لغة القصة القصيرة لغة مكثفة، وإبداعها يحتاج مبدعا واضح الهدف؛ ليخلص لغته من الثرثرة، واللبس، ولا أعني الغموض، أو الوضوح، فاللّبس شيء أخر يأتي من تشوش الكاتب، أما الغموض يأتي من تعقيد وتركيب الحالة الفنية نفسها، سواء في تركيبها الإنساني أو تركيبها اللغوي، والتركيب اللغوي لا أقصد به الادعاء البلاغي، بقدر ما أقصد به السيميائية اللغوية المقابلة لتركيب الحالة الإبداعية، كما أن الوضوح هنا لا يعني المباشرة الفجة، لكنه يعني جلاء التخيل، وتحويله ببساطة من حالة حسية أو عقلية أو وجدانية إلى لغة إنسانية، بمقدرة تجمع بين الفن الذي هو شبكة الصيد التي يلقي بها المبدع على الحالة، والمفردة التي هي خلية الجمل المعبرة.
وفتحي إسماعيل قدم للقارئ مجموعة تستطيع أن تربطه بها من خلال خيطين هما جمال الإبداع وحميمية الفكرة الإنسانية، في كثير من قصص المجموعة يكون الحدث هو محور الارتكاز الفني الذي ينبثق منه القص، وقد يؤخر الكاتب الحدث الذي هو محور الارتكاز حتى نهاية القصة كما في قصص :”جلباب” أبيض، و”بطل من البدروم”. ففي الأولى سنجد أن نقطة الارتكاز هي لحظة فتح بوابة الجامعة لسيارته باعتباره مدرسا بها، في حين يعرض لنا قبل هذا الحدث قصته كلها، والتي هي عبارة عن تأمل لأشخاص يظن أنهم مثل أبيه “صاحب الجلباب الأبيض” الذي كان مجرد عامل في فرن، أفنى عمره ولم يرحم جسده المريض ليصير ابنه خريجًا جامعيًّا، وها هو ابنه يحقق الأمل يوم وفاة والده، ثم يستمر في قطع بقية الشوط حتى الحصول على الدكتوراه إكراما لهذا الأب.
أما في القصة الثانية فنكتشف في آخر القصة أيضا أن الرجل المنقذ الذي يظهر رغم تركيبه الجسدي الضعيف لينقذ كثيرين من الموت في الحوادث، هذا الرجل ما هو إلا رجل اكتوي بنار حادثة، راحت ضحيتها أسرته، وقد أخّر الكاتب هذا الكشف حتى النهاية.
وعلى عكس ذلك في قصة انسحاق، حيث تبدأ المشكلة وهي عجز الزوج مع زوجته من البداية، وينمو الحدث بطريقة طبيعية، حتى يكشف له الطبيب أن مرضه معنويا وليس عضويا؛ فتحدث لحظة التنوير عند رؤية بطل عجوز اصطدم به/ “كان يحمل جوالا ثقيلا اهتز جسده من وقع الصدمة، لكنه تشبث بجواله ومال علي بكل ثقله، ورغم أني أجزم أن السبب في الارتطام كان شرودي وعيني الغائمتين، إلا أنه فاجأني بابتسامة حنون، واعتذر لي…
تأملت ذلك الهرِم الذي تركني وأكمل طريقه، بينما ساقاه ترتعشان تحت ثقل حمولته، وفجأة شعرت ببركان يتحرك داخل قلبي، تبعته دمعتان انزلقتا على خديّ، التمع شيء ما برأسي، وجدتني أسرع الخُطى نحو البيت…….” يلجأ الكاتب إلى الفنتازيا أحيانا لجوءًا صريحا، كما في قصة “ثورة المبتسرين”، حيث يقص الكاتب قصة بعد موته، وأبطال قصته هم شخصيات لم تكتمل في إبداعاته القصصية، أما في قصة “اللقاء الأول” فتتعلق القصة كلها بجملة دسها الكاتب بين السطور، حيث يقول الكاتب : “خطَّطَتْ كي تقتطع وقتًا لمقابلته ما بين زيارتها لأمها وعودتها لمنزل زوجها” إنها الجملة التي علق عليها وعي العشيق، ولولاها لكنا في