لطالما سمعت هذه العبارة، التي توحي بمكان تواجد الشيطان احيانا، وكان ذلك اثناء الاجتماعات الإدارية من موقعي الوظيفي، فحينما يعرض مثلا مدير ما، فكرة معينة، او مقترح محدد، او خطة عمل، حتى وان بدت متكاملة، وجذابه وكل شيء يبدو في مكانه وعلى ما يرام، من حيث الخطوط العريضة والفكرة العامة، تجد شخص يعلق بالقول صحيح ان الامر يبدو تمام التمام، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، أي ربما يكون وراء الاكمة ما وراءها.
اليوم كنت في وضع رأيت ان الكورونا قد تكون في تفاصيل الأشياء، ولو انها بدت جيدة وفي السليم بمنظرها العام.
فمنذ ثلاثة أشهر واثناء مروري على دائرة السير لتجديد رخصة سيارتي، اكتشفت صدفة ان رخصتي الشخصية قد انتهت ايضا، وحاولت راسا تجديدها، لكن الفتاة الجالسة خلف الكاونتر اعلمتني انني منذ تلك اللحظة أصبحت رجلا عجوزا، وان تجديد رخصتي يتطلب إجراءات إضافية، تتمثل في فحص نظر وفحص سكر واثبات انني ما أزال لائقا للقيادة.
كان لكلامها وقع الصاعقة فلم أكن مهيأ لمثل تلك الصدمة، ولا بد انها شعرت بتلك الكآبة التي لفتني فجأة وغمرتني كمطر كانون، وأطلت براسها من عيوني حتما، فاقترحت فورا ان تجدد لي الرخصة لمدة ثلاثة أشهر بعد احتجاجي على ان الظروف صعبة، وان دوائر الصحة أماكن يمكن ان تشكل تهديدا للصحة، بسبب الكورونا.
وحصلت على تجديد لمدة ثلاثة أشهر، وغادرت المكان، وكنت اترقب يوم 15/1/2021 أي اخر يوم في التمديد المؤقت للرخصة، متوجسا من لحظة الحقيقة، لعدة أسباب على راسها الكورونا، واحتمال ثبوت عدم ليقاتي للقيادة.
اليوم قررت ان اخوض معركة الفحوصات الإضافية، رغم خشيتي مما يمكن ان يحدثه التغيير الطارئ ان حصل على صحتي العقلية والنفسية. لكنني حسمت الامر وقررت انه لا بد من المواجهة، وليكن ما هو كائن.
واتجهت من الصباح الباكر الى دائرة الصحة في بلاطة البلد، المكان الوحيد المخول بتلك الفحوصات. وقمت خارج الدائرة بتعبئة الطلب المطلوب، أي في المكتب المجاور للصحة، واخذت الصور، وسارت الأمور على ما يرام.
سالت عن المكتب الذي توجب ان اذهب اليه للفحص، فاخبروني انه في الطابق الثاني، وفعلا توجهت الى هناك وبعد تسجيل المعاملة، وكان الاستقبال لطيفا وسهلا، توجهت الى الصندوق في الطابق الأول لدفع الرسوم، وهو ما تم خلال ثواني قليلة، ثم عدت مرة أخرى للطابق الثاني.
وخلال لحظات الانتظار القليلة وحتى ينهي الشخص العجوز الذي امامي فحص النظر، التفت الى يساري فاذا بالكارمة المعلقة على الباب المجاور مكتوب عليها " إدارة تمريض الطب الوقائي" او شيء من هذا القبيل، ففزعت فهذا عنى لي على الأقل ان من يتواجد في الغرفة من موظفين او مراجعين، هم متصلين او مخالطين للمصابين بعدوى الكورونا، رغم ان طبيب العيون طمني بعد ذلك، بأنه مكتب اداري فقط، لكن قرب المكتب من غرفة الفحص لكبار السن والفئة المهددة بالانقراض، اصابني بالروع في بدني.
المهم لم يطل انتظاري، وكنت التالي في فحص النظر، جلست على كرسي الاعتراف البصري، وطلب مني الطبيب ارتداء نصف النظارة التي عفى عليها الزمن وموجودة في صحن بجوار الكرسي، وغايتها ان تمنع النظر عن عين، وتترك العين الاخرى حرة، قادرة على الرؤيا للفحص، ثم يتم استبدال النظارة بأخرى لفحص العين الثانية وهي ليست باحسن حال من الاولى.
