كيف تكتب رواية فى مائة يوم أو أقل؟ ربما ابتسمت عند قراءة العبارة السابقة. وهى ليست من عندي. ولكنها كانت عنوانا كئيبا لا يزيد عدد صفحاته على 47 صفحة.
كان قد تم توزيعه كهدية مع مجلة الثقافة الجديدة التى تصدرها الثقافة الجماهيرية فى يوليو 2012. ومؤلف الكتاب جون كوين. كاتب روايات الرعب أو الروايات التى تدور حول لعبة الجولف. له أكثر من 25 كتابا. ومترجمه محمد عبد النبي. قاص وروائى ومترجم.
استغربت اهتمامى بالكتاب. وأنا أحتفظ ببعض الكتب لأريح عقلى فى تصفحها بعد ساعات العمل الطويلة. وهذا الكتاب منها. عند تصفحى له والتعرف عليه اكتشفت صورة نادرة لأرنست هيمنجواى وهو يكتب. تختلف عما قاله عن طقوسه فى الكتابة. قال هيمنجواى إنه لا يكتب إلا واقفاً. مع أنه فى الصورة يجلس وبيده القلم وأمامه الورق وهو يكتب. وثمة صورة ثانية لويليام فوكنر يتصفح كتاباً وخلفه مكتبته العامرة. مع أن فوكنر لم يتحدث كثيراً عن قراءات متنوعة.
احتفظت بالكتاب لأقدمه لأى كاتب شاب كهدية تعينه على الكتابة. بشرط أن يكون موهوباً. تعلم الموهبة مستحيل. فالموهبة يولد بها الإنسان. يمكن صقلها وتثقيفها والإضافة إليها. لكن لا يمكن أن تتعلم كيف تكون موهوباً؟.
والكاتب يقدم كتابه على شكل مائة يوم ويوم. فى اليوم الأول يكتب: ما أسهل أن تخذل الكاتب شجاعته. إننى أعجب بأى شخص يملك الجرأة على كتابة أى شئ على الإطلاق. فى اليوم 3 يكتب: أن الرسام الكبير ماتييس كان ينصح تلاميذه قائلاً: إذا أردت أن تكون رساماً فلتمسك عن الكلام.
وفى اليوم 8 ينقل نصيحة جون براين مؤلف رواية غرفة على السطح: إذا كان لصوتك أن يسمع وسط آلاف الأصوات. وإذا كان لإسمك أن يعنى شيئاً بين آلاف الأسماء. فسيكون السبب الوحيد أنك قدمت تجربتك الخاصة صادقاً. وفى اليوم 10 ينصح الكاتب: اكتب فقط عن شئ تعرفه. ثم يضيف وبدلا من أن تكتب عما تعرفه يمكنك أن تكتب عما تحبه. وفى اليوم 12 ينصح الكاتب الشاب: اختر شخصياتك أولاً. ذلك أن اختيارها أصعب من اختيار إحدى القصص. وينقل عن كاتب روايات الألغاز أوكلاى هال: على أى كاتب أن ينصت لمتطلبات شخصياته. فحين تنبعث الحياة قد تصر على مصير ما غير ذلك الذى أعطى لها. وينصح الكاتب أنه إذا كان وجود الشخصيات فى رواياته بلا سبب. فإن ذلك سوف يبطئ من تقدم القصة. والبطء قد يسبب ملل القارئ. ويقدم نصائح محددة للكاتب الناشئ: استخدم جملاً قصيرة. استخدم فقرات قصيرة. استخدم لغة حيوية. استخدم صيغ الإثبات لا النفى أبداً.
وفى اليوم 20 تكون نصائحه: صوتك هو صوتك أنت. وأسلوبك هو أسلوبك أنت. لا تحاول أن تبدو مثل الكتاب المشاهير. كثير من الكتاب المبتدئين يشعرون أن عليهم إضافة شئ ما إلى صوتهم الخاص على الصفحة المطبوعة. من تكونه على الصفحة هو من تكونه فى الحياة. فرانسوا رينيه شاتو بريان قال: الكاتب الأصلى ليس هو من يحاكى أى شخص. بل هو من يستطيع أى شخص أن يحاكيه.
