سأبدأ من الجانب المشرق من الحكاية. يكفينا ما نحن فيه. والذي حدث أنني وجدت في مكتبتي الكتاب الضخم، المنتخب من أدب العرب الذي أصدرته مكتبة الأسرة العام الماضي في طبعة جديدة وكان من حسن حظي أنه يوجد في مكتبتي الطبعة الأولى من هذا الكتاب. وهي تختلف عن الطبعة الجديدة في عدد الأجزاء. وفي الطباعة وشكل الحرف والإخراج.
الجزء الأول من هذا الكتاب للسنة الثالثة الثانوية في ذلك الزمان الأخضر الجميل الذي مضى ويبدو أنه لن يعود على الإطلاق مهما حاولنا استعادته أو استنساخه أو إعادة إنتاجه. والبعض منا يحاول ذلك. والبعض الآخر يرفضه ويقول إننا لن نعيش للأبد في الماضي. لأن لدينا حاضراً يستحق الاهتمام به. ومستقبلا ً يفرض علينا الحلم بما يمكن أن يحدث لنا فيه.
المنتخب من أدب العرب جمعه وشرحه: طه حسين، أحمد الإسكندري، أحمد أمين، علي الجارم، عبد العزيز البشري، أحمد ضيف. وهذه الأسماء يمكن التوقف أمامها طويلاً. ويمكن أن ننحني بلا حدود أمام وزارة المعارف العمومية عندما تطلب من هؤلاء العمالقة أن يشتركوا في وضع كتاب يقدم ما يمكن أن يعتمد عليه طالب السنة الثالثة الثانوية إذا أراد قراءة منتخب من أدب العرب.
طه حسين هو من هو، ولا يحتاج إلى تعريف أو أية إضافة مني. لكنى معجب لحد الانبهار بكونه يشارك في تأليف كتاب لكى يقرأه التلاميذ في المرحلة الثانوية. أما أحمد الإسكندري فربما لا تكون لدىّ معلومات عنه. وبالتالي لا أعرف دوره في هذه المجموعة التي تولت جمع متن الكتاب وشرحه. أحمد أمين أقول عنه ما قلته عن طه حسين هو من هو، لا أنسى أبداً صورة قديمة نشرتها مجلة الهلال له وهو يجلس في غرفة مكتبه. تعثر على وجهه بصعوبة بالغة من زحام الكتب حوله في كل مكان.
علي الجارم بلدياتي. أو أنا من بلدياته. فهو ابن رشيد ومن يحمل اسمه الآن وهو طبيب يحاول تذكير الناس بما كتبه علي الجارم. الذي لا نتوقف سوى أمام روايته: غادة رشيد. مع أن نتاجه أكبر وأغزر وأهم من هذا. وعبد العزيز البشري أحد صناع الكتابة في الجزء الأول من القرن العشرين التي كانت لها مميزاتها. ولو أن شباب هذه الأيام قرأوه لتغير موقفهم من كثير من قضايا العالم. ونفس هذا الكلام يمكن أن أقوله عن أحمد ضيف.
ستة كُتَّاب من الصف الأول تكلفهم وزارة المعارف العمومية بوضع كتاب يقع في أكثر من ثمانمئة صفحة من القطع الكبير. وإن كانت هذه الأسماء يمكن أن تجمع هذه الصفحات من تراثنا الأدبي. فإن الطالب الذي كُتب له هذا الكتاب خصيصاً لا بد أنه طالب استثنائي. إذا قارناه بطلاب هذه الأيام. الذين يترددون على مراكز الدروس الخصوصية ويقضون بين أروقتها من الوقت أكثر من الوقت الذي يقضونه في مدارسهم أو في بيوتهم. ومع هذا نقول عنهم طلاب علم.
طه حسين كان لا يُدَرَّس له في مدارسنا سوى مختصر من الجزء الأول من كتابه: الأيام. الذي يعد سيرته التي أملاها عن تجربته في عزبة الكيلو بالمنيا. ثم رحيله إلى القاهرة للدراسة في الأزهر الشريف. وما كتبه عن الأزهر أدى لوزارة التربية والتعليم أن تختصر كل انتقاداته لطرق التدريس في أزهر تلك الأيام. إنها سنوات العقدين الأول والثاني من القرن العشرين. ومع هذا جرى اختصار كل ما أملاه الرجل لأن نشره قد يغضب الأزهر وجامعة الأزهر.
كل هذا حذفته وزارة التربية والتعليم وأبقت لنا على ما رأت أنه ما يمكن الإبقاء عليه. فأصبح ما يقرأه الطالب مما يسمى بكتاب الأيام لطه حسين لا يمت إلى طه حسين ولا أيامه بأي صلة. بل هو أمر لا أصل إلى القول إنه مشوه. لكنه بعيد كل البعد عما تركه لنا طه حسين.
