أقام نادي القصة ندوة لمناقشة رواية زمن نجوى وهدان للأديب مجدي جعفر وقام بتقديمها الدكتور شريف الجيار وقاربها نقديا الدكتور حسين حمودة بحضور عددا من الأدباء, الأساتذة يوسف الشاروني ومحمد قطب ووائل وجدي وخليل الجيزاوي ومحمد سليمان وآخرون، وقال شريف الجيار في تقديمه : إن مجدي جعفر بهذه ( المسرواية ) قد دخل عش الدبابير وعلينا أن نبحث في النواحي الفنية عن الفن الروائي والفن المسرحي فيها ومدى توفيق الكاتب في الموائمة بينهما، وقال فى تقديمه لمجدي جعفر : صدر له عددا من الأعمال الإبداعية توزعت بين القصة والرواية ، ومن إصداراته القصصية ( أصداء رحلة شاب، أم دغش، الزيارة وتحولات الرؤى ) ومن إصداراته الروائية ( أميرة البدو) و ( زمن نجوى وهدان ) وهي محل الدراسة اليوم وقد لاقت أعماله حفاوة نقدية كبيرة حظيت بثلاث كتب نقدية، الكتاب الأول لمجموعة مؤلفين من النقاد والكُتّاب بعنوان ( مجدي جعفر أديب على مشارف الوصول ) وهو نظرات ورؤى ودراسات نقدية في مجموعته أصداء رحلة شاب وروايته أميرة البدو، والكتابين الآخرين للدكتور نادر عبدالخالق الأول بعنوان ( الصورة والقصة – دراسة في العلاقات والأركان – قصص مجدي جعفر نموذجا ) واقتصر على دراسة المجموعة القصصية أم دغش لمجدي جعفر، والكتاب الثاني بعنوان ( الرواية الجديدة –دراسات تطبيقية) واقتصرت هذه الدراسات على رواية ( زمن نجوى وهدان )
وتناول الدكتور حسين حمودة العمل من خلال سبعة عناوين رئيسية وهي : العنوان، الشخصيات الأساسية، فكرة الزمن وسطوة الماضي، بعض القضايا التي أثارتها الرواية، ملامح السرد الروائي والتقديم المسرحي، بعض التقنيات الفنية، بعض المستويات اللغوية.
وقال "إن العنوان ( زمن نجوى وهدان ) يحيلنا في هذه المسرواية كمدخل للتناول وكمدخل لبناء العمل، وهذه المسرواية لمجدي جعفر تحيلنا أيضا إلى تداخل الأنواع وتذكرنا من جديد بالقيمة الكبرى للرواية التي تمتص طرائق سرد عديدة وتغتني بنصوص متنوعة .
العنوان الرئيس ( زمن نجوى وهدان ) زمن ما بعد تحول شخصية نجوى، فكان لها اسمها الآخر وعالمها الآخر، زمنها هو زمن الصعود ( زمن الانفتاح ) – وشخصية نجوى معلما لهذا الزمن، واختزال له، فميلادها الحقيقي جاء مع قرار الانفتاح ! والذي يجمع نجوى بالناقد أن كلاهما من خارج القاهرة، وانتماء كل منهما إلى عالم يبدو على هامش العالم ( الانتماء الأول ) فعالم الناقد قريبا من عالم الحيوانات وعالم نجوى قريبا من عالم الموتى، والزمن المرجعي في هذه المسرواية يحيل إلى فترة تاريخية محددة وهي فترة الانفتاح ، وفترة الانفتاح هي فترة فارقة , ومحاولات عودة الناقد إلى عالم الفلاح عالمه الأول ومحاولات نجوى أيضا وربما هذه المحاولات التي تبوء بالفشل مرجعها إلى عدم القدرة على الانفصال عن الزمن الأول ، وتُحتسى خمورا كثيرة ، وسياقات مركبة للتحول والعودة إلى الماضي – الرحم الأول .