وفى اليوم 21 ينقل عن الروائية كاترين بورتر قولها: إن لم أعرف نهاية قصتى لما بدأتها. وفى اليوم 26 ينصح الكاتب: أن الرواية عمل من صنع الخيال. لكن ذلك لا يعنى أن لا تكون الحقائق فيها سليمة وصادقة. فلا شئ ينفر القارئ بقدر ما تنفره حقيقة غير دقيقة. ولا شئ يضفى على القصة المصداقية مثل الحقائق أو التفاصيل الصحيحة. حتى لو استعان الكاتب بالإنترنت فى بحثه.
وفى اليوم 28 ينصح الكاتب: بأن أى حديث لا يصلح أن يكون حواراً. فالحوار له غرض ومقصد. إنه يدفع القصة للأمام. ويبقى القارئ منتبهاً وواعياً بالقصة. ويشعره بأنه فى قلب الأحداث. وعلى هذا فلا تصف الأحداث البعيدة كأنها خبر على لسان أحدهم. بل ضع القارئ وسط أحداث قصتك مباشرة. وسوف يصبح حوارك عفوياً.
وفى اليوم 45 يكتب: كانت نصيحة أنطون تشيكوف بسيطة بساطة لافتة: إذا كان هناك مسدس معلق على الحائط فى المشهد الأول من المسرحية فلا بد أن يتم إطلاق رصاصة منه قبل النهاية. وفى اليوم 48 يكتب: المثابرة هى كلمة السر. قال الروائى هارلان أليسون ذات مرة: إذا كان بمقدور أى شخص أن يمنعك أن تكون كاتباً، فلن تكون كاتباً.
وفى اليوم 50: حين تحدث الشاعر والروائى جيمس ديكى إلى طلابه قرب نهاية حياته قال: لا أقصد أن أروج للشاعر كل هذا الوقت. لكنى أفعل هذا أساساً لأن العالم لا يقدر الشاعر كثيراً. إنهم لا يفهمون الموضوع الذى أتينا منه. لا يفهمون جدوانا. لا يفهمون إن كان ثمة جدوى من الأساس. إننا سادة السر الأعظم وليس هم. فتذكروا ذلك حين تكتبون.
وفى اليوم 52 ينقل عن سكوت فيتزجرالد: الشخصية هى الفعل. الشخصيات لا تتحرك فى الفراغ. فغالباً ما ترتبط أفعالهم بأشخاص آخرين. ومن تلك التفاعلات فيما بينهم تتكون المشاهد. إن المشاهد التامة وأنصاف المشاهد والفقرات السردية هى أحجار البناء التى نشيد منها خط القصة الموحد.
وفى اليوم 59 يأتى بقول مأثور قديم عن الكتابة: إياك والإخبار. عليك بالإظهار. ومعناه لا تخبرنا عن الغضب. بل اظهره لنا. وعندئذ سوف نقرأ ونشعر بالغضب. لا تخبر القارئ بما عليه أن يشعر به. بل اظهر له الشخصيات والموقف. وسوف يصحو بداخله شعور الغضب أو الأسف أو الحب أو النزاهة أو العدالة.
وفى اليوم 69 ينقل عن سكوت فيتزجرالد عبارة دالة وموحية: لن تندم على أى شئ تحذفه من كتاب لك. أما المطلوب حذفه فهو الكليشيهات، العبارات المأثورة المبتذلة. وحذف عبارة تشبه بين عشية وضحاها. وجملة مثل عين العقل. وحكمة مثل لا يصح إلا الصحيح. رغم أنه لا جديد تحت الشمس إلا أن الحقائق القديمة ربما كانت ما زالت صالحة لإثارة الدهشة.
