وكذلكَ أصبحْتَ غَريبًا في تلكَ القارَّةِ
مُختنِقاً بهواءِ الغاباتِ الرَّطْبِ
وبالغازاتِ المَسمومةِ.. والأبْخِرةِ الحارَّةِ!
أصبحْتَ وحيدًا
بينَ زِحامِ الجُثَثِ المتدفِّقةِ
وبينَ رُكامِ نباتاتِ الشِّعرِ المتسلَّقةِ
مع الأعْشابِ الضارَّةِ!
أصبحْتَ وحيدًا
والقُطعانُ البَشريّةُ.. تُقبِلُ نَحْوكَ كالطُّوفانِ
وتُدبِرُ كالفئرانِ الفارَّةِ!
...................
مُنفـرِدًا تَستثْنِي الأنْثَى.. وتُصوِّبُ عينيْكَ..
بِصمْتِكَ تَتَّكِئُ على المنْطقَةِ السارَّةِ:
فوق السّيقانِ.. وتحت الأدمِغَةِ!
وحيدًا.. لا تَعنِيكَ شؤونُ المارَّةِ!
تَستثْنِي الطِّفلَةَ.. والطفلةُ لا تَستَثْنِيكَ!
وحيدًا منفرِدًا
حوْلَكَ أَشْباهُ وُجوهٍ خلفَ الأقنِعةِ
تراودُ أشباهَ وجوهٍ خلْفَ الأصبِغةِ!
وحيدًا ما زِلتَ..
يَقينُكَ ما زالَ يَخونُكَ
دِينُكَ: تَقْوَى الحرْفِ ومَرضاةُ اللُّغةِ!
وحيدًا.. وتُحاولُ أنْ تَهرُبَ مِن قُطرِ الدَّائرةِ المُفْرَغَةِ..
وأنْ تتحرَّرَ مِن أسْرِ الأنسِقَةِ
ومِن سحْرِ الثقةِ..
بما يَسنَحُ خَلفَ خيالِ العُشاقِ
وما يَنضَحُ بينَ أوانِيِ الحُبِّ المسْتَطرَقةِ!
...........
وحيدًا منفرِدًا
وظُنونُكَ ليسَ تُعينُكَ..
كنْ نفسَكَ والحبُّ يكونُكَ!
وازرعْ صحْراءَكَ بالإيقاعاتِ المَبْرورَةِ..
والكلِماتِ البارَّةِ!
وابقَ- كما كنتَ- وحيدًا مُنفرِدًا
كنْ نفسَكَ.. والشِّعرُ يكونُكْ:
[هي مجردُ خطوةٍ إلى الداخل: غطِّ قلبكَ ولا تكشفْ للحرفِ عورةَ المعنى ثم تقدمْ حتى تسترقَ السمعَ إلى الأصواتِ من منابعِها الأولى: مِن دَوِيِّ السـكون ومِـن رنين أجراسِ الجنون ثم تقدمْ أكثر حتى تختلسَ النظرَ إلى الألوانِ فـي مَظانِّها الأصليّةِ فإذا استرقت واختلسـتَ اهْبِطْ شيئًا فشيئًا إلى أصهارِكَ وأقربائِكَ بشرطِ أن تبقى وحيدًا كما كنت ومنفردًا سَتجدُهمْ وحيدِينَ منفردِينَ فَترِقُّ- وحدَكَ- دون رقّةٍ وتُفْحِشُ- وحدَكَ- دونَ فُحـش فتقولُ مثلاً في ساعةِ القَصف]:-
بإصبعٍ ليستْ مِن الكفِّ..
طَعنْتُ خُصلةً ليستْ مِن الرأسِ!
فخَمِّنْ ما جَرَى.. ولا تَسلْ: كيفَ!
خُذِ الموصوفَ.. وانْسَ الوصْفْ!
..........................
وهكذا تَستقبِلُ الآنَ التَّحيَّاتِ المئاتِ
والهِباتِ الألفْ!
قائلةٌ قالَتْ: لقد سبحْتَ في بحْرٍ مُحيطٍ
لمْ يكنْ لِسابحٍ أنْ يَبلُغَهْ!
وقائلٌ قالَ: لقد بنيْتَ في قفْرٍ
فأرسيْتَ البناءَ يا مُهندِسَ اللغَهْ!
-------------------
* من ديوان (باب الصبابات فصل الخطاب).
