لا يكاد يمرُّ عام إلا وتتعالى أصوات منددةً منتقدةً لجان تحكيم مسابقات الجوائز الأدبية بكل أصنافها. والظاهر أن ما يتعرض له حكام الجوائز الأدبية من انتقادات واتهامات أضحى في يومنا هذا أضعاف ما يتعرض له حكام مسابقات أخرى مماثلة، بما في ذلك المنافسات الفنية التي يخضع فيها التحكيم للجانب الحسي وتكون فيها الذائقةُ الحاكمَ الفعلي على أهمّية عمل ما من عدمها، كمسابقات الأغاني. هذه الانتقادات المتكررة تدعونا بلا ريب إلى التساؤل عما إذا كان في وسع مجالس أمناء الجوائز الأدبية والمشرفين على تنظيمها تأمل نماذج التحكيم في منافسات عالمية أخرى مثل مسابقة يوروفيجن للأغاني، المعروفة في اللغة الإنكليزية ب(Eurovision Song Contest)، والاستفادة من تجاربها لصياغة طريقة تحكيم جديدة أكثر عدلا، وأقل جدلا، تساهم في تعزيز ثقة الأدباء والنقاد والإعلاميين المتابعين، وتحسين صورة لجان التحكيم، وحماية الجوائز من اتهامات تسيء إلى سمعتها وإلى سمعة الأدب.
اتهامات متكررة بالانحياز
من أبرز الانتقادات التي باتت تطبع مسابقات الجوائز الأدبية كل سنة انحياز أعضاء لجان التحكيم لبلدانهم وتفضيلهم مواطنيهم على بقية المرشحين، على منوال تصريح الروائي الكويتي ناصر الظفيري الذي انتقد لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية عام 2018 بعد بلوغ عملين فلسطينيين القائمة القصيرة وفوز مرشح فلسطيني بالجائزة. الروائي الكويتي وجه أصابع الاتهام إلى التحكيم معللا ذلك الفوز بوجود روائي فلسطيني في لجنة التحكيم.
ولم تسلم لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية في نسختها الأخيرة 2020 من الانتقادات والاتهامات بالانحياز، وهي اللجنة التي ضمت الناقد والإعلامي اللبناني بيار أبي صعب، والصحفية المصرية ريم ماجد، والأكاديمية والباحثة الروسية فكتوريا زاريتوفسكايا، والروائي الجزائري أمين الزاوي، وفاز بها الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي. فتعقيبا على قرار أعضاء لجنة التحكيم، قال الكاتب السوري، مدير دار “سرد للنشر”، فايز علام، في منشور في صفحته بالفيسبوك مقولته الشهيرة التي انتشرت عبر الصحف والسوشيال ميديا انتشار النار في الهشيم: “المصرية اختارت مصريا، والعراقي اختار عراقية، واللبناني اختار لبنانيًا، والروسية اختارت رواية فيها أجواء روسية”.
هل ينحاز التحكيم للوطن الأم؟
والسؤال الذي يطرح نفسه عندئذ هو ما إذا كان التحكيم بشكل عام ينحاز للأوطان. مما لا شك فيه أنّ مثل هذه التصريحات والتصرفات قد يكون سببها الشعور بخيبة الأمل والإحباط وصدمة الهزيمة مثل ذلك الكاتب الذي كلما خرج من المنافسة تهجم على لجنة التحكيم وتعهد أمام العالم بمقاطعة المنافسة مستقبلا، لنراه بعد أشهر قليلة من ذلك يجدد مشاركته في المسابقة، وهو على ما يبدو لا يكتب إلاَّ لأجل الجائزة! يكاد يتكرر مثل هذا السيناريو كل سنة! وإن نظرنا إلى القانون الذي تخضع له شعوب الدنيا، وجدناه ينص على أنّ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وما انفك هؤلاء يتهمون لجان التحكيم دون تقديم أدلة ملموسة مقبولة تثبت التهم وتدين المتهم!