حدث غريب حيث حبيب مشغول بعد النجوم حتي بعد مجيء حبيبته! ويستخدم الكاتب أحيانا طاقة الجملة الإيحائية –مثلا- تتكامل حالة العائد المهموم كل ليلية مع حالة “مصابيح الأعمدة الباهتة إثر تراكم الأتربة عليها” حين عوته في نفس الشارع كل مساء… إن الدراسة الفنية للمجموعة قد تكشف عن جماليات كثيرة وحيل شتى استخدمها الكاتب في إبداعه؛ لإخراج هذا العمل الذي يربط متلقيه به، رغم أن موضوعاته الحقيقية مما يورث الحزن، فمعظم قصص المجموعة مليئة بالصراع الإنساني في محيط محاصر كل أنواع الحصار، فالأب، سنوات والطبيب يحذره من جو المخبز الذي يعمل فيه ليحقق حلمه في ولده، وهو يبتسم حالما، ومنكسرا، وكأن الجلباب الأبيض الذي يرتديه الأب هنا هو جلباب الحلم. أما في خضم حياة تحاصرها المخاطر؛ فيد العون مغيثة الملهوف هي الجلباب الذي يرتديه البطل المنقذ الذي “باتت الناس تتناقل أخباره، حيث يصلهم قبل سيارات الاسعاف، قبل سيارات النجدة، وقبل سيارات الإطفاء، ولا يعرفون كيف تصله أخبار الحوادث والكوارث والحرائق، ولا أحد يعرف كيف واتته الجرأة؟ ومن أين استمد شجاعته التي جعلته لا يهاب الخطر ولا يخشى الموت؟” ولكننا في آخر القصة نكتشف أنه غزل هذا الثوب من ألسنة النار التي اكتوى بها في مصابه! وأما في قصتي “الرواية الأخيرة”، و”ثورة المبتسرين” فالكاتب محاصر بالسلطة وتقاليد المجتمع ، ولكنه يلبس جلباب الإبداع؛ ليمنح أفكاره الوجود في صور فنية تبعثها ولو باكتشاف الحيلة على يد المقصود بالتعرية، ففي “الرواية الأخيرة” تكشف السلطة نفسها بالقبض على الكاتب؛ لتسأله عن ابن الشيطان الذي كتب عنه عمله! وفي “ثورة المبتسرين” تستدعي السلطة الأحياء من المبدعين؛ ليكملوا الشخصيات الفوضوية التي ملأت المدينة؛ وليعرفوا كيف يتخلصون من فوضاهم؟ وكأن الكاتب يؤمن أن الفكرة لا تموت، حتى وإن مات قائلها، ونحن محاصرون بالماضي هكذا يرى الكاتب نفسه في “وجه من هناك”، و”غياب”. حيث في النص الأول، تطل عليه وجوه الراحلين من النوافذ، ويسمع أحاديثهم إليه، ولا يستطيع التخلص من آثار ذلك! حيث يسمع “دمي سيبقى شاهدا يبعث في روحك الخوف، ولن تستطيع التخلص مني …. أصحبك أينما سرت، يعتقلك طيفي في عمق زنزانة انفرادية في قاع جمجمتك”، وأما في “غياب”، تتجلى له الرؤيا، فحين يتركون البناء للبحث عن الجد الذي تركهم وتأخر غيابه بعدما بنى الأساس وأـمرهم ألا يتركوا عملهم ، يعود الجد بعدما يعثرون عليه وهم يغنون “سالمة يا سلامة”، ولكنه ” يظهر منشغلا عن المهنئين بعودته بالنظر إلينا واحدا تلو الآخر، يتفرس في أكف أيدينا وملابسنا النظيفة، ثم صار أمامنا ونحن وجميع أهل القرية نسير خلفه، وقف بين أساس البيت والمخمرة، ضاربا كفا بكف، أشار إلينا أن نقترب، شكلنا ربع دائرة هو في المركز منها وأهل القرية جميعاً من خلفنا … لم ينطق بكلمة .. أشار إلى المخمرة التي تيبّس طينها وإلى أساس البيت، ثم بصق في وجوهنا “. ولو جمعنا القصتين معا لقمنا بحل لغز الأصالة والمعاصرة الذي يؤرق الشرق.