وعن التداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي قال د . حسين حمودة " تقديم الكاتب مجدي جعفر في بداية المشاهد استخدم فيه اللغة المحايدة تتوقف لتوصيف ما بداخل المشهد ( مرئي) يعتمد على حاسة البصر، واستشهد الناقد من الرواية بمشاهد كثيرة ليؤكد أنه بمثابة القانون وقد ألزم مجدي نفسه به وهذا القانون بدأ من الصفحة الأولى وظل يتنامى على مدى الصفحات وبطول العمل تقريبا، يبدأ بلغة مجردة حيادية ثم يتحول إلى لغة ذاتية تنزع نزوعا شعريا محلقا ومجنحا.
وعن بعض التقنيات التي استخدمها مجدي جعفر أوجزها في :
1 – المزاوجة بين صوتين، صوت داخلي مستتر، كامن داخل الشخصية، وصوت معلن خارج الشخصية.
2 – استخدم الكاتب بعض الأساليب المسرحية في توصيف حالات المتحاورين أثناء حواراتهم .
3 – الفجوات والقفزات الزمنية بين المشاهد والمقاطع السردية واتخذ الناقد المشهد رقم (3 ) للتدليل وتتصل هذه التقنية بسريان الزمن واستخدام الكاتب لأزمنة متعددة في نطاق مكاني واحد تقريبا ومحدود.
4 – استخدم مفردات ثلاثة كوسيلة للولوج إلى العوالم الداخلية للشخصيات وهي : البوح، الفضفضة، الحكي
5 – تحول الشخصيات من نمط إلى نمط ( هناك تحول أساسي من هنومة إلى نجوى، من هامش الحياة إلى سدة الحياة، والناقد كذلك، بجانب التحول الواقعي الفعلي، وهناك تحولات كثيرة كانت تتم بين لحظة وأخرى واستخدم الكاتب ( المعالجة السريرية ) لتتحول الشخصيات تحولا مغايرا عندما يتقمص دور الطبيب النفسي .
وعن اللغة أشاد الدكتور حسين بلغة الكاتب وقال أنها لغة سليمة إلى حد بعيد ولم يصادف خطئا أثناء القراءة .
وتقدم الأديب أحمد عبده بمداخلة نقدية قال : انقسم الزمن | الواقع، وتعدد عند الكُتّاب، وهو ليس انقسام الخلايا الحية، الحميدة، ولكنه انقسام الخلايا السرطانية، ليس في افرازها المتكاثر، ولكن في تشظيها، وتشرذمها، وأنانيتها، واحتكارها وتسلطها ومآلها الأسود الذي ينتهي بالجسد، وهو نوع من البكاء والنعي على ما آل إليه الواقع، ومحاولة لرصد ما يشغي في جحر هذا الواقع، فكاتب عنده زمن الراقصة فلانة ، وآخر عنده زمن الانتهازي فلان ، وثالث عنده الزمن زمن السياسي كذا... ، وبهذا المفهوم قد نجد عند الكاتب الواحد أكثر من زمن في وقت واحد . وحينما صنع كاتبنا مجدي جعفر روايته عن زمن نجوى وهدان وبناء على ما تقدم ، يبرز السؤال: ومن هي نجوى وهدان هذه ؟ وما خصائص زمنها ؟ وما سماتها هي لكي تكون علما على زمن بأكمله ؟ إنها هنا صاحبة المال والجمال .. ثم الموهبة ، ومن كلمة( ثُم ) هذه جاءت مفارقات الرواية ، نجوى وهدان بطلة رواية مجدي جعفر هي ظاهرة استهلاكية ، هي ابنة لعالم من التحولات النفسية أكثر منها تحولات اجتماعية يمر بها الوطن، ولقد لجأ الكاتب إلى تقنية الاسترجاع , ليستبطن بها داخل الشخصيات ويستدعي ماضيهم التعس في مواجهة الواقع، ويتم هذا بطريقة ( غرائبية ) وهذه الغرائبية هي ما أخرجت الرواية من التماس والتشابه مع روايات التحرش والرشوة الجنسية ( البورنو )، أسلوب تداعي حر من نجوى وهدان الجميلة الغنية بنت العالم الأزهري , وهي بالأساس فقيرة وابنة لتربي، وتداعي حر آخر من الدكتور، الناقد، ذئب النساء وهو بالأساس مخصي وابن كلاف يعمل أجيرا في خدمة بهائم الباشا، هذا الأسلوب وهذه المعالجة , وإن بدت مغايرة ولكنها جاءت كمقدمة لمواقف عمقت ديناميكية الرواية، والتحليل النفسي جاء بمقدمات أدت إلى نتائج .. هي مايريد الكاتب | الراوي.. أن يصل إليها. واستخدامه لطريقة البوح والفضفضة في غياب الوعي تحت تأثير الخمر عن طريق المعالجة السريرية هي الإدهاش الذي خرج بالرواية عن المألوف، بالكشف من خلال هذا البوح عن الأسرار والخصوصيات التي لا يحب أحد أن يجاهر بها وهو في حالة الوعي . أمسك الكاتب بخيوط الرواية حتى كاد أن يشبعنا ويقنعنا بخصائص زمن نجوى وهدان ، وإن جاءت الرواية في بدايتها متعجلة فكان على الكاتب التمهيد ولو قليلا لتبربر جرأة الناقد في أول لقائه بنجوى هذه .
