ما قبل القول: يقول مارك توين: "الواقع أغرب من الخيال...لأن الخيال يجب أن يحتوي على بعض الواقعية".
من رحم الوجع والظلم الانساني، ومن الأسطوري والميثولوجي المعجون بالواقعي، كان المخاض تحت ظل عباءة السرد، حين اختار من الأسطورة آلهة يحاورها، يجادلها، يبثها هموم الواقع، ليخرج القص رطبا جنيا لا ينتهي، كلما أخذنا النص نحو عوالم الخيال بأساطيره وبحكايات الجدات، وأنا أتصفح هموم الكادحين وأشم رائحة عرقهم بين ثنايا الصفحات، لتولد المجموعة القصصية الأولى للقاص ميثم الخزرجي " بريد الالهة " التي صدرت عن اتحاد أدباء العراق، وجاء اصدارها ضمن مجموعة من الكتب الفائزة في مسابقة الادباء الشباب التي يقيمها الاتحاد سنويا حيث فازت المجموعة المعنية.
فمن خلال اطلاعنا على أغلب نصوص المجموعة نلاحظ أن هناك ترابط بينها وبين بعضها من حيث الموضوع فأغلبها إن لم نقل جلها تتحدث عن الموروث الشعبي وخلاصة إفرازات المجتمع مع ظروف الحياة المتغيرة التي يعيشها، والتي تؤثر في الخيال الشعبي ليصدقها الإنسان في النهاية ويعتقد بها. كما أن التأويل النقدي للحكاية يمنحها الإحساس بالإعادة إنتاج المعنى الذي لا يفترض خلوه من أصالته في الحاضر، لأن المسافة الزمنية بين الماضي والحاضر يحركه التأويل الإبداعي للمعنى.
(بريد الآلهة) رسائل الماضي للحاضر ورسائل الحاضر للماضي ونحن نقلب ألواح الماضي ونطبع خطوطه على مرآة تعكس الوعي الباطني للإنسان، ليكون الحلم محاولة للانطلاق والانعتاق ونحن نتصفح الأوراق الأولى لقصة (مصادفة لا يقبلها الصفح)، والتي جاءت أطول من النصوص الأخرى نسبيا باستثناء قصة (أسئلة محرمة) حيث يتراءى لنا أن الكاتب يستعمل الحلم لإزاحة الواقع، لتأسيس رؤى خيالية مجنحة، بعيدة عن الواقع، لتطل علينا شخصية (مرهون) التي يحيل اسمها الى الرهن والارتهان، مع حلول الظلام لتسبح في ليل الأحلام:" وفي ليلة راكسة بالنوم والظلام اعتزم مرهون على غير موعده لنقل الثمر المصفوف الى محاجر السوق". (ص8).
وزوجته (مرزوقة) وما يعنيه اسمها في قاموس المعاني والأسماء من انفتاح الرزق وعدم ارتهانه في علاقة ضدية بين الرجل والمرأة، فمعناه المجدود، والمحظوظ والمحفوظة ذات رزق، كما أن صفات اسم (مرزوقة) يدل على أنها محبوبه وخفيفة دم ... وإذا أحبت تبيع الدنيا من أجل من تحبه، ولكن هذه الصفات جاءت عكس شخصيتها تماما " من يفضح سر الليل غير حزم الضياء المعلنة"(ص10).
وفي خضم هذا التنافر بين هذه الشخصيات تظهر شخصية الحورية التي سرقت حصانه، وللحصان دلالة خاصة، فالخيل عند العرب اقترنت بالشرف والشهامة والوقت... وقد اهتموا بتربيتها وتفننوا في الهيام بها...والمحافظة عليها...لا ينام الواحد منهم حتى يطعم فرسه ويظل يحرسها أكثر من اولاده حتى كان الرجل يبيت جائعا ويشبع فرسه ومن ذلك قول عبيد بن ربيعة:
مفداة مكرمة علينا****يجاع لها العيال ولا تجاع
ومن هنا تبدو سرقة الجنية لحصان (مرهون) اغتصاباً لعمره وفحولته وشرفه، ولكن الغريب في كل هذا ليس حياة (مرهون) وقصته مع الجنية ولكن المثير في ذلك هو حياة الناس المرهونة بالغيبيات والعادات والتقاليد، التي لو لم تكن تلك الحكايات تحتوي على مقومات البقاء لما استطاعت الصمود أما الزمن، والتي بقيت راسخة في أذهان البشر لتؤدي دورها الاجتماعي والفكري والعقائدي الذي من أجله أنشئت، وهو ما يجعل مرهون رهين تلك العادات و ما يصاحبها من بحث عن الخلاص "في تلك الفترة انكب الحمال على طرق أبواب السحرة والعرافين المزروعين بين جوانح المدينة والذين ابتهلت بهم أراء البسطاء طلبا للنجاة علهم يجدون منفذا للخلاص مما أصابهم من كدر، فقد طوق جسده بعدد من الأحجبة التي اجتهد أصحابها لما ألهمتهم حاجتهم للرزق"(ص 12).