ولو أن لدى الوزارة أي قدر من الاحترام لاسم طه حسين. لقالوا لنا اسم من قام بالتلخيص.
الجزء الأول من هذا الكتاب للسنة الثالثة الثانوية في ذلك الزمان الأخضر الجميل الذي مضى ويبدو أنه لن يعود على الإطلاق مهما حاولنا استعادته أو استنساخه أو إعادة إنتاجه. والبعض منا يحاول ذلك. والبعض الآخر يرفضه ويقول إننا لن نعيش للأبد في الماضي. لأن لدينا حاضراً يستحق الاهتمام به. ومستقبلا ً يفرض علينا الحلم بما يمكن أن يحدث لنا فيه.
المنتخب من أدب العرب جمعه وشرحه: طه حسين، أحمد الإسكندري، أحمد أمين، علي الجارم، عبد العزيز البشري، أحمد ضيف. وهذه الأسماء يمكن التوقف أمامها طويلاً. ويمكن أن ننحني بلا حدود أمام وزارة المعارف العمومية عندما تطلب من هؤلاء العمالقة أن يشتركوا في وضع كتاب يقدم ما يمكن أن يعتمد عليه طالب السنة الثالثة الثانوية إذا أراد قراءة منتخب من أدب العرب.
طه حسين هو من هو، ولا يحتاج إلى تعريف أو أية إضافة مني. لكنى معجب لحد الانبهار بكونه يشارك في تأليف كتاب لكى يقرأه التلاميذ في المرحلة الثانوية. أما أحمد الإسكندري فربما لا تكون لدىّ معلومات عنه. وبالتالي لا أعرف دوره في هذه المجموعة التي تولت جمع متن الكتاب وشرحه. أحمد أمين أقول عنه ما قلته عن طه حسين هو من هو، لا أنسى أبداً صورة قديمة نشرتها مجلة الهلال له وهو يجلس في غرفة مكتبه. تعثر على وجهه بصعوبة بالغة من زحام الكتب حوله في كل مكان.
علي الجارم بلدياتي. أو أنا من بلدياته. فهو ابن رشيد ومن يحمل اسمه الآن وهو طبيب يحاول تذكير الناس بما كتبه علي الجارم. الذي لا نتوقف سوى أمام روايته: غادة رشيد. مع أن نتاجه أكبر وأغزر وأهم من هذا. وعبد العزيز البشري أحد صناع الكتابة في الجزء الأول من القرن العشرين التي كانت لها مميزاتها. ولو أن شباب هذه الأيام قرأوه لتغير موقفهم من كثير من قضايا العالم. ونفس هذا الكلام يمكن أن أقوله عن أحمد ضيف.
ستة كُتَّاب من الصف الأول تكلفهم وزارة المعارف العمومية بوضع كتاب يقع في أكثر من ثمانمئة صفحة من القطع الكبير. وإن كانت هذه الأسماء يمكن أن تجمع هذه الصفحات من تراثنا الأدبي. فإن الطالب الذي كُتب له هذا الكتاب خصيصاً لا بد أنه طالب استثنائي. إذا قارناه بطلاب هذه الأيام. الذين يترددون على مراكز الدروس الخصوصية ويقضون بين أروقتها من الوقت أكثر من الوقت الذي يقضونه في مدارسهم أو في بيوتهم. ومع هذا نقول عنهم طلاب علم.
طه حسين كان لا يُدَرَّس له في مدارسنا سوى مختصر من الجزء الأول من كتابه: الأيام. الذي يعد سيرته التي أملاها عن تجربته في عزبة الكيلو بالمنيا. ثم رحيله إلى القاهرة للدراسة في الأزهر الشريف. وما كتبه عن الأزهر أدى لوزارة التربية والتعليم أن تختصر كل انتقاداته لطرق التدريس في أزهر تلك الأيام. إنها سنوات العقدين الأول والثاني من القرن العشرين. ومع هذا جرى اختصار كل ما أملاه الرجل لأن نشره قد يغضب الأزهر وجامعة الأزهر.
كل هذا حذفته وزارة التربية والتعليم وأبقت لنا على ما رأت أنه ما يمكن الإبقاء عليه. فأصبح ما يقرأه الطالب مما يسمى بكتاب الأيام لطه حسين لا يمت إلى طه حسين ولا أيامه بأي صلة. بل هو أمر لا أصل إلى القول إنه مشوه. لكنه بعيد كل البعد عما تركه لنا طه حسين.
ولو أن لدى الوزارة أي قدر من الاحترام لاسم طه حسين. لقالوا لنا اسم من قام بالتلخيص.