هناك جلباب أبيض أخر، أفرد له الكاتب مساحة من القصص، هو جلباب الحب، والكاتب يؤمن بأن الحب عطاء، حتى ولو كان بدون أخد، فهو في قصة “أنا وجولييت” يتزين كل يوم، ويتهيأ داخليا وخارجيا، ويدفع للبقال ثمن ما لا يحتاج إليه؛ ليرى حبيبته التي يدعو لها بالخير وهي مع من أحبت. ويتحول لبائع ورد في المقابر ليضع على قبر حبيبته كل يوم وردا، وهو المجذوب الذي لا يفلح شيء في تحريكه ليقول كلمة واحدة، والذي يتكلم فقط ليواسي عاشقا مثله بجملة واحدة “حسناء… هنا مقرها ويشير إلى قلبه”. و هو الذي يمنح بالحب الاستقرار لمن يحب ليمنحا الذرية للحياة في “هدية الفالنتين”. ويكبر الحب في قلبه فيتوحد مع السماء مانحة المطر الذي هو الماء/ سر الوجود ” أشاهد الأطفال ، يلعبون وأقدامهم مغروزة في الطين، ينظرون للسماء يبحثون عن المصدر، ضممت ركبتيّ إلى صدري أكثر، وظللت أتأمل الماء وهو يحفر في الأرض حفرا صغيرة ويتقافز.. أعتصر بذراعي ركبتي وأضمهما أكثر إلى صدري، خوفا من أن تبتل ملابسي.
بينما عيناي تنظران إلي السماء.. وأنا أبحث عن النبع فلا أراه غير أني بت الآن أعرفه، كان مصدر المطر كما رأيته دموع الأمهات على أطفالهن الذين لم يلعبوا هذا العام تحت المطر.” إنه الحب الشامل، البذرة الأنصع بياضا التي ننسج من خيوطها كل الملابس البيضاء؛ لتساعدنا في الصراع مع الحصار والخوف والانكسارات التي تصنعها الطبيعة أحيانا، ويصنعها جشع الإنسان وفساد تفكيره في أحيان كثيرة.
sadazakera.wordpress.com
وفتحي إسماعيل قدم للقارئ مجموعة تستطيع أن تربطه بها من خلال خيطين هما جمال الإبداع وحميمية الفكرة الإنسانية، في كثير من قصص المجموعة يكون الحدث هو محور الارتكاز الفني الذي ينبثق منه القص، وقد يؤخر الكاتب الحدث الذي هو محور الارتكاز حتى نهاية القصة كما في قصص :”جلباب” أبيض، و”بطل من البدروم”. ففي الأولى سنجد أن نقطة الارتكاز هي لحظة فتح بوابة الجامعة لسيارته باعتباره مدرسا بها، في حين يعرض لنا قبل هذا الحدث قصته كلها، والتي هي عبارة عن تأمل لأشخاص يظن أنهم مثل أبيه “صاحب الجلباب الأبيض” الذي كان مجرد عامل في فرن، أفنى عمره ولم يرحم جسده المريض ليصير ابنه خريجًا جامعيًّا، وها هو ابنه يحقق الأمل يوم وفاة والده، ثم يستمر في قطع بقية الشوط حتى الحصول على الدكتوراه إكراما لهذا الأب.
أما في القصة الثانية فنكتشف في آخر القصة أيضا أن الرجل المنقذ الذي يظهر رغم تركيبه الجسدي الضعيف لينقذ كثيرين من الموت في الحوادث، هذا الرجل ما هو إلا رجل اكتوي بنار حادثة، راحت ضحيتها أسرته، وقد أخّر الكاتب هذا الكشف حتى النهاية.
