كيف أكتب عن مصطفي الأسمر ، وكيف يطاوعني قلمي بعد فقده أن يخط حرفا أو فاصلة في علاقتنا التي كانت مضرب الأمثال ، إذ كنت أجلس يوميا معه في معرضه علي كورنيش النيل والذي أصبح كبيت العنكبوت بعد أن كان مضرب الكتاب والأدباء والمثقفين من أرجاء مصر وخارجها فيه التقيت ببنت الشاطئ وخيري شلبي ويسري العزب وعبد العال الحمامصي ومحمد جبريل وبشير الديك ويسري الجندي ومحمد أبو العلا السلاموني وكثيرين كثيرين…
كانت تجمعنا في جلسة الصباح اليومية بعد توصيلي لأولادي للمدرسة ندوة مكونة من النبوي سلامة بعجلته الشهيرة الشهيرة والمرحوم يوسف القط الذي كان ينتحي جانبا من المعرض ولا يشاركنا الا بعد إلحاح منا وحين كانت تأتيه رغبة نادرة في الكلام كانت كلماته عميقة ودالة كالتوقيعات وكان طفلنا المدلل عمنا السيد الغواب برباعياته ومشاهداته وقفشاته ونقده الساخر اللاذع وضجره ومحاولة استئثاره الدايم بالحديث رغم أنه كان أكبرنا سنا وكان ينضم إلينا بدون انتظام عمنا محمد العتر وحسين البلتاجي ومصطفي العايدي وسمير الفيل حسب جداولهم الدراسية
كان مصطفي المضيف الدايم وكان كوب الشاي بأربعة من ملاعق سكر ينتظرني
وحتي ينتظم جمعنا كان يعرض علي ما كتبه بخطه الدقيق المنمنم وفي ورق يحوله يحوله لأعمدة كأعمدة الجرائد كانت كتابته كشفرة سرية كثيرا ما كنا نتراهن علي فك طلاسمها كنت قائد الاول لكثير من أعماله وكنت أعرض عليه أشعاري لا كقارئ الاول ولكن كناقد الاول كان ذلك حاسة نقدية يتشمم بها المواهب ويشجعها ويشيد بها في ندوته بالمعرض والتي مر عليها كل أدباء دمياط
عرفت مصطفي الأسمر كنجم للقصة القصيرة في دمياط وسعيت إليه بقصة كتبتها ليقدمها في طاولة رواد الأدبية في الجامعة الشعبية للثقافة والتي يحتل حزب الأحرار الأن مكانها وكان رئسها الاستاذ سعد عبد الرازق وأمين المكتبة الأستاذ كامل الدابي أمد الله في عمره
وكانت المفاجأة أن الاستاذ مصطفي قدم قصتي كقصيدة شعرية لأنها كانت موزونةكانت الأطر الفنية للأنواع الأدبية من قصة شعر ومسرح وقتها حادة وصارمة ولم نكن نسمح بتداخل النصوص ولا القصة الشعرية ولا شعرية القصة ومن ثم وجهني الأستاذ مصطفي الأسمر الي كتابة الشعر لأكتب أول قصيدة لي وأرسلها لتنشر في مجلة الأدب لأستاذنا أمين الخولي في مايو ١٩٦٥ وقد كانت في حقيقتها قصة تفعيلية وبمقدمة نثرية
وظل مصطفي الأسمر يعاني عقدة الذنب أنه أبعدني عن كتابة القصة رغم انه نشر خبر حصولي علي جائزة القصة القصيرة بالأز هر بنشرة رواد الأدبية نفس العام ١٩٦٥
ظلت علاقتي بمصطفى الأسمر طوال سنوات دراستي بالجامعة كنت أعود إليه بحنين الابن والتلميذ المحب لكل القيم النبيلة والعطاء اللامحدود فمصطفي بتلقائيته يدخلك ويحتل وجدانك بابتسامة مشرقة وحنان أبوي صوفي توارثه عن جده أبو المعاطي وتظل أسيرا له وهو يستمع إليك مقبلا ومشجعا وحانيا حتي في ملاحظاته وتوجيهاته يحترز ويشير علي استحياء كما لو كان هوالمخطيء لا انت
ومع ذلك لم يضحك علي أحد لم ينافق أو يداهن فيما كان يعتقد أنه الصواب
كان يعتز بعلاقة والده الحاج أحمد الأسمر بجمال عبد الناصر الذي طلب لقاءه عندما جاء إلي دمياطً عام ١٩٥٨ لأنه كان يمثل المصري الفصيح الذي يراسل الرئيس ويكتب إليه مشاكل الناس وهمومهم رغم انه كان يملك ورشة لتصنيع الموبيليا ومعرضا وكثير من تجار الموبيليا الآن كانوا عمالا في ورشته
لكن مصطفي الذي أدركته حرفةالأدب رغم تشربه لحرفة أبيه بعد انقطاعه عن التعليم
لمرض عضال ألم به لم يكن في براعة أبيه للحفاظ علي الورشة والمعرض الذي آلت إليه مسؤوليتهما ولم يستطع أن يواكب عصر الانفتاح بأساليبه في الفهلوة والصناعة الخفيفة والمبالغة ف الأسعار وتحول مصطفي الأسمر من تاجر إلي كاتب يعبر عن هموم العمال والحرفيين وسائر طبقات المجتمع الدمياطي
لم يكن لي مصطفي الأسمر مجرد صديق لكنه كان لي الأب والأخ والمعلم ورفيق الدرب
كان سندي وعزوتيوأهلي وجماعتي كان الرمز والمثال والحقيقة والخيال والبهاء والحضور الذي ينتظم العقد الذي انفرط وتساقطت حباته : السيد الغواب حسين البلتاجي محمد النبوي سلامة محمد العتر يوسف القط مصطفي كامل
آه ما أقسي الغياب..
