عبد القادر فيدوح - البَحث العقلي في الجماليّة العَربيّة

الحس الجمالي:‏
لقد أخفقت الجمالية العربية –بعد مجيء الإسلام مباشرة- في استثمار الرؤية الإسلامية التي تعرضت إلى كثير من مظاهر الحسن والجمال في هذا الكون امتثالاً لقوله تعالى: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون((1) وقوله: (إن الله جميل يحب الجمال((2) وأكثر من ذلك فإن الجمالية العربية راحت تتجاوز الرؤية الإسلامية للجمال وتتخطاها، وترى في الشعر الجاهلي القدوة الحسنى والمثل الأعلى، بوصفه نموذجاً كاملاً للجمال، فربطت نفسها بأنساق حسية حرمتها نقلة لها قيمتها المعنوية والروحية ضمن طبيعة التعامل مع المقوم الجمالي للإنسان في تعامله الإنساني، وفي تعاطيه التفكر والتدبر في الخلق والكون.‏

ولعل عدم اهتمام العرب في هذه الحقبة التاريخية بالوعي الجمالي، يتجسد في عوامل كثيرة أفرزتها أوضاع المجتمع العربي الناشئ. كما أفرزها الفهم المتجدد للشرع، ومخاوف الفقهاء، ويمكن حصر هذه المعوقات في النقاط التالية:‏

1- الاعتقاد بأن الشعر الجاهلي يمثل النموذج الأكمل؛ على اعتبار أن الاهتمام الأكبر كان منصباً على الجانب الحسي، ومن هنا تمظهر الجمال في التناسب والتناسق والترتيب وحسن الابتداء وحسن التخلص وجمال اللفظ، فصار إدراك الجميل والانفعال به إدراكاً حسياً.‏

2- تخطي القرآن الكريم وتجاوزه إلى غيره تأثراً بالجمالية الإغريقية، وفي هذا تأكيد للعنصر الأول حيث توافق الشعر الجاهلي بنماذجه مع النظرة الإغريقية للجمال في جميع مجالاته التمظهرية.‏

3- كون معظم النقاد فقهاء وقضاة. وهنا تولى الشرع مسألة التقويم عندما تدخّل رجاله " بالمنع والتحريم لبعض الفنون، وبذلك عطلوا توجيه الإحساس بالجمال عند المسلمين إلى موضوعات هذه الفنون، بل لقد تعطل إنتاجها تماماً في بعض البلاد الإسلامية في المشرق ونخص منها بالذكر النحت؛ فلقد خيل لرجال الشرع أن صنع التماثيل على هيئة المخلوقات إنما يعد مشاركة للخالق في صنعه. ولكن الواقع أن السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذا التحريم هو مخافة رجال الشرع من أن ينتكس المسلمون إلى عبادة الأوثان، فجاء المنع حتى لا ترتبط شواهد هذا الفن من تماثيل بشرية أو حيوانية، بذكريات العرب في الجاهلية عن أصنامهم، وكأن رجال الشرع يريدون أن يقطعوا الصلة تماماً بين هذا الماضي الوثني والحاضر الإسلامي"(3).‏

غير أن الحقيقة الكامنة وراء تحريم الشرع لبعض الفنون بخاصة فن التصوير وما تابعه من فنون تشكيلية أخرى إنما مرده تشرّب هذه الفكرة من الديانة اليهودية، وذلك بالرجوع إلى إحدى الوصايا العشر للدين اليهودي، فجاء النص في العهد القديم على النحو التالي: ...لا تضع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة ما، مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض"(4) فنقلت إلى الإسلام تلفيقاً بدافع التشويه ولم يمنع هذا التحريم المسلمين في الأندلس من أن يبرعوا في فن النحت، فتصدر عنهم وحدات فنية رائعة كما نشاهد في تماثيل السباع في قصر الحمراء بغرناطة. أما من ناحية التصوير وعلى الأخص تصوير الأشخاص والحيوانات، فقد كان للمنع تأثيره في بلاد المشرق في أول الأمر ولم يشذ عن هذا سوى الفرس الذين لم يأبهوا كثيراً بتحريم التصوير وذلك انسياقاً مع تراثهم الفني القديم. ولم يلبث المسلمون في العصور المتأخرة أن دخلوا هذا الميدان وخصوصاً فيما يتعلق بالتصوير على النسيج، أو صفحات المخطوطات أو مقابض السيوف وجدران القصور أو المساجد، وذلك على صورة مصغرات تعد من أبرع الأعمال الفنية في مجال الفن الزخرفي، فظهرت أربع مدارس رئيسية هي المدرسة العربية والإيرانية والهندية والمغولية والتركية العثمانية"(5).‏

وحتى في الحالة التي يكون فيها الشرق قد اعتمد على بعض الأحاديث النبوية الشريفة، فإن سوء الفهم، وخطأ التأويل حاد بهم عن الصواب، ووجههم التوجيه المعاكس بخاصة ما كان يصدر منهم في حجج قراءاتهم للشرع في عهد المتوكل العباسي والذي اعتمد على أحاديث شريفة يؤكد النووي صحتها ومنها قول الرسول لعائشة " يعذب المصورون يوم القيامة" وقد رأى أبو علي القالي أن قول الرسول يتجه إلى منع عمل خطير من مفهوم الإسلام وهو تصوير الله تصوير الأجساد، وإن المنع إنما يقتصر على ذلك، وفي رأيه أن الحديث الشريف إنما يعني: " يعذب المصورون الذين يصورون الله تصوير الأجساد" إلا أن أنصار المنع كان لهم دور كبير في عدم الاهتمام بالتصوير التشبيهي والانصراف إلى الفن التجريدي. وقد تكون المذاهب الدينية قد مارست دورها في تشجيع التشبيه أو في منعه. إذ أن التشبيه الفني في منطقة المذاهب الشيعية لم يكن محرماً بينما كان في المنطقة السنية أقل انتشاراً وأوضح ارتباطاً بالمنع الذي تأكد لديهم من الحديث الشريف(6).‏

