لا أحد يعلم – على وجه الدقة- بمن كان المسئول الأساسي وراء إثارة فكرة التماسيح في مجلس مدينتنا، ومن ثم شراءها وجلبها إليها. فقد أثيرت الفكرة بدايةً بين بعض أعضاء المجلس، حول طبيعة التماسيح التي يُتخوَّف منها، لتجد طريقها إلى الإعلام المحلّي، وليجري التأكيد عليها، بالشكل التالي: هناك مبالغة كبيرة في هذا التخوَّف. ولأن الذين شدَّدوا على هذه النقطة فيما بينهم، ومن ثم جعلوها موضوعاً لمناقشات عامة، حتى في وسط من معهم من كتابهم ومن هم في مرتبة الدعاة، وقد أظهروا تحديهم قائلين: لنثبت للعالم أجمع، وليس لمن يخالفوننا في الرأي فقط، أنها لا تخيف أحداً، وسوف نجلب مجموعة منها، ونطلقها في شوارع المدينة، وحتى في نهرها الصغير ونبع مائها الكبير، بالطريقة التي يتعود أهلها ليس على رؤيتها فحسب، وإنما في التكيف معها، كحيوانات أليفة كذلك.
وهذا ما تحقق بالفعل، عندما جيء بمجموعة منها، وهي في ضخامتها، وقد مهَّدوا للطريقة التي يطلقونها في شوارع المدينة، وأسواقها، في نهرها ونبع مائها، وإصدار قانون لحمايتها.
انطلق هؤلاء المتحمسون أشد الحماس من فكرة التحدي المذكورة، وهي أن إجراء كهذا، سيجعل أهل المدينة أكثر يقظة، أكثر قوة، وأشد تحملاً للمخاوف، ومن ثم على تحمل الشدائد .
كان هناك من برزوا معزّزين لهذه الفكرة، لا بل ومعظمين إياها، باعتبار المنطقة عموماً، وهي على وساعتها، بالكاد تأوي تماسيح من هذا النوع، إلا في بعض الحدائق العامة، التي لا تكون رؤيتها محصورة في أوقات الزيات، وليس الجميع بقادرين على رؤيتها، أو براغبين في الذهاب إليها لهذا الغرض، عدا عن عامل الخوف الذي رُكّز عليه كثيراً هنا وهناك، ودون مبرّر. أما في الحالة هذه، فالوضع مختلف تماماً، إذ لن يراها الناس فقط، إنما سوف يجري تأهيلهم على رؤيتها، والتعامل معها، بوصفها حيوانات أليفة، أو أهلية، كالدجاج، الإوز، والغنم والبقر...الخ، وأكثر من ذلك، حيث من السهل جداً أن يسمع أهل أي بيت، مهما كان بُعده عن مركز المدينة، أو موقعه، جلبة في محيطه، أو ما يشبه الطرْق على الباب، فيتأكدون، ليروا أحدها أو أكثر .
وما يضاف إلى ذلك، هو في مدى حماس هؤلاء، وهم يجهرون بالقول، أنه بناء على ما تقدم، ربما في المستقبل القريب، والقريب جداً، أن تصبح مصدر دخل وفير للمدينة، وذلك لحظة تصديرها إلى الخارج، وهي تحمل دمغة المدينة وشارتها، إلى جانب مشرفين على تدريبها.
لقد جرى وصْف الطريقة بالشكل التالي، وتبعاً للقانون المتعلق بحماية التماسيح:
-لا بد من عامل اليقظة المضاعفة، حتى يعرف الخارج من بيته، إلى أين يمضي.
- في حال رؤية أي تمساح، ولا بد من رؤية أحدها، أو ملاقاتها، في أي شارع كان، أو ساحة، يتوجب الحفاظ على مسافة فاصلة، كافية لعدم التعرض للخطر، أو الإيذاء .