حيث يعالج الكاتب هنا واقعا اجتماعيا وعقائدي في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد وتأسره حكايات الجدات ويرعبه الحديث عن الغول والعنقاء والجنية التي تخطف الأولاد.
كما أن الكاتب يعالج وضعا اجتماعيا تحكمه اللصوصية وسرقة حق الآخرين، فهي صورة موازية للحرمان والخديعة "أثار الوضع الاقتصادي للمدينة طابع السخط والغضب الشديدين لدى سكانها حيث تزعمت مجموعة من التجار المعروفين بمصائر أهلها وراحوا يحتكرون مخازن المحصول ليطلقونها بأسعار باهظة "(ص 14)، ولكن هذا السخط كان سلبيا ولم يكن إيجابيا فلم يتحرك أحد من أجل تغيير الوضع كما فعل بطل حكاية (ولاية بطيخ) وهي حكاية شعبيىة عراقية تفسر لنا ظاهرة شيوع الفساد الإداري واللصوصية.
ليكون في النهاية جواب (سعد)" كنت أرقب القطة التي أكلت فاختتي"(14)، وهذه صورة موازية للحرمان والخديعة، فالقط رمز لسرقة حق الآخرين، حتى لو كان المسروق جسد مرزوقة بإرادتها.
تبدو من الصفحات الأولى لأقصوصة (صراخ متئد)، أن الكاتب يدون باب من أبواب السيرة الذاتية، ويظهر ذلك من خلال بناء هذا النص على الذاكرة والتذكر التي تكررت (9 مرات) لتحيل على ذاكرة الراوي والإنسان، فالإنسان عموما لا يمكن أن يعيش بدون ذاكرة فالذاكرة هي تلك الومضات الطفولية التي تجتاحه من حين لآخر " لكم اتضعت مخيلتي من ذاكرة المكان وشخوصها المتشبثين بظلالهم عونا على معاسر الحياة، لك ادخرت ذاكرتي الفتية وأنا أرصد مغامرات مجنون الحي..."(ص26).
لتخرج تلك الأفكار والأحلام في شكل صور تذكارية طفولة سواء كانت تلك الذكريات ذكريات سعيدة أم حزينة، فالطفولة هي مهد الأحلام والمنطلق نحو الأمل الذي يعيشه الإنسان مع العلم أن الذاكرة هي اللبنة الرئيسية لبناء مستقبل الإنسان عمليا واجتماعيا وابداعيا فهي بذلك تحدد واقع حياته المستقبلية.
كما أن القاص يسرد القصة عبر ضمير المتكلم (أنا) مع استخدامه في بعض المواضع لضمير الغائب، ربما ليوهم القارئ بأن هذه الشخصية، شخصية منفصلة عن شخصية الراوي. فالكتابة عند الكاتب تتحول إلى مسكن نفسي هادئ ينكره ولكنه يتلذذ بالعيش فيه رغم ما فيه من قلق وحزن وألم، لأن الغاية الأسمى هي الكتابة والتعبير عن خوالج الذات والسيطرة على القلم الهارب بنا بين حلم وخيال، وبين واقعي وأسطوري. فحتى الأحلام تصبح محبطة في عالم مادي لا يؤمن بالمثل النبيلة والقيم.
وهو ما يتجلى في أقصوصة (ما لا يدركه الحلم) والتي من عنوانها تؤشر إلى ذلك المصير المجهول الذي يتهدد هذه الفئة من الشباب الحالم، فالعنوان يمثل في الأقصوصة سابقة سردية و يجعل نهايتها مرتدة إلى بدايتها في ضرب من البنية الدائرية، فالشخصية الرئيسية هي التي تروي، فالراوي يوحي باستعماله لضمير المتكلم (أنا) بأنا ما يقصه هو فصل من فصول سيرة ذاتية في شكل اشارات ضوئية بهمومها و مشاغلها و لكنها في الآن نفسه تعبر عن واقع شباب جيله (في الخامسة عشرة حلمت أن أقبل ميادة/ في التاسعة عشرة حلمت أن أقرأ سارتر)(ص37) (في التاسعة والعشرين تغير من تغير كذلك أحلامي)(ص38). والتي كشفت عن الهم الجماعي لأجيال متعاقبة من العراقيين عبر السرد القصصي، والتي غمّست ذاكرة أجيال بالحرمان بسبب الأنظمة السياسية المُتعاقبة.