لكن، من ناحية أخرى، إذا تأملنا طبيعة البشر، وجدنا الإنسان كائنا ضعيفا، تحركه العواطف، وتطبعه ربطة سيكولوجية واجتماعية بالمكان الذي ينشأ فيه، وتنتابه مشاعر بالانتماء إلى المجتمع، والولاء الفطري للوطن، وهو ما قد ينعكس في سلوكياته وقراراته وأحكامه. وقد أثبتت دراسات دولية إمكانية تأثر التحكيم بذلك. فقد نشرت صحيفة (سبورتنغ إنتلجنس) نتائج دراسة تكشف انحياز حكام لعبة الرغبي لبلدانهم الأصلية. فقد قام الدكتور ليونيل بيج من كلية إدارة الأعمال بجامعة كامبريدج والدكتورة كاتي بيدج من كلية هايثروب في جامعة لندن بفحص نتائج المباريات والقرارات التي اتخذها الحكام في مئات مقابلات دوري الرغبي بين عامي 2006 و؛ 2009، ودراسة جميع المباريات الـ 92 التي أجريت في موسم 2009. فاستخلصت الدراسة أن الحكام "يمنحون ميزة كبيرة لفرق جنسياتهم في هذه المسابقات"، وأنّ الحكام أقل نزعة إلى معاقبة الفرق التي تحمل جنسياتهم، وأكثر ميلا إلى ما معاقبة الجنسيات الأخرى! واستخلصت الدراسة أنّ في مسابقة اتحاد الرغبي الممتازة، التي تشارك فيها أستراليا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا، لم تفز الفرق المحلية إلاَّ بـنسبة 38٪ من المباريات عندما كان الحكم من جنسية مختلفة، بينما فازت ب91٪ من المباريات عندما كان الحكم من جنسية الفريق المضيف!
مواقع التواصل الاجتماعي بدورها تكشف لنا أثر الانتماء الوطني والقومي الفطري في الإنسان الذي عادة ما نراه يناصر الرياضي والفنان والكاتب وكل متنافس يحمل جنسيته ويمثل بلده. وما أكثر ما نرى المثقف يحتفل بفوز مواطنه بالجوائز. ففي عالم تهيمن عليه القومية، فوز المواطن يعني بالضرورة فوز الوطن.
تجربة يوروفيجن
أثر الانتماء إلى الأوطان يتجلى في مسابقات أخرى بما في ذلك مسابقة الأغنية الأوروبية. فكل الأطراف تتطلع إلى فوز ممثليها. لكن اتحاد البث الأوربي الذي يسهر على تنظيم هذه المنافسة توخى نظام تصويت مضاد للتحيز، وهو بلا ريب نموذج ناجح تستطيع مسابقات الجوائز الأدبية الاستفادة منه. فمسابقة يوروفيجن تعد أكبر منافسة عالمية فنية وأكثرها مشاهدة في العالم بعد رياضة كرة القدم، وكيف لا وقد شدت المسابقة أنظار ما لا يقل عن 182 مليون مشاهد في طبعتها الأخيرة بتل أبيب عام 2019، وهي المنافسة التي أنجبت أسماء كبيرة في عالم الأغنية أمثال سيلين ديون وخوليو إغليسياس والفرقة السويدية (آبا) ABBA الفائزة بأغنية "واترلو" عام 1974 في مدينة برايتون البريطانية.
تعتمد منافسة يوروفيجن على طريقة تحكيم محايدة تمنع التحيّز للأوطان. فبعد عرض الأغاني المتنافسة، تقوم البلدان المشاركة بالتصويت على أغاني البلدان الأخرى ولا يسمح لها بتقييم مشاركات مرشحيها. وتفوز بالمنافسة الأغنية التي تحصل على أكبر عدد من النقاط.