- من الضروري تعويد الصغار، قبل الكبار، بالمقابل، ليس على رؤيتها حصراً، وإنما كيفية الاقتراب منها وحتى لمسها، لتصبح مألوفة، وهذا يكسبهم مناعة لا تتوفر لأي كان، هذا يجعل الإرادة أكثر قوة وقابلية للتكيف مع حالات كهذه .
- لا ينبغي القيام بأي حركة، من شأنها استثارة أي منها، حيث إنها تتميز بالحذر الشديد من أي حركة، ولا تهاجم إلا لشعور منها بالخطر الذي يتهددها.
- إن الحرص على إبقاء هذه الحيوانات شبعانة ورويانة، وهي تتحرك بملء حريتها في أنحاء المدينة، أو تدخل نهرها، أو تستقر في نبعها الكبير، لتشعر بالراحة المعتادة، هو المهم في هذه العلاقة، وبالتالي، فإن أي طارىء يخصها، كأن يهاجم أحدها أحد المارة، ويؤذيه، وحتى ينال منه، لا بد أن يكون السبب عائداً إليه بالذات، وليس إلى هذا التمساح .
- إن وقوع إصابات معينة، أو حتى ما يُسمّى بالضحايا، أمر طبيعي في وضع كهذا، فليس هناك ما هو مجاني، حيث إن التعايش مع التماسيح، والتي يُتخوَّف منها وهي في موطنها المائي، قبل كل شيء، ويحذّر دائماً من الاقتراب منها، يكون يومياً، وعلى مدار الساعة، وهذا من شأنه رفْع جاهزية اليقظة، إلى أعلى مستوى لها، وما يترتب على هذا الإجراء العام، من تخويف حتى من يحاول التسلل إلى المدينة، والعبث بأمنها، فتكون التماسيح حارسة، فيكون هذا التعايش غير المسبوق علامة فارقة، تكسب المدينة سمعة لم تنلْها أي جهة في العالم.
- من المهم، التركيز على الجانب التربوي، فيصار إلى عرض التماسيح هذه، وفي وضعيات مختلفة، في الإعلام، وفي نشرات خاصة، وفي كتب خاصة، والإكثار من رسمها، لا بل وتخصيص جوائز ومكافآت مغرية، لمن يكون الأقدر على رسمها، وتمثيلها في اللوحات.
- سوف تتشكل لجان للمتابعة، للإشراف على سير الأمور في المدينة، ومراقبة كل حركة فيها، داخل المدينة، وبالنسبة للخارجين منها، والداخلين إليها، ومعاقبة، ومن تغريم من يخل بالقانون المذكور، بما أنه يمثّل المدينة: اسماً ومقاماً.
ترتّب على ذلك أن أهل المدينة ازدادوا حيطة وحذراً، سوى أنهم لم يتمكنوا من إخفاء مخاوفهم من عواقب الأمور، رغم أن نسبة منهم، وقد شهدت زيادة فيها، لأسباب ذات صلة بالمنافع الخاصة، والمغريات في المكانة والاعتبار، حاولت تبديدها ووصفها بالوهمية، لكنها بقيت مرئية تماماً، إذ لا يمكنهم أن يبقوا يقظين، وكما يُطلَب منهم، وهم يعيشون أوضاعاً ليست على ما يرام، جهة المعيشة، وحتى بالنسبة إلى طبيعة التماسيح هذه، واستحالة الهدوء، وتوقع الأمان بوجودها، وهي في تحركها الحر، إلى جانب مزاولة الأعمال، وصعوبتها.
لقد اضطر أهل المدينة إلى التكيف الاضطراري، رغم عدم اقتناعهم بوضع يجلب لهم المتاعب، لا بل والكثير من المشاكل من قبل الجوار، إذ ما الضمان في أن التماسيح هذه ستلتزم بالتحرك في حدود المدينة، ولن تهدد أمن من هم في الجوار وأبعد .
