الاكشاك ،وتوصيل صنابير الماء في بلدة تعاني من العطش دليل على اختلال النظرة العنصرية
شاهد قبر الأرض رواية مشّوقة وشائقة ، وفريدة من نوعها في الساحة السودانية، وهي من النوع الذي يجعلك تلهث، قائلا "ثم ماذا بعد "، بيد أننا كنا نأمل أن نجد في متونها نماذج لأفراد واسر بجاوية تطل على واجهة مجتمعاتها بصورة مشّرفة، وأن تقدم لنا الرواية صورة لشخصيات عصامية وملهمة تبعث الأمل لرقيّ هذه الشريحة العريضة، على غرار ما خلصت إليه رواية الخبز الحافي للكاتب المغربي
محمد شكري
اجمالا ومن خلال هذا الاقتباس: " تساؤلات ونسأل من نحن؟ من المرحلة الابتدائية وأظفارنا ناعمة إلى الجامعة. نسأل من نحن؟أما أنا وكل ما أحمل أطلب من أهل النهار يعينوني ببعدهم عني. فليذهب التقدميون إلى الجحيم. عبأوا حناجرهم بشعارات مثالية وألسنتهم بلغة محنطة، صادروا بها كل الحقائق. رجموا مكونات الناس بالرجعية. قسموا الإنسانية إلى قطيعين واختاروا لأنفسهم القطيع المتقدم وجعلوا إيرات رجعية وكم كنت ساذجا عندما صدقت أكاذيبهم.
بدون كبير عنت او مشقة بحث نلحظ بوضوح معاناة (إبراهيم) التي أشبه بحالة من التنازع النفسي و الوجداني مكانيا وشعوريا وفكريا في كافة المستويات بدأ من الهوية ،والاحباطات ، والتمهيش، ولغة الاحتقار والتعالي ، والنظرة الدونية ، وانا اقرأ القصة أو الرواية شعرت أن كثير من ملامح وتفاصيل الرواية ينطبق على شخصي الضعيف حيث كابدت جل تلك المواقف ولكن كنت اتسامى و التمس العذر لتدني الوعي ،والايمان بان الغد سيكون أفضل
كل الشكر ود مسوكر أدام الله عليك العافية والصحة والبصر والبصيرة ،وتقبلوا تحياتي وجهدي المتواضع الذي يعبر عن نقص بشري
وختاما أقول(أنت تملك الاختيار وأنت تملك القرار ،إذن انت الأقوى والأغنى)
"كل شوق يسكن باللقاء، لا يعوّل عليه". هذه العبارة لـ"ابن عربي"
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ ... فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمل.
علي أن أعترف بداية أني عبد ضعيف لا يملك من أدوات المعرفة إلا قطرة من عطاءات الخالق، ولكن برغم ذلك سأحاول وسعي أن أدلو بدلوي علي أجد ريح يوسف في الجب ، ومعذرة أن جاءت هذه السياحة عبر وسائل الذوق والنهج الانطباعي ولعله ما نتقنه ،ونترك النقد الأكاديمي النظري المتخصص لأهله .
رواية شاهد قبر للكاتب الشاب محمد يوسف مسوكر
دراسة انطباعية تحليلية
1/ العنوان :
ربما كان العنوان(شاهد قبر) يثير الدهشة والاستغراب والتحريض على التنقيب على الدلالات والمضمون ،وفي تقديري ان اختيار العنوان يعتبر احد اكبر المعضلات والتحديات التي تواجه الكاتب ،وارى أن العنوان بما يحمله من دلالات ومعاني قد كان موفقا وملائما للنص الروائي الذي بين ايدينا ،ولئن كان متاحا لنا ان نعبر او نسقط تصوراتنا في العنوان نقول بداية (أن المتأمل في شواهد القبور القديمة، يلاحظ أنها وقد زينت الآلاف من الرموز والشعارات الدينية والعلمانية مختلف شواهد القبور عبر العصور ، مما يشير إلى المواقف تجاه الموت والآخرة ، والانتماء إلى منظمة أخوية أو اجتماعية ، أو تجارة الفرد أو احتلاله أو حتى الهوية العرقية. في حين أن العديد من رموز هذه الشاهدة لها تفسيرات بسيطة إلى حد ما ، فليس من السهل دائمًا تحديد معانيها وأهميتها. لم نكن حاضرين عندما تم نحت هذه الرموز في الحجر ولا يمكن أن ندعي معرفة نوايا أسلافنا. قد يكونون قد أدرجوا رمزًا معينًا لأي سبب آخر غير أنهم اعتقدوا أنه جميل).