التصويت التقييمي
الجوائز الأدبية قادرة على وضع حد للاتهامات المتكررة بانحياز حكامها لمواطنيهم وذلك بالاستفادة من تجربة يوروفيجن ووضع نظام تحكيم جديد لا يسمح لأعضاء لجان التحكيم بتقييم أعمال مواطنيهم، بحيث يقيِّم عضو لجنة التحكيم أعمال مرشحي الجنسيات الأخرى ويترك أعمال مواطنيه المرشحين لبقية أعضاء اللجنة، وما ذلك بالأمر العسير. ولمنع أي أثر سلبي بعد كشف أسماء أعضاء لجان التحكيم، بعد إعلان القوائم الطويلة، ولضمان نتائج أكثر عدلا، يستحسن تغيير الحكام وعدم الكشف عن أسماء الأعضاء الجدد قبل إعلان القائمة القصيرة أو العمل الفائز بالجائزة. وليس ذلك بالأمر العسير، إذ لا يستعصي على أي حكم جديد تقييم عدد محدود من الروايات المتأهلة (12 أو 6) ولو في أوقات وجيزة. ثم، ما جدوى الاحتفاظ بسرية أعضاء لجنة التحكيم حتى إعلان القوائم الطويلة إن لم يطبّق ذلك المبدأ على المراحل النهائية، الأكثر جدلا؟
مسابقات الجوائز الأدبية تستطيع أيضا الاستفادة من نظام التصويت التقييمي أو ما يعرف أيضا بالتصويت بالنتيجة أو التصويت حسب النقاط، بحيث يقوم عضو لجنة التحكيم بتقييم أعمال كل المرشحين باستثناء مواطنيه المشاركين في المسابقة، مقدما نقاطا لكل الأعمال التي يراجعها بشكل مستقل عن بقية الحكام حتى لا يؤثر أحد في قرار الآخر، ولتكن النقاط على سبيل المثال من 0 إلى 9. بعد ذلك تُجمع كل النقاط. وبناءً عليه يتم التعرف على العمل الفائز بالجائزة، بعد الفرز، وهو المؤلف الحائز على أعلى نسبة من النقاط.
من مزايا مثل هذا النظام أنه لا يتيح فرصة انحياز عضو لجنة التحكيم لوطنه بأي شكل من الأشكال. وبذلك فإنّ مثل هذا النظام لا يدع مجالا للشك أو الجدل، إذ لا يسمح لعضو لجنة التحكيم بتقييم أعمال مواطنيه أو اقتراحها للفوز بالجائزة والدفاع عنها. من مزايا مثل هذا النموذج أيضا أنه يتيح لكل مشارك فرصة معرفة موقع عمله بين كل الأعمال المشاركة من خلال نسبة النقاط التي حصل عليها من حكام محايدين من أوطان أخرى، بطريقة حساب موضوعية محكمة، أشبه بالعملية الرياضية العلمية، بعيدا عن المحاباة أو تصفية الحسابات التي لا يمكن استثناؤها، فهي من طباع البشر. ومن مزايا ذلك أيضا أنه يعفي الحكام من مشقة الانجراف في نقاشات طويلة وشاقة، قد يتشبث فيه كل طرف برأيه، ويسعى لإقناع الآخرين بعمل ما، قد يكون لمواطنه ولأجل وطنه. فالعمل الفائز بالجائزة، في مثل هذا النظام، هو العمل الذي يحصد أعلى نسبة من النقاط منحها له حكام من أوطان محايدة، وفق مواصفات ومعايير وأهداف محددة، متفق عليها منذ البداية، وكل ذلك قابل للتطبيق.
مولود بن زادي – بريطانيا
اتهامات متكررة بالانحياز
من أبرز الانتقادات التي باتت تطبع مسابقات الجوائز الأدبية كل سنة انحياز أعضاء لجان التحكيم لبلدانهم وتفضيلهم مواطنيهم على بقية المرشحين، على منوال تصريح الروائي الكويتي ناصر الظفيري الذي انتقد لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية عام 2018 بعد بلوغ عملين فلسطينيين القائمة القصيرة وفوز مرشح فلسطيني بالجائزة. الروائي الكويتي وجه أصابع الاتهام إلى التحكيم معللا ذلك الفوز بوجود روائي فلسطيني في لجنة التحكيم.
ولم تسلم لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية في نسختها الأخيرة 2020 من الانتقادات والاتهامات بالانحياز، وهي اللجنة التي ضمت الناقد والإعلامي اللبناني بيار أبي صعب، والصحفية المصرية ريم ماجد، والأكاديمية والباحثة الروسية فكتوريا زاريتوفسكايا، والروائي الجزائري أمين الزاوي، وفاز بها الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي. فتعقيبا على قرار أعضاء لجنة التحكيم، قال الكاتب السوري، مدير دار “سرد للنشر”، فايز علام، في منشور في صفحته بالفيسبوك مقولته الشهيرة التي انتشرت عبر الصحف والسوشيال ميديا انتشار النار في الهشيم: “المصرية اختارت مصريا، والعراقي اختار عراقية، واللبناني اختار لبنانيًا، والروسية اختارت رواية فيها أجواء روسية”.