والطريف في بناء هذا النص أنه بني بناء مخصوصا بما يشبه لعبة المرايا مرآة الواقع المنظور ومرآة المتخيل المحتمل، حيث تكررت لغة الأحلام التي يطرحها القاص، باستعماله لفظة (الحلم) 14 مرة تعبيرا مجازيا غايته الهروب من الوقع المؤلم بكل ما يحمله من هم مجتمعي ونشدان واقع مجازي، ليحيل الحلم على الرؤيا والنبوة والخلاص لأن الحلم يمثل التنفيس عن خوالج النفس وبواطنها يقول الراوي: "أرجوكم املأوني بالصور الجميلة لكن لا تدعوني للنوم، إلى متى ونحن نلوذ بأحلامنا الواهمة ونترك يقضتنا راكسة بالتيه"(ص 40).
يبدأ الكاتب قصته (صرير المكنة) بمشهد صوفي "إن فتاة من الضوء ألبست القرية عباءة من الخوف، فتلعثم الناس بالموت، مدركين أن ما فسره هاجس الظن وهو المبحر فيما استودعه الإثم بالكمال، من أن روحا انفرجت عن محبسها وراحت تجوس المكان"(ص 41)، ليضعنا في إطار طقس صوفي تحكمه العادات والتقاليد والخرافات الشعبية (خرافة هديدة) ليصبح النهر ملاذاً للتبرك والنذور وتهاليل الشمعدان، وليس غريبا أن يعتقد الإنسان البسيط بكل هذه الخرافات، فعلم النفس الشعبي مليء بالخرافات والمفاهيم المغلوطة، بوصفها قناعة مغلوطة تصير مع الزمن راسخة حدّ اعتناقها كحقيقة كلية مريحة.
فـ: (هديدة) التي تقول عنها الجدة " النهر قد اختصها لجمالها الأخاذ"(ص44)، أصبحت عند مخيال سكان القرية رمزا للتبرك حتى صارت عندهم تساعد في تحقيق الأماني لمن عقرت عن الإنجاب فهي تكشف العليل وتريح المسكين وتجبر المكسور. فهم يظنون أن التبرك بهم يأخذ بأيديهم إلى الله وتساعدهم على تخطى العقبات وتعجل من تحقيق الأمنيات.
وهنا ينقد الكاتب من خلال سرد هذه الوقائع الفكر الشعبي والمعتقدات التي تعتبر دليلا على الجهل أو عدم الوعي، خاصة إذا تحول الأمر من جانب روحاني إلى اعتمادية أو اتكالية في أن (هديدة) التي اشتق اسمها من التهديد والهدية، سوف تحقق ما نريد دون أن نعمل أو نجتهد، فنحن لا نريد وسيطا لنقل رسائلنا إلى الآلهة عبر بريد الآلهة.
نعم (بريد الآلهة) التي اختار الكاتب أن تكون عنوانا للمجموعة، والتي يعجب القارئ من اقتدار السارد على انشاء هذه العوالم المتخيلة وعلى هذا الجمع بين الواقعي والعجائبي وهو ما يثير ملكة التخيل لدى القارئ. فينتقل بنا من الواقع الملموس إلى الواقع المتخيل، ليرحل بنا نحو الحلم الضياع، فالشخصية الرئيسة (أستاذ في الحضارة السومرية) هي محور القصة بالكامل، وقد أصبحت عناصر القصة الأخرى عوامل مساعدة في البناء القصصي للنص الذي تجسد في رمزية الصراع على هذه الأرض، فتضاريس المكان والعامل الوراثي وكمّ المحن والوجع المحاط به جعله يعبر بمصداقية عن واقعه الذي يسكن وجدانه "رأيت في كل مكان محفلا من الآلهة والكهنة...أنتم لا تختلفون عنا كثيرا فالوجع الذي ننغمس به قد توارثناه منكم"(ص 61).
أما أقصوصة (أسئلة محرمة) فتستند الى جدلية واحدة هي جدلية الأسئلة الغامضة، (ما الذي يسرقونه؟ - ما الحاجة وراء قتله؟ - هل هو المال؟)، ولكن الغريب في الأمر أنه " ومنهم من ألزم الحديث بقوله "عن طريق الخطأ" وهذه العبارة ذكرتني بسيرة محمود المرزوق بائع الكتب الهرم الذي اغتيل في شارع الأطباء ببعقوبة في رواية " من قتل بائع الكتب " للروائي العراقي سعد محمد رحيم، والذي اتضح في النهاية أنه قد تم قتله على وجه الخطأ.
حيث تشيع الألغاز وتتداخل التفسيرات لفك شفرات الحكايات التي ألفها أهل الحي " تزاحمت الأحاديث وما من جدوى من استرجاع الأستاذ عمار التي فجرت حكايته لغزا هائما بمتاهات لا نعرف الطريق الأوفر حظا لفك شفرتها أو التقصي عن أغوارها لحد هذه اللحظة"(ص 63)، لتتداخل تلك الأسئلة والأقوال والأماكن محرمة، والمكتبة مشؤومة، " الأستاذ عمار صاحب مكتبة الإبصار فهو من أهل النار". (75).
