أحمد الصباغ لاجئ فلسطيني شاب، كان عمره في بداية العشرينيات عندما حصلت النكبة،أستقر به المقام في مخيم "جنزور" جنوب جنين،تلك المنطقة التي ضمت جموع اللاجئين التي وفدت إلى جنين قبل عام "الثلجة" ( عام 1952/1953)، وما تلاه من إنشاء مخيم جنين،كان أحمد الصباغ القادم من البلدة المهجرة " السنديانه " ، يعيش مع شقيقه في خيمة واحده،ولأنه كان يملك شيئا من المال، قام باستئجار بيت صغير خلف مقبرة جنين ألغربية، و ذات يوم، أبلغه صديق له من بلدة قباطية تعرف عليه بعد النكبة يدعى " أبو فضاله" بوجد "بركس" كامل في بلدة سيلة الظهر،يمكن شراءه ونقله قرب مخيم "جنزور"، وبناء مقهى من مكوناته، والعمل سويا في المقهى من أجل كسب الرزق، فراق هذا الأمر للشاب أحمد، وذهبا سويا إلى سيلة الظهر، والتقيا بأحد أصحاب البركس الذي كان ضخما وكبيرا، وبعد نقاش في مسألة البيع والشراء، طالب أحد أصحاب "البركس" مبلغ خمسون دينارا ثمنا له، وبالرغم من أن الثمن مرتفع، إلا أن الصباغ وأبو فضاله وافقاعلى ذلك، ودفعا عربون الصفقة نصف المبلغ المطلوب، على شرط أن يعودا في اليوم التالي لاستكمال المبلغ بعد موافقة المالك الثاني "للبركس"، وفعلا عاد في اليوم التالي ليتفاجآ بانسحاب أصحاب "البركس" من البيعة،وأعادا لهما العربون.. بحجة واهية، فعاد كل إلى بيته، مقهورين بعد فشل الصفقة.
***
في نفس اليوم،وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل منها، طُرق باب بيت أحمد الصباغ بشدة، فخرج بعد أن إنتعل "حفايته" وخرج ببجامته إلى الباب، ليجد عدد من ضبط ومجندي المباحث والشرطة الأردنية ليبلغوه بضرورة الصعود معهم فورا دون مقدمات،ودون إبداء ألأسباب فأستهجن الصباغ هذا ألأمر وطلب منهم ان يبدل ملابسة، فرفضوا، وأخذوه عنوة إلى السيارة التي سارت بهم نحو طريق نابلس،شيء يبعث على الريبة والاستهجان، السيارة تسير بسرعة، وهناك في الخلف أنين لشخص ما، لم يحاول التفات للخلف من هول ما رأي، سارت السيارة وعندما بلغت مفرقالشهداء، انعطفت باتجاه قباطية، فثارت في نفسه التساؤلات
فقال : إلى أين انتم ذاهبون؟؟
توقفت السيارة، فقال الضباط : إلى تنين.
إستغرب أكثر ، حيث لا يوجد في تنين مركز شرطة ...فسال من أجل ماذا؟
رد الضابط : أشعلوا النور في السيارة..
ففعلوا
فقال لأحمد إنظر خلفك
فنظر خلفه فإذا بصديقه أبو فضاله ملقى على أرض السيارة وقد بدى عليه آثار الضرب المبرح
قال أبو فضالة : يا أحمد اعد لهم الأغراض
صدم أحمد : أي أغراض؟؟!!
أبو فضالة : الذهب وباقي الإغراض
قال الضباط : ما رأيك ألان هل نعود لتسلم الإغراض وتسلم قبل أن نواصل الى تنين؟؟
دهشة أحمد ما زالت تتفاقم : هذا كذب..لا أعلم شئيا
فسارت السيارة حتى وصلت بيت النائب في البرلمان الأردني ، أُنزل أحمد وادخل باحة البيت الواسعة فوجد كل من أصحاب "البركس" ملقون على الأرض وعلى أجسادهم آثار التعذيب القاسية
قال كبير الحضور المحاط بالشرطة وعدد من أبناء العائلة ومعاوني النائب:- هل هو هذا الذي قام بالسرقة ؟؟
فردوا وهم على الأرض :- نعم
فسأله : أين ذهبت بالمسروقات
فرد : لم أسرق شيئا
فأمرهم بتربيط قدمية والشروع بضربة بالكرابيج والعصي والركلات حتى أغمي عليه ، فقاموا بسكب الماء عليه ليصحوا من جديد لتعود نوبات الضرب من جديد..
آفاق أحمد من الإغماء، فتذكر ذلك الوجيه الشيخ أديب ألخالدي وعادت إليه ذاكرة الأيام الخالية، كيف أنقذ الشيخ أديب الخالدي عمه الشيخ احمد الصباغ الذي ضرب الضابط السوري ردا على الاعتداء عليه بتهمة باطلة،وكيف تدخل الشيخ أديب ألخالدي واخرج الشيخ احمد من الاعتقال بسرعة، فأراد أحمد الخروج من هذا الحال العصيب، فقال : سأدلكم على المكان الذي خبأت فيه المسروقات !!