ووفقا للمعايير الفنية جاء العنوان مناسبا للغرض الذي كتب لأجله النص الأدبي عموما والروائي خصوصاً, ومن حيث استيفائه لعنصر التشويق،والابهار , هذا بصرف النظر عن اختياره الذكي والإيجابي لغة ومضموناً.. ي التخطيط الإداري، نسأل القيادي سؤالاً بديهياً: ماذا تريد أن يكتب على شاهد قبرك؟، أول ما يتبادر إلى ذهنه، هو مشروعه الأسمى، غالباً. مثل كان فلان أو فلانة بارعاً في كذا، أو قدم كذا، أو ناصر أو كان أول من تصدى لكذا. لا يهم حجم ما نقدم، بقدر البدء «بتفريغ» كل ما في جعبتنا لنفيد أنفسنا ومن حولنا معنوياً أو مادياً،وهنا أتذكر قصة المدير الأميركي الذي سأل أحد زملائه في اجتماع عمل: «ما أثمن أرض في العالم؟». فبدأت تأتيه الإجابات، فمنهم من قال: «إنها أرض الخليج الغنية بالنفط»، ومنهم من قال «أراضي الألماس في أفريقيا».فقال المدير: «إجاباتكم خاطئة. إنها المقبرة!»، فبدأ يشرح لهم أن المقابر فيها ملايين الناس ممن قضوا نحبهم، وهم ما زالوا يحملون في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة التي لم ترَ النور بعد.ولحسن الحظ، كان أحد المستمعين بالصدفة، المؤلف الأميركي الشاب تود هنري، الذي أعجبته الفكرة كثيراً، ثم أطلق كتابه الشهير «مت فارغاً» أو Die Empty، حيث وضع فيه أفكاراً عملية تساعد الفرد على أن يفرغ يومياً ما في جعبته من طاقات وأفكار ومعلومات مفيدة له ولمجتمعه.لا يمكن أن نفرغ ما في جعبتنا، ما لم نخطط بالطريقة الصحيحة. من هنا، كنت في غاية السرور، حينما قرأت أمس إعلاناً في الصفحة الأخيرة لـ"البيان"، تعلن فيها حكومة أم القيوين عن رؤيتها. إذ تتطلع إلى «جودة حياة عالية، لمجتمع متلاحم، مبني على اقتصاد مستدام، وسياحة جاذبة». وهنا
2/ المقدمة/ المدخل
المقدمة: دائما تظهر ثراء النص بهدفه ومضمونه, وخلاصة ماذا يريد المؤلف أن يقوله لنا, وهي بكثافة طرحها ورشاقة مفرداتها تبين ما يقصده الكاتب من رسائل يريد ايصاله للمتلقي كما أن ذكاء لغتها تظهر مدى قوة النص كتمهيد تشويقي للقارئ، محفز للقراءة فمعظم الروايات ذات التأثير تبدأ من المقدمة ،الآن يكون مستحسنا أن ندلف الى بهو حيث تبهرك المقدمة وهي استهلالية ومدخل مثير للراوية حيث تتجلى ملامح وبوادر صراع الاضداد والثنائيات المتنافرة مما يمنح القارئ الحافز لاكتشاف ما وراء النص حينما يدهشك الكاتب بعبارة رقيقة وقوية :" ما أتمناه في هذه اللحظة وما يتمناه المزارع على تضاد. المطر في مدينة تعتمد على الزراعة الموسمية تلك رغبة المزارع أو كل أمانيه. أما أنا فليس هناك مواسم احتفالية أزجي بها وقتي وأخرج من دوامة التوقف عند نقطة البحث عن جامعة في بلدة تمتلك مدرسة ثانوية واحدة يتبادل فيها الطلاب المقاعد، مجموعة تأتي من الصباح حتى الظهيرة وأخرى مساء)
عليه نرى لابأس أن نطرح تصور لمفهوم الرواية ليكون منطلقا في معالجة تفاصيل رواية شاهد قبر ودراستها نقديا.
