في معرض نقاشٍ عائلي عن "الفتوحات الإسلامية" للدول والممالك في عصور الخلفاء الراشدين وما بعدها، أبدى ولدي الذي كاد يتحرر من شرنقة السابعة عشر ربيعاً تحفظه؛ ورفضه القاطع نحو ما ظنه اغتصاباً لأرض الغير، وحكمها عنوة وقهراً دون رغبة مواطنيها الأُصُل، معتبرا أن تخييرهم بين اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية ظلم وابتزاز، لا يتواءم وما يشيعه المسلمون عن الإسلام من قيم الرحمة والسلام وحرية الاعتقاد...
وبقدر ما فَجعَ ولدي - أصلحه الله - أمَّه بتحفظه ذا؛ فولولتْ وأرغتْ وأزبدتْ وكادتْ تلمزُهُ في دينه ومعتقده! بقدر ما أثنيتُ على عمق سؤاله، ومُكْنة فهمه، ورجاحة عقله!
و رأيتُ أن لا أقدَّمَ له ما يشفي غُلَّتَهُ حتى أجوسَ قدر ما يمكنُ بين تلافيف رأسه؛ لعلي أحتطبُ ما أطاله مما انتثر من خزايا، أو ما انطمر من خبايا...وكلنا بدرجة أو بأخرى ذلك الرأس!!
فوجدتُهُ لا يقف موقفه هذا من قبيل المناقش المشاكس، بقدر ما تقمَّصَ شخص الآخر وبدا صاحبَ القضية الأصيل بنصِّه وفصِّه! ومن ثمَّ لم تُجْدِ معه مستظهراتُ الحُجج والبراهين التي احتشتْ بها كتب المحتوى المدرسي البئيس، أو الكتب التقليدية التي تنافح عن الإسلام كأنه متهم يسوق من محبسه حجج براءته!
كما لم تقنعه الأقوال المحفوظة المعلبة، من قبيل أن قاسماً يؤبه له من البلدان المستفتحة تلقَّتْ الفاتحين بأكاليل الغار والياسمين؛ لأنهم خلَّصوها من شِرذمة الحكام المستبدين، أو جحافل المستعمرين الغاشمين؛ كما بدت الحال في مصر إبان عهد الرومان...
أو أن جيوش الفاتحين كانت تفيض عدلاً ومنَّاً وسلوى، وأنها لم تقتلْ طفلاً أو امراةً أوشيخاً، أو راهباً في صومعته، ولم تقطعْ شجرةً أو تحرق حرثاً، أو تعقر بهيمةً إلا لمأكلة...
لأن ذلك وسواه لا يجيبُ عن السؤال الجوهري:
كيف يصبح اغتصاب الأرض عنوةً، وتخيير قاطنيها بين الإسلام أو الجزية سبيلاً سويةً لنشر دينٍ يدَّعي فضائلَ العدل والرحمة وحرية الاعتقاد؟
ومن ثمَّ سردتُ المحفوظ المعهود من قبيل التوطئة والتسخين؛ وإبراءً للذمة حتى استنفدته - بقدر علمي - فما استبقيتُ ثُمالتَه!
ووجدتُ أن أسردَ له الحقيقة مجردةً بلا خجلٍ أو خطلٍ أو وجل!
نعمْ! الإسلام قد يبتزُّ بسيف قوته شيطانكَ ليُحرِّرَ رُوحكَ ويُمَكِّنَ لمَلاكِكَ...فالناسُ أسرى طبائعهم السقيمة، يستعذبون اللذَّة ولو اجترتْ عليهم الويلات، ويستثقلون الألم ولو كان فيه الفلاح و الخيرات...ألا تذكر يا فتي يوم إذ قبضتُ جسدَكَ النحيلَ الغضَّ، وجثمتُ عليه جثْمة الأسد على فريسته، وقدَّمتُكَ للطبيب يجْتزُّ من جسدٍكَ قطعةً بها تستقيم فطرتُكَ، وتكتمل فتوتكَ، وتتأكد رجولتكَ!
أولا يستدعي البرْءُ من سَقمٍ الوخْزَ والخزْمَ والبذْلَ والحجْمَ والكيَّ...وكلها أفعال إيلامٍ وإدماء!
أولا تذكر يوم ألهبَتْكَ عُصَيَّتي إذْ قصَّرتَ في صلاتِك، وحفظ درسِكَ! حتى استقام أمركَ وبلغتَ ما بلغت من نجابة حتى كدت تطاولني جدلاً، وتناجزني فقاهةً وفطنة!!
أكنتَ تسبرُ يومها غوْر ما اعتراكَ مما ظننتَه ضرراً وأذي حتى أثبتَتْ لكَ السنون صوابَ ما لحقكَ من إيلامٍ ووجع!
مثل ذلك وصنوه رسالة الإسلام! فلا هي تعاويذ سحرية، ولا هي طقوس تعبدية، ولا هي نظريات فلسفية، ولا هي تعاليم نظرية...إنما الإسلام نظام عيشِ، ومنهاج حياة يفيض خيره بالتطبيق والتجريب والتنفيذ، والممارسة الإجرائية الأمينة...ومن ثمَّ فكل ذلك يستلزم زمناً وجهداً وبشراً حتى يؤتي أكله ويجنى ثمره!
ومثل ذلك وشبيهه جذْبُ الغافل من حجزته لئلا يتردى، وإن حزَّ ذلك جلده ولحمه، ودق عظمه، وأهرق قطراتٍ من دمه!