لذلك أخذ مفهوم التحريم حيزه الأوفر عند مفسرينا القدامى الذين ابتعدوا في ذلك عن الفهم الحقيقي للمصادر الأساسية اعتقاداً منهم أن فن التصوير التشبيهي مساس ببيان صفات الله للامتثال الظاهري، فانطبعت النشاطات الفنية بطابع هذه الرؤية الخاطئة. غير أن الحقيقة عكس ذلك من حيث كون الفنون –والتشكيلية منها على وجه الخصوص –تتيح لنا إلقاء نظرة أخرى على الحضارة الإسلامية. فالفن الإسلامي يعرب عن تصور للعالم يحدد بآن واحد مصيره، وصيغه ومفرداته التشكيلية وتقنياته. ذلك أن المفهوم الإسلامي عن العالم لا يحض على التمثيل الواقعي وإن اقترفنا بهذا الصدد خطأ التأويل وزعمنا أن القرآن يمنع تمثيل الكائنات البشرية بينما هو يقتصر على خطر عبادة الأوثان(7).‏

ومما لا شك فيه أن الفن الإبداعي في حياة المسلمين –خلال هذه الحقبة الزمنية وما تلاها- نشأ شأن كل إبداع إنساني دون أن يهمل تفاعله الحميم مع عقيدته التوحيدية، وينبوع أفكاره الفلسفية –تباعاً- على الرغم مما كان يطبعه من إحساس مرهف قائم على فكرة التجسيد الظاهري في قيم الأشياء فكانت إبداعاته الفنية الزخرفية، مثلاً، رسالة جمالية معبرة عن روح طامحة إلى الكمال والخلود عبر اتصالها –الصوفي- بالخالق المبدع، فاطر الأكوان ومبدع كل جمال، فكان لجوء فناني الزخرفة المسلمين إلى التجريد نتيجة لرقي المستوى الفكري والذهني والإحساس الفني لديهم، وليس لسبب مزعوم من تحريم تصوير الكائنات الحية، أو العاقلة، ولما كان المصدر الوحيد لهذا الفن النفس الإنسانية للمبدع، فقد انطبع مضمونه بطابعها، فكان المضمون دائماً إفصاحاً جمالياً مرهفاً عن عقيدته التوحيدية الراسخة في قلب صوفي تعبدي، تأملي، ناسك، يتجه باطراد إلى إبراز الجماليات الخالدة –وليس العابرة- في إبداعات تتعلق بالجمال المعنوي الروحي في الإنسان، وليس الجماليات الآتية الموجهة إلى الحس أو الغريزة أو الشهوة لديه(8).‏

أمام هذا التوجه الجمالي للفنانين المسلمين –المترجم لعقائدهم وأفكارهم – كان من الحتمي أن ينشأ عندهم ذوق جديد يستمد مقوماته من الجمال الروحي، لا سيما أن حضور المبدع الأكبر أضحى أقرب مصدر للجمال والكمال لديهم، ولذلك كانت محاولاتهم الفنية هي إبراز الجمال اللامتناهي المتجلي في الذات الإلهية.‏


جمال القول:‏

يجد المتتبع لتراثنا العربي آراء مستفيضة في ثنايا الكتب الأدبية بخاصة منها البلاغية على اعتبار أن جمال الفن اللغوي يكمن في بلاغة اللفظ. ولذلك كانت العرب تولي أبحاث جمالية اللفظ اهتماماً بالغاً، ومن هنا كانت " البلاغة العربية هي علم الجمال الأدبي عند العرب، ومن هنا إن مفاهيم البلاغة العربية وأسسها وقواعدها هي مفاهيم الجمالية الأدبية في تراث العرب الفكري، كما تهيأ لهم أن يستخلصوها من روائع شعرهم وأدبهم"(9). ومعنى هذا أن البحث في قيمة المعنى التجزيئي في صورته الخارجية والدلالي يتخذ من مجال علم الجمال الطبيعي أداة يحكم بها على التحام أجزاء النظم التي تكون شخصية القصيدة التي كان سبيلها التأثير والإقناع، وهو أكبر دليل على وجود عناصر جمالية تشكل البذور الأولى من حيث كونها أساساً نظرياً لمشهد الفن في علم الجمال العربي من منظور الرؤية الطبيعية الناتجة عن تأمل الكون المدرك في بساطته، وقد استمر هذا التيار الانفعالي بصوره الحسية. حتى بعد مجيء الإسلام إلى فترة متأخرة من الحياة العربية، كان فيها المبدع والفنان على وجه العموم يولي اهتمامه للخير الضئيل من تصنع الكلام والارتكاز على الملمح الإشاري في حسن أداء اللفظ، فكان " مرماه البعيد أن يرسم النماذج المطلقة المثلى، ولم يكن يصور هذه الحالة الواحدة المعينة أو تلك، من الحالات الجزئية التي يزخر بها تيار الحياة الواقعة، فإذا وصف الشاعر العربي جواداً، أو ناقة، أو ما شاء أن يصف، وصفه كما ينبغي له أن يكون لا كما هو كان بالفعل"(10) وهو ما يؤكد انتماء الفنان العربي في إبداعه إلى الجمال المطلق.‏