في ظل تفاقم الأوضاع من إيلام، وحتى وقوع ضحايا، كانت الأعداد تتزايد، والمخاوف تشتد وتتافقم، والأمر الأكثر إثارة للمخاوف، وما يمكن أن يجري، هو أن النهر الوحيد الذي كان أهل المدينة يتنزهون على ضفته، وحتى وهم يسبحون فيه، وكذلك نبع الماء الرئيس الذي كان يمد المدينة باحتياجاتها منه، لم يعد في الإمكان الاقتراب من أي منهما، حيث إنها ازدادت ضخامة، وكذلك شراسة، وأكثر عدوانية، وهي تغِير على مصدر حركة، أياً كان نوعها.
سوى أن قانون حماية التماسيح، لازال ساري المفعول، رغم كل ذلك !
إبراهيم محمود
وهذا ما تحقق بالفعل، عندما جيء بمجموعة منها، وهي في ضخامتها، وقد مهَّدوا للطريقة التي يطلقونها في شوارع المدينة، وأسواقها، في نهرها ونبع مائها، وإصدار قانون لحمايتها.
انطلق هؤلاء المتحمسون أشد الحماس من فكرة التحدي المذكورة، وهي أن إجراء كهذا، سيجعل أهل المدينة أكثر يقظة، أكثر قوة، وأشد تحملاً للمخاوف، ومن ثم على تحمل الشدائد .
كان هناك من برزوا معزّزين لهذه الفكرة، لا بل ومعظمين إياها، باعتبار المنطقة عموماً، وهي على وساعتها، بالكاد تأوي تماسيح من هذا النوع، إلا في بعض الحدائق العامة، التي لا تكون رؤيتها محصورة في أوقات الزيات، وليس الجميع بقادرين على رؤيتها، أو براغبين في الذهاب إليها لهذا الغرض، عدا عن عامل الخوف الذي رُكّز عليه كثيراً هنا وهناك، ودون مبرّر. أما في الحالة هذه، فالوضع مختلف تماماً، إذ لن يراها الناس فقط، إنما سوف يجري تأهيلهم على رؤيتها، والتعامل معها، بوصفها حيوانات أليفة، أو أهلية، كالدجاج، الإوز، والغنم والبقر...الخ، وأكثر من ذلك، حيث من السهل جداً أن يسمع أهل أي بيت، مهما كان بُعده عن مركز المدينة، أو موقعه، جلبة في محيطه، أو ما يشبه الطرْق على الباب، فيتأكدون، ليروا أحدها أو أكثر .
وما يضاف إلى ذلك، هو في مدى حماس هؤلاء، وهم يجهرون بالقول، أنه بناء على ما تقدم، ربما في المستقبل القريب، والقريب جداً، أن تصبح مصدر دخل وفير للمدينة، وذلك لحظة تصديرها إلى الخارج، وهي تحمل دمغة المدينة وشارتها، إلى جانب مشرفين على تدريبها.
لقد جرى وصْف الطريقة بالشكل التالي، وتبعاً للقانون المتعلق بحماية التماسيح:
-لا بد من عامل اليقظة المضاعفة، حتى يعرف الخارج من بيته، إلى أين يمضي.
- في حال رؤية أي تمساح، ولا بد من رؤية أحدها، أو ملاقاتها، في أي شارع كان، أو ساحة، يتوجب الحفاظ على مسافة فاصلة، كافية لعدم التعرض للخطر، أو الإيذاء .
- من الضروري تعويد الصغار، قبل الكبار، بالمقابل، ليس على رؤيتها حصراً، وإنما كيفية الاقتراب منها وحتى لمسها، لتصبح مألوفة، وهذا يكسبهم مناعة لا تتوفر لأي كان، هذا يجعل الإرادة أكثر قوة وقابلية للتكيف مع حالات كهذه .
- لا ينبغي القيام بأي حركة، من شأنها استثارة أي منها، حيث إنها تتميز بالحذر الشديد من أي حركة، ولا تهاجم إلا لشعور منها بالخطر الذي يتهددها.