فحلو رباطة ورفعوه الى السيارة مع اقتراب آذان الفجر، وساروا به نحو مدينة جنين،لم يسر بهم الى بيته، بل عرج بهم إلى قهوة أكرم الشهيرة في ذلك الحين، فشاهد الشيخ الخالدي يحتسي القهوة في الصباح وحوله عدد من أقاربه( أقارب الصباغ) يحدثونه عن القضية، فقال لضابط الشرطة، المسروقات عند الشيخ الخالدي
توقفت السيارة ونادي الضابط الشيخ الخالدي وقال له : هناك سارق يقول انه خبأ المسروقات عندك
إنفعل الشيخ وقال : من هذا الذي يدعي ذلك؟؟
تقدم من السيارة فرأى الصباغ فيها.. فقال أنت؟؟ !!
قال الصباغ : ذبحوني ولم احتمل أرجوك أنقذني
سأل الشيخ ألخالدي : من أين انتم قادمون؟؟
فرد الضباط : من بيت النائب
استهجن الشيخ ألخالدي: بيت النائب. ألا توجد مراكز شرطة؟؟ ..سأذهب إلى مدير المنطقة وإن لزم الأمر سأرفع المسألة للملك عبد الله
فعادت السيارة إلى تنين من جديد وسط التهديدات والتوعد بسلخ جلد أحمد الصباغ
***
زج بأحمد في غرفة منفردة،وأحضر له الحارثون طعام ألإفطار فرماه بعيدا، وحضر مدير المنطقة كاظم أبو غزاله وقام بأخذ المحتجزين في بيت ألنائب ولم يأخذ احمد لأنه لم يراه، فجاء وفد من عائلة الصباغ يترأسه الحاج صادق خال احمد بمراجعة النائب وسألوه أين ابننا؟؟
رد النائب : بخير، وبإمكان شقيقه أن يزوره اليوم.. وغدا سنفرج عنه
في المساء حضر شقيق احمد وأطمئن عليه، وفي صباح اليوم التالي أفرج عن أحمد وأعيد إلى بيته بسيارة ألنائب وقل أن يترجل على قدميه الثقيلتين،قال له السائق عندما تتشافى وتتعافى من حالتك عليك مراجعة النائب لأمر هام
مضت أيام وصلت فيها القصة عبر الشيخ الخالدي إلى ديوان الملك عبد الله،فأصدر الملك قرارا بتشكيل لجنة تحقيق أرسلها خصيصا من العاصمة عمان، ذهب أحمد الصباغ إلى مقر النائب الذي كان بالقرب من كراج المدينة، حاول النائب تقديم خمسين دينار تعوضا لأحمد لما حصل له، أسوة بباقي من تعرض للحجز والضرب، رفض أحمد هذا الأمر بكبرياء، وخرج من عند النائب مرفوع ألرأس،أما لجنة التحقيق فقد أوصت بفصل وتجميد عمل عدد من الضباط في هذه القضية،خاصة بعد أن ثبتت براءة كل من أتهم في هذه المسألة وعلى رأسهم أحمد الصباغ.
***
في نفس اليوم،وفي تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل منها، طُرق باب بيت أحمد الصباغ بشدة، فخرج بعد أن إنتعل "حفايته" وخرج ببجامته إلى الباب، ليجد عدد من ضبط ومجندي المباحث والشرطة الأردنية ليبلغوه بضرورة الصعود معهم فورا دون مقدمات،ودون إبداء ألأسباب فأستهجن الصباغ هذا ألأمر وطلب منهم ان يبدل ملابسة، فرفضوا، وأخذوه عنوة إلى السيارة التي سارت بهم نحو طريق نابلس،شيء يبعث على الريبة والاستهجان، السيارة تسير بسرعة، وهناك في الخلف أنين لشخص ما، لم يحاول التفات للخلف من هول ما رأي، سارت السيارة وعندما بلغت مفرقالشهداء، انعطفت باتجاه قباطية، فثارت في نفسه التساؤلات
فقال : إلى أين انتم ذاهبون؟؟
توقفت السيارة، فقال الضباط : إلى تنين.
إستغرب أكثر ، حيث لا يوجد في تنين مركز شرطة ...فسال من أجل ماذا؟
رد الضابط : أشعلوا النور في السيارة..
ففعلوا
فقال لأحمد إنظر خلفك
فنظر خلفه فإذا بصديقه أبو فضاله ملقى على أرض السيارة وقد بدى عليه آثار الضرب المبرح
قال أبو فضالة : يا أحمد اعد لهم الأغراض
صدم أحمد : أي أغراض؟؟!!
