يقترن شهر رمضان بالدعاء والخشوع والتدبّر والتفكّر في كتاب الله وسنة رسوله الأمين. ينتظر المسلمون هذه الأيام المعدودة على مدار السنة لما ينزل فيها من سكينة وراحة نفسية رحمة من ربّ العالمين، من أجل أن يتحبّبوا إلى الله ويتقرّبوا منه أكثر.
من بين العبادات الكثيرة التي يُمارسها الراغبون في رضا الله عبادة الدعاء؛ فهناك الذي يطلب التيسير في عمل مستعص، والتي تطلب ذرية صالحة بعد انتظار طويل، والذي يطلب العفو والمغفرة من ذنب ثقيل على القلب، والتي تطلب رحمة لأبيها المُتوفي من سنين، والذي يطلب مالًا وفيرا ليُعيل عائلته، والتي تطلب هداية لولدها العاق وغير المسؤول، والذي يطلب فرصة هجرة إلى بلدٍ بعيد يُقدّر كفاءته، والتي تطلب نجاحا لمشروعها الذي تعبت فيه، والذي يطلب زيارة إلى المسجد الحرام، والتي تطلب توفيقًا في دراستها وأهدافها الدُنيوية، والتي تطلب شفاء لزوجها المريض…
أزيد من ١.٧ مليار مسلم يطلبون من الواحد الأحد ويتدلّلون عليه ويبالغون في سؤالهم له ويلحّون عليه ولا يملّ سبحانه وتعالى من سماعهم كلّهم ولا يتعب، يستجيب لدعائهم كلّه بحكمة هو أدرى بها من عباده.
أنا أيضا لا أفوّت بركة هذا الشهر الفضيل وكرم الله فيه وأغتنم أبوابه المفتوحة وأدعو لنفسي ولأحبّتي بكلّ ما أشتهي وأمرّغ جبيني ساجدة قانتة للحنّان المنّان وأشكو له ضيقي وضعفي وقلّة حيلتي تقرّبا منه وطمعًا في لطفه وفتحه، وآتي إليه متلاشية محطَّمة فيجبر خاطري ويلملم أشتاتي ويرزقني، لأنّه الله! ولكنّ رمضان هذه السنة زارنا في ظروف غير معتادة، في ظل جائحة كورونا التي علّمتنا أنّر بّك فعّال لما يُريد وإنّما أمره إِذَا أَراد شيئًا أَنْ يقول له كُن فيكون. ذكّرتنا أن القدر أقوى من إرادتنا وأنّ خطط الله أبقى من خططنا وبرامجنا. لذلك اقتضى هذا الأمر أن يكون رمضان أيضا مختلفًا.
ارتأيتُ أن يكون رمضان هذه السنة فرصة لشكر الله وحمده بقدر الطلب منه على الأقلّ، بما أنّ القريب المجيب يأمرنا بالإكثار من الدعاء والإلحاح فيه والمواظبة عليه لقوله تعالى: “ادعوني أستجيب لكم” وفي ٱية أخرى: {وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} بعد أن تمهلنا وجلسنا نتفكّر في نعم الله علينا التي لا تعدّ ولا تحصى، يجب أن نتذكّر في قيامنا وسجودنا أن نشكر الله على الحياة، والصّحة، وكمال الصورة، والعائلة، والقوت، والبيت، والعلم النافع، والعقل، والتفكير السليم، والصحبة الصالحة، والزوجة الصالحة والذرية الصالحة. ما أجمل أن نخبر الله في عز حاجتنا واضطرارنا أننّا ممتنون له لأنه منّ علينا بقلب سليم ونفس خيّرة، وجاد علينا بدين الإسلام، والهداية، والثبات، والخشوع، وانشراح الصدر، والقدرة على الحب والشعور بالسعادة والانشغال بالنفس، وعافانا من أمراض البغض والحقد والحسد والكره والحزن والنفاق والوسواس والكسل.
يقول ابن القيم رحمه الله أن الشكر يكون بالقلب خضوعاً واستكانةً، وباللسان ثناءً واعترافاً، وبالجوارح طاعةً وانقياداً.
إنّ استعراض هذه النعم في لحظة خشوع رمضانيّ على الله ونسبها إليه يُنتج لمسة ذات أثار عظيمة، حيث نستشعر قيمتها في قلوبنا ممّا يملأها بالرضا والقناعة، وكذا ننال رضا الله بالامتثال لأمره عبر شكره ونحظى بحبّه لأنّه يحب العبد الشكور ونقتدي بالنبيّ محمد عليه الصلاة والسلام وباقي الأنبياء في شكرهم الدائم لله ونفوز بزيادة في الخير والرزق لقوله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُم لأََزِيدَنَّكُم} تخيّلوا الزيادة في كل ما ردّدناه على الله وحَمَدناه عليه!