حسن طلب / مصر
مُختنِقاً بهواءِ الغاباتِ الرَّطْبِ
وبالغازاتِ المَسمومةِ.. والأبْخِرةِ الحارَّةِ!
أصبحْتَ وحيدًا
بينَ زِحامِ الجُثَثِ المتدفِّقةِ
وبينَ رُكامِ نباتاتِ الشِّعرِ المتسلَّقةِ
مع الأعْشابِ الضارَّةِ!
أصبحْتَ وحيدًا
والقُطعانُ البَشريّةُ.. تُقبِلُ نَحْوكَ كالطُّوفانِ
وتُدبِرُ كالفئرانِ الفارَّةِ!
...................
مُنفـرِدًا تَستثْنِي الأنْثَى.. وتُصوِّبُ عينيْكَ..
بِصمْتِكَ تَتَّكِئُ على المنْطقَةِ السارَّةِ:
فوق السّيقانِ.. وتحت الأدمِغَةِ!
وحيدًا.. لا تَعنِيكَ شؤونُ المارَّةِ!
تَستثْنِي الطِّفلَةَ.. والطفلةُ لا تَستَثْنِيكَ!
وحيدًا منفرِدًا
حوْلَكَ أَشْباهُ وُجوهٍ خلفَ الأقنِعةِ
تراودُ أشباهَ وجوهٍ خلْفَ الأصبِغةِ!
وحيدًا ما زِلتَ..
يَقينُكَ ما زالَ يَخونُكَ
دِينُكَ: تَقْوَى الحرْفِ ومَرضاةُ اللُّغةِ!
وحيدًا.. وتُحاولُ أنْ تَهرُبَ مِن قُطرِ الدَّائرةِ المُفْرَغَةِ..
وأنْ تتحرَّرَ مِن أسْرِ الأنسِقَةِ
ومِن سحْرِ الثقةِ..
بما يَسنَحُ خَلفَ خيالِ العُشاقِ
وما يَنضَحُ بينَ أوانِيِ الحُبِّ المسْتَطرَقةِ!
...........
وحيدًا منفرِدًا
وظُنونُكَ ليسَ تُعينُكَ..
كنْ نفسَكَ والحبُّ يكونُكَ!
وازرعْ صحْراءَكَ بالإيقاعاتِ المَبْرورَةِ..
والكلِماتِ البارَّةِ!
وابقَ- كما كنتَ- وحيدًا مُنفرِدًا
كنْ نفسَكَ.. والشِّعرُ يكونُكْ:
[هي مجردُ خطوةٍ إلى الداخل: غطِّ قلبكَ ولا تكشفْ للحرفِ عورةَ المعنى ثم تقدمْ حتى تسترقَ السمعَ إلى الأصواتِ من منابعِها الأولى: مِن دَوِيِّ السـكون ومِـن رنين أجراسِ الجنون ثم تقدمْ أكثر حتى تختلسَ النظرَ إلى الألوانِ فـي مَظانِّها الأصليّةِ فإذا استرقت واختلسـتَ اهْبِطْ شيئًا فشيئًا إلى أصهارِكَ وأقربائِكَ بشرطِ أن تبقى وحيدًا كما كنت ومنفردًا سَتجدُهمْ وحيدِينَ منفردِينَ فَترِقُّ- وحدَكَ- دون رقّةٍ وتُفْحِشُ- وحدَكَ- دونَ فُحـش فتقولُ مثلاً في ساعةِ القَصف]:-
بإصبعٍ ليستْ مِن الكفِّ..
طَعنْتُ خُصلةً ليستْ مِن الرأسِ!
فخَمِّنْ ما جَرَى.. ولا تَسلْ: كيفَ!
خُذِ الموصوفَ.. وانْسَ الوصْفْ!
..........................
وهكذا تَستقبِلُ الآنَ التَّحيَّاتِ المئاتِ
والهِباتِ الألفْ!
قائلةٌ قالَتْ: لقد سبحْتَ في بحْرٍ مُحيطٍ
لمْ يكنْ لِسابحٍ أنْ يَبلُغَهْ!
وقائلٌ قالَ: لقد بنيْتَ في قفْرٍ
فأرسيْتَ البناءَ يا مُهندِسَ اللغَهْ!
-------------------
* من ديوان (باب الصبابات فصل الخطاب).
حسن طلب / مصر