وفي مداخلة للأديب وائل وجدي قال :
يظن بعض الأدباء ؛ أن الإبداع موهبة فقط ؛ لا تستلزم جهدا ومثابرة ودأبًا ؛ حتى تثمر في النهاية إبداعًا جميلاً ؛ تسربل المتلقي بالدهشة والانتشاء .
والكاتب مجدي جعفر ؛ من الأدباء الذين يأخذون الإبداع ؛ بفهم واع وإدراك لمسئوليته ؛ في تطوير إبداعه من ناحية الشكل والمضمون ؛ دون ضجيج وافتعال .
وحديثًا ؛ هلت علينا ثمرة جديدة من إبداعه الجميل ؛ الذي يصوغه بنفسه الشفيفة ، وروحه الوثابة إلى اقتناص الفكرة التي تصاغ بالشكل الملائم لها.
إنها مسرواية - زمن نجوى وهدان ؛ لاعتمادها على الحوار ؛ في بث الأحداث ، والكشف عن مكنون الشخصيات ؛ مع السرد الخارجي للمكان ؛ وانفعالات الشخصيات ؛ صوب الأحداث . وهذه التجربة الإبداعية ؛ التي تمزج بين الحوار المسرحي والسرد ؛ قل من يقترب منها ؛ لصعوبتها ؛ ولا تدخل في إطار الموضة السائدة في الإبداع ؛ وبالطبع لا نستطيع أن ننسى (بنك القلق) للرائد والمبدع الكبير توفيق الحكيم .
يأخذنا الفنان إلى زمن نجوى وهدان - زمن الانفتاح الاقتصادي- ؛ وكيفية السعي وراء المال فقط ؛ بغض النظر عن المثل والأخلاق المجتمعية ؛ والمتاجرة بكل شي.. المهم كم زادت الملايين ؟ دون ال الاهتمام بالكيفية . بث هذه الفكرة ونسجها فنيا ببراعة واقتدار ؛ دون المباشرة المقيتة .
إن شخصيات- زمن نجوى وهدان - محدودة تنحصر في الدكتور الناقد ، ونجوى ؛ أما باقي الشخصيات ؛ فإنها شخصيات ثانوية , ومحدودة أيضًا , والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاريء المتابع لأعمال الكاتب .. هل نجح في تجربة المزاوجة بين الحوار المسرحي والسرد ؛ أم أنه لم يوفق ؟
والحقيقة ؛ أن الروائي مجدي جعفر ؛ قد نجح في المزج بين السرد الخارجي للشخصيات والمكان ؛ وتحلت بالتكثيف والبراعة ؛ لم أشعر بأي نتوءات لا يستلزمها العمل الإبداعي . أما الحوار فقد نجح في صياغته , متنامي دراميا في الكشف عن مكنون الشخصية بسلاسة وعذوبة لافتة . ولكن في بعض الأحايين استخدم بعض الكلمات العامية المصرية ؛ وهو أمر لا أحبذه ، ولا أجد ضرورة فنية له .
وكانت النهاية بما لها من دلالات موفقة ؛ تدل على الموهبة , وفهمه الجيد , لدور المبدع ؛ متي ينهي العمل عند ؛ هذه النقطة - تحديدًا - ويترك القلم .