- إن الحرص على إبقاء هذه الحيوانات شبعانة ورويانة، وهي تتحرك بملء حريتها في أنحاء المدينة، أو تدخل نهرها، أو تستقر في نبعها الكبير، لتشعر بالراحة المعتادة، هو المهم في هذه العلاقة، وبالتالي، فإن أي طارىء يخصها، كأن يهاجم أحدها أحد المارة، ويؤذيه، وحتى ينال منه، لا بد أن يكون السبب عائداً إليه بالذات، وليس إلى هذا التمساح .
- إن وقوع إصابات معينة، أو حتى ما يُسمّى بالضحايا، أمر طبيعي في وضع كهذا، فليس هناك ما هو مجاني، حيث إن التعايش مع التماسيح، والتي يُتخوَّف منها وهي في موطنها المائي، قبل كل شيء، ويحذّر دائماً من الاقتراب منها، يكون يومياً، وعلى مدار الساعة، وهذا من شأنه رفْع جاهزية اليقظة، إلى أعلى مستوى لها، وما يترتب على هذا الإجراء العام، من تخويف حتى من يحاول التسلل إلى المدينة، والعبث بأمنها، فتكون التماسيح حارسة، فيكون هذا التعايش غير المسبوق علامة فارقة، تكسب المدينة سمعة لم تنلْها أي جهة في العالم.
- من المهم، التركيز على الجانب التربوي، فيصار إلى عرض التماسيح هذه، وفي وضعيات مختلفة، في الإعلام، وفي نشرات خاصة، وفي كتب خاصة، والإكثار من رسمها، لا بل وتخصيص جوائز ومكافآت مغرية، لمن يكون الأقدر على رسمها، وتمثيلها في اللوحات.
- سوف تتشكل لجان للمتابعة، للإشراف على سير الأمور في المدينة، ومراقبة كل حركة فيها، داخل المدينة، وبالنسبة للخارجين منها، والداخلين إليها، ومعاقبة، ومن تغريم من يخل بالقانون المذكور، بما أنه يمثّل المدينة: اسماً ومقاماً.
ترتّب على ذلك أن أهل المدينة ازدادوا حيطة وحذراً، سوى أنهم لم يتمكنوا من إخفاء مخاوفهم من عواقب الأمور، رغم أن نسبة منهم، وقد شهدت زيادة فيها، لأسباب ذات صلة بالمنافع الخاصة، والمغريات في المكانة والاعتبار، حاولت تبديدها ووصفها بالوهمية، لكنها بقيت مرئية تماماً، إذ لا يمكنهم أن يبقوا يقظين، وكما يُطلَب منهم، وهم يعيشون أوضاعاً ليست على ما يرام، جهة المعيشة، وحتى بالنسبة إلى طبيعة التماسيح هذه، واستحالة الهدوء، وتوقع الأمان بوجودها، وهي في تحركها الحر، إلى جانب مزاولة الأعمال، وصعوبتها.
لقد اضطر أهل المدينة إلى التكيف الاضطراري، رغم عدم اقتناعهم بوضع يجلب لهم المتاعب، لا بل والكثير من المشاكل من قبل الجوار، إذ ما الضمان في أن التماسيح هذه ستلتزم بالتحرك في حدود المدينة، ولن تهدد أمن من هم في الجوار وأبعد .
في ظل تفاقم الأوضاع من إيلام، وحتى وقوع ضحايا، كانت الأعداد تتزايد، والمخاوف تشتد وتتافقم، والأمر الأكثر إثارة للمخاوف، وما يمكن أن يجري، هو أن النهر الوحيد الذي كان أهل المدينة يتنزهون على ضفته، وحتى وهم يسبحون فيه، وكذلك نبع الماء الرئيس الذي كان يمد المدينة باحتياجاتها منه، لم يعد في الإمكان الاقتراب من أي منهما، حيث إنها ازدادت ضخامة، وكذلك شراسة، وأكثر عدوانية، وهي تغِير على مصدر حركة، أياً كان نوعها.
سوى أن قانون حماية التماسيح، لازال ساري المفعول، رغم كل ذلك !
إبراهيم محمود