أقول لك لا أحد يعلمك الكتابة. اكتشفها واكتسبها بنفسك.
كان قد تم توزيعه كهدية مع مجلة الثقافة الجديدة التى تصدرها الثقافة الجماهيرية فى يوليو 2012. ومؤلف الكتاب جون كوين. كاتب روايات الرعب أو الروايات التى تدور حول لعبة الجولف. له أكثر من 25 كتابا. ومترجمه محمد عبد النبي. قاص وروائى ومترجم.
استغربت اهتمامى بالكتاب. وأنا أحتفظ ببعض الكتب لأريح عقلى فى تصفحها بعد ساعات العمل الطويلة. وهذا الكتاب منها. عند تصفحى له والتعرف عليه اكتشفت صورة نادرة لأرنست هيمنجواى وهو يكتب. تختلف عما قاله عن طقوسه فى الكتابة. قال هيمنجواى إنه لا يكتب إلا واقفاً. مع أنه فى الصورة يجلس وبيده القلم وأمامه الورق وهو يكتب. وثمة صورة ثانية لويليام فوكنر يتصفح كتاباً وخلفه مكتبته العامرة. مع أن فوكنر لم يتحدث كثيراً عن قراءات متنوعة.
احتفظت بالكتاب لأقدمه لأى كاتب شاب كهدية تعينه على الكتابة. بشرط أن يكون موهوباً. تعلم الموهبة مستحيل. فالموهبة يولد بها الإنسان. يمكن صقلها وتثقيفها والإضافة إليها. لكن لا يمكن أن تتعلم كيف تكون موهوباً؟.
والكاتب يقدم كتابه على شكل مائة يوم ويوم. فى اليوم الأول يكتب: ما أسهل أن تخذل الكاتب شجاعته. إننى أعجب بأى شخص يملك الجرأة على كتابة أى شئ على الإطلاق. فى اليوم 3 يكتب: أن الرسام الكبير ماتييس كان ينصح تلاميذه قائلاً: إذا أردت أن تكون رساماً فلتمسك عن الكلام.
وفى اليوم 8 ينقل نصيحة جون براين مؤلف رواية غرفة على السطح: إذا كان لصوتك أن يسمع وسط آلاف الأصوات. وإذا كان لإسمك أن يعنى شيئاً بين آلاف الأسماء. فسيكون السبب الوحيد أنك قدمت تجربتك الخاصة صادقاً. وفى اليوم 10 ينصح الكاتب: اكتب فقط عن شئ تعرفه. ثم يضيف وبدلا من أن تكتب عما تعرفه يمكنك أن تكتب عما تحبه. وفى اليوم 12 ينصح الكاتب الشاب: اختر شخصياتك أولاً. ذلك أن اختيارها أصعب من اختيار إحدى القصص. وينقل عن كاتب روايات الألغاز أوكلاى هال: على أى كاتب أن ينصت لمتطلبات شخصياته. فحين تنبعث الحياة قد تصر على مصير ما غير ذلك الذى أعطى لها. وينصح الكاتب أنه إذا كان وجود الشخصيات فى رواياته بلا سبب. فإن ذلك سوف يبطئ من تقدم القصة. والبطء قد يسبب ملل القارئ. ويقدم نصائح محددة للكاتب الناشئ: استخدم جملاً قصيرة. استخدم فقرات قصيرة. استخدم لغة حيوية. استخدم صيغ الإثبات لا النفى أبداً.
وفى اليوم 20 تكون نصائحه: صوتك هو صوتك أنت. وأسلوبك هو أسلوبك أنت. لا تحاول أن تبدو مثل الكتاب المشاهير. كثير من الكتاب المبتدئين يشعرون أن عليهم إضافة شئ ما إلى صوتهم الخاص على الصفحة المطبوعة. من تكونه على الصفحة هو من تكونه فى الحياة. فرانسوا رينيه شاتو بريان قال: الكاتب الأصلى ليس هو من يحاكى أى شخص. بل هو من يستطيع أى شخص أن يحاكيه.