واستنكرت الكاتبة منى ماهر إمكانية حدوث هذا من المرأة على أرض الواقع , ونفت وجود هذا النموذج في الوسط الأدبي والثقافي , هذا العالم الذي ينشد المثالية ، واختلف معها الكاتب محمد كمال وأشاد ببراعة الكاتب وواقعية الرواية وفنيتها مركزا على مشهدين بالرواية , مشهد ممارسة الحب داخل المقبرة , ومشهد النهاية , لإقترانهما بالانفتاح هنا والانفتاح هناك , والفلوس والقلم والعلاقة بينهما في زمننا النكد هذا , وما جره هذا على الوطن، وقال الأديب خليل الجيزاوي إنه مستعد لذكر عددا غير قليل من أمثال هذا الناقد وهذه الدعية الذين أفسدوا حياتنا الثقافية والأدبية ولكني لا أريد أن أحصر الرواية في هذه الزاوية الضيقة هى بالأساس تعبر عن حال مجتمع وصعود طبقات وانحسار طبقات .
زمن نجوى وهدان لمجدي جعفر والتداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي
كتب / أحمد عبده
أقام نادي القصة ندوة لمناقشة رواية زمن نجوى وهدان للأديب مجدي جعفر وقام بتقديمها الدكتور شريف الجيار وقاربها نقديا الدكتور حسين حمودة بحضور عددا من الأدباء, الأساتذة يوسف الشاروني ومحمد قطب ووائل وجدي وخليل الجيزاوي ومحمد سليمان وآخرون، وقال شريف الجيار في تقديمه : إن مجدي جعفر بهذه ( المسرواية ) قد دخل عش الدبابير وعلينا أن نبحث في النواحي الفنية عن الفن الروائي والفن المسرحي فيها ومدى توفيق الكاتب في الموائمة بينهما، وقال فى تقديمه لمجدي جعفر : صدر له عددا من الأعمال الإبداعية توزعت بين القصة والرواية ، ومن إصداراته القصصية ( أصداء رحلة شاب، أم دغش، الزيارة وتحولات الرؤى ) ومن إصداراته الروائية ( أميرة البدو) و ( زمن نجوى وهدان ) وهي محل الدراسة اليوم وقد لاقت أعماله حفاوة نقدية كبيرة حظيت بثلاث كتب نقدية، الكتاب الأول لمجموعة مؤلفين من النقاد والكُتّاب بعنوان ( مجدي جعفر أديب على مشارف الوصول ) وهو نظرات ورؤى ودراسات نقدية في مجموعته أصداء رحلة شاب وروايته أميرة البدو، والكتابين الآخرين للدكتور نادر عبدالخالق الأول بعنوان ( الصورة والقصة – دراسة في العلاقات والأركان – قصص مجدي جعفر نموذجا ) واقتصر على دراسة المجموعة القصصية أم دغش لمجدي جعفر، والكتاب الثاني بعنوان ( الرواية الجديدة –دراسات تطبيقية) واقتصرت هذه الدراسات على رواية ( زمن نجوى وهدان )
وتناول الدكتور حسين حمودة العمل من خلال سبعة عناوين رئيسية وهي : العنوان، الشخصيات الأساسية، فكرة الزمن وسطوة الماضي، بعض القضايا التي أثارتها الرواية، ملامح السرد الروائي والتقديم المسرحي، بعض التقنيات الفنية، بعض المستويات اللغوية.
وقال "إن العنوان ( زمن نجوى وهدان ) يحيلنا في هذه المسرواية كمدخل للتناول وكمدخل لبناء العمل، وهذه المسرواية لمجدي جعفر تحيلنا أيضا إلى تداخل الأنواع وتذكرنا من جديد بالقيمة الكبرى للرواية التي تمتص طرائق سرد عديدة وتغتني بنصوص متنوعة .
