خيرة بورزيق - المسؤولية الاجتماعية "الضمنية" للشركات الجزائرية

إذا كانت السلطات العامة الجزائرية تتخذ المزيد والمزيد من المبادرات في اتجاه التنمية المستدامة، فإن الشركة قد أدركت منذ سنوات عديدة التأثير الذي تمارسه الشركات على استخدام الموارد الطبيعية، وتطوير التقنيات وأشكال الإنتاج والاستهلاك وأنماط الحياة. تخلق قوة التأثير هذه مسؤولية مهمة للشركات في أنشطة التطوير والإدارة والتسويق والاتصالات، ولاسيما في القطاعات ذات التأثيرات الاجتماعية والبيئية القوية، مثل الطاقة. كونها دولة اشتراكية سابقة، فإن الجزائر قلقة من هذه المرحلة من التحول نحو اقتصاد السوق. ومع ذلك ، فإن الخطوات لصالح المسؤولية الاجتماعية للشركات هي في طور التكوين، وتمثل تأخيرًا مقارنة بالزخم الذي سجلته المسؤولية الاجتماعية للشركات في البلدان الأخرى.

حتى إصلاحات التسعينيات (انفتاح الاقتصاد الجزائري) ، كان النسيج الصناعي الجزائري يتألف بشكل أساسي من مؤسسات الدولة التي تمتثل للمطالب السياسية مما يضع قيود الإنتاج على الشعلة الخلفية بقلق شديد. إن المسؤولية الاجتماعية للشركات هي بالأحرى مسؤولية اجتماعية مرتبطة بوضع الشركة العامة التي تتمتع بصلاحيات ومسؤوليات تفوضها الدولة. وقد احتلت الجزائر المركز 124 عالمياً في تقرير يرصد مدى الانفتاح على المسؤولية الاجتماعية للشركات أعدته مؤسسة "ريسبكتو"، وهو أول تقرير يحاول قياس هذا الجانب لدى المقاولات عبر 195 دولة. لكن ما يطمئن إلى أنها في مرتبة مستحسنة هو أن حتى أهم الدول العظمى متأخرة جدا في هذا المجال، فقد احتلت الولايات المتحدة الأميركية المرتبة 191 عالمياً، والصين جاءت في المرتبة 151، وهما الدولتين الكبيرتين في العالم اللتين رفضتا المصادقة على معاهدات دولية متعلقة بالشغل، وهذا ما يفسر حلولهما في مراتب متدنية في هذا التقرير.

وبالفعل منذ فترة الافتتاح، تخلت الدولة عن دورها كمقاول بسبب خصخصة بعض المؤسسات العامة. ومع هذا استرشد الفاعلون الجدد -وهم الشركات الخاصة لرأس المال الوطني والأجنبي- بالهدف الوحيد المتمثل في تقييم رأس المال الضروري لبقائهم، فكان عملهم الاجتماعي والبيئي لا يتعدى إطار الالتزام باللوائح. هذا الموقف مرادف لنقص الإرادة من حيث المسؤولية الاجتماعية للشركات.

مع ذلك، لا يمكن تقديم أي دليل فيما يتعلق بالضعف الملحوظ لوجود المسؤولية الاجتماعية للشركات في الجزائر، على أن الشركات الجزائرية غير مسؤولة. يشير هذا الموقف إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات "الصريحة" و "الضمنية". حيث تتكون المسؤولية الاجتماعية للشركات الصريحة من السياسات والبرامج والاستراتيجيات التطوعية للشركات، ومن ناحية أخرى يتم تفسير المسؤولية الاجتماعية الضمنية من خلال الإجماع المجتمعي على التوقعات المشروعة للمجتمع من جانب الشركات. حتى نتمكن من تصنيف الشركات الجزائرية بين هذين الشكلين من المسؤولية الاجتماعية للشركات، من الضروري الرجوع إلى الدراسة التي أجريت على الشركات الجزائرية فوفقًا لتلك الدراسات، من حيث الالتزام الصريح فإن عددا قليلا من الشركات لديها ممارسات تنظيمية فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي للمسؤولية الاجتماعية للشركات، إذ لديها معرفة كاملة بالمفهوم الذي يوضح الشكل الواضح لمشاركتها. أما بالنسبة للعدد الكبير من الشركات المتبقية، فإن لديهما ممارسات لا إرادية تميل إلى أن تكون غير رسمية من وجهة نظر اجتماعية. بحيث تشارك بشكل غير مباشر في المسؤولية الاجتماعية للشركات دون أن يكون لديها أي معرفة بالمفهوم، ومن هنا جاء الشكل الضمني للمسؤولية الاجتماعية للشركات. في ضوء هذه النتائج، يبدو واضحًا أن الشركات الجزائرية تتميز بالتزام ضمني لا إرادي نظرًا لحقيقة أنها وضعت ممارسات مواتية لمبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات دون أي معرفة بهذه الأخيرة. يأتي بيانها في مقال لاحق (بإذن الله).

ملخص عن دراسة في طور الإعداد من قبل:
أ. بورزيق خيرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...