ثم يقودنا الكاتب إلى شخصية (سوادي الحلاق)، وابنته الهاربة، حيث تشيع ثقافة الفضائح، ثم شخصية الداعية المعروف الذي جعل من نفسه وصيا على الدين "أحكام تلكز أحلام الآخرين لتطمر من تطمره في النار أو تزج من ابتلعت كينونته إلى قصور الجنة الذين أوهموا الناس بأنهم حراسها الليليون"(ص 67). مع العلم أن الشخصية التي بنيت عليها كل هذه الأحداث بدت كأنها همزة الوصل بين الشخصيات والقارئ، فشخصية (حازم) بكالوريوس آداب فرع الجغرافية الباحث عن العمل، صاحب شهادة وابن شهيد، وهذه المفارقة التي تحيل إلى الموت والفناء " لا أمتنع عن أي عمل لا يتناسب مع شهادتي المزعومة التي اصطفت مع صورة والدي الشهيد فراحت تقاربه بالمعنى "(ص 65). ولهذا نرى الكاتب ميثم الخزرجي قد استخدم تقنية الهامش الذي يقول عنه الكاتب بأنه (هامش التصق بالنص) لتفسير المتن في القصة وفتح هاجس التأويل لدى القارئ.
لتكون قصة (الهاجس) استكمالاً لقصة (أسئلة محرمة)، التي قرأتها أكثر من مرة لأنها تستند الى جدلية واحدة هي جدلية الأسئلة الغامضة للبحث عن جواب للسؤال المشؤوم، والتي يغدو فيها الصمت نوعاً من البلاغة، مثله مثل لغة الأحلام والذكريات، التي بنيت عليها جميع القصص، التي تحتاج إلى قراءة معمقة وأمينة لتأويلها وكشف خفاياها، الكامنة في أعماق الأشياء والملتصقة بالظلال لتخرج من رحم الواقع شخوص نعرفها ولا نعرفها تتحكم في واقعنا وتسير أفكارنا و تعبث بمستقبلنا "ما بين الظلام والضياء أسئلة ثكلى ما بين التقوى والخداع عيون تترقب بشراهة جذلة ، ربما الفوضى التي جردت الأشياء من مسمياتها استطاعت أن تصدر لنا شخوصا مجهولي الهوية ليكون لهم القدح المعلى في احتواء المشهد و جعلهم في الصدارة"(ص 68).
وفي الختام يمكن القول إن الكاتب ميثم خزرجي قد اعتمد في قصصه على هندسة اجتمع فيها تسلسل الأحداث وتفاعل الشخصيات وفق معايير حرفية، وبلغة فنية عالية مفعمة بالجمال، اعتمد فيها على الميثولوجي والأسطوري، حيث تشيع ثقافة الرمز في مجمل النصوص، باستثناء ثقافة الفضيحة، مثل فضيحة النهر وفضيحة مرزوقة. كما ان أبطاله تلاحقها الخيبات المادية والمعنوية ويغلب عليها طابع الحزن والألم.
كما يمكن أن نعتبر أن الكاتب قد نجح في ربطها بالواقع فأقاصيصه تنهل من واقع الحياة بالعراق والعالم، يقول ميثم الخزرجي في حوارا أجرته معه وكالة دار العرب:" الهم الكوني الذي انا من مناصريه لا يفرق بين كادح في العراق او بين حمال في امريكا اللاتينية... بوح ووجع وغبن والشعور بالحيف كلها كنايات كونية همها المؤكد هو الانسان".
كما نلاحظ أن هذه الأقاصيص تختلف أحيانا وتتفق في مواضيعها وهذا التنوع لا ينفي عدم ارتباطها يقول "تيري اوزوالد ":" إن المجاميع الأقصوصية تتفق - بالرغم من تنوع الأقصوصات- في نسيج شبكات قصصية شديدة الترابط، إذ تنشئ كثيرا من التراسلات بين مختلف النصوص التي تبدو متناظرة".
والمتتبع لهذه الأقاصيص قراءة تستوقفه صور التكرار والتعاود الأخرى التي يتشكل بها الخطاب الأقصوصي شبيها بالسطور الشعرية، وتستوقفه أيضا هوية هذا المتكلم الذي يتوجه بالكلام لمخاطبين تظل هويتهم غير متعينة." كيف لي أن أمارس الظل بوصفه ملاذا آمناً لاقتراح الحياة فيما أذا أدعيتُ بأن الأحلام هي ظلال شرهة لأحداث تتسع للمشاكسة"(ص 37)، متنقلا بذلك بين سرد الأحلام، وسرد الألغاز والأسرار، ويكشف سر الآلهة وأسرار البشر، يرسم صور الماضي الأسطوري وينحت صور الحاضر الواقعي ليصنع عالمه السردي المكتظ بالأساطير والخرافات والرموز.