لقد كان لجمال النطق، وحسن الأداء وعذوبة اللفظ وطرافة المعنى أثره البليغ، حتى يخيل إليك أنك أمام لغة الترف والزينة في شكلها المنمق من سجع وبديع، وهو اتجاه ساد معظم أساليب العصر بل حتى الحياة اليومية، حتى عادوا يغربون في حياتهم وتفكيرهم إغراب المهلبي(11) بملاعقه، فبرز ما يسمى بمذهب التصنع والتصنيع الذي يعتمد التحذلق والتكلف في الأداء حتى أصبح جمال الكلمة في ذاته مفتاحاً للأبواب المغلقة يفتح الطريق إلى مناصب الدولة، ويفتح الخزائن بالرزق الغزير. كان يكفي لصد الرجل عن قضاء غايته ألا يكون موهوباً بالقول الجميل، كما يكفي لإقبال الدنيا بكل زخرفها على رجل أن يوهب القدرة على صياغة الكلام.. إن الرجل ليكلمني في الحاجة ليستوجبها فيلحن فأرده عنها، وكأني أقضم حب الرمان الحامض لبغضي استماع اللحن، ويكلمني آخر في الحاجة لا يستوجبها فيعرب فأجيبه إليها التذاذاً لما أسمع من كلامه(12). هذا جزء من كثير من عنايتهم بتزيين اللفظ ومراعاة تهذيبه وحسن تنقيحه وجزالته وسلاسته، وفي هذا ما يدل دلالة قاطعة على اهتمام العرب بالبيان في جماله اللفظي، ولعل اختلاط مفهوم البيان بالجمال وارد وبوفرة في اصطلاحاتهم اللغوية، فقد قال ابن الأثير: شيئان لا نهاية لهما هما البيان والجمال، ويبدو أن كل ما وضع البلاغيون من شروط في علمي الفصاحة والبيان كان في خدمة الجمال الفني(13) لما فيه من تركيز على سلامة النطق وتنقية الجمال المطبوع من الجمال المصنوع وذلك بالاعتماد على الذائقة الفطرية التي لم تعرف التمويه والتشويه، فالكلمة المسموعة بفصاحتها زخارف الفن العربي، لأن كلا منهما يقوم على البناء الهندسي، وهنا يكمن جوهر التعامل الجمالي المميز في الذهنية العربية، وهذا أيضاً ما يميز الشكل الخاص للوعي الجمالي العربي، ذلك أن مقولة الجمالي في هذا المضمار تعطي التعريف الشامل لحقيقة الوجود العملي الذي تنطوي طبيعته على مبدأ الانسجام والتنسيق والتنظيم بين أجزاء العمل، ومن خلال هذه الإشارة يمكننا القول بأن النقد العربي القديم قد عرف التفكير الجمالي، وعرفه متصلاً بالصياغة الأدبية، وقائماً على التناسب والتناسق، ومراعاة الآثار النفسية المترتبة على مواقع المعاني في المطالع والمقاطع، ومعنى ذلك أن التفكير الجمالي عند النقاد العرب كان شيئاً له سماته الخاصة المتميزة من التفكير اليوناني في هذا الشأن(14) غير أن هذا لا يقلل من شأن الغاية التي توصل إليها نقادنا القدامى بفضل الإضافات التي كانت تستند إلى معطيات مستمدة من البيئة العربية، ومع ذلك فإن في ثنايا كتبهم ما يشير إلى امتلاك الرؤية الجمالية بالقدر الذي مكنهم حسهم المرهف، وذوقهم الطبيعي، كما يتضح من خلال هذه الآراء الانطباعية في أول أمرها، والتي يمكن إدراجها في منظورها السياقي العام، سواء ما كان منها معبراً عن طبيعة الجمال بالتصريح أم معبراً بالتلميح، وقد يلحظ المتتبع ذلك في وقفاتهم الطويلة عند تعرضهم للبلاغة لأهمية هذا العلم عندهم والذي قرنوه بالشعر، من ذلك أنهم كانوا يستحسنون اختيار الألفاظ وأداء التنغيم من خلال ما تقتضيه طبيعة التناسب بين القول والمقول، وهو شيء يمكن استنتاجه مما تحمله آراؤهم من تصورات خفية تلميحية ومن ذلك مثلاً:‏

عبّر الأصمعي ( ت 217هـ) عن موقفه بأن " الشعر ما قل لفظه وسهل ودقّ معناه ولطف"(15) " فلطف المعنى" تأكيد ضمني لمعنى الجمال في الشعر الذي تستجيب له رغبة المتذوق في استحسان النص، والشعور بالجمال هنا يعطي النص كماله القائم على اختيار ألفاظه وصوره البيانية وهذا ما يبدو أيضاً عند: أبي العباس ثعلب (293هـ) حين يقول بالتحجيل مشترطاً أن تكون مقاطع الأبيات صادرة صدوراً طبيعياً عن مطالعها متناسبة معها وذلك بقوله: " والأبيات المحجلة ما نتج قافية البيت عن عروضه، وأبان عجزه بغية قائله وكان كتحجيل الخيل"(16) وإذا كان ثعلب لم يقل بالجمال صراحة ولا بالتناسب مصطلحاً إلا أنه دلّ عليهما ضمناً، فحين طلب أن تنتج القافية عن العروض فقد طالب بالتناسب وحين ربط تحجيل الأبيات بتحجيل الخيل فقد أشار إلى الجمال ودلّ عليه بمثال من بيئته العربية(17) وفي هذا إقرار يعبر عن سليقتهم وتصورهم الفطري للجمال.‏