وفى اليوم 21 ينقل عن الروائية كاترين بورتر قولها: إن لم أعرف نهاية قصتى لما بدأتها. وفى اليوم 26 ينصح الكاتب: أن الرواية عمل من صنع الخيال. لكن ذلك لا يعنى أن لا تكون الحقائق فيها سليمة وصادقة. فلا شئ ينفر القارئ بقدر ما تنفره حقيقة غير دقيقة. ولا شئ يضفى على القصة المصداقية مثل الحقائق أو التفاصيل الصحيحة. حتى لو استعان الكاتب بالإنترنت فى بحثه.
وفى اليوم 28 ينصح الكاتب: بأن أى حديث لا يصلح أن يكون حواراً. فالحوار له غرض ومقصد. إنه يدفع القصة للأمام. ويبقى القارئ منتبهاً وواعياً بالقصة. ويشعره بأنه فى قلب الأحداث. وعلى هذا فلا تصف الأحداث البعيدة كأنها خبر على لسان أحدهم. بل ضع القارئ وسط أحداث قصتك مباشرة. وسوف يصبح حوارك عفوياً.
وفى اليوم 45 يكتب: كانت نصيحة أنطون تشيكوف بسيطة بساطة لافتة: إذا كان هناك مسدس معلق على الحائط فى المشهد الأول من المسرحية فلا بد أن يتم إطلاق رصاصة منه قبل النهاية. وفى اليوم 48 يكتب: المثابرة هى كلمة السر. قال الروائى هارلان أليسون ذات مرة: إذا كان بمقدور أى شخص أن يمنعك أن تكون كاتباً، فلن تكون كاتباً.
وفى اليوم 50: حين تحدث الشاعر والروائى جيمس ديكى إلى طلابه قرب نهاية حياته قال: لا أقصد أن أروج للشاعر كل هذا الوقت. لكنى أفعل هذا أساساً لأن العالم لا يقدر الشاعر كثيراً. إنهم لا يفهمون الموضوع الذى أتينا منه. لا يفهمون جدوانا. لا يفهمون إن كان ثمة جدوى من الأساس. إننا سادة السر الأعظم وليس هم. فتذكروا ذلك حين تكتبون.
وفى اليوم 52 ينقل عن سكوت فيتزجرالد: الشخصية هى الفعل. الشخصيات لا تتحرك فى الفراغ. فغالباً ما ترتبط أفعالهم بأشخاص آخرين. ومن تلك التفاعلات فيما بينهم تتكون المشاهد. إن المشاهد التامة وأنصاف المشاهد والفقرات السردية هى أحجار البناء التى نشيد منها خط القصة الموحد.
وفى اليوم 59 يأتى بقول مأثور قديم عن الكتابة: إياك والإخبار. عليك بالإظهار. ومعناه لا تخبرنا عن الغضب. بل اظهره لنا. وعندئذ سوف نقرأ ونشعر بالغضب. لا تخبر القارئ بما عليه أن يشعر به. بل اظهر له الشخصيات والموقف. وسوف يصحو بداخله شعور الغضب أو الأسف أو الحب أو النزاهة أو العدالة.
وفى اليوم 69 ينقل عن سكوت فيتزجرالد عبارة دالة وموحية: لن تندم على أى شئ تحذفه من كتاب لك. أما المطلوب حذفه فهو الكليشيهات، العبارات المأثورة المبتذلة. وحذف عبارة تشبه بين عشية وضحاها. وجملة مثل عين العقل. وحكمة مثل لا يصح إلا الصحيح. رغم أنه لا جديد تحت الشمس إلا أن الحقائق القديمة ربما كانت ما زالت صالحة لإثارة الدهشة.
أقول لك لا أحد يعلمك الكتابة. اكتشفها واكتسبها بنفسك.