د. عيد صالح
كانت تجمعنا في جلسة الصباح اليومية بعد توصيلي لأولادي للمدرسة ندوة مكونة من النبوي سلامة بعجلته الشهيرة الشهيرة والمرحوم يوسف القط الذي كان ينتحي جانبا من المعرض ولا يشاركنا الا بعد إلحاح منا وحين كانت تأتيه رغبة نادرة في الكلام كانت كلماته عميقة ودالة كالتوقيعات وكان طفلنا المدلل عمنا السيد الغواب برباعياته ومشاهداته وقفشاته ونقده الساخر اللاذع وضجره ومحاولة استئثاره الدايم بالحديث رغم أنه كان أكبرنا سنا وكان ينضم إلينا بدون انتظام عمنا محمد العتر وحسين البلتاجي ومصطفي العايدي وسمير الفيل حسب جداولهم الدراسية
كان مصطفي المضيف الدايم وكان كوب الشاي بأربعة من ملاعق سكر ينتظرني
وحتي ينتظم جمعنا كان يعرض علي ما كتبه بخطه الدقيق المنمنم وفي ورق يحوله يحوله لأعمدة كأعمدة الجرائد كانت كتابته كشفرة سرية كثيرا ما كنا نتراهن علي فك طلاسمها كنت قائد الاول لكثير من أعماله وكنت أعرض عليه أشعاري لا كقارئ الاول ولكن كناقد الاول كان ذلك حاسة نقدية يتشمم بها المواهب ويشجعها ويشيد بها في ندوته بالمعرض والتي مر عليها كل أدباء دمياط
عرفت مصطفي الأسمر كنجم للقصة القصيرة في دمياط وسعيت إليه بقصة كتبتها ليقدمها في طاولة رواد الأدبية في الجامعة الشعبية للثقافة والتي يحتل حزب الأحرار الأن مكانها وكان رئسها الاستاذ سعد عبد الرازق وأمين المكتبة الأستاذ كامل الدابي أمد الله في عمره
وكانت المفاجأة أن الاستاذ مصطفي قدم قصتي كقصيدة شعرية لأنها كانت موزونةكانت الأطر الفنية للأنواع الأدبية من قصة شعر ومسرح وقتها حادة وصارمة ولم نكن نسمح بتداخل النصوص ولا القصة الشعرية ولا شعرية القصة ومن ثم وجهني الأستاذ مصطفي الأسمر الي كتابة الشعر لأكتب أول قصيدة لي وأرسلها لتنشر في مجلة الأدب لأستاذنا أمين الخولي في مايو ١٩٦٥ وقد كانت في حقيقتها قصة تفعيلية وبمقدمة نثرية
وظل مصطفي الأسمر يعاني عقدة الذنب أنه أبعدني عن كتابة القصة رغم انه نشر خبر حصولي علي جائزة القصة القصيرة بالأز هر بنشرة رواد الأدبية نفس العام ١٩٦٥
ظلت علاقتي بمصطفى الأسمر طوال سنوات دراستي بالجامعة كنت أعود إليه بحنين الابن والتلميذ المحب لكل القيم النبيلة والعطاء اللامحدود فمصطفي بتلقائيته يدخلك ويحتل وجدانك بابتسامة مشرقة وحنان أبوي صوفي توارثه عن جده أبو المعاطي وتظل أسيرا له وهو يستمع إليك مقبلا ومشجعا وحانيا حتي في ملاحظاته وتوجيهاته يحترز ويشير علي استحياء كما لو كان هوالمخطيء لا انت
ومع ذلك لم يضحك علي أحد لم ينافق أو يداهن فيما كان يعتقد أنه الصواب
كان يعتز بعلاقة والده الحاج أحمد الأسمر بجمال عبد الناصر الذي طلب لقاءه عندما جاء إلي دمياطً عام ١٩٥٨ لأنه كان يمثل المصري الفصيح الذي يراسل الرئيس ويكتب إليه مشاكل الناس وهمومهم رغم انه كان يملك ورشة لتصنيع الموبيليا ومعرضا وكثير من تجار الموبيليا الآن كانوا عمالا في ورشته
لكن مصطفي الذي أدركته حرفةالأدب رغم تشربه لحرفة أبيه بعد انقطاعه عن التعليم
لمرض عضال ألم به لم يكن في براعة أبيه للحفاظ علي الورشة والمعرض الذي آلت إليه مسؤوليتهما ولم يستطع أن يواكب عصر الانفتاح بأساليبه في الفهلوة والصناعة الخفيفة والمبالغة ف الأسعار وتحول مصطفي الأسمر من تاجر إلي كاتب يعبر عن هموم العمال والحرفيين وسائر طبقات المجتمع الدمياطي
لم يكن لي مصطفي الأسمر مجرد صديق لكنه كان لي الأب والأخ والمعلم ورفيق الدرب
كان سندي وعزوتيوأهلي وجماعتي كان الرمز والمثال والحقيقة والخيال والبهاء والحضور الذي ينتظم العقد الذي انفرط وتساقطت حباته : السيد الغواب حسين البلتاجي محمد النبوي سلامة محمد العتر يوسف القط مصطفي كامل
آه ما أقسي الغياب..
د. عيد صالح