هل ينحاز التحكيم للوطن الأم؟
والسؤال الذي يطرح نفسه عندئذ هو ما إذا كان التحكيم بشكل عام ينحاز للأوطان. مما لا شك فيه أنّ مثل هذه التصريحات والتصرفات قد يكون سببها الشعور بخيبة الأمل والإحباط وصدمة الهزيمة مثل ذلك الكاتب الذي كلما خرج من المنافسة تهجم على لجنة التحكيم وتعهد أمام العالم بمقاطعة المنافسة مستقبلا، لنراه بعد أشهر قليلة من ذلك يجدد مشاركته في المسابقة، وهو على ما يبدو لا يكتب إلاَّ لأجل الجائزة! يكاد يتكرر مثل هذا السيناريو كل سنة! وإن نظرنا إلى القانون الذي تخضع له شعوب الدنيا، وجدناه ينص على أنّ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وما انفك هؤلاء يتهمون لجان التحكيم دون تقديم أدلة ملموسة مقبولة تثبت التهم وتدين المتهم!
لكن، من ناحية أخرى، إذا تأملنا طبيعة البشر، وجدنا الإنسان كائنا ضعيفا، تحركه العواطف، وتطبعه ربطة سيكولوجية واجتماعية بالمكان الذي ينشأ فيه، وتنتابه مشاعر بالانتماء إلى المجتمع، والولاء الفطري للوطن، وهو ما قد ينعكس في سلوكياته وقراراته وأحكامه. وقد أثبتت دراسات دولية إمكانية تأثر التحكيم بذلك. فقد نشرت صحيفة (سبورتنغ إنتلجنس) نتائج دراسة تكشف انحياز حكام لعبة الرغبي لبلدانهم الأصلية. فقد قام الدكتور ليونيل بيج من كلية إدارة الأعمال بجامعة كامبريدج والدكتورة كاتي بيدج من كلية هايثروب في جامعة لندن بفحص نتائج المباريات والقرارات التي اتخذها الحكام في مئات مقابلات دوري الرغبي بين عامي 2006 و؛ 2009، ودراسة جميع المباريات الـ 92 التي أجريت في موسم 2009. فاستخلصت الدراسة أن الحكام "يمنحون ميزة كبيرة لفرق جنسياتهم في هذه المسابقات"، وأنّ الحكام أقل نزعة إلى معاقبة الفرق التي تحمل جنسياتهم، وأكثر ميلا إلى ما معاقبة الجنسيات الأخرى! واستخلصت الدراسة أنّ في مسابقة اتحاد الرغبي الممتازة، التي تشارك فيها أستراليا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا، لم تفز الفرق المحلية إلاَّ بـنسبة 38٪ من المباريات عندما كان الحكم من جنسية مختلفة، بينما فازت ب91٪ من المباريات عندما كان الحكم من جنسية الفريق المضيف!
مواقع التواصل الاجتماعي بدورها تكشف لنا أثر الانتماء الوطني والقومي الفطري في الإنسان الذي عادة ما نراه يناصر الرياضي والفنان والكاتب وكل متنافس يحمل جنسيته ويمثل بلده. وما أكثر ما نرى المثقف يحتفل بفوز مواطنه بالجوائز. ففي عالم تهيمن عليه القومية، فوز المواطن يعني بالضرورة فوز الوطن.
تجربة يوروفيجن
أثر الانتماء إلى الأوطان يتجلى في مسابقات أخرى بما في ذلك مسابقة الأغنية الأوروبية. فكل الأطراف تتطلع إلى فوز ممثليها. لكن اتحاد البث الأوربي الذي يسهر على تنظيم هذه المنافسة توخى نظام تصويت مضاد للتحيز، وهو بلا ريب نموذج ناجح تستطيع مسابقات الجوائز الأدبية الاستفادة منه. فمسابقة يوروفيجن تعد أكبر منافسة عالمية فنية وأكثرها مشاهدة في العالم بعد رياضة كرة القدم، وكيف لا وقد شدت المسابقة أنظار ما لا يقل عن 182 مليون مشاهد في طبعتها الأخيرة بتل أبيب عام 2019، وهي المنافسة التي أنجبت أسماء كبيرة في عالم الأغنية أمثال سيلين ديون وخوليو إغليسياس والفرقة السويدية (آبا) ABBA الفائزة بأغنية "واترلو" عام 1974 في مدينة برايتون البريطانية.