العنوان الرئيس ( زمن نجوى وهدان ) زمن ما بعد تحول شخصية نجوى، فكان لها اسمها الآخر وعالمها الآخر، زمنها هو زمن الصعود ( زمن الانفتاح ) – وشخصية نجوى معلما لهذا الزمن، واختزال له، فميلادها الحقيقي جاء مع قرار الانفتاح ! والذي يجمع نجوى بالناقد أن كلاهما من خارج القاهرة، وانتماء كل منهما إلى عالم يبدو على هامش العالم ( الانتماء الأول ) فعالم الناقد قريبا من عالم الحيوانات وعالم نجوى قريبا من عالم الموتى، والزمن المرجعي في هذه المسرواية يحيل إلى فترة تاريخية محددة وهي فترة الانفتاح ، وفترة الانفتاح هي فترة فارقة , ومحاولات عودة الناقد إلى عالم الفلاح عالمه الأول ومحاولات نجوى أيضا وربما هذه المحاولات التي تبوء بالفشل مرجعها إلى عدم القدرة على الانفصال عن الزمن الأول ، وتُحتسى خمورا كثيرة ، وسياقات مركبة للتحول والعودة إلى الماضي – الرحم الأول .
وعن التداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي قال د . حسين حمودة " تقديم الكاتب مجدي جعفر في بداية المشاهد استخدم فيه اللغة المحايدة تتوقف لتوصيف ما بداخل المشهد ( مرئي) يعتمد على حاسة البصر، واستشهد الناقد من الرواية بمشاهد كثيرة ليؤكد أنه بمثابة القانون وقد ألزم مجدي نفسه به وهذا القانون بدأ من الصفحة الأولى وظل يتنامى على مدى الصفحات وبطول العمل تقريبا، يبدأ بلغة مجردة حيادية ثم يتحول إلى لغة ذاتية تنزع نزوعا شعريا محلقا ومجنحا.
وعن بعض التقنيات التي استخدمها مجدي جعفر أوجزها في :
1 – المزاوجة بين صوتين، صوت داخلي مستتر، كامن داخل الشخصية، وصوت معلن خارج الشخصية.
2 – استخدم الكاتب بعض الأساليب المسرحية في توصيف حالات المتحاورين أثناء حواراتهم .
3 – الفجوات والقفزات الزمنية بين المشاهد والمقاطع السردية واتخذ الناقد المشهد رقم (3 ) للتدليل وتتصل هذه التقنية بسريان الزمن واستخدام الكاتب لأزمنة متعددة في نطاق مكاني واحد تقريبا ومحدود.
4 – استخدم مفردات ثلاثة كوسيلة للولوج إلى العوالم الداخلية للشخصيات وهي : البوح، الفضفضة، الحكي
5 – تحول الشخصيات من نمط إلى نمط ( هناك تحول أساسي من هنومة إلى نجوى، من هامش الحياة إلى سدة الحياة، والناقد كذلك، بجانب التحول الواقعي الفعلي، وهناك تحولات كثيرة كانت تتم بين لحظة وأخرى واستخدم الكاتب ( المعالجة السريرية ) لتتحول الشخصيات تحولا مغايرا عندما يتقمص دور الطبيب النفسي .
وعن اللغة أشاد الدكتور حسين بلغة الكاتب وقال أنها لغة سليمة إلى حد بعيد ولم يصادف خطئا أثناء القراءة .