أبو فضالة : الذهب وباقي الإغراض
قال الضباط : ما رأيك ألان هل نعود لتسلم الإغراض وتسلم قبل أن نواصل الى تنين؟؟
دهشة أحمد ما زالت تتفاقم : هذا كذب..لا أعلم شئيا
فسارت السيارة حتى وصلت بيت النائب في البرلمان الأردني ، أُنزل أحمد وادخل باحة البيت الواسعة فوجد كل من أصحاب "البركس" ملقون على الأرض وعلى أجسادهم آثار التعذيب القاسية
قال كبير الحضور المحاط بالشرطة وعدد من أبناء العائلة ومعاوني النائب:- هل هو هذا الذي قام بالسرقة ؟؟
فردوا وهم على الأرض :- نعم
فسأله : أين ذهبت بالمسروقات
فرد : لم أسرق شيئا
فأمرهم بتربيط قدمية والشروع بضربة بالكرابيج والعصي والركلات حتى أغمي عليه ، فقاموا بسكب الماء عليه ليصحوا من جديد لتعود نوبات الضرب من جديد..
آفاق أحمد من الإغماء، فتذكر ذلك الوجيه الشيخ أديب ألخالدي وعادت إليه ذاكرة الأيام الخالية، كيف أنقذ الشيخ أديب الخالدي عمه الشيخ احمد الصباغ الذي ضرب الضابط السوري ردا على الاعتداء عليه بتهمة باطلة،وكيف تدخل الشيخ أديب ألخالدي واخرج الشيخ احمد من الاعتقال بسرعة، فأراد أحمد الخروج من هذا الحال العصيب، فقال : سأدلكم على المكان الذي خبأت فيه المسروقات !!
فحلو رباطة ورفعوه الى السيارة مع اقتراب آذان الفجر، وساروا به نحو مدينة جنين،لم يسر بهم الى بيته، بل عرج بهم إلى قهوة أكرم الشهيرة في ذلك الحين، فشاهد الشيخ الخالدي يحتسي القهوة في الصباح وحوله عدد من أقاربه( أقارب الصباغ) يحدثونه عن القضية، فقال لضابط الشرطة، المسروقات عند الشيخ الخالدي
توقفت السيارة ونادي الضابط الشيخ الخالدي وقال له : هناك سارق يقول انه خبأ المسروقات عندك
إنفعل الشيخ وقال : من هذا الذي يدعي ذلك؟؟
تقدم من السيارة فرأى الصباغ فيها.. فقال أنت؟؟ !!
قال الصباغ : ذبحوني ولم احتمل أرجوك أنقذني
سأل الشيخ ألخالدي : من أين انتم قادمون؟؟
فرد الضباط : من بيت النائب
استهجن الشيخ ألخالدي: بيت النائب. ألا توجد مراكز شرطة؟؟ ..سأذهب إلى مدير المنطقة وإن لزم الأمر سأرفع المسألة للملك عبد الله
فعادت السيارة إلى تنين من جديد وسط التهديدات والتوعد بسلخ جلد أحمد الصباغ
***
زج بأحمد في غرفة منفردة،وأحضر له الحارثون طعام ألإفطار فرماه بعيدا، وحضر مدير المنطقة كاظم أبو غزاله وقام بأخذ المحتجزين في بيت ألنائب ولم يأخذ احمد لأنه لم يراه، فجاء وفد من عائلة الصباغ يترأسه الحاج صادق خال احمد بمراجعة النائب وسألوه أين ابننا؟؟
رد النائب : بخير، وبإمكان شقيقه أن يزوره اليوم.. وغدا سنفرج عنه
في المساء حضر شقيق احمد وأطمئن عليه، وفي صباح اليوم التالي أفرج عن أحمد وأعيد إلى بيته بسيارة ألنائب وقل أن يترجل على قدميه الثقيلتين،قال له السائق عندما تتشافى وتتعافى من حالتك عليك مراجعة النائب لأمر هام
مضت أيام وصلت فيها القصة عبر الشيخ الخالدي إلى ديوان الملك عبد الله،فأصدر الملك قرارا بتشكيل لجنة تحقيق أرسلها خصيصا من العاصمة عمان، ذهب أحمد الصباغ إلى مقر النائب الذي كان بالقرب من كراج المدينة، حاول النائب تقديم خمسين دينار تعوضا لأحمد لما حصل له، أسوة بباقي من تعرض للحجز والضرب، رفض أحمد هذا الأمر بكبرياء، وخرج من عند النائب مرفوع ألرأس،أما لجنة التحقيق فقد أوصت بفصل وتجميد عمل عدد من الضباط في هذه القضية،خاصة بعد أن ثبتت براءة كل من أتهم في هذه المسألة وعلى رأسهم أحمد الصباغ.