محمد الهادي عرجون : تونس
عقيل هاشم
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=631311487524333&id=100019364626084
من رحم الوجع والظلم الانساني، ومن الأسطوري والميثولوجي المعجون بالواقعي، كان المخاض تحت ظل عباءة السرد، حين اختار من الأسطورة آلهة يحاورها، يجادلها، يبثها هموم الواقع، ليخرج القص رطبا جنيا لا ينتهي، كلما أخذنا النص نحو عوالم الخيال بأساطيره وبحكايات الجدات، وأنا أتصفح هموم الكادحين وأشم رائحة عرقهم بين ثنايا الصفحات، لتولد المجموعة القصصية الأولى للقاص ميثم الخزرجي " بريد الالهة " التي صدرت عن اتحاد أدباء العراق، وجاء اصدارها ضمن مجموعة من الكتب الفائزة في مسابقة الادباء الشباب التي يقيمها الاتحاد سنويا حيث فازت المجموعة المعنية.
فمن خلال اطلاعنا على أغلب نصوص المجموعة نلاحظ أن هناك ترابط بينها وبين بعضها من حيث الموضوع فأغلبها إن لم نقل جلها تتحدث عن الموروث الشعبي وخلاصة إفرازات المجتمع مع ظروف الحياة المتغيرة التي يعيشها، والتي تؤثر في الخيال الشعبي ليصدقها الإنسان في النهاية ويعتقد بها. كما أن التأويل النقدي للحكاية يمنحها الإحساس بالإعادة إنتاج المعنى الذي لا يفترض خلوه من أصالته في الحاضر، لأن المسافة الزمنية بين الماضي والحاضر يحركه التأويل الإبداعي للمعنى.
(بريد الآلهة) رسائل الماضي للحاضر ورسائل الحاضر للماضي ونحن نقلب ألواح الماضي ونطبع خطوطه على مرآة تعكس الوعي الباطني للإنسان، ليكون الحلم محاولة للانطلاق والانعتاق ونحن نتصفح الأوراق الأولى لقصة (مصادفة لا يقبلها الصفح)، والتي جاءت أطول من النصوص الأخرى نسبيا باستثناء قصة (أسئلة محرمة) حيث يتراءى لنا أن الكاتب يستعمل الحلم لإزاحة الواقع، لتأسيس رؤى خيالية مجنحة، بعيدة عن الواقع، لتطل علينا شخصية (مرهون) التي يحيل اسمها الى الرهن والارتهان، مع حلول الظلام لتسبح في ليل الأحلام:" وفي ليلة راكسة بالنوم والظلام اعتزم مرهون على غير موعده لنقل الثمر المصفوف الى محاجر السوق". (ص8).
وزوجته (مرزوقة) وما يعنيه اسمها في قاموس المعاني والأسماء من انفتاح الرزق وعدم ارتهانه في علاقة ضدية بين الرجل والمرأة، فمعناه المجدود، والمحظوظ والمحفوظة ذات رزق، كما أن صفات اسم (مرزوقة) يدل على أنها محبوبه وخفيفة دم ... وإذا أحبت تبيع الدنيا من أجل من تحبه، ولكن هذه الصفات جاءت عكس شخصيتها تماما " من يفضح سر الليل غير حزم الضياء المعلنة"(ص10).
وفي خضم هذا التنافر بين هذه الشخصيات تظهر شخصية الحورية التي سرقت حصانه، وللحصان دلالة خاصة، فالخيل عند العرب اقترنت بالشرف والشهامة والوقت... وقد اهتموا بتربيتها وتفننوا في الهيام بها...والمحافظة عليها...لا ينام الواحد منهم حتى يطعم فرسه ويظل يحرسها أكثر من اولاده حتى كان الرجل يبيت جائعا ويشبع فرسه ومن ذلك قول عبيد بن ربيعة:
مفداة مكرمة علينا****يجاع لها العيال ولا تجاع
ومن هنا تبدو سرقة الجنية لحصان (مرهون) اغتصاباً لعمره وفحولته وشرفه، ولكن الغريب في كل هذا ليس حياة (مرهون) وقصته مع الجنية ولكن المثير في ذلك هو حياة الناس المرهونة بالغيبيات والعادات والتقاليد، التي لو لم تكن تلك الحكايات تحتوي على مقومات البقاء لما استطاعت الصمود أما الزمن، والتي بقيت راسخة في أذهان البشر لتؤدي دورها الاجتماعي والفكري والعقائدي الذي من أجله أنشئت، وهو ما يجعل مرهون رهين تلك العادات و ما يصاحبها من بحث عن الخلاص "في تلك الفترة انكب الحمال على طرق أبواب السحرة والعرافين المزروعين بين جوانح المدينة والذين ابتهلت بهم أراء البسطاء طلبا للنجاة علهم يجدون منفذا للخلاص مما أصابهم من كدر، فقد طوق جسده بعدد من الأحجبة التي اجتهد أصحابها لما ألهمتهم حاجتهم للرزق"(ص 12).