فالرواية: هي عبارة سرد قصصي طويل يصور شخصيات فردية من خلال سلسلة من الأحداث والأفعال و المشاهد، فالرواية ، مع أختها القصة القصيرة ، شكل أدبي جديد لم تعرفه العصور الكلاسيكية والوسطى ، نشأ مع البواكير الأولى لظهور الطبقة البورجوازية وما صحبها من تحرر الفرد من ربقة التبعيات الشخصية،والرواية نوع من أنواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من أجمل أنواع الأدب النثري. تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ،وما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامة وإنْ كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية تتناول الرواية مشكلات الحياة ومواقف الإنسان منها في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع الإنساني خلال هذا القرن. ومن انواع الرواية، رواية غرامية، رواية اجتماعية، رواية تاريخية، رواية بوليسية السيرة الذاتية .ومن خلال التعريف السابق نحاول معرفة الكاتب الى أي نوع تنتمي روايته، ونقول أن رواية (شاهد قبر ) لا شك أن العنوان جاذب ومشوق، وذو دلالة رمزية حيث يمكن القول لأن الرواية تنتمي بجدارة للرواية الاجتماعية ممزوجة بالسيرة الذاتية بالإضافة للخيال السحري الكامل النضج والتسلسل المنطقي لتنامي الاحداث حيث تشعر وأنت تمرر عدستك عبر السطور تشعر كأنك تشاهد فلم سينمائي متقن الإعداد والإخراج حيث يتسنى لك التنقل بين وحدات وفقرات متنوعة من التفاعل الاجتماعي والحيوات المختلفة للشخصيات المتعددة التي تجسد أنماطا من السلوكات المتباينة، قد تتفق معها أو تختلف لكنها موجودة تمارس أدوراها في مسرح الحياة وفقا لكسبها الثقافي و الاجتماعي ،وتكاد تلمس بيديك نبض الحياة بكل زخمها وتناقضاتها وتصادماتها ، تلحظ الحب والكراهية وصراع المصالح وتتبدى لك نظرية الاقصاء والتهميش والسخرية من الآخر في أبشع صورها ،وهذا يدل على قدرة محمد مسوكر في التقاط الصور الإنسانية ببصيرة نافذة وواعية ويأخذك رغمك إلى عوالم انسانية قد يتجاهلها البعض أو يتناساها ولكل حسب قناعته، ولكن التفاصيل في الرواية تظل توثيق باهر وواقعي لممارسات استعلائية ودنياوات ثرية للممارسات الاجتماعية ، وصيرورة الحياة بقسوتها وعنفها ، كما تلاحظ أن سؤال الهوية حاضر بكل مرارته وقبحه ،وتدني درجة الوعي التي تصنف الناس إلى مجموعات مختلفة ومتصادمة ،صراع بين الرغبات والأحلام ،والحب واللاحب
وفي تقديري أهم ما تتميز به الرواية(شاهد قبر ) أنها قصة إنسانية مفعمة بالصور البيانية والجمالية والحياتية والسحرية الواقعية الصادمة و المفجعة ، تتشابك فيها الأحداث وتتقاطع الأمكنة والأزمنة ، وتتلاقى الشخصيات وتتفارق ، إلا أن مسارها القصصي واضح ومتّسق في مراحله ، والرواية (شاهد قبر) رواية اجتماعية واقعية استمد الكاتب تفاصيلها من أحداث حقيقية اقتبسها الكاتب من الواقع وهي صور مفعمة بالأخيلة الغنية والساحرة من مخزون الكاتب الفكري والروائي ، ولا بد من الاشارة أن الكاتب تتوافر فيه الموهبة وسيطرته و قدرته الواعية على السرد القائم على تقنيات واضحة، وأساليب وقواعد من عرض الفكرة ،وترتيب الخواطر ،وتسجيل الصور الاجتماعية و بسط لمشاعره وأفكاره حتى تصل إلى ذهن المتلقي في قالب تعبيري محكم ،وصور تعبيرية دقيقة لاناس يعيشون في هامش الحياة
