د. عادل الأسطة - ندرة البرتقال الشموطي

هذا العام ، ربما دون غيره من الأعوام السابقة ، استبد بي ولع لتناول البرتقال الشموطي ، أيضا دون غيره ، وأخذت أبحث عنه فأشتري القليل منه .
والصحيح أنني أخذت أجوب السوق علني أتعثر به ، فقد كان نادرا إلى حد ما ، خلافا للبرتقال من نوع أبو صرة وسره وصرة أيضا ، ولا أقول خلافا للبرتقال الفرنساوي فلم أسع إليه ، وخلافا للكلمنتينا المتوفرة بكثرة ؛ بلدي ومخال ، ولم ألحظ المندلينا - ربما ما اندلينا - ولم أسأل عن البرتقال البلنسي ولا عن الكرفوت - كريب فروت - ويبدو البوملي متوفرا وبعضه يبدو مطينا غير شهي المنظر وتباع الحبة الواحدة الجيدة بسبعة شواكل .
في ٦٠ ق ٢٠ كتب توفيق فياض مسرحيته " بيت الجنون " وذكر ريحا غريبة غربية غيرت معالم محبوبته - ثمة مدلول رمزي - .
وقبل بضع سنوات كنت أجلس مع جارنا أبو نزار ، وهو محام من غزة ، وأسأله عن بيارات البرتقال هناك ، وكان يجيب بحسرة :
- هو ظل بيارات . غزة كلها مبان وبشر .
وفي ٧٠ ق ٢٠ كنت مهووسا بمقطع لمحمود درويش من ديوان " محاولة رقم ٧ " يقول فيه :
" وغزة لا تبيع البرتقال ،
لأنه دمها المعلب " .
وأنا أزور يافا ألحظ ، في الطريق إليها من القدس ، بعض بيارات ، ولم أزر غور الأردن من فترة لأرى مآل البيارات التي عرفتها جيدا .
وأنا أتجول في نابلس أبحث عن البرتقال الشموطي وأقول :
ربما ، إن أمد الله في عمري ٢٠ سنة أخرى ، ربما أبحث عن صورة البرتقال الشموطي في الكتب لأرى صورته .
" وغزة لا تبيع البرتقال ،
لأنه دمها المعلب "
وقد ذهب كل شيء :
يافا وحيفا وغزة وبرتقال الأجداد و ..
و .. من يدري ، فلقد انقرضت ، ذات يوم ، الديناصورات .
مساء الخير
خربشات
٢٥ / ١ / ٢٠٢٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...