حيث يعالج الكاتب هنا واقعا اجتماعيا وعقائدي في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد وتأسره حكايات الجدات ويرعبه الحديث عن الغول والعنقاء والجنية التي تخطف الأولاد.
كما أن الكاتب يعالج وضعا اجتماعيا تحكمه اللصوصية وسرقة حق الآخرين، فهي صورة موازية للحرمان والخديعة "أثار الوضع الاقتصادي للمدينة طابع السخط والغضب الشديدين لدى سكانها حيث تزعمت مجموعة من التجار المعروفين بمصائر أهلها وراحوا يحتكرون مخازن المحصول ليطلقونها بأسعار باهظة "(ص 14)، ولكن هذا السخط كان سلبيا ولم يكن إيجابيا فلم يتحرك أحد من أجل تغيير الوضع كما فعل بطل حكاية (ولاية بطيخ) وهي حكاية شعبيىة عراقية تفسر لنا ظاهرة شيوع الفساد الإداري واللصوصية.
ليكون في النهاية جواب (سعد)" كنت أرقب القطة التي أكلت فاختتي"(14)، وهذه صورة موازية للحرمان والخديعة، فالقط رمز لسرقة حق الآخرين، حتى لو كان المسروق جسد مرزوقة بإرادتها.
تبدو من الصفحات الأولى لأقصوصة (صراخ متئد)، أن الكاتب يدون باب من أبواب السيرة الذاتية، ويظهر ذلك من خلال بناء هذا النص على الذاكرة والتذكر التي تكررت (9 مرات) لتحيل على ذاكرة الراوي والإنسان، فالإنسان عموما لا يمكن أن يعيش بدون ذاكرة فالذاكرة هي تلك الومضات الطفولية التي تجتاحه من حين لآخر " لكم اتضعت مخيلتي من ذاكرة المكان وشخوصها المتشبثين بظلالهم عونا على معاسر الحياة، لك ادخرت ذاكرتي الفتية وأنا أرصد مغامرات مجنون الحي..."(ص26).
لتخرج تلك الأفكار والأحلام في شكل صور تذكارية طفولة سواء كانت تلك الذكريات ذكريات سعيدة أم حزينة، فالطفولة هي مهد الأحلام والمنطلق نحو الأمل الذي يعيشه الإنسان مع العلم أن الذاكرة هي اللبنة الرئيسية لبناء مستقبل الإنسان عمليا واجتماعيا وابداعيا فهي بذلك تحدد واقع حياته المستقبلية.
كما أن القاص يسرد القصة عبر ضمير المتكلم (أنا) مع استخدامه في بعض المواضع لضمير الغائب، ربما ليوهم القارئ بأن هذه الشخصية، شخصية منفصلة عن شخصية الراوي. فالكتابة عند الكاتب تتحول إلى مسكن نفسي هادئ ينكره ولكنه يتلذذ بالعيش فيه رغم ما فيه من قلق وحزن وألم، لأن الغاية الأسمى هي الكتابة والتعبير عن خوالج الذات والسيطرة على القلم الهارب بنا بين حلم وخيال، وبين واقعي وأسطوري. فحتى الأحلام تصبح محبطة في عالم مادي لا يؤمن بالمثل النبيلة والقيم.
وهو ما يتجلى في أقصوصة (ما لا يدركه الحلم) والتي من عنوانها تؤشر إلى ذلك المصير المجهول الذي يتهدد هذه الفئة من الشباب الحالم، فالعنوان يمثل في الأقصوصة سابقة سردية و يجعل نهايتها مرتدة إلى بدايتها في ضرب من البنية الدائرية، فالشخصية الرئيسية هي التي تروي، فالراوي يوحي باستعماله لضمير المتكلم (أنا) بأنا ما يقصه هو فصل من فصول سيرة ذاتية في شكل اشارات ضوئية بهمومها و مشاغلها و لكنها في الآن نفسه تعبر عن واقع شباب جيله (في الخامسة عشرة حلمت أن أقبل ميادة/ في التاسعة عشرة حلمت أن أقرأ سارتر)(ص37) (في التاسعة والعشرين تغير من تغير كذلك أحلامي)(ص38). والتي كشفت عن الهم الجماعي لأجيال متعاقبة من العراقيين عبر السرد القصصي، والتي غمّست ذاكرة أجيال بالحرمان بسبب الأنظمة السياسية المُتعاقبة.