تعتمد منافسة يوروفيجن على طريقة تحكيم محايدة تمنع التحيّز للأوطان. فبعد عرض الأغاني المتنافسة، تقوم البلدان المشاركة بالتصويت على أغاني البلدان الأخرى ولا يسمح لها بتقييم مشاركات مرشحيها. وتفوز بالمنافسة الأغنية التي تحصل على أكبر عدد من النقاط.
التصويت التقييمي
الجوائز الأدبية قادرة على وضع حد للاتهامات المتكررة بانحياز حكامها لمواطنيهم وذلك بالاستفادة من تجربة يوروفيجن ووضع نظام تحكيم جديد لا يسمح لأعضاء لجان التحكيم بتقييم أعمال مواطنيهم، بحيث يقيِّم عضو لجنة التحكيم أعمال مرشحي الجنسيات الأخرى ويترك أعمال مواطنيه المرشحين لبقية أعضاء اللجنة، وما ذلك بالأمر العسير. ولمنع أي أثر سلبي بعد كشف أسماء أعضاء لجان التحكيم، بعد إعلان القوائم الطويلة، ولضمان نتائج أكثر عدلا، يستحسن تغيير الحكام وعدم الكشف عن أسماء الأعضاء الجدد قبل إعلان القائمة القصيرة أو العمل الفائز بالجائزة. وليس ذلك بالأمر العسير، إذ لا يستعصي على أي حكم جديد تقييم عدد محدود من الروايات المتأهلة (12 أو 6) ولو في أوقات وجيزة. ثم، ما جدوى الاحتفاظ بسرية أعضاء لجنة التحكيم حتى إعلان القوائم الطويلة إن لم يطبّق ذلك المبدأ على المراحل النهائية، الأكثر جدلا؟
مسابقات الجوائز الأدبية تستطيع أيضا الاستفادة من نظام التصويت التقييمي أو ما يعرف أيضا بالتصويت بالنتيجة أو التصويت حسب النقاط، بحيث يقوم عضو لجنة التحكيم بتقييم أعمال كل المرشحين باستثناء مواطنيه المشاركين في المسابقة، مقدما نقاطا لكل الأعمال التي يراجعها بشكل مستقل عن بقية الحكام حتى لا يؤثر أحد في قرار الآخر، ولتكن النقاط على سبيل المثال من 0 إلى 9. بعد ذلك تُجمع كل النقاط. وبناءً عليه يتم التعرف على العمل الفائز بالجائزة، بعد الفرز، وهو المؤلف الحائز على أعلى نسبة من النقاط.
من مزايا مثل هذا النظام أنه لا يتيح فرصة انحياز عضو لجنة التحكيم لوطنه بأي شكل من الأشكال. وبذلك فإنّ مثل هذا النظام لا يدع مجالا للشك أو الجدل، إذ لا يسمح لعضو لجنة التحكيم بتقييم أعمال مواطنيه أو اقتراحها للفوز بالجائزة والدفاع عنها. من مزايا مثل هذا النموذج أيضا أنه يتيح لكل مشارك فرصة معرفة موقع عمله بين كل الأعمال المشاركة من خلال نسبة النقاط التي حصل عليها من حكام محايدين من أوطان أخرى، بطريقة حساب موضوعية محكمة، أشبه بالعملية الرياضية العلمية، بعيدا عن المحاباة أو تصفية الحسابات التي لا يمكن استثناؤها، فهي من طباع البشر. ومن مزايا ذلك أيضا أنه يعفي الحكام من مشقة الانجراف في نقاشات طويلة وشاقة، قد يتشبث فيه كل طرف برأيه، ويسعى لإقناع الآخرين بعمل ما، قد يكون لمواطنه ولأجل وطنه. فالعمل الفائز بالجائزة، في مثل هذا النظام، هو العمل الذي يحصد أعلى نسبة من النقاط منحها له حكام من أوطان محايدة، وفق مواصفات ومعايير وأهداف محددة، متفق عليها منذ البداية، وكل ذلك قابل للتطبيق.
مولود بن زادي – بريطانيا