وهذا يعني ان كل من يقوم على فحص عيونه هناك، يرتدي تلك النظارات الحزينة، في منظرها وتبدوا انها في الخدمة منذ زمن سفر برلك، والكل يرتديها سواء كان مجذوما او لديه رمد ربيعي، او ماء ابيض او ماء ازرق في عيونه، او انه أصيب مؤخرا بالعدوى الكورنونية.
رغم دماثة خلق الموجودين ولطافة تعاملهم، وصبرهم على من ظلمهم، وتفانيهم في عملهم، وهذا ليس تسحيج، وانما الحقيقة التي اختبرتها بأم عيني، ولمستها بأصابعي، لكني رأيت في موضوع النظارات البائسة تفصيل قد يحمل في ثناياه شيطان الكورونا، فمن يدري إذا كان واحدا من المفحوصين الذين سبقونا في الختيرة، قد نقل العدوى للنظارات!! وان سألتني كنت أفضل ان اغلق احدى عيوني اثناء الفحص بيدي ثم أبدلها باليد الاخرى في ظل حالة الطوارئ التي نعيشها.
انهيت فحص النظر بنجاح، وانا الذي مرت على ليالي سهرت فيها وانا اتخيل كيف سابدوا بالنظارة الطبية اذا أجبرت عليها، فضاعت تلك الليالي سدا فلم يكن هناك داع للقلق سامحني الله.
وانتهينا من الفحص الأول، وما ان خرجت من الغرفة حتى امتشقت علبة المطهر الكحولي (دكتور سيف وهذا هو اسمها بالإنجليزي) وتعني الدكتور المنقذ، ففرغت نصف علبة على نفسي ونظرات الناس حولي ترمقني وتلاحقني، والله فقط يعلم ما يكانوا يوسوسون في نفوسهم.
وصار لا بد من اجراء فحص السكري في المختبر في الطابق الأول. هناك كانت الأمور متأزمة قليلا امام باب المختبر، لكن الوضع كان مقبولا الى حد كبير.
المهم اثناء الانتظار قرأت لافته على باب المختبر تقول" نتائج اختبار الكورونا في الطابق الثاني"، يا ولي...!!! هذا يعني ان المختبر الذي يجري فحوص السكر، هو نفسه الذي يجري فحوص الكورونا ايضا، وانني أقف في صف ربما يكون فيه اشخاص نصفهم مخالطين او مكورنين، واحد منهم ارتدى كمامته لمدة ثلاثة ثواني بعد تهديد الشرطي له الذي مر من هناك، بتغريمه مائة شيكل، ليخلعها فورا بعد اختفاء الشرطي عن الأنظار، بحجة انها تخنقه، وتناسا المحترم ان الذي يخنقه هو السيجارة التي لم يتوقف عن المج عليها اثناء وقوفه في صف الانتظار.
وهذا ما اصابني بالروع من جديد للمرة الثانية، فمن يدري ففي الامر شياطين وليس شيطان واحد وتفاصيل كثيرة وربما فيروسات كثيرة ايضا.
والمصيبة انه حينما نادت الموظفة على اسمي وجاء دوري في فحص السكر، اندفعت نحو الباب، وكدت امسك بالمقبض، وكنت انوي الدخول طبعا للجلوس على الكرسي الذي رأيت بعضا من الذين سبقوني يجلسون عليه للفحص، فقد جاء الفرج، وكدت انهي فحوصي واتخرج من ذلك المكان الذي فيه الكثير من التفاصيل، لكن الممرضة اشارت لي بأن الفحص يتم من خلال الشباك ولا حاجة للدخول فتمتمت في نفسي اشوى شوي.
وفعلا لم يأخذ الموضوع أكثر من ثواني قليلة حيث وخزتني الممرضة بإبرة في راس إصبعي الشاهد ففز الدم الأحمر القاني من راس أصبعي، وعيوني نصف مغمضة، فانا أكره منظر الدم النازف، وانتهينا وعدت لاستكمال الأمور الإدارية من ختم وتوقيع.
غادرت المكان وانا سعيد من جودة الخدمة وسرعة الإنجاز ونتائج الفحوص لكن الشيطان ظل يوسوس لي بعبارة الشيطان يكمن في التفاصيل وربما الكورونا ايضا.