والطريف في بناء هذا النص أنه بني بناء مخصوصا بما يشبه لعبة المرايا مرآة الواقع المنظور ومرآة المتخيل المحتمل، حيث تكررت لغة الأحلام التي يطرحها القاص، باستعماله لفظة (الحلم) 14 مرة تعبيرا مجازيا غايته الهروب من الوقع المؤلم بكل ما يحمله من هم مجتمعي ونشدان واقع مجازي، ليحيل الحلم على الرؤيا والنبوة والخلاص لأن الحلم يمثل التنفيس عن خوالج النفس وبواطنها يقول الراوي: "أرجوكم املأوني بالصور الجميلة لكن لا تدعوني للنوم، إلى متى ونحن نلوذ بأحلامنا الواهمة ونترك يقضتنا راكسة بالتيه"(ص 40).
يبدأ الكاتب قصته (صرير المكنة) بمشهد صوفي "إن فتاة من الضوء ألبست القرية عباءة من الخوف، فتلعثم الناس بالموت، مدركين أن ما فسره هاجس الظن وهو المبحر فيما استودعه الإثم بالكمال، من أن روحا انفرجت عن محبسها وراحت تجوس المكان"(ص 41)، ليضعنا في إطار طقس صوفي تحكمه العادات والتقاليد والخرافات الشعبية (خرافة هديدة) ليصبح النهر ملاذاً للتبرك والنذور وتهاليل الشمعدان، وليس غريبا أن يعتقد الإنسان البسيط بكل هذه الخرافات، فعلم النفس الشعبي مليء بالخرافات والمفاهيم المغلوطة، بوصفها قناعة مغلوطة تصير مع الزمن راسخة حدّ اعتناقها كحقيقة كلية مريحة.
فـ: (هديدة) التي تقول عنها الجدة " النهر قد اختصها لجمالها الأخاذ"(ص44)، أصبحت عند مخيال سكان القرية رمزا للتبرك حتى صارت عندهم تساعد في تحقيق الأماني لمن عقرت عن الإنجاب فهي تكشف العليل وتريح المسكين وتجبر المكسور. فهم يظنون أن التبرك بهم يأخذ بأيديهم إلى الله وتساعدهم على تخطى العقبات وتعجل من تحقيق الأمنيات.
وهنا ينقد الكاتب من خلال سرد هذه الوقائع الفكر الشعبي والمعتقدات التي تعتبر دليلا على الجهل أو عدم الوعي، خاصة إذا تحول الأمر من جانب روحاني إلى اعتمادية أو اتكالية في أن (هديدة) التي اشتق اسمها من التهديد والهدية، سوف تحقق ما نريد دون أن نعمل أو نجتهد، فنحن لا نريد وسيطا لنقل رسائلنا إلى الآلهة عبر بريد الآلهة.
نعم (بريد الآلهة) التي اختار الكاتب أن تكون عنوانا للمجموعة، والتي يعجب القارئ من اقتدار السارد على انشاء هذه العوالم المتخيلة وعلى هذا الجمع بين الواقعي والعجائبي وهو ما يثير ملكة التخيل لدى القارئ. فينتقل بنا من الواقع الملموس إلى الواقع المتخيل، ليرحل بنا نحو الحلم الضياع، فالشخصية الرئيسة (أستاذ في الحضارة السومرية) هي محور القصة بالكامل، وقد أصبحت عناصر القصة الأخرى عوامل مساعدة في البناء القصصي للنص الذي تجسد في رمزية الصراع على هذه الأرض، فتضاريس المكان والعامل الوراثي وكمّ المحن والوجع المحاط به جعله يعبر بمصداقية عن واقعه الذي يسكن وجدانه "رأيت في كل مكان محفلا من الآلهة والكهنة...أنتم لا تختلفون عنا كثيرا فالوجع الذي ننغمس به قد توارثناه منكم"(ص 61).
أما أقصوصة (أسئلة محرمة) فتستند الى جدلية واحدة هي جدلية الأسئلة الغامضة، (ما الذي يسرقونه؟ - ما الحاجة وراء قتله؟ - هل هو المال؟)، ولكن الغريب في الأمر أنه " ومنهم من ألزم الحديث بقوله "عن طريق الخطأ" وهذه العبارة ذكرتني بسيرة محمود المرزوق بائع الكتب الهرم الذي اغتيل في شارع الأطباء ببعقوبة في رواية " من قتل بائع الكتب " للروائي العراقي سعد محمد رحيم، والذي اتضح في النهاية أنه قد تم قتله على وجه الخطأ.
حيث تشيع الألغاز وتتداخل التفسيرات لفك شفرات الحكايات التي ألفها أهل الحي " تزاحمت الأحاديث وما من جدوى من استرجاع الأستاذ عمار التي فجرت حكايته لغزا هائما بمتاهات لا نعرف الطريق الأوفر حظا لفك شفرتها أو التقصي عن أغوارها لحد هذه اللحظة"(ص 63)، لتتداخل تلك الأسئلة والأقوال والأماكن محرمة، والمكتبة مشؤومة، " الأستاذ عمار صاحب مكتبة الإبصار فهو من أهل النار". (75).