وتقدم الأديب أحمد عبده بمداخلة نقدية قال : انقسم الزمن | الواقع، وتعدد عند الكُتّاب، وهو ليس انقسام الخلايا الحية، الحميدة، ولكنه انقسام الخلايا السرطانية، ليس في افرازها المتكاثر، ولكن في تشظيها، وتشرذمها، وأنانيتها، واحتكارها وتسلطها ومآلها الأسود الذي ينتهي بالجسد، وهو نوع من البكاء والنعي على ما آل إليه الواقع، ومحاولة لرصد ما يشغي في جحر هذا الواقع، فكاتب عنده زمن الراقصة فلانة ، وآخر عنده زمن الانتهازي فلان ، وثالث عنده الزمن زمن السياسي كذا... ، وبهذا المفهوم قد نجد عند الكاتب الواحد أكثر من زمن في وقت واحد . وحينما صنع كاتبنا مجدي جعفر روايته عن زمن نجوى وهدان وبناء على ما تقدم ، يبرز السؤال: ومن هي نجوى وهدان هذه ؟ وما خصائص زمنها ؟ وما سماتها هي لكي تكون علما على زمن بأكمله ؟ إنها هنا صاحبة المال والجمال .. ثم الموهبة ، ومن كلمة( ثُم ) هذه جاءت مفارقات الرواية ، نجوى وهدان بطلة رواية مجدي جعفر هي ظاهرة استهلاكية ، هي ابنة لعالم من التحولات النفسية أكثر منها تحولات اجتماعية يمر بها الوطن، ولقد لجأ الكاتب إلى تقنية الاسترجاع , ليستبطن بها داخل الشخصيات ويستدعي ماضيهم التعس في مواجهة الواقع، ويتم هذا بطريقة ( غرائبية ) وهذه الغرائبية هي ما أخرجت الرواية من التماس والتشابه مع روايات التحرش والرشوة الجنسية ( البورنو )، أسلوب تداعي حر من نجوى وهدان الجميلة الغنية بنت العالم الأزهري , وهي بالأساس فقيرة وابنة لتربي، وتداعي حر آخر من الدكتور، الناقد، ذئب النساء وهو بالأساس مخصي وابن كلاف يعمل أجيرا في خدمة بهائم الباشا، هذا الأسلوب وهذه المعالجة , وإن بدت مغايرة ولكنها جاءت كمقدمة لمواقف عمقت ديناميكية الرواية، والتحليل النفسي جاء بمقدمات أدت إلى نتائج .. هي مايريد الكاتب | الراوي.. أن يصل إليها. واستخدامه لطريقة البوح والفضفضة في غياب الوعي تحت تأثير الخمر عن طريق المعالجة السريرية هي الإدهاش الذي خرج بالرواية عن المألوف، بالكشف من خلال هذا البوح عن الأسرار والخصوصيات التي لا يحب أحد أن يجاهر بها وهو في حالة الوعي . أمسك الكاتب بخيوط الرواية حتى كاد أن يشبعنا ويقنعنا بخصائص زمن نجوى وهدان ، وإن جاءت الرواية في بدايتها متعجلة فكان على الكاتب التمهيد ولو قليلا لتبربر جرأة الناقد في أول لقائه بنجوى هذه .
وفي مداخلة للأديب وائل وجدي قال :
يظن بعض الأدباء ؛ أن الإبداع موهبة فقط ؛ لا تستلزم جهدا ومثابرة ودأبًا ؛ حتى تثمر في النهاية إبداعًا جميلاً ؛ تسربل المتلقي بالدهشة والانتشاء .
والكاتب مجدي جعفر ؛ من الأدباء الذين يأخذون الإبداع ؛ بفهم واع وإدراك لمسئوليته ؛ في تطوير إبداعه من ناحية الشكل والمضمون ؛ دون ضجيج وافتعال .
وحديثًا ؛ هلت علينا ثمرة جديدة من إبداعه الجميل ؛ الذي يصوغه بنفسه الشفيفة ، وروحه الوثابة إلى اقتناص الفكرة التي تصاغ بالشكل الملائم لها.
إنها مسرواية - زمن نجوى وهدان ؛ لاعتمادها على الحوار ؛ في بث الأحداث ، والكشف عن مكنون الشخصيات ؛ مع السرد الخارجي للمكان ؛ وانفعالات الشخصيات ؛ صوب الأحداث . وهذه التجربة الإبداعية ؛ التي تمزج بين الحوار المسرحي والسرد ؛ قل من يقترب منها ؛ لصعوبتها ؛ ولا تدخل في إطار الموضة السائدة في الإبداع ؛ وبالطبع لا نستطيع أن ننسى (بنك القلق) للرائد والمبدع الكبير توفيق الحكيم .
يأخذنا الفنان إلى زمن نجوى وهدان - زمن الانفتاح الاقتصادي- ؛ وكيفية السعي وراء المال فقط ؛ بغض النظر عن المثل والأخلاق المجتمعية ؛ والمتاجرة بكل شي.. المهم كم زادت الملايين ؟ دون ال الاهتمام بالكيفية . بث هذه الفكرة ونسجها فنيا ببراعة واقتدار ؛ دون المباشرة المقيتة .