بما أننا عباد دائمو الطلب من ربنا ولا يملأ جوفنا إلا التراب، يتغيّر طعم الدُعاء عندما نطلب منه أن يقبل حمدنا على ما أعطانا، ونشكره بطاعة تكون لخالص وجهه وابتغاء مرضاته. نهدأ في الدعاء ونركزّ على ما نملك الآن، ننسى ما مضى وما سيكون. نتقرّب من الله أكثر عندما نُقرّ له بأنّنا فعلنا ذاك الخير فقط ليرضى، مع أنه العليم الخبير الذي لا يخفى عنه الجهر ولا السر، فنسأله أن يتقبّله منّا ويغفر لنا تقصيرنا في شكره ويوزعنا أن نشكر نعمه علينا ونستعين به تبعًا لما أوصانا به الحبيب في دُبُر كل صلاة أن نقول: ((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذكرك، شُكرك ، وَحُسْنِ عبادتك.))
ودعنا لا ننسى أن نشكر الله على ما اعتقدنا أنه شرّ لنا، وعلى ما لم نحط به علمًا وعرفنا بعد زمن أنه رحمة من الله بنا ورأفة بقلوبنا. يجب أن نشكره على ذلك الأمر الذي لم يقدره لنا في الوقت الذي أردناه فيه بقوة، وذاك الشخص الذي أزاله من طريقنا في شدّة تعلّقنا به وذاك المرض الذي ابتلانا به من حيث لا ندري، و على الغربة التي فكّرنا أنها قدر ملعون، وعلى كل المصائب التي ردّتنا إليه ردًّا جميلًا. يستحقّ المولى الشكر الكثير على اختياراته الحكيمة لنا وتدبيره الذي يحمينا دائما حتى من أنفسنا. فهو الغنّي المالك المهيمن لا يزيده شكرنا ولا ينقص منه في شيء، وإنّما ينفعنا لقوله تعالى: {وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ}
يقول عائض القرني أنّ من لا يشكر الله على الخبز الدافئ، لا يشكره على الموائد الشّهيّة والوجبات اللّذيذة، لأن الكَنود الجَحود يرى القليل والكثير سواءً.
إنّ من ينسى أنه يملك سقفا يؤيه وماء يرويه وقوتا يُغدّيه ويؤجل شكر الله ويستمّر في طلب الزيادة والأحسن يُنسيه الله نفسه ويُلهيه في ملذات الدنيا التي لا تنفع روحه في شيء. فليكن رمضان هذه السنة شهرَ شُكر واعتراف لله، نتعوّد فيه على حمد العاطي تحبّبا وطاعة مثلما يتحبّب إلينا سبحانه بالأرزاق والنعم الوفيرة.
من بين العبادات الكثيرة التي يُمارسها الراغبون في رضا الله عبادة الدعاء؛ فهناك الذي يطلب التيسير في عمل مستعص، والتي تطلب ذرية صالحة بعد انتظار طويل، والذي يطلب العفو والمغفرة من ذنب ثقيل على القلب، والتي تطلب رحمة لأبيها المُتوفي من سنين، والذي يطلب مالًا وفيرا ليُعيل عائلته، والتي تطلب هداية لولدها العاق وغير المسؤول، والذي يطلب فرصة هجرة إلى بلدٍ بعيد يُقدّر كفاءته، والتي تطلب نجاحا لمشروعها الذي تعبت فيه، والذي يطلب زيارة إلى المسجد الحرام، والتي تطلب توفيقًا في دراستها وأهدافها الدُنيوية، والتي تطلب شفاء لزوجها المريض…
أزيد من ١.٧ مليار مسلم يطلبون من الواحد الأحد ويتدلّلون عليه ويبالغون في سؤالهم له ويلحّون عليه ولا يملّ سبحانه وتعالى من سماعهم كلّهم ولا يتعب، يستجيب لدعائهم كلّه بحكمة هو أدرى بها من عباده.
أنا أيضا لا أفوّت بركة هذا الشهر الفضيل وكرم الله فيه وأغتنم أبوابه المفتوحة وأدعو لنفسي ولأحبّتي بكلّ ما أشتهي وأمرّغ جبيني ساجدة قانتة للحنّان المنّان وأشكو له ضيقي وضعفي وقلّة حيلتي تقرّبا منه وطمعًا في لطفه وفتحه، وآتي إليه متلاشية محطَّمة فيجبر خاطري ويلملم أشتاتي ويرزقني، لأنّه الله! ولكنّ رمضان هذه السنة زارنا في ظروف غير معتادة، في ظل جائحة كورونا التي علّمتنا أنّر بّك فعّال لما يُريد وإنّما أمره إِذَا أَراد شيئًا أَنْ يقول له كُن فيكون. ذكّرتنا أن القدر أقوى من إرادتنا وأنّ خطط الله أبقى من خططنا وبرامجنا. لذلك اقتضى هذا الأمر أن يكون رمضان أيضا مختلفًا.