ثم يقودنا الكاتب إلى شخصية (سوادي الحلاق)، وابنته الهاربة، حيث تشيع ثقافة الفضائح، ثم شخصية الداعية المعروف الذي جعل من نفسه وصيا على الدين "أحكام تلكز أحلام الآخرين لتطمر من تطمره في النار أو تزج من ابتلعت كينونته إلى قصور الجنة الذين أوهموا الناس بأنهم حراسها الليليون"(ص 67). مع العلم أن الشخصية التي بنيت عليها كل هذه الأحداث بدت كأنها همزة الوصل بين الشخصيات والقارئ، فشخصية (حازم) بكالوريوس آداب فرع الجغرافية الباحث عن العمل، صاحب شهادة وابن شهيد، وهذه المفارقة التي تحيل إلى الموت والفناء " لا أمتنع عن أي عمل لا يتناسب مع شهادتي المزعومة التي اصطفت مع صورة والدي الشهيد فراحت تقاربه بالمعنى "(ص 65). ولهذا نرى الكاتب ميثم الخزرجي قد استخدم تقنية الهامش الذي يقول عنه الكاتب بأنه (هامش التصق بالنص) لتفسير المتن في القصة وفتح هاجس التأويل لدى القارئ.
لتكون قصة (الهاجس) استكمالاً لقصة (أسئلة محرمة)، التي قرأتها أكثر من مرة لأنها تستند الى جدلية واحدة هي جدلية الأسئلة الغامضة للبحث عن جواب للسؤال المشؤوم، والتي يغدو فيها الصمت نوعاً من البلاغة، مثله مثل لغة الأحلام والذكريات، التي بنيت عليها جميع القصص، التي تحتاج إلى قراءة معمقة وأمينة لتأويلها وكشف خفاياها، الكامنة في أعماق الأشياء والملتصقة بالظلال لتخرج من رحم الواقع شخوص نعرفها ولا نعرفها تتحكم في واقعنا وتسير أفكارنا و تعبث بمستقبلنا "ما بين الظلام والضياء أسئلة ثكلى ما بين التقوى والخداع عيون تترقب بشراهة جذلة ، ربما الفوضى التي جردت الأشياء من مسمياتها استطاعت أن تصدر لنا شخوصا مجهولي الهوية ليكون لهم القدح المعلى في احتواء المشهد و جعلهم في الصدارة"(ص 68).
وفي الختام يمكن القول إن الكاتب ميثم خزرجي قد اعتمد في قصصه على هندسة اجتمع فيها تسلسل الأحداث وتفاعل الشخصيات وفق معايير حرفية، وبلغة فنية عالية مفعمة بالجمال، اعتمد فيها على الميثولوجي والأسطوري، حيث تشيع ثقافة الرمز في مجمل النصوص، باستثناء ثقافة الفضيحة، مثل فضيحة النهر وفضيحة مرزوقة. كما ان أبطاله تلاحقها الخيبات المادية والمعنوية ويغلب عليها طابع الحزن والألم.
كما يمكن أن نعتبر أن الكاتب قد نجح في ربطها بالواقع فأقاصيصه تنهل من واقع الحياة بالعراق والعالم، يقول ميثم الخزرجي في حوارا أجرته معه وكالة دار العرب:" الهم الكوني الذي انا من مناصريه لا يفرق بين كادح في العراق او بين حمال في امريكا اللاتينية... بوح ووجع وغبن والشعور بالحيف كلها كنايات كونية همها المؤكد هو الانسان".
كما نلاحظ أن هذه الأقاصيص تختلف أحيانا وتتفق في مواضيعها وهذا التنوع لا ينفي عدم ارتباطها يقول "تيري اوزوالد ":" إن المجاميع الأقصوصية تتفق - بالرغم من تنوع الأقصوصات- في نسيج شبكات قصصية شديدة الترابط، إذ تنشئ كثيرا من التراسلات بين مختلف النصوص التي تبدو متناظرة".
والمتتبع لهذه الأقاصيص قراءة تستوقفه صور التكرار والتعاود الأخرى التي يتشكل بها الخطاب الأقصوصي شبيها بالسطور الشعرية، وتستوقفه أيضا هوية هذا المتكلم الذي يتوجه بالكلام لمخاطبين تظل هويتهم غير متعينة." كيف لي أن أمارس الظل بوصفه ملاذا آمناً لاقتراح الحياة فيما أذا أدعيتُ بأن الأحلام هي ظلال شرهة لأحداث تتسع للمشاكسة"(ص 37)، متنقلا بذلك بين سرد الأحلام، وسرد الألغاز والأسرار، ويكشف سر الآلهة وأسرار البشر، يرسم صور الماضي الأسطوري وينحت صور الحاضر الواقعي ليصنع عالمه السردي المكتظ بالأساطير والخرافات والرموز.
محمد الهادي عرجون : تونس
عقيل هاشم
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=631311487524333&id=100019364626084