اللغة :
معلوم أن اللغة القالب الذي تصب فيه الأفكار ،وللحق استطاع الكاتب ام يوائم بين اللهجة المحلية الدارجة ولغة التجري والفصحى في أبهى صورة ،وبالإجمال اتسمت لغة الرواية بالسهولة والعذوبة دون تعقيد لغوي ولا تقعر ولا غلو في المفردات بل عمدت الى لغة ميسرة ممزوجة ببعض المفردات الدارجة مع كلمات بلغة التجري هو من اللغات البجاوية السائدة في ذلك الفضاء من شرق السودان مفردات بلغة التجري مفعمة بالدلات والاشارات العميقة الي تعزز ارتباط الراوي بالجذور كنوع من الوفاء للسان الذي شكل رؤيته للعالم وهذه نقطة تستحق الاشادة لأني فيما أعلم لم اجد كاتبا قد سبق كاتب (رواية شاهد قبر) في بناء أركان روايته بتوليفة رائعة بين الفصحى والدارجة واللغة المحلية المصنفة كلهجة مثلما فعل هو في هذه الراوية فهذا يحمد له في اطار رفد الانتاج الفكري والقصصي بهذه التوليفة ولكن أزعم ولست متأكدا أن نفر من البربر أو الامازيغ أو عرب تشاد قد مارسوا ذات الهواية والطقوس في إنتاجهم الأدبي ،وشكل ذلك قيمة اضافية ونوعية للمنتج الابداعي،وبشكل عام- نجد أن اللغة في هذه الرواية كثر سلاسة وانسيابا ومباشرة في توصيل المعنى ، وهي أي العامية او الفصحى متسقة مع انحياز الكاتب لشريحة من المهمشين وتتسق مع صراحة السرد، والذي لا يعرف المواربة وتغليف المعاني، والتخفي وراء العبارات .
الشخصيات : ...
.يبدو أن الكاتب بذل مجهودا مقدرا في صناعة شخصيات الراوية ، حيث تم اختيار شخصيات الراوية بعناية فائقة مع تصميم درامي لأدوارهم في الراوية في ترتيب واقعي و موضوعي، بيد أن الشخصية الرئيسية والمحورية ، وهي شخصية(ابراهيم) شخصية تتمتع بقدر عال من القلق الابداعي والحراك النفسي المتصاعد والبحث الشاق عن غايات بعيدة المنال ،وأحلام عصية التحقق إلا أنه بالرغم من وجود المعيقات و المنقصات و الكوابح الاجتماعية والاقتصادية والاقصائية ،لم يستسلم ولم ينهزم، بل عاش حياته بكل عنفوان وعافية ،متصالحا مع ذاته ، في حوار صاخب و دائم للتماهي والمقاربة مع التأويلات والتفسيرات وربما احيانا التماس العذر والمبررات لمن يسيئون له ولكيانه بجهل او بشكل متعمد لم يفت كل ذلك في عضده فكان حضورا في الملمات واغاثة الملهوف ومناصرة الضعيف والاستجابة الراشدة لنبضات قلبه وصرخات الوجع العاطفي ...ففي اول موقف عند رجوعه بعد فشل حلمه الهروبي من دخول السينما بسبب المطر ،ومن ثم قراره بالرجوع ومقابلته لنسوة فقيرات لا يعرفن حدا في المنطقة فينبري لهم ابراهيم في شهامة وغيرة واعية ويستضيفهم في بيته ، وقبل ذلك نجد ن ثمة حوار دار بين ابراهيم ورجل كان يعتقد إبراهيم خواجة ولكن اكتشف انه تركي جاء للتنقيب عن الاثار العمرانية لأجداده الاتراك ...وبرغم ما أصابه من احباط بسبب تبخر ضياع فرصة تعلم لغة أجنبية أو فرصة عمل بالدولار .هذا المشهد وما صاحبه من حوار شائق يدلل على اهتمام الاخر بماضيه وتاريخه