إن شخصيات- زمن نجوى وهدان - محدودة تنحصر في الدكتور الناقد ، ونجوى ؛ أما باقي الشخصيات ؛ فإنها شخصيات ثانوية , ومحدودة أيضًا , والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاريء المتابع لأعمال الكاتب .. هل نجح في تجربة المزاوجة بين الحوار المسرحي والسرد ؛ أم أنه لم يوفق ؟
والحقيقة ؛ أن الروائي مجدي جعفر ؛ قد نجح في المزج بين السرد الخارجي للشخصيات والمكان ؛ وتحلت بالتكثيف والبراعة ؛ لم أشعر بأي نتوءات لا يستلزمها العمل الإبداعي . أما الحوار فقد نجح في صياغته , متنامي دراميا في الكشف عن مكنون الشخصية بسلاسة وعذوبة لافتة . ولكن في بعض الأحايين استخدم بعض الكلمات العامية المصرية ؛ وهو أمر لا أحبذه ، ولا أجد ضرورة فنية له .
وكانت النهاية بما لها من دلالات موفقة ؛ تدل على الموهبة , وفهمه الجيد , لدور المبدع ؛ متي ينهي العمل عند ؛ هذه النقطة - تحديدًا - ويترك القلم .
واستنكرت الكاتبة منى ماهر إمكانية حدوث هذا من المرأة على أرض الواقع , ونفت وجود هذا النموذج في الوسط الأدبي والثقافي , هذا العالم الذي ينشد المثالية ، واختلف معها الكاتب محمد كمال وأشاد ببراعة الكاتب وواقعية الرواية وفنيتها مركزا على مشهدين بالرواية , مشهد ممارسة الحب داخل المقبرة , ومشهد النهاية , لإقترانهما بالانفتاح هنا والانفتاح هناك , والفلوس والقلم والعلاقة بينهما في زمننا النكد هذا , وما جره هذا على الوطن، وقال الأديب خليل الجيزاوي إنه مستعد لذكر عددا غير قليل من أمثال هذا الناقد وهذه الدعية الذين أفسدوا حياتنا الثقافية والأدبية ولكني لا أريد أن أحصر الرواية في هذه الزاوية الضيقة هى بالأساس تعبر عن حال مجتمع وصعود طبقات وانحسار طبقات .
وتناول الدكتور حسين حمودة العمل من خلال سبعة عناوين رئيسية وهي : العنوان، الشخصيات الأساسية، فكرة الزمن وسطوة الماضي، بعض القضايا التي أثارتها الرواية، ملامح السرد الروائي والتقديم المسرحي، بعض التقنيات الفنية، بعض المستويات اللغوية.
وقال "إن العنوان ( زمن نجوى وهدان ) يحيلنا في هذه المسرواية كمدخل للتناول وكمدخل لبناء العمل، وهذه المسرواية لمجدي جعفر تحيلنا أيضا إلى تداخل الأنواع وتذكرنا من جديد بالقيمة الكبرى للرواية التي تمتص طرائق سرد عديدة وتغتني بنصوص متنوعة .
العنوان الرئيس ( زمن نجوى وهدان ) زمن ما بعد تحول شخصية نجوى، فكان لها اسمها الآخر وعالمها الآخر، زمنها هو زمن الصعود ( زمن الانفتاح ) – وشخصية نجوى معلما لهذا الزمن، واختزال له، فميلادها الحقيقي جاء مع قرار الانفتاح ! والذي يجمع نجوى بالناقد أن كلاهما من خارج القاهرة، وانتماء كل منهما إلى عالم يبدو على هامش العالم ( الانتماء الأول ) فعالم الناقد قريبا من عالم الحيوانات وعالم نجوى قريبا من عالم الموتى، والزمن المرجعي في هذه المسرواية يحيل إلى فترة تاريخية محددة وهي فترة الانفتاح ، وفترة الانفتاح هي فترة فارقة , ومحاولات عودة الناقد إلى عالم الفلاح عالمه الأول ومحاولات نجوى أيضا وربما هذه المحاولات التي تبوء بالفشل مرجعها إلى عدم القدرة على الانفصال عن الزمن الأول ، وتُحتسى خمورا كثيرة ، وسياقات مركبة للتحول والعودة إلى الماضي – الرحم الأول .