وإذا أردنا أن نقترب من تصور نقادنا لهذه الظاهرة من خلال تعريفهم للشعر فإننا نجدهم –بدون استثناء- قد أفصحوا بشكل أدق عن رأيهم في إعطاء معنى الطبع والتكلف صورتهما الدلالية لتحديد مجال لغة الشعر بالكيفية التي تؤثر في النفوس (جمالياً)، من ذلك أن ظاهرة الطبع قد بسطت سلطانها على الثقافة النقدية، ولعل في رأي المرزوقي ما يبرهن على اهتمامهم بالطبع دون التكلف وربما كان تمسكه بالطبع ناتجاً عن أمرين هامين: أولهما أن الطبع عنده صفة مائزة للتفرقة بين الشعر الجيد والشعر الرديء، والثاني أنه يركز على ما في الشعر من انسجام في التصور، لأن الشاعر والمبدع على وجه العموم لا يعمل جهده الفكري في تصور الشيء بما يقع عليه حسه، وإنما بما تفرضه عليه الأطر الجمالية الفطرية، وذلك كما ورد في قوله مميزاً بين الطبع والتكلف: "والفرق بينهما أن الدواعي إذا قامت في النفوس وحركت القرائح أعملت القلوب، وإذا جاشت العقول بمكنون ودائعها، وتظاهرت مكتسبات العلوم وضرورياتها نبعت المعاني وردت أخلاقها، وافتقرت خفيات الخواطر إلى جليات الألفاظ. فمتى رفض التكلف والتعمل، وخلي الطبع المهذب بالرواية المدرب في الدراسة، لاختياره فاسترسل غير محمول عليه، ولا ممنوع مما يميل إليه، أدى من لطافة المعنى وحلاوة اللفظ ما يكون صفواً بلا كدر، وعفواً بلا جهد، وذلك هو الذي يسمى المطبوع، ومتى جعل زمام الاختيار بيد التعمل والتكلف عاد الطبع مستخدماً متملكاً، وأقبلت الأفكار تستحمله أثقالها، وتردده في قبول ما يؤديه إليها، مطالبة به بالإغراب في الصنعة وتجاوز المألوف إلى البدعة فجاء مؤداه وأثر التكلف يلوح على صفحاته وذلك هو المصنوع"(18).‏

إن مكانة الأطر الجمالية ماثلة بوفرة في سياق حديثهم عن فنيات التعبير التي تحدد جوهر اللفظ الفني، لذلك كان حديث نقادنا عن مقاييس الصيغة الفنية منصباً على مدى قدرة الشاعر على التصوير وفق الأسس الجمالية التي يتحكم فيها التناسب في بناء العبارة، ولنا أن نستشهد لهذا بكل ما ورد عنهم في أثناء تعرضهم إلى مكانة اللفظ في استحسان صورته السمعية بما تحمله من دلالة قصدية بحيث " يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اسم، ارتسم في النفس معنى، تتعرف النفس أن هذا المسموع لهذا المفهوم، فكلما أورده الحس على النفس التفتت إلى معناه"(19) معنى ذلك أن جميع أبنية اللغة في المنظور النقدي القديم كانت تقوم على أسس معمارية محكمة، لذلك أعطوا مكانة خاصة للذوق بخاصة التفضيلات الفنية للجانب الشكلي، والشاعر عندهم من كان يتمتع بالقدرة على اختيار الألفاظ. وقد تصوره ابن طباطبا (ت 322هـ) كالنساج الحاذق الذي يفوف وشيه بأحسن التفويف وينيرهُ ولا يهلهل شيئاً منه فيشينه(20) إن التركيز على جمالية الأداء التعبيري عند نقادنا القدامى والقائمة غالباً على مفهوم التناسب أو التناسق، كان بدافع وعيهم بأن ذلك يمد الصياغة اللفظية بالدفء والخصوبة، لكون القدرة الإبداعية هي قدرة على توفير هذا المفهوم –التناسب- فقدامة بن جعفر (ت 337هـ) يقسم كتابه تقسيماً ثنائياً؛ فاعتمد أولاً ذكر النعوت الواجبة في الشعر، ثم أتبعها بذكر العيوب، وكأنه بذلك قد حدد الأسس الجمالية التي يقوم عليها الشكل الشعري ببيانه للعيوب التي يجب تلافيها. وإن كان قدامة لم يذكر أيضاً الجمال كمصطلح صريح إلا أنه قنن للصناعة الشعرية من خلال أسس ومعايير تعد من القيم الجمالية. فهو مثلاً يشير في تعريفه لبعض الأساليب البديعية " كالتقسيم" و " المقابلة" و " التفسير" إلى مراعاة عدم الوقوع في المخالفة وضرورة المناسبة بين أقسام هذه الأساليب(21).‏

إن مراعاة التناسب بين الدال والمدلول في تاريخ الجمالية النقدية يبدو نسقاً بالمعنى، من حيث إن السياق العام كان يفرض عليهم الممارسة التحليلية دون مراعاة التحكم الدقيق في وضع المصطلحات المفهومية التي تستجلي الحمولة المعرفية، والتي شكلت الدلالة اللفظية. لذلك كان شغلهم الشاغل توافر المطلب الجمالي في التنسيق بين الشكل ومضمونه. ونحن بذلك نستطيع أن نطلع على طبيعة هذا التناسق، والنص الإبداعي فيما يراه النقد القديم لا يؤسس وفق هذا المنظور وهو ما أشار إليه أبو هلال العسكري (ت 395هـ) حين تعرض لطبيعة الفاعلية الإبداعية بقوله: " فإذا أردت أن تعمل شعراً فأحضر المعاني التي تريد نظمها في فكرك، وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزناً يتأتى فيه إيرادها وقافية يحتملها، فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى، أو تكون في هذه أقرب طريقاً وأيسر كلفه منه في ذلك، ولأن تعلو الكلام فتأخذه من فوق فيجيء سلساً سهلاً ذا طلاوة ورونق خير من أن يعلوك فيجيء كزاً فجاً، ومتجعداً جلفاً. فإذا عملت القصيدة فهذبها ونقحها، بإلقاء ما غث من أبياتها، ورث ورذل، والاقتصار على ما حسن وفخم، بإبدال حرف منها بآخر أجود منه، حتى تستوي أجزاؤها وتتضارع هواديها وأعجازها"(22).‏

إن السياق المعرفي للجمالية العربية يقوم على المدركات الحسية انطلاقاً من انعكاس مواصفات الاستحسان والذوق والجمال من الأشكال على المضامين والجواهر في قوة مشاهدتها الحسية، عبر إيحاء اللفظة من المدلول الحسي إلى المعنوي على حد ما جاء به جورجي زيدان بقوله: " وعندي أن الدلالة الحسية هي الأصل والمعنوية هي الفرع، حملت مجازاً لتشابه في الصور الذهنية لأن المحسوسات أول ما يستلفت انتباه الإنسان، هي سابقة في ذهنه على المعنويات، لأنه في أبسط أحوال عيشه لم يكن في احتياج إلا للمعاني الحسية(23).‏

وهذا اعتراف ضمني على تغلب النظرة العقلانية للجمالية بخاصة عند ناقدنا عبد القاهر الجرجاني (471هـ) الذي يزن مقدار التلقي الجمالي في الفن، بحمل الشيء على ما يشابهه بما يقتضيه ارتباط الأصل بالفرع (ولن يبعد المدى في ذلك ولا يدق المرمى إلا بما تقدم من تقرير الشبه بين الأشياء المختلفة فإن الأشياء المشتركة في الجنس المتفقة في النوع تستغني بثبوت الشبه بينها وقيام الاتفاق فيها عن تعمل وتأمل في إيجاب ذلك لها وتثبيته فيها، وإنها لصنعة تستدعي جودة القريحة والحذق، الذي يلطف ويدق، في أن يجمع أعناق المتناظرات المتباينات في ربقة، ويعقد بين الأجنبيات معاقد نسب وشبكة"، لأن ذلك في نظره يحتاج إلى " دقة الفكر ولطف النظر ونفاذ الخاطر"، ولن يتم ذلك بحسب اعتقاده إلا بتجاوز ما يحضر العين إلى ما يستحضر العقل، ولا يعنى بما تنال الرؤية بل يعني بما تعلق بالودية(24) وهنا يكمن كمال التصور بما يتصل وقدوة الحدس بمعاينة الأجزاء في رؤيتها الجمالية الكلية.‏

فالجمال عند عبد القاهر قائم على البنية العقلية وفق معطيات وجوب جريان التفاضل في الكلام الفني، بمختلف قيمه الجمالية على مدار مقتضيات البديع، من حيث كون أن الحسن في النص قد يأتيه من جهة اللفظ، وقد يأتيه من جهة النظم، وقد يجمعهما معاً على حد ما جاء في قوله: " وجملة الأمر أن ها هنا كلاماً حسنه اللفظ دون النظم وآخر حسنه النظم دون اللفظ وثالثاً ترى الحسن من الجهتين ووجبت له المزية بكلا الأمرين والإشكال في هذا الثالث، وهو الذي لا تزال ترى الغلط قد عارضك فيه، وتراك قد خفت فيه على النظم فتركته، وطمحت ببصرك إلى اللفظ، وقدَّرت في حسن كان به، وباللفظ أنه للفظ خاصة"(25) وقد استدل على ذلك بالآية الكريمة " اشتعل الرأس شيباً" التي برهن البلاغيون – في نظره- على أن الحسن وقع بوجوب اختيار اللفظ ويقترح لذلك توزيعاً يكون على النحو التالي:‏

اشتعل شيب الرأس.‏
اشتعل الشيب في الرأس.‏
اشتعل الرأس شيباً.‏

فكان استنتاجه أن الفضل والاستحسان يعود دائماً إلى القدرة على دلالة المبالغة في: اشتعل الرأس شيباً، لما في ذلك من تطابق بين البنية اللسانية والبنية النفسية. وعلى اعتبار أن كل ظاهرة في التوزيعتين الأوليين تشوهان الباطن في حين كانت التوزيعة الأخيرة في حكم القيمة من الكلام الفني وليس للكلام التواصلي، وبوصفها أيضاً –وهذا هو الأساس- بنية لسانية تطابق تمام المطابقة البنية النفسية. لذلك تمثلت في نظره عملية حسن التوزيع على مدار مقتضيات حسن جمال الدلالة عبر مستويات التأثير.‏

والرؤية الجمالية عند عبد القاهر الجرجاني لا تتوقف عند هذا الحد وإنما تصل إلى مستوى الانسجام والتناغم بين أجزاء العمل. والتناسب في الكلام يبدو أمراً مسوغاً في نفس المتأمل، ذلك أن من البين الجلي أن التباين في فضيلة الكلام ليس قائماً على مجرد اللفظ، وأكثر من ذلك، فهو يستنكر هذا الموقف معتبراً الألفاظ لا تتغير حتى تؤلف ضرباً خالصاً من التأليف، ويعمد بها إلى وجه دون وجه من التركيب والترتيب(26) وهذا النوع من التناسب في تفكير عبد القاهر له ما يبرره من حيث أنه انطلق من باب دعم أسس القيم البلاغية "ونحن لا نعدو الحق إذا قلنا إن نظرية عبد القاهر في النظم كانت نظرية في الصياغة الجمالية"(27). وربما كان الدافع لموقفه المنطقي هذا نابعاً من اتجاهه الذي حاول أن يرسي قواعده من خلال اقتران " النظم" بـ " علم النحو" بمستوياته اللفظية والتركيبية. وليس الجمال فيما يتصور إلا بما يتوخاه الدافع المثير للإعراب الذي يحدد مستوى القيمة الفنية لفاعلية التناسق " وهكذا إذا استقريت التشبيهات وجدت التباعد بين الشيئين كلما كان أشد، كانت إلى النفوس أعجب، وكانت النفوس لها أطرب، وكان مكانها إلى أن تحدث الأريحية أقرب، ذلك أن موضع الاستحسان ومكان الاستظراف والمثير للدفين من الارتياح والمتألف للنافر من المسرة والمؤلف لأطراف البهجة، أنك ترى بها الشيئين مثلين متباينين ومؤتلفين مختلفين(28).‏

وباقترابنا من القرن السابع الذي عاش فيه حازم القرطاجني نكون قد أدركنا اهتمام النقاد في هذه الحقبة الزمنية، بسر صناعة النظم وقد اعتبره الدكتور صفوت عبد الله الخطيب(29) الوحيد من بين المتأثرين بأرسطو الذي نظر إلى العبارة الشعرية من زاوية جمالية ونقدية تعبّر عن قيمتها في البناء الشعري، ويبدو ذلك في تحديده لمنهج دراستها معتمداً قوله: " يكون النظر في صناعة البلاغة من جهة ما يكون عليه اللفظ الدال على الصور الذهنية في نفسه، ومن جهة ما يكون عليه بالنسبة إلى موقعه من النفوس من جهة هيئته ودلالته، ومن جهة ما تكون عليه تلك الصور الذهنية في أنفسها، ومن جهة مواقعها من النفوس من جهة هيئاتها ودلالاتها على ما هو خارج الذهن، ومن جهة ما تكون عليه في أنفسها الأشياء التي تلك المعاني الذهنية صور لها، وأمثلة دالة عليها، ومن جهة مواقع تلك الأشياء من النفوس"(30) وفي هذا يقترب من طروحات أرسطو في أهمية شكل المضمون في الاستخدام الحسي لأبنية العبارة الموزونة وهو ما تأثر به حازم بشكل مفصل ودقيق اعتباراً من النظرة الكلية(31) التي تحدد مسار الحركة الإبداعية وذلك بقوله: " ومعرفة طرق التناسب في المسموعات والمفهومات لا يوصل إليها بشيء من علوم اللسان إلا بالعلم الكلي في ذلك وهو علم البلاغة الذي تندرج تحت تفاصيل كلياته ضروب التناسب والوضع فيعرف حال ما خفيت به طرق الاعتبارات من ذلك بحال ما وضحت فيه طرق الاعتبار وتوجد طرقهم في جميع ذلك تترامى إلى جهة واحدة من اعتماد ما يلائم واجتناب ما ينافر"(32).‏

إن سبيل تحقيق الجمال في منظور حازم مبعثه قدرة التحكم في المتعة التي تخلقها الأشياء المتجانسة، وفي التناسب والتلاؤم تظهر قيمة الجوهر الفني في تنظيم شكل وتناسق محتواه وهذا في حد ذاته ينطوي على سلوكات النشاط البشري ومن هنا يتحدد مكمن النشاط الجمالي للمخيلة الإبداعية التي تبرهن على نفسها من خلال إيقاع الكون. فالتناسب –ومن هذا المنظور- هو القوة الخالقة للتصور في جميع النشاطات الاجتماعية والفنية، أو قل في ذلك إنه المنظور الذي يرى أن الكون انسجام في جميع مجالاته بدءاً من مقول الكلام إلى ما يخلقه دوران الأرض في تنظيم حرثها. وهكذا نصل مع حازم إلى كون الانسجام صفة تدخل عالم التوحد بين الأشياء، التي تحددها جميع العناصر الجمالية، معتبراً في ذلك نبض الكلمة إشارة أولية لبدء النشاط التشكيلي في ترنيماته وتحسين استدارة نطقها لأنها تفيض بحركة تناسب حركة خطوات النفس الوثابة في تموجاتها ونحن مأخوذون بسحر الكلمة في انسجامها الخلاق وهو ما عبّر عنه حازم بقوله: " ومن ذلك حسن التأليف وتلاؤمه والتلاؤم يقع في الكلام على أنحاء: منها أن تكون حروف الكلام بالنظر إلى ائتلاف بعض حروف الكلمة مع بعضها وائتلاف جملة كلمة مع جملة كلمة تلاصقها منتظمة في حروف مختارة متباعدة المخارج مترتبة الترتيب الذي يقع فيه خفة وتشاكل ما. ومنها، ألا تتفاوت الكلم المؤتلفة في مقدار الاستعمال، فتكون الواحدة في نهاية الاعتدال والأخرى في نهاية الحوشية وقلة الاستعمال ومنها أن تتناسب بعض صفاتها مثل أن تكون إحداهما مشتقة من الأخرى، مع تغاير المعنيين من جهة أو جهات أو تتماثل أوزان الكلم أو تتوازن مقاطعها ومنها أن تكون كل كلمة قوية كالطلب لما يليها من الكلم أليق بها من كل ما يمكن أن يوضع موضعها".‏

إن حازماً هنا يحث المبدع والفنان على وجه العموم على التمعن في اختيار النطق المناسب لفضيلة الكلام على اعتبار أن ذلك أولى مراحل النشاط الجمالي، وفي ذلك تمرس وترويض للقول على حسن اختيار التوزيع. ومن هنا تكمن قيمة طلب بالشيء وفق الحاجة وإعطاء الأمر ما يستحقه، وبما تقتضيه المكانة اللائقة به " والواقع أن أزهد الأعمال –في نظرنا- له صلة كبرى بالجمال، فالشيء الواحد قد يختلف تأثيره في المجتمع باختلاف صورته التي تنطق بالجمال، أو تنضح بالقبح، ونحن نرى أثر تلك الصورة في تفكير الإنسان وفي عمله وفي السياسة التي يرسمها لنفسه"(33) وفي هذا إشارة تطوير سلوكات البشرية بفضل تمكنها من تحقيق الانسجام وقدرتها على التحكم في نشاط الوعي الإنساني وتماثل نبض الكون وفق جوهر ما يطمح إلى تحقيقه هذا الإنسان في حقيقته النسبية " وهكذا يتسم موقف حازم بالإيجابية في تأثره الجلي بالفلاسفة السابقين عليه في هذه القضية فهو لا يكتفي فقط كما قيل- بتقرير- " أن الجمال موضوعي وأن له أسباباً تلتمس في العبارة الأدبية وأسراراً تجعلها جميلة وأن من الممكن معرفة هذه الأسباب والاهتداء إلى هذه الأسرار والتعليل لها" أقول لا يكتفي حازم بتقرير ذلك ولكنه يضع بناء نقدياً لهذه الأسس ومنهجاً للأخذ بها وتفسيراً لقيمتها الفنية والنفسية، وهذا يبرر القول بإيجابية الموقف الذي وقفه الرجل في تأثره بالفكر الفلسفي اليوناني حيث استقل التنظير في تطوير ما تداوله النقد العربي(34).‏



الحواشي:‏

(1) سورة النحل، الآية 6، وانظر أيضاً يوسف، 18 و 83، الحجر 85، الأحزاب 28 و 49، المعارج 5، المزمل 10، إلى جانب مواضع أخرى بمواقف حقولها الدلالية والتي وردت في شكل القرابة المعنوية للآيات السابقة "في معنى الجمال" بالإضافة إلى الخصائص المعنوية للآيات السابقة "في معنى الجمال" بالإضافة إلى الخصائص المميزة للأسلوب التصويري بوصفه أداة جمالية.‏
(2)جاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (() لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر، قال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة، قال: إن الله جميل، يحب الجمال، الكِبر بَطَر الحق وغمط الناس، الحديث من رواية مسلم وأبي داود والترمذي وقد ورد الحديث بروايات مختلفة نسبياً.‏
(3)د. محمد علي أبو ريان، فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة، دار المعرفة الجامعية، 1989، ص 21.‏
(4)العهد القديم –سفر الخروج- الإصحاح العشرون.‏
(5)ينظر محمد علي أبو ريان، فلسفة الجمال 21-22.‏
(6)د. عفيف بهنسي: الجمالية العربية: مقال في مجلة الوحدة، ع 24، سبتمبر 1986، ص 25.‏
(7)ينظر روجي غارودي: حوار الحضارات، ترجمة عادل العوا (سلسلة زدني علماً) منشورات عويدات، ص 171.‏
(8)لؤي داخل: فن الزخرفة الإسلامية، مقال في مجلة فكر وفن، ع 56.‏
(9)د. ميشال عاصي: مفاهيم الجمالية والنقد في أدب الجاحظ، مؤسسة نوفل 1981، ص 25.‏
(10)د. زكي نجيب محمود، تجديد الفكر العربي- دار الشروق 279.‏
(11)ولعل من الطرف التي تصور ذلك تصويراً أوسع من طريقة ابن الفرات في مأدبة ما انتهى إليه المهلبي الوزير المعروف من تصنعه في تناول طعامه فهم يذكرون أنه "كان إذا أراد أكل شيء بملعقة كالأرز واللبن وقف من جانبه الأيمن غلام معه نحو ثلاثين ملعقة زجاجاً مجروداً، فيأخذ منه ملعقة يأكل بها من ذلك اللون لقمة واحدة، ثم يدفعها إلى غلام آخر قام من الجانب الأيسر، ثم يأخذ أخرى فيفعل بها فعل الأولى، حتى ينال الكفاية لئلا يعيد الملعقة إلى فيه دفعة ثانية. انظر آدم ميتز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ج 2/196.‏
(12)القول لعمر بن عبد العزيز، ينظر د/ زكي نجيب محمود: "تجديد الفكر العربي" ج 8، 232.‏
(13)د. جميل علوش: النظرية الجمالية في الشعر العربي والإفرنج، مقال في مجلة الوحدة (المغرب) ص 62.‏
(*)وقد خصه العرب بمصطلح التناسب في البلاغة العربية على اعتبار أنها في رأيهم تصحيح الأقسام واختيار الكلام وتصحيح الأقسام هو التناسب بعينه. كما ورد عنهم أن أبلغ الكلام ما تمَّ إيجازه وكثر إعجازه وتناسبت صدوره وأعجازه.‏
(14)ينظر د. صفوت عبد الله الخطيب: نظرية حازم القرطاجني النقدية والجمالية في ضوء التأثيرات اليونانية، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة 1986، ص 44.‏
(15)المضفر بن الفضل العلوي: نضرة الإغريض، تحقيق نهى عارف الحسن، مجمع اللغة العربية، دمشق 1976 ص 10.‏
(16)قواعد الشعر –شرح وتعليق عبد المنعم خفاجي، القاهرة 1948، ص 71.‏
(17)ينظر د. صفوت عبد الله الخطيب، نظرية حازم القرطاجني، ص 39.‏
(18)المرزوقي، شرح ديوان الحماسة، نشر أحمد أمين بالاشتراك، القاهرة 1952 ص 12.‏
(19)التهانوي كشاف اصطلاحات الفنون، دار قهرمان للنشر 1984، ص 284.‏
(20)ابن طباطبا، عيار الشعر، ص 5.‏
(21)قدامة بن جعفر، نقد الشعر، ص5.‏
(22)أبو هلال العسكري، كتاب الصناعتين، ص 145.‏
(23)جورجي زيدان، الفلسفة اللغوية، دار الجيل، ط1، 1982، ص 97.‏
(24)ينظر أسرار البلاغة، ص 122-129.‏
(25)دلائل الإعجاز.‏
(26)الأسرار، ص 2.‏
(27)د. أحمد عبد السيد الصاوي، النقد التحليلي عند عبد القاهر، ص 319، (عن نظرية حازم القرطاجني النقدية والجمالية في ضوء التأثيرات اليونانية).‏
(28)الأسرار، ص 109.‏
(29)ينظر نظرية حازم القرطاجني النقدية في ضوء التأثيرات اليونانية، ص 184.‏
(30)حازم القرطاجني، منهاج البلغاء، ص 17.‏
(31)وهي نظرية اعتمدتها الدراسات النفسية في القرن العشرين، حين اعتبرت أن الكل يكون سابقاً على الجزء في عملية الإبداع، فالشاعر إذ يبدع القصيدة يتقدم من الكل إلى الأجزاء (الأبيات) غير أن هذه النظرية على الرغم من حداثتها قوبلت بانتقادات. ينظر مصطفى سويف 294-296.‏
(32)المنهاج، ص 226-227.‏
(33)مالك بن نبي، شروط النهضة، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر، ص 92.‏
(34) صفوت عبد الله الخطيب، نظرية حازم القرطاجني النقدية والجمالية في ضوء التأثيرات اليونانية، ص 197.‏



المراجع:‏

-القرآن الكريم.‏
-العهد القديم.‏
-أبو ريان (محمد علي) فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1989.‏
-بهنسي (عفيف) الجمالية العربية (مقال) مجلة الوحدة (المغرب)، ع 24. سبتمبر 1986.‏
-التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون، دار قهرمان للنشر، 1984.‏
-ثعلب (أبو العباس) قواعد الشعر، شرح وتعليق عبد المنعم خفاجي، القاهرة، 1948.‏
-جارودي (روجي) حوار الحضارات، ترجمة عادل العوا، منشورات عويدات، بيروت.‏
-الجرجاني، أسرار البلاغة، تصحيح وتعليق محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت.‏
-الخطيب (صفوت عبد الله)، نظرية حازم القرطاجني النقدية والجمالية في ضوء التأثيرات اليونانية، دار نهضة الشرق، القاهرة 1986.‏
-داخل (لؤي) فن الزخرفة الإسلامية (مقال) مجلة فكر وفن، ع 56.‏
-زيدان (جورجي) الفلسفة اللغوية، دار الجيل 1981.‏
-ابن طباطبا، عيار الشعر.‏
-عاصي (ميشال) مفاهيم الجمالية عند الجاحظ.‏
-مؤسسة نوفل، بيروت، 1981.‏
-العسكري (أبو هلال) كتاب الصناعتين، تحقيق مفيد ف / دار الكتب العلمية، بيروت، ط1/ 81.‏
-علوش (جميل) النظرية الجمالية عند العرب والإفرنج (مقال) مجلة الوحدة (المغرب).‏
-العلوي (المظفر بن الفضل) نضرة الاغريض، تحقيق نهى عارف الحسن، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1976.‏
-محمود (زكي نجيب) تجديد الفكر العربي، دار الشروق، القاهرة.‏
-المرزوقي، شرح ديوان الحماسة، نشر أحمد أمين، وآخرين، القاهرة 1952.‏
-ابن نبي (مالك) شروط النهضة، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر.‏


د. عبد القادر فيدوح
باحث من الجزائر –أستاذ في معهد الآداب- جامعة وهران.‏



ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 63 - السنة 16 - نيسان "أبريل" 1996 - ذي القعدة 1416


د. عبد القادر فيدوح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...