وعلى عكس ذلك في قصة انسحاق، حيث تبدأ المشكلة وهي عجز الزوج مع زوجته من البداية، وينمو الحدث بطريقة طبيعية، حتى يكشف له الطبيب أن مرضه معنويا وليس عضويا؛ فتحدث لحظة التنوير عند رؤية بطل عجوز اصطدم به/ “كان يحمل جوالا ثقيلا اهتز جسده من وقع الصدمة، لكنه تشبث بجواله ومال علي بكل ثقله، ورغم أني أجزم أن السبب في الارتطام كان شرودي وعيني الغائمتين، إلا أنه فاجأني بابتسامة حنون، واعتذر لي…
تأملت ذلك الهرِم الذي تركني وأكمل طريقه، بينما ساقاه ترتعشان تحت ثقل حمولته، وفجأة شعرت ببركان يتحرك داخل قلبي، تبعته دمعتان انزلقتا على خديّ، التمع شيء ما برأسي، وجدتني أسرع الخُطى نحو البيت…….” يلجأ الكاتب إلى الفنتازيا أحيانا لجوءًا صريحا، كما في قصة “ثورة المبتسرين”، حيث يقص الكاتب قصة بعد موته، وأبطال قصته هم شخصيات لم تكتمل في إبداعاته القصصية، أما في قصة “اللقاء الأول” فتتعلق القصة كلها بجملة دسها الكاتب بين السطور، حيث يقول الكاتب : “خطَّطَتْ كي تقتطع وقتًا لمقابلته ما بين زيارتها لأمها وعودتها لمنزل زوجها” إنها الجملة التي علق عليها وعي العشيق، ولولاها لكنا في حدث غريب حيث حبيب مشغول بعد النجوم حتي بعد مجيء حبيبته! ويستخدم الكاتب أحيانا طاقة الجملة الإيحائية –مثلا- تتكامل حالة العائد المهموم كل ليلية مع حالة “مصابيح الأعمدة الباهتة إثر تراكم الأتربة عليها” حين عوته في نفس الشارع كل مساء… إن الدراسة الفنية للمجموعة قد تكشف عن جماليات كثيرة وحيل شتى استخدمها الكاتب في إبداعه؛ لإخراج هذا العمل الذي يربط متلقيه به، رغم أن موضوعاته الحقيقية مما يورث الحزن، فمعظم قصص المجموعة مليئة بالصراع الإنساني في محيط محاصر كل أنواع الحصار، فالأب، سنوات والطبيب يحذره من جو المخبز الذي يعمل فيه ليحقق حلمه في ولده، وهو يبتسم حالما، ومنكسرا، وكأن الجلباب الأبيض الذي يرتديه الأب هنا هو جلباب الحلم. أما في خضم حياة تحاصرها المخاطر؛ فيد العون مغيثة الملهوف هي الجلباب الذي يرتديه البطل المنقذ الذي “باتت الناس تتناقل أخباره، حيث يصلهم قبل سيارات الاسعاف، قبل سيارات النجدة، وقبل سيارات الإطفاء، ولا يعرفون كيف تصله أخبار الحوادث والكوارث والحرائق، ولا أحد يعرف كيف واتته الجرأة؟ ومن أين استمد شجاعته التي جعلته لا يهاب الخطر ولا يخشى الموت؟” ولكننا في آخر القصة نكتشف أنه غزل هذا الثوب من ألسنة النار التي اكتوى بها في مصابه! وأما في قصتي “الرواية الأخيرة”، و”ثورة المبتسرين” فالكاتب محاصر بالسلطة وتقاليد المجتمع ، ولكنه يلبس جلباب الإبداع؛ ليمنح أفكاره الوجود في صور فنية تبعثها ولو باكتشاف الحيلة على يد المقصود بالتعرية، ففي “الرواية الأخيرة” تكشف السلطة نفسها بالقبض على الكاتب؛ لتسأله عن ابن الشيطان الذي كتب عنه عمله! وفي “ثورة المبتسرين” تستدعي السلطة الأحياء من المبدعين؛ ليكملوا الشخصيات الفوضوية التي ملأت المدينة؛ وليعرفوا كيف يتخلصون من فوضاهم؟ وكأن الكاتب يؤمن أن الفكرة لا تموت، حتى وإن مات قائلها، ونحن محاصرون بالماضي هكذا يرى الكاتب نفسه في “وجه من هناك”، و”غياب”. حيث في النص الأول، تطل عليه وجوه الراحلين من النوافذ، ويسمع أحاديثهم إليه، ولا يستطيع التخلص من آثار ذلك! حيث يسمع “دمي سيبقى شاهدا يبعث في روحك الخوف، ولن تستطيع التخلص مني …. أصحبك أينما سرت، يعتقلك طيفي في عمق زنزانة انفرادية في قاع جمجمتك”، وأما في “غياب”، تتجلى له الرؤيا، فحين يتركون البناء للبحث عن الجد الذي تركهم وتأخر غيابه بعدما بنى الأساس وأـمرهم ألا يتركوا عملهم ، يعود الجد بعدما يعثرون عليه وهم يغنون “سالمة يا سلامة”، ولكنه ” يظهر منشغلا عن المهنئين بعودته بالنظر إلينا واحدا تلو الآخر، يتفرس في أكف أيدينا وملابسنا النظيفة، ثم صار أمامنا ونحن وجميع أهل القرية نسير خلفه، وقف بين أساس البيت والمخمرة، ضاربا كفا بكف، أشار إلينا أن نقترب، شكلنا ربع دائرة هو في المركز منها وأهل القرية جميعاً من خلفنا … لم ينطق بكلمة .. أشار إلى المخمرة التي تيبّس طينها وإلى أساس البيت، ثم بصق في وجوهنا “. ولو جمعنا القصتين معا لقمنا بحل لغز الأصالة والمعاصرة الذي يؤرق الشرق.
هناك جلباب أبيض أخر، أفرد له الكاتب مساحة من القصص، هو جلباب الحب، والكاتب يؤمن بأن الحب عطاء، حتى ولو كان بدون أخد، فهو في قصة “أنا وجولييت” يتزين كل يوم، ويتهيأ داخليا وخارجيا، ويدفع للبقال ثمن ما لا يحتاج إليه؛ ليرى حبيبته التي يدعو لها بالخير وهي مع من أحبت. ويتحول لبائع ورد في المقابر ليضع على قبر حبيبته كل يوم وردا، وهو المجذوب الذي لا يفلح شيء في تحريكه ليقول كلمة واحدة، والذي يتكلم فقط ليواسي عاشقا مثله بجملة واحدة “حسناء… هنا مقرها ويشير إلى قلبه”. و هو الذي يمنح بالحب الاستقرار لمن يحب ليمنحا الذرية للحياة في “هدية الفالنتين”. ويكبر الحب في قلبه فيتوحد مع السماء مانحة المطر الذي هو الماء/ سر الوجود ” أشاهد الأطفال ، يلعبون وأقدامهم مغروزة في الطين، ينظرون للسماء يبحثون عن المصدر، ضممت ركبتيّ إلى صدري أكثر، وظللت أتأمل الماء وهو يحفر في الأرض حفرا صغيرة ويتقافز.. أعتصر بذراعي ركبتي وأضمهما أكثر إلى صدري، خوفا من أن تبتل ملابسي.
بينما عيناي تنظران إلي السماء.. وأنا أبحث عن النبع فلا أراه غير أني بت الآن أعرفه، كان مصدر المطر كما رأيته دموع الأمهات على أطفالهن الذين لم يلعبوا هذا العام تحت المطر.” إنه الحب الشامل، البذرة الأنصع بياضا التي ننسج من خيوطها كل الملابس البيضاء؛ لتساعدنا في الصراع مع الحصار والخوف والانكسارات التي تصنعها الطبيعة أحيانا، ويصنعها جشع الإنسان وفساد تفكيره في أحيان كثيرة.
” جلباب أبيض ” حصار شامل ومحاولات مستميتة للخروج ….بقلم : سفيان صلاح
لغة القصة القصيرة لغة مكثفة، وإبداعها يحتاج مبدعا واضح الهدف؛ ليخلص لغته من الثرثرة، واللبس، ولا أعني الغموض، أو الوضوح، فاللّبس شيء أخر يأتي من تشوش الكاتب، أما الغموض يأتي من تعقيد وتركيب الحالة …