شخصية سائق السيارة وهذا موقف آخر يكشف عن نفسية أصحاب السيارات واستغلال الظروف ،وهذا جزء من رعونات كثيرة يمارسها من بيده الغلبة سواء كان على مستوى السلطة أو الثروة ،مرورا ببائعات الخمر البلدية والاستغلال البشع من رجالات الشرطة من خلال الابتزاز المتكرر بغض النظر حرام أم حلال ، كنوع من الفساد المحمي بالقانون ، وتبرز هنا جهل الناس بالظواهر الطبيعية (رعود/برق الخ..) يتبدى لحظة اغلاق السائق للمذياع خوفا من الصواعق يندرج تحت الكثير من المعتقدات التي بمثابة مسلمات ولا تسل عن منطقيتها أو معقوليتها
وتستمر الأمور في السياق الذي أراده الكاتب ،حيث نجد شخصية فذة كريمة وصارمة وهي ام إبراهيم(أرهيت) ككل نساء البجا حريصة بالقيام بواجبها بوعي فطري ، يقتحم عليها إبراهيم خصوصياته ليلا ومع ثلة من الأضياف الغرباء حيث استيقظت من نومها دون ضجر لاستقبال ضيوف الهجعة بدون سابق انذار ...تقوم بواجب الضيافة من عشاء وقهوة وحسن استقبال وفي هذا اشارة أن أهالي المنطقة (البجا)يحظون برصيد وافر من القيم كالكرم والرجولة وكثير من مكارم الأخلاق ،ولكن هناك شيء حدث لفت نظر النساء القادمات من سفر وهو أن (إبراهيم) لا يجيد التقرايت بطلاقة مما أوقع أمه في حرج فاعتذرت لهن بأن أبناء المدارس ينسون لغتهم المحلية ،وحاولت أن تبرر لهم ،وأن تغير الصورة الذهنية التي تخصم من مقام الفروسية حينما قالت إحداهن(إن ابنك فارس ولكن لا يتحدث لغتنا) فالأهل يرون فقدان لغتهم كارثة .
ثم تتوالى المشاهد والوقائع خروج النسوة مع ابي إبراهيم بطفلهم المريض الى كسلا ،وما اعترضهم في الطريق من رجل الامن وهو مشهد قبيح تأذى منه البجا كثيرا فتم انزالهم من السيارة ،مما تسبب في وفاة الطفل (ما أرخص الانسان عند العيادة الخارجية، حيث يتم استقبال المرضى في حالاتهم الطارئة، كان الجو مثالا للبؤس فالروائح الكريهة وعفن الجروح، وعمال المشاريع بعضهم يتلوى ويتقيأ من سموم ثعبان لدغه في المشروع وآخر يئن من التيفود أو مرض الكالازار الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن)
شخصية التركي: جاء دوره مشابها لرحلة ابراهيم الذي يبحث عن التاريخ والهوية ،وفهما يشتركان في الاهتمام بالموروث الثقافي .
شخصية إسماعيل وهو والد إبراهيم (يتمتع بنبل وجمال انساني ، يعمل في التجارة ، مع امتلاكه قدرا لا باس به من الذكاء وحسن التدبير ، له مواقف مشرفة مع النسوة الاغراب ، ومع من حوله من بني جنسه في المعاملات التجارية من بيع وشراء .
سليمان الشقيق الاصغر لإسماعيل يمثل شخصية المثقف المستنير وهو من القلة المحظوظين الذين وجدوا فرصة افضل لاستكمال التعليم، فهو يجسد دور التنوير والعقلانية ،وفشله في تحقيق حلمه بخطوبة محاسن ومن قبلها ايرات ،وفي تقديري أن إيرات تحمل رمزية الوطن الذي يسكن الخيال .وكان يرى أن قدرا مشتركا بينهما والاختلاف في التعاطي مع القدر تدخل الراوي بلسان نحن التقينا في هذه الدنيا وفق قوانين ليس وفق خياراتنا لذلك استمراريتنا رهن بقدرتنا على التعايش، سليمان كعادته يجادل الليل،ويبثه الشكوى و يتحسر على (إيرات) الصبية التى رأى منها جذع نهدها من فتحة في قميصها بين إبطها ونهايات صدرها. وحيائها الذي تدفق وغمر الأرض وأزهر، صبية ظهرت في حياته كبرق واعد لا يتكرر، لحظة استجابة سماوية انشغل عنها بسراب الأرض. فتاة من أهله وإن كانت بدوية انطبعت في ركن قصي من ذاكرته، أغفلها رغبة في التعليم والتمدن ظلت ذكراها تطارده كاللعنات
- إيرات امرأة لن تأتي أبدا لن تتكرر، برق لاح في سمائي وغاب، لو رآها من قال:
رأيت صبايا فارس.......يغسلن النهد بماء الصبح
شخصية سميرة : فتاة جميلة تتميز بقدر وافر من الجمال والثقافة والوعي والنضج ،وتمثل عاطفة الحب الأول والعلاقة النبيلة الراشدة بنيها وإبراهيم و النهايات المؤلمة لقصة الحب العميقة لأسباب من صنع الآخرين "يصفها الراوي على نحو رومانسي آخاذ(سميرة فتاة في العشرين من العمر، قمحية البشرة، متناسقة في الطول والجسد، في عينيها فضاء متسع يغري بالتأمل، شفاهها كرز. إذا ما ابتسمت تكشف عن نجوم ثاقبات مطمعات يثرن الحياة، مليحة، ترتسم على محياها ابتسامة دائمة، ساحرة، تحبها المجالس من كل الأعمار، ثغرها الباسم، وجاذبيتها أكسباها قدرة فائقة على التأثير، ودودة، حيوية في حركتها، طروبة مليئة بالإيقاعات، تنساب في النفس كالموسيقى، تتنافس الفتيات في صحبتها، خدومة طيعة، النساء الأمهات يتضرعن للمولى أن يرزقهن مثلها بنتا أو زوجة لأبنائهن، بارة بوالدتها. توفي والدها وهي صبية، متضرعة إلى الله أن يتقبله قبولا حسنا، ترى الكمال في إبراهيم الذي ملأ خلاياها ولم يترك ثغرة تنفذ منها أماني الخلق. فهو إنسانها الحقيقي الذي يشعرها هدوؤه بالثبات، وهو القادر على امتصاص كل انفعالاتها منذ أيام طفولتهما الأولى.( سميرة تتذكر عبار سليمان : المعرفة تحول الإنسان إلى حالة عقلانية،)
شخصية مريومة المرأة التي لا أحد يعرف أصلها ونسبها ومن أين جاءت إلى تلك المدينة، لاحظ إسماعيل أن مريومة يبدو عليها أعراض حمل، فبطنها بارزة، وعلى وجهها إعياءشخصية أحمد : صديق لإبراهيم بيد أن علاقتهما تشوبها جرثومة الكره المكتوم والحسد الهابيلي ضد قابيل ،وأمه التي تسعى بين الناس بالنميمة وافساد العلاقات الاجتماعية و الحاجة نفيسة ست الزار
شخصية ود بال عاي ..تتميز بالانتهازية والوصولية والمصلحة الذاتية واطلاق العنان للشهوة الجنسية والشهية البطنية ومعاقرة الكاس و الخمر ،بجانب فلسفة خاصة به في نظرته لاهله والاستثمار في حوائجهم ،وهو فاقد التربوي يكره الكتب والثقافة .