ارتأيتُ أن يكون رمضان هذه السنة فرصة لشكر الله وحمده بقدر الطلب منه على الأقلّ، بما أنّ القريب المجيب يأمرنا بالإكثار من الدعاء والإلحاح فيه والمواظبة عليه لقوله تعالى: “ادعوني أستجيب لكم” وفي ٱية أخرى: {وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} بعد أن تمهلنا وجلسنا نتفكّر في نعم الله علينا التي لا تعدّ ولا تحصى، يجب أن نتذكّر في قيامنا وسجودنا أن نشكر الله على الحياة، والصّحة، وكمال الصورة، والعائلة، والقوت، والبيت، والعلم النافع، والعقل، والتفكير السليم، والصحبة الصالحة، والزوجة الصالحة والذرية الصالحة. ما أجمل أن نخبر الله في عز حاجتنا واضطرارنا أننّا ممتنون له لأنه منّ علينا بقلب سليم ونفس خيّرة، وجاد علينا بدين الإسلام، والهداية، والثبات، والخشوع، وانشراح الصدر، والقدرة على الحب والشعور بالسعادة والانشغال بالنفس، وعافانا من أمراض البغض والحقد والحسد والكره والحزن والنفاق والوسواس والكسل.
يقول ابن القيم رحمه الله أن الشكر يكون بالقلب خضوعاً واستكانةً، وباللسان ثناءً واعترافاً، وبالجوارح طاعةً وانقياداً.
إنّ استعراض هذه النعم في لحظة خشوع رمضانيّ على الله ونسبها إليه يُنتج لمسة ذات أثار عظيمة، حيث نستشعر قيمتها في قلوبنا ممّا يملأها بالرضا والقناعة، وكذا ننال رضا الله بالامتثال لأمره عبر شكره ونحظى بحبّه لأنّه يحب العبد الشكور ونقتدي بالنبيّ محمد عليه الصلاة والسلام وباقي الأنبياء في شكرهم الدائم لله ونفوز بزيادة في الخير والرزق لقوله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُم لأََزِيدَنَّكُم} تخيّلوا الزيادة في كل ما ردّدناه على الله وحَمَدناه عليه!
بما أننا عباد دائمو الطلب من ربنا ولا يملأ جوفنا إلا التراب، يتغيّر طعم الدُعاء عندما نطلب منه أن يقبل حمدنا على ما أعطانا، ونشكره بطاعة تكون لخالص وجهه وابتغاء مرضاته. نهدأ في الدعاء ونركزّ على ما نملك الآن، ننسى ما مضى وما سيكون. نتقرّب من الله أكثر عندما نُقرّ له بأنّنا فعلنا ذاك الخير فقط ليرضى، مع أنه العليم الخبير الذي لا يخفى عنه الجهر ولا السر، فنسأله أن يتقبّله منّا ويغفر لنا تقصيرنا في شكره ويوزعنا أن نشكر نعمه علينا ونستعين به تبعًا لما أوصانا به الحبيب في دُبُر كل صلاة أن نقول: ((اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذكرك، شُكرك ، وَحُسْنِ عبادتك.))
ودعنا لا ننسى أن نشكر الله على ما اعتقدنا أنه شرّ لنا، وعلى ما لم نحط به علمًا وعرفنا بعد زمن أنه رحمة من الله بنا ورأفة بقلوبنا. يجب أن نشكره على ذلك الأمر الذي لم يقدره لنا في الوقت الذي أردناه فيه بقوة، وذاك الشخص الذي أزاله من طريقنا في شدّة تعلّقنا به وذاك المرض الذي ابتلانا به من حيث لا ندري، و على الغربة التي فكّرنا أنها قدر ملعون، وعلى كل المصائب التي ردّتنا إليه ردًّا جميلًا. يستحقّ المولى الشكر الكثير على اختياراته الحكيمة لنا وتدبيره الذي يحمينا دائما حتى من أنفسنا. فهو الغنّي المالك المهيمن لا يزيده شكرنا ولا ينقص منه في شيء، وإنّما ينفعنا لقوله تعالى: {وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ}
يقول عائض القرني أنّ من لا يشكر الله على الخبز الدافئ، لا يشكره على الموائد الشّهيّة والوجبات اللّذيذة، لأن الكَنود الجَحود يرى القليل والكثير سواءً.
إنّ من ينسى أنه يملك سقفا يؤيه وماء يرويه وقوتا يُغدّيه ويؤجل شكر الله ويستمّر في طلب الزيادة والأحسن يُنسيه الله نفسه ويُلهيه في ملذات الدنيا التي لا تنفع روحه في شيء. فليكن رمضان هذه السنة شهرَ شُكر واعتراف لله، نتعوّد فيه على حمد العاطي تحبّبا وطاعة مثلما يتحبّب إلينا سبحانه بالأرزاق والنعم الوفيرة.