وعن التداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي قال د . حسين حمودة " تقديم الكاتب مجدي جعفر في بداية المشاهد استخدم فيه اللغة المحايدة تتوقف لتوصيف ما بداخل المشهد ( مرئي) يعتمد على حاسة البصر، واستشهد الناقد من الرواية بمشاهد كثيرة ليؤكد أنه بمثابة القانون وقد ألزم مجدي نفسه به وهذا القانون بدأ من الصفحة الأولى وظل يتنامى على مدى الصفحات وبطول العمل تقريبا، يبدأ بلغة مجردة حيادية ثم يتحول إلى لغة ذاتية تنزع نزوعا شعريا محلقا ومجنحا.
وعن بعض التقنيات التي استخدمها مجدي جعفر أوجزها في :
1 – المزاوجة بين صوتين، صوت داخلي مستتر، كامن داخل الشخصية، وصوت معلن خارج الشخصية.
2 – استخدم الكاتب بعض الأساليب المسرحية في توصيف حالات المتحاورين أثناء حواراتهم .
3 – الفجوات والقفزات الزمنية بين المشاهد والمقاطع السردية واتخذ الناقد المشهد رقم (3 ) للتدليل وتتصل هذه التقنية بسريان الزمن واستخدام الكاتب لأزمنة متعددة في نطاق مكاني واحد تقريبا ومحدود.
4 – استخدم مفردات ثلاثة كوسيلة للولوج إلى العوالم الداخلية للشخصيات وهي : البوح، الفضفضة، الحكي
5 – تحول الشخصيات من نمط إلى نمط ( هناك تحول أساسي من هنومة إلى نجوى، من هامش الحياة إلى سدة الحياة، والناقد كذلك، بجانب التحول الواقعي الفعلي، وهناك تحولات كثيرة كانت تتم بين لحظة وأخرى واستخدم الكاتب ( المعالجة السريرية ) لتتحول الشخصيات تحولا مغايرا عندما يتقمص دور الطبيب النفسي .
وعن اللغة أشاد الدكتور حسين بلغة الكاتب وقال أنها لغة سليمة إلى حد بعيد ولم يصادف خطئا أثناء القراءة .
وتقدم الأديب أحمد عبده بمداخلة نقدية قال : انقسم الزمن | الواقع، وتعدد عند الكُتّاب، وهو ليس انقسام الخلايا الحية، الحميدة، ولكنه انقسام الخلايا السرطانية، ليس في افرازها المتكاثر، ولكن في تشظيها، وتشرذمها، وأنانيتها، واحتكارها وتسلطها ومآلها الأسود الذي ينتهي بالجسد، وهو نوع من البكاء والنعي على ما آل إليه الواقع، ومحاولة لرصد ما يشغي في جحر هذا الواقع، فكاتب عنده زمن الراقصة فلانة ، وآخر عنده زمن الانتهازي فلان ، وثالث عنده الزمن زمن السياسي كذا... ، وبهذا المفهوم قد نجد عند الكاتب الواحد أكثر من زمن في وقت واحد . وحينما صنع كاتبنا مجدي جعفر روايته عن زمن نجوى وهدان وبناء على ما تقدم ، يبرز السؤال: ومن هي نجوى وهدان هذه ؟ وما خصائص زمنها ؟ وما سماتها هي لكي تكون علما على زمن بأكمله ؟ إنها هنا صاحبة المال والجمال .. ثم الموهبة ، ومن كلمة( ثُم ) هذه جاءت مفارقات الرواية ، نجوى وهدان بطلة رواية مجدي جعفر هي ظاهرة استهلاكية ، هي ابنة لعالم من التحولات النفسية أكثر منها تحولات اجتماعية يمر بها الوطن، ولقد لجأ الكاتب إلى تقنية الاسترجاع , ليستبطن بها داخل الشخصيات ويستدعي ماضيهم التعس في مواجهة الواقع، ويتم هذا بطريقة ( غرائبية ) وهذه الغرائبية هي ما أخرجت الرواية من التماس والتشابه مع روايات التