فانفتحت كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي على مصرعيها، معززة بكل وسائل الإبهار والإمتاع والمؤانسة؛ لإيجاد شرخ اجتماعي داخل جدران الأسرة الواحدة، وانعدام الحوار المؤسسي بين أعضائها؛ لتستعيض عنه بحوارات عشوائية متوهمة لاتجدي ولاتجلب نفعا، ولكنها ضرب من تضييع الوقت واستهلاكه دون فائدة مرجوة، مع تفاقم حدة الخلافات الأسرية بين الزوج وزوجه، وبين جيل الآباء والأبناء، والتي تنتهي بانفراط عقد الأسرة.
وتصدع لبنيوية الفكر المجتمعي وتشويشه ككل، ببذر بذور الأفكار المستحدثة والمستوردة دون تنقيتها وفرزها، وغرسها لإثارة البلبلة وإحداث التناقض بين فكر الآباء المعتمد على ركائز وأصول معتمدة، وفكر الأبناء النابت في أرض رخوة، مروي بأنزيمات مهجنة، و أجواء ملوثة، بغرض مسخ الهوية.. ووظف لذلك أبواق إعلامية ووجوه جرى تلميعها وفرضها على الساحة، ومبايعتها فكريا ، تحت مظلة تجديد الخطاب الدعوي والتنويري، وبحجة إطلاق حرية الفكر، ولو تعارض ذلك مع الثوابت.
فنبت عن ذلك المجاهرة بتكذيب الأحاديث النبوية والطعن في رواتها، والنقد لكتبها، وصولا للجرأة على آيات الكتاب المجيد ومحاولة تأويلها بغير قصدها الذي نزلت به، أو الحيلولة دون تطبيق أحكامها لعدم ملاءمتها لعصرنا.. ومحاولة تحييد أهل الاختصاص المنوطين به، وإفساح الطريق لغيرهم بحجة أن ليس في الإسلام كهنوتا، أو مايسمى بمؤسسات دينية- أليسوا أهلا للذكر - غير واعين أن تلك المؤسسات أنشئت بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لجمع القرآن الكريم ونسخه، واعتمدت لجنة من قبل الخليفة لهذا الأمر، ووضعت لذلك قواعد لا تحيد عنها، كما تصدر للفتوى والقضاء من هم أعلم وأدرى به، ألم يقل الله تعالى : في سورةآل عمران - الآية 104 (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
أفي ذلك إمتاع أومؤانسة؟! أم هو ضرب من التخريب المتعمد الذي لا أرى له مبررا مقنعا سوى الكسب المادي كتجار المخدرات، أو المهووسون بالشهرة وماهم إلا مرضى يحتاجون للعلاج النفسي، أما من ولاهم الله أمر المراقبة فهم في غفلة عن ذلك كله، وأمرهم متروك لربهم.
بقلم : حاتم السيد مصيلحي.