شخصية الرقيب صالح الذي جاء من الجنوب لحضور مراسم زواج سعيد ،حضوره شكل المفتاح لمشاكل اهله المتمثلة في الجنسية وفرص الدراسة الجامعية، ونظرته الوقورة في معالجة الأمور
وهناك بعض الشخصيات الثانوية : مثل موسى الرطاني صاحب الشاي،وأدريس المتحمس للثورة الارترية ،وعمار وسليم ،وابو تلاتة،وحاجة نفيسة صاحبة الزار ، وود
الطيب والزبير ود الماحي (تجار السوق ) والسماني .
والمهم أن الراوي قام بطريقة عبقرية وجزلة في بناء الشخصيات بغض النظر عن دورها في الرواية ،فهي لا تبالغ وتعطي كل شخصية قدرها المستحق في اريحية وتهذيب دون الاخلال بمقومات الشخصية وسماتها ،وهذا يحسب للكاتب حيث قام بتوزيع الدوار وتركيب المواقف بواقعية سحرية جاذبة
يوجد أخطاء إملائية طفيفة من شاكلة
ص60 بجلابها بجلبابها
شئونها ص30 الصحيح شؤون
بداو الصحيح بدؤوا ص34 رءوسناص37
المسئول ص39 المسؤول
أبنائ أبنائي و رؤوس ص66
: جاؤُوا الحركات.ص69 جاءوا
(ملاءات وملاء) أشياهم,اشياءهم ص150
ص94رءوس /رؤوس، كئوس /كؤوس ص106، بالمسئولية/المسؤولية ص107‘ جاءوا /جاؤوا ص114، ينطفض النهد كرأس القط(الصحيح) ينتفضن ص31
السياق الزمني "شاهد قبر" تتمدد تفاصيل الراوية الى سبعينيات القرن الماضي ،فترة حكم نميري
الحيز المكاني: شرق السودان - يلاحظ حضور اثني مكّثف في الرواية(امبررو ، فلاتة، جعليين ، نوبة، حبش، حلب، اتراك، عنج، فونج، )مما يعطي الراوية زخما انسانيا وجماليا وسعة لقبول الاخر .
مفردات بالتجري وردت في السرد (اللغة التِجْرِية)
(بالحروف الجعزية ትግረ تِجرِ أو ትግሬ تِجري) هي إحدى اللغات الإفريقية الآسيوية من الفرع السامي وتجد أصلها في اللغة السبئية من جنوب شبه الجزيرة العربية أو الجعزية، الجئزية Ge'ez القديمة. يتحدث بها حوالي 3,015,488 شخص معظمهم في إرتريا.كما تعرف أيضاً باسم التِقْرِي أو التِقْرَأيِتْ أو التِجْرَأيِتْ (الجيم معجم يُنطق مثل الجيم باللهجة المصرية والقاف مثل الكاف المنصوبة باللهجة المغربية أو القاف باللهجة السودانية)، وهي واحدة من اللغات الإريترية الرسمية التسع وتستخدم في المنخفضات الإرتيرية الشرقية والغربية والسواحل البحرية شمال مصوع وجزر دهلك الإرترية والمنطقة الشرقية في السودان وسط قبائل الحباب وقبائل الماريا وبني عامر.
السماديت (هيا... هليت... أميي... بيت).
(جِنى فداب) ،منقوقاي
(أرحبو أرحبو قدم بلو).
بأب أمو
بالتكوبة
الكبرو
(أوو... إكلت). كفو إتميكم أبو إبراهيم ولت سب ص36الخطى ص61 الخطا لعبة سومية.
الكِرِيات.
السِتِيات
السِكِبات
العشل
ود حيمة أي طفل من أم غير مطلقة وليست أرملة. ويصعد طفل
كنيباي ..يا ولت أب نواي وأحمد – حنقل شيطان، سنيت من صبابحه
(شافق عور ولد)
التحليل النهائي
من المتعارف فنياً، أن الروايات تطرح أسئلة، وليست معنية بالأجوبة، لذلك نعتقد أن الأديب محمد مسوكر حسنا فعل بطرح مثل هذه الأسئلة الضرورية بشكل واضح في ثنايا هذه الرواية الفذة.