والأخذ على يد من يخرق السفينة معتقداً في حرية فعله، رغم ما في ذلك من حتفٍ وهلَكَةٍ لا تبقي ولا تذر؛ إلا أنْ تلجمه يدٌ باطنها الرحمة، وإن بدا في ظاهرها- على غير الحقيقة - عنتٌ وعذاب!!
وبقدر ما فَجعَ ولدي - أصلحه الله - أمَّه بتحفظه ذا؛ فولولتْ وأرغتْ وأزبدتْ وكادتْ تلمزُهُ في دينه ومعتقده! بقدر ما أثنيتُ على عمق سؤاله، ومُكْنة فهمه، ورجاحة عقله!
و رأيتُ أن لا أقدَّمَ له ما يشفي غُلَّتَهُ حتى أجوسَ قدر ما يمكنُ بين تلافيف رأسه؛ لعلي أحتطبُ ما أطاله مما انتثر من خزايا، أو ما انطمر من خبايا...وكلنا بدرجة أو بأخرى ذلك الرأس!!
فوجدتُهُ لا يقف موقفه هذا من قبيل المناقش المشاكس، بقدر ما تقمَّصَ شخص الآخر وبدا صاحبَ القضية الأصيل بنصِّه وفصِّه! ومن ثمَّ لم تُجْدِ معه مستظهراتُ الحُجج والبراهين التي احتشتْ بها كتب المحتوى المدرسي البئيس، أو الكتب التقليدية التي تنافح عن الإسلام كأنه متهم يسوق من محبسه حجج براءته!
كما لم تقنعه الأقوال المحفوظة المعلبة، من قبيل أن قاسماً يؤبه له من البلدان المستفتحة تلقَّتْ الفاتحين بأكاليل الغار والياسمين؛ لأنهم خلَّصوها من شِرذمة الحكام المستبدين، أو جحافل المستعمرين الغاشمين؛ كما بدت الحال في مصر إبان عهد الرومان...
أو أن جيوش الفاتحين كانت تفيض عدلاً ومنَّاً وسلوى، وأنها لم تقتلْ طفلاً أو امراةً أوشيخاً، أو راهباً في صومعته، ولم تقطعْ شجرةً أو تحرق حرثاً، أو تعقر بهيمةً إلا لمأكلة...
لأن ذلك وسواه لا يجيبُ عن السؤال الجوهري:
كيف يصبح اغتصاب الأرض عنوةً، وتخيير قاطنيها بين الإسلام أو الجزية سبيلاً سويةً لنشر دينٍ يدَّعي فضائلَ العدل والرحمة وحرية الاعتقاد؟
ومن ثمَّ سردتُ المحفوظ المعهود من قبيل التوطئة والتسخين؛ وإبراءً للذمة حتى استنفدته - بقدر علمي - فما استبقيتُ ثُمالتَه!
ووجدتُ أن أسردَ له الحقيقة مجردةً بلا خجلٍ أو خطلٍ أو وجل!
نعمْ! الإسلام قد يبتزُّ بسيف قوته شيطانكَ ليُحرِّرَ رُوحكَ ويُمَكِّنَ لمَلاكِكَ...فالناسُ أسرى طبائعهم السقيمة، يستعذبون اللذَّة ولو اجترتْ عليهم الويلات، ويستثقلون الألم ولو كان فيه الفلاح و الخيرات...ألا تذكر يا فتي يوم إذ قبضتُ جسدَكَ النحيلَ الغضَّ، وجثمتُ عليه جثْمة الأسد على فريسته، وقدَّمتُكَ للطبيب يجْتزُّ من جسدٍكَ قطعةً بها تستقيم فطرتُكَ، وتكتمل فتوتكَ، وتتأكد رجولتكَ!
أولا يستدعي البرْءُ من سَقمٍ الوخْزَ والخزْمَ والبذْلَ والحجْمَ والكيَّ...وكلها أفعال إيلامٍ وإدماء!
أولا تذكر يوم ألهبَتْكَ عُصَيَّتي إذْ قصَّرتَ في صلاتِك، وحفظ درسِكَ! حتى استقام أمركَ وبلغتَ ما بلغت من نجابة حتى كدت تطاولني جدلاً، وتناجزني فقاهةً وفطنة!!
أكنتَ تسبرُ يومها غوْر ما اعتراكَ مما ظننتَه ضرراً وأذي حتى أثبتَتْ لكَ السنون صوابَ ما لحقكَ من إيلامٍ ووجع!
مثل ذلك وصنوه رسالة الإسلام! فلا هي تعاويذ سحرية، ولا هي طقوس تعبدية، ولا هي نظريات فلسفية، ولا هي تعاليم نظرية...إنما الإسلام نظام عيشِ، ومنهاج حياة يفيض خيره بالتطبيق والتجريب والتنفيذ، والممارسة الإجرائية الأمينة...ومن ثمَّ فكل ذلك يستلزم زمناً وجهداً وبشراً حتى يؤتي أكله ويجنى ثمره!
ومثل ذلك وشبيهه جذْبُ الغافل من حجزته لئلا يتردى، وإن حزَّ ذلك جلده ولحمه، ودق عظمه، وأهرق قطراتٍ من دمه!
والأخذ على يد من يخرق السفينة معتقداً في حرية فعله، رغم ما في ذلك من حتفٍ وهلَكَةٍ لا تبقي ولا تذر؛ إلا أنْ تلجمه يدٌ باطنها الرحمة، وإن بدا في ظاهرها- على غير الحقيقة - عنتٌ وعذاب!!