ولا داعي للحديث عن ارتداء الكمامة فنحن نعرف ان لا أحد يلتزم بالكمامة الا إذا رفعت في وجهه السلاح، لكن الامر كان مقبولا نسبيا داخل المكان، وربما هو الخوف والمخالفات، اما خارجه فحدث ولا حرج.
https://www.facebook.com/khalilhamad1954/posts/838258947022841
اليوم كنت في وضع رأيت ان الكورونا قد تكون في تفاصيل الأشياء، ولو انها بدت جيدة وفي السليم بمنظرها العام.
فمنذ ثلاثة أشهر واثناء مروري على دائرة السير لتجديد رخصة سيارتي، اكتشفت صدفة ان رخصتي الشخصية قد انتهت ايضا، وحاولت راسا تجديدها، لكن الفتاة الجالسة خلف الكاونتر اعلمتني انني منذ تلك اللحظة أصبحت رجلا عجوزا، وان تجديد رخصتي يتطلب إجراءات إضافية، تتمثل في فحص نظر وفحص سكر واثبات انني ما أزال لائقا للقيادة.
كان لكلامها وقع الصاعقة فلم أكن مهيأ لمثل تلك الصدمة، ولا بد انها شعرت بتلك الكآبة التي لفتني فجأة وغمرتني كمطر كانون، وأطلت براسها من عيوني حتما، فاقترحت فورا ان تجدد لي الرخصة لمدة ثلاثة أشهر بعد احتجاجي على ان الظروف صعبة، وان دوائر الصحة أماكن يمكن ان تشكل تهديدا للصحة، بسبب الكورونا.
وحصلت على تجديد لمدة ثلاثة أشهر، وغادرت المكان، وكنت اترقب يوم 15/1/2021 أي اخر يوم في التمديد المؤقت للرخصة، متوجسا من لحظة الحقيقة، لعدة أسباب على راسها الكورونا، واحتمال ثبوت عدم ليقاتي للقيادة.
اليوم قررت ان اخوض معركة الفحوصات الإضافية، رغم خشيتي مما يمكن ان يحدثه التغيير الطارئ ان حصل على صحتي العقلية والنفسية. لكنني حسمت الامر وقررت انه لا بد من المواجهة، وليكن ما هو كائن.
واتجهت من الصباح الباكر الى دائرة الصحة في بلاطة البلد، المكان الوحيد المخول بتلك الفحوصات. وقمت خارج الدائرة بتعبئة الطلب المطلوب، أي في المكتب المجاور للصحة، واخذت الصور، وسارت الأمور على ما يرام.
سالت عن المكتب الذي توجب ان اذهب اليه للفحص، فاخبروني انه في الطابق الثاني، وفعلا توجهت الى هناك وبعد تسجيل المعاملة، وكان الاستقبال لطيفا وسهلا، توجهت الى الصندوق في الطابق الأول لدفع الرسوم، وهو ما تم خلال ثواني قليلة، ثم عدت مرة أخرى للطابق الثاني.
وخلال لحظات الانتظار القليلة وحتى ينهي الشخص العجوز الذي امامي فحص النظر، التفت الى يساري فاذا بالكارمة المعلقة على الباب المجاور مكتوب عليها " إدارة تمريض الطب الوقائي" او شيء من هذا القبيل، ففزعت فهذا عنى لي على الأقل ان من يتواجد في الغرفة من موظفين او مراجعين، هم متصلين او مخالطين للمصابين بعدوى الكورونا، رغم ان طبيب العيون طمني بعد ذلك، بأنه مكتب اداري فقط، لكن قرب المكتب من غرفة الفحص لكبار السن والفئة المهددة بالانقراض، اصابني بالروع في بدني.
المهم لم يطل انتظاري، وكنت التالي في فحص النظر، جلست على كرسي الاعتراف البصري، وطلب مني الطبيب ارتداء نصف النظارة التي عفى عليها الزمن وموجودة في صحن بجوار الكرسي، وغايتها ان تمنع النظر عن عين، وتترك العين الاخرى حرة، قادرة على الرؤيا للفحص، ثم يتم استبدال النظارة بأخرى لفحص العين الثانية وهي ليست باحسن حال من الاولى.
وهذا يعني ان كل من يقوم على فحص عيونه هناك، يرتدي تلك النظارات الحزينة، في منظرها وتبدوا انها في الخدمة منذ زمن سفر برلك، والكل يرتديها سواء كان مجذوما او لديه رمد ربيعي، او ماء ابيض او ماء ازرق في عيونه، او انه أصيب مؤخرا بالعدوى الكورنونية.
رغم دماثة خلق الموجودين ولطافة تعاملهم، وصبرهم على من ظلمهم، وتفانيهم في عملهم، وهذا ليس تسحيج، وانما الحقيقة التي اختبرتها بأم عيني، ولمستها بأصابعي، لكني رأيت في موضوع النظارات البائسة تفصيل قد يحمل في ثناياه شيطان الكورونا، فمن يدري إذا كان واحدا من المفحوصين الذين سبقونا في الختيرة، قد نقل العدوى للنظارات!! وان سألتني كنت أفضل ان اغلق احدى عيوني اثناء الفحص بيدي ثم أبدلها باليد الاخرى في ظل حالة الطوارئ التي نعيشها.
انهيت فحص النظر بنجاح، وانا الذي مرت على ليالي سهرت فيها وانا اتخيل كيف سابدوا بالنظارة الطبية اذا أجبرت عليها، فضاعت تلك الليالي سدا فلم يكن هناك داع للقلق سامحني الله.
وانتهينا من الفحص الأول، وما ان خرجت من الغرفة حتى امتشقت علبة المطهر الكحولي (دكتور سيف وهذا هو اسمها بالإنجليزي) وتعني الدكتور المنقذ، ففرغت نصف علبة على نفسي ونظرات الناس حولي ترمقني وتلاحقني، والله فقط يعلم ما يكانوا يوسوسون في نفوسهم.
وصار لا بد من اجراء فحص السكري في المختبر في الطابق الأول. هناك كانت الأمور متأزمة قليلا امام باب المختبر، لكن الوضع كان مقبولا الى حد كبير.
المهم اثناء الانتظار قرأت لافته على باب المختبر تقول" نتائج اختبار الكورونا في الطابق الثاني"، يا ولي...!!! هذا يعني ان المختبر الذي يجري فحوص السكر، هو نفسه الذي يجري فحوص الكورونا ايضا، وانني أقف في صف ربما يكون فيه اشخاص نصفهم مخالطين او مكورنين، واحد منهم ارتدى كمامته لمدة ثلاثة ثواني بعد تهديد الشرطي له الذي مر من هناك، بتغريمه مائة شيكل، ليخلعها فورا بعد اختفاء الشرطي عن الأنظار، بحجة انها تخنقه، وتناسا المحترم ان الذي يخنقه هو السيجارة التي لم يتوقف عن المج عليها اثناء وقوفه في صف الانتظار.
وهذا ما اصابني بالروع من جديد للمرة الثانية، فمن يدري ففي الامر شياطين وليس شيطان واحد وتفاصيل كثيرة وربما فيروسات كثيرة ايضا.
والمصيبة انه حينما نادت الموظفة على اسمي وجاء دوري في فحص السكر، اندفعت نحو الباب، وكدت امسك بالمقبض، وكنت انوي الدخول طبعا للجلوس على الكرسي الذي رأيت بعضا من الذين سبقوني يجلسون عليه للفحص، فقد جاء الفرج، وكدت انهي فحوصي واتخرج من ذلك المكان الذي فيه الكثير من التفاصيل، لكن الممرضة اشارت لي بأن الفحص يتم من خلال الشباك ولا حاجة للدخول فتمتمت في نفسي اشوى شوي.
وفعلا لم يأخذ الموضوع أكثر من ثواني قليلة حيث وخزتني الممرضة بإبرة في راس إصبعي الشاهد ففز الدم الأحمر القاني من راس أصبعي، وعيوني نصف مغمضة، فانا أكره منظر الدم النازف، وانتهينا وعدت لاستكمال الأمور الإدارية من ختم وتوقيع.
غادرت المكان وانا سعيد من جودة الخدمة وسرعة الإنجاز ونتائج الفحوص لكن الشيطان ظل يوسوس لي بعبارة الشيطان يكمن في التفاصيل وربما الكورونا ايضا.
ولا داعي للحديث عن ارتداء الكمامة فنحن نعرف ان لا أحد يلتزم بالكمامة الا إذا رفعت في وجهه السلاح، لكن الامر كان مقبولا نسبيا داخل المكان، وربما هو الخوف والمخالفات، اما خارجه فحدث ولا حرج.
https://www.facebook.com/khalilhamad1954/posts/838258947022841