ويبدو أن إبراهيم بطل الرواية تكمن مأساته في انشطاره بين الوعي المتقدم والواقع المتردي أمامه ،كمثل عمه تماما المثقف الذي يبحث عن تناغم بين خطابه الداخلي ورصيده من المخزون الثقافي الذي يبدو متعثرا ،و عاجزا في إيجاد معادلة بين المتناقضات ذات الشيء يعاني منه (إبراهيم) حيث تتداعى في ذهنه صور كثير للصراعات وللخيبات والاحباطات بدءا من قلقه المخيف في بناء الهوية الحقيقة وعتابه على المثقف في عدم ارتقائه لتبني الحقائق باعتبار ان موطن البجا فضاء ممتدا جغرافيا من سهول السودان ،لى مرتفعات ارتريا
الحبكة في الرواية جاءت متنوعة فهي كالشبكة العنكبوتية شكلا ، و أحادية المسار، ونهاية ا جاءت النهاية مفتوحة وبالإمكان اضافة ملاحق لها،
- اما بالنسبة للفاعل المتهم بممارس للتهميش، وهنا الحديث عن النص الموازي لواقع البجا ، وبالنظر للبنك الزارعي كرمز للثروة والسلطة، فإن اختصار سياسته التمويلية على إقراض كبار المزارعين يعتبر من منطلق موضوعي، لا يمكننا ان نفسره باستهداف للبجا و تعمد تهميشهم، ولكن ما يشوه الصورة تصرفات المحافظ المسؤول من توزيع الاكشاك ،وتوصيل صنابير الماء في بلدة تعاني من العطش دليل على اختلال النظرة العنصرية
شاهد قبر الأرض رواية مشّوقة وشائقة ، وفريدة من نوعها في الساحة السودانية، وهي من النوع الذي يجعلك تلهث، قائلا "ثم ماذا بعد "، بيد أننا كنا نأمل أن نجد في متونها نماذج لأفراد واسر بجاوية تطل على واجهة مجتمعاتها بصورة مشّرفة، وأن تقدم لنا الرواية صورة لشخصيات عصامية وملهمة تبعث الأمل لرقيّ هذه الشريحة العريضة، على غرار ما خلصت إليه رواية الخبز الحافي للكاتب المغربي
محمد شكري
اجمالا ومن خلال هذا الاقتباس: " تساؤلات ونسأل من نحن؟ من المرحلة الابتدائية وأظفارنا ناعمة إلى الجامعة. نسأل من نحن؟أما أنا وكل ما أحمل أطلب من أهل النهار يعينوني ببعدهم عني. فليذهب التقدميون إلى الجحيم. عبأوا حناجرهم بشعارات مثالية وألسنتهم بلغة محنطة، صادروا بها كل الحقائق. رجموا مكونات الناس بالرجعية. قسموا الإنسانية إلى قطيعين واختاروا لأنفسهم القطيع المتقدم وجعلوا إيرات رجعية وكم كنت ساذجا عندما صدقت أكاذيبهم.
بدون كبير عنت او مشقة بحث نلحظ بوضوح معاناة (إبراهيم) التي أشبه بحالة من التنازع النفسي و الوجداني مكانيا وشعوريا وفكريا في كافة المستويات بدأ من الهوية ،والاحباطات ، والتمهيش، ولغة الاحتقار والتعالي ، والنظرة الدونية ، وانا اقرأ القصة أو الرواية شعرت أن كثير من ملامح وتفاصيل الرواية ينطبق على شخصي الضعيف حيث كابدت جل تلك المواقف ولكن كنت اتسامى و التمس العذر لتدني الوعي ،والايمان بان الغد سيكون أفضل
كل الشكر ود مسوكر أدام الله عليك العافية والصحة والبصر والبصيرة ،وتقبلوا تحياتي وجهدي المتواضع الذي يعبر عن نقص بشري
وختاما أقول(أنت تملك الاختيار وأنت تملك القرار ،إذن انت الأقوى والأغنى)