اليوسفية - بن جرير.. جائحة كورونا تختطف طبيب الفقراء الدكتور سعيد ناقوس
أحمد نشاطي - "الغد 24"
اختطفت جائحة كورونا، أمس السبت، ابن مدينة اليوسفية الدكتور سعيد ناقوس، في مدينة بنجرير، التي يلقبه سكانها، وسكان كل المدن التي مارس فيها مهنته النبيلة، باسم "طبيب الفقراء"...
وبكلمات مؤثرة، كتب شقيقه عبد العزيز ناقوس في نعيه:
"يكفيك فخرا أنك عشت نبيلا ومت نبيلا
لم يكذبوا حين سموك طبيب الفقراء. فكل ساكنة الرحامنة تشهد بذلك"...
وبعبارة مفجوعة، أضاف عبد العزيز:
"(عبد العزيز رد بالك راه الفيروس خطير)، هكذا كنت تقول لي بعد كل اتصال هاتفي منك.
لم تتوارى إلى الخلف. كنت في الصفوف الأمامية لمحاربة هذا الوباء الفتاك. لكن شاءت الأقدار أن تصاب أنت ولم يمهلك كثيرا...
ما زلت مصدوما لفقدانك أخي
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته"...
الدكتور الطيب الطبيب سعيد ناقوس كان رجل قول وفعل، كان يعرف خطورة الجائحة، ويحسّس الناس بهذه الخطورة، وفي الوقت نفسه يتقدم صفوف الأطر المعالجة غير هيّاب، فذلك جزء من مهمته ووظيفته ورسالته، وأيضا وأساسا جزء من طبعه وشخصيته، التي لا تهنأ إلا بالوقوف مع الآخرين، وتقديم كل المساعدة وكل الدعم مهما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولذلك، لم يكن صدفة أن يسميه سكان مدينة بنجرير، بل كل سكان منطقة الرحامنة، حيث كان يشتغل، بلقب "طبيب الفقراء"...
بهذه المناسبة الأليمة، تتقدم أسرة تحرير موقع "الغد 24" بأحر التعازي والمواساة إلى أشقائه، رفيقنا عبد العزيز، وصديقنا الكاتب والناقد مهدي، وصديقنا الفاعل المدني مصطفى، وإلى باقي أفراد الأسرة الكريمة، ولكافة أقارب وأصدقاء ومعارف الفقيد الدكتور سعيد ناقوس، وعزاؤنا واحد...
" إنا لله وإنا إليه راجعون " تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى وأحسن إليه جزاء ما قدم وألهمكم الصبر والسلوان وأجر الصابرين.
أصدق الدعاء وخالص العزاء والمواساة إلى الاخ الأستاذ / نقوس المهدي وجميع الأهل والمحبين .
المرحوم الدكتور سعيد ناقوس كان إنسانا قبل أن يكونن طبيبا ، وإذا اجتمع الطبيب والإنسان في نفس الشخص غلب الإنسان لينجح الطبيب في عمله.
والإنسانية عندما تتحرك في الطبيب تجعله يبدع في عمله.
والأجمل في الدكتور المرحوم سعيد نقوس أنه كان لا يقدم وصفة الدواء إلا للمرض الذي يتعرف عليه، وإلا لجأ إلى تعميق البحث، حتى يتعرف على نوعية المرض قبل أن يقدم وصفة الدواء.
إن الدكتور المرحوم سعيد ناقوس كان شعبيا قبل أن يكون طبيبا، والذين استغلوا كونه شعبيا ليرتبطوا به لا صديق قولا وعملا، بل لأنه طبيب حتى لايؤدوا واجب الطبيب عندما يلجأون إليه من أجل الفحص.
والدليل على إنسانية الدكتور المرحوم سعيد ناقوس أنه كان لا يتأخر عن دعم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ودون مناقشة ويدعم كل ممارسة حقوقية مهما كانت.
Tous tes amis sont tristes après ton départ khouya SAÏD NAQOS toi, l’homme aux deux révolutions. Tu as combattu pour apprendre la médecine, et tu as combattu pour l’exercer et soigner gratuitement les malades indigents. Nous ne laisserons pas le flambeau, chacun de son côté, s’éteindre aussi longtemps que nous vivrons. Nous t’en faisons le serment.
Tu ne pourras jamais résumer la profonde affliction éprouvée par ton ancien camarade de classe à l’annonce de ta mort.Une affliction qui n’a d’égale que l’immense regret de n’avoir pas pu te rencontrer auparavant,comme je le souhaitais de tout mon cœur …Toi qui, jusqu’à ton dernier souffle, auras été de tous les combats, aux côtés de tes patients.... Ils seront des centaines à converger au cimetière pour les funérailles sauf moi, le vieil ami cloué au lit à cause d’un maudit ‘sciatique’ (je ne sais même pas l’écrire, encore moins le soigner…). J’espère que tu auras droit à un enterrement à ton image.Des funérailles à la mesure de l’homme humble, bienveillant, que tu étais, dans la simplicité et la sincérité de nos enterrements populaires.
Tu as vécu, tu as combattu, tu as milité, tu es mort comme un fils du Maroc profond, dans la dignité, le respect et l’amour de tes compatriotes. Par ton courage, ta probité sans concession, ta disponibilité et ton abnégation, tu es l’honneur et la fierté de ta famille et de tes amis.
Tu auras été un homme qui ne s’est jamais privé de dire ce qu’il pensait être juste, et tu accompagnais tes paroles par les actes. Tu as gagné ainsi le respect de tes pairs.Tes patient(e)s t’ont hissé aux plus hautes cimes du respect et de l’estime. Pour eux, tu n’es pas mort parce que tes gestes restent enracinées dans leur esprit et leurs cœurs.
Puisse Dieu t’envelopper de Sa Sainte Miséricorde et que ton âme repose en paix.Mes sincères condoléances à ta petite famille,à tes frères et sœurs.Nous sommes à Dieu et à Lui nous retournons.
لم يحصل لي شرف التعرف عليه قيد حياته : المرحوم الدكتور سعيد ناقوس، طبيب الفقراء، ابن بلدتي.
أخواه المهدي و عبدالعزيز صديقان عزيزان.
لما قرأت ما قيل في حقه بعد وفاته، من كونه كان طبيبا قريباً من الناس، يعطي من وقته لمساعدة المعوزين من أبناء هذا الوطن، و هذه ميزة تكاد تفتقدها مهنة الطب، حينها أحسست بشرف انتماء لهذه البلدة لم أعرف مثيلا ً له من قبل.
رحمك الله دكتور سعيد ناقوس.
في المقبرة لزيارة الفقيد مجموعة من الرجال من أحد دواوير صخور الرحامنة أتوا لدفن أحد اقربائهم سألوا عن قبر المرحوم للترحم عليه. التفتوا إلى أبنائه وقالوا لهم :"دوارنا كلو كان كيدوز فابور عند باكم". هنا قالت ابنته: "بما ان كل من نلتقيهم يقولون بأنهم يعالجون بالمجان ، فمن أين كنا نعيش"؟
لم يكن يعرف من أين يأتيه الرزق
الدكتور سعيد نقوس، لم أعرفه إلا بعد وفاته، و فوجئت بأسلوب ممارسته النبيلة لمهنة الطب، و التي تؤكد جميع العلامات أنها زائلة برحيل الملائكة أمثاله، الإنسان الذي يداوي دون مقابل، و يمنح الدواء دون مقابل، و هو ليس غنيا أو ثريا، إنسان لا يمكن أن يتحمله عالم كورونا..
بنجرير تحس بغيابه، و يحزنني أنني لم أتشرف بلقائه في زياراتي القليلة..
كم أحب أن أعود للوطن، كمكان في الماضي.. بلا كمامات، بلا غيابات غادرة.. و بعائلة مكتملة.
في العيادة، رجل ستيني، ملابسه وهيئته تدل على انه من معوزي المغرب العميق، يبحث بيديه المرتجفتين في جيوبه عن مبلغ الكشف. يخرج بضعة دريهمات واوراقا مالية مهترئة من فئة عشرين درهما. اغرورقت عينا المرحوم بالدموع و أخرج من جيبه ورقة مالية وناولها للرجل، قائلا:
- "ها انت، خذ فلوسك عندك، وزيدك عليها هاذي و سير شري بيها الدوا من الفرمسيان"
ذ. عبدالكريم التابي - الدكتور السعيد نقوس.. هذا الطبيب من زمن غير زمن الجشع والاغتناء من معاناة وآلام الناس
على مقربة من حمام المرحوم الحاج العربي الذي لم يتبق منه سوى بضعة أحجار مستوية على الأرض، وفي زقاق تنبعث منه رائحة زيوت المحركات، وفحيح "شاليموات" التلحيم، وجلبة المارة خاصة يوم انعقاد السوق الأسبوعية، هناك نبتت منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي عيادة متواضعة في شكلها الخارجي والداخلي لطبيب شاب تميل بشرته إلى السمرة، ويبدو من خلال أسنانه المطلية بترسبات الفوسفاط، أنه واحد ممن خرج من صلب ذلك التراب الذي لا نصيب لساكنيه منه، سوى الغبار وتشقق جدران البيوت في ابن جرير ونواحيها وفي اليوسفية ونواحيها ومنها "المزيندة" التي قضى بها طفولته. ذلك الشاب الخافت الصوت، هو الدكتور سعيد ناقوس الذي بكاه بحرقة كثير من سكان ابن جرير الذين أجمعوا على أنه طبيب الفقراء بامتياز في زمن لم يعد قطاع واسع من الطب الخاص يرى في المريض إلا فريسة للنهش والابتزاز في العيادات والمصحات الخاصة.
ما كان للفقيد ناقوس أن يحوز كل ذلك التقدير والرثاء والبكاء، لو لم يكن المعزون والراثون يعلمون أن الرجل، كان قيد حياته وعمله، يخفف كثيرا من الآلام ومعاناة العوز وقلة ذات اليد تارة بفحص بعض المرضى المعوزين بالمجان، وتارة بأخذ ما يقل عن التسعيرة بكثير، وتارة بمنح الدواء لمن لا يجد إليه سبيلا. ولا نغالي إذا ما قلنا أن الفقيد جسد كثيرا من معاني نبل الطبيب وشرف البذلة البيضاء وقسم إيبوقراط.
له التقدير والاحترام حيا، وله ضعفهما وهو تحت الثرى تنهال عليه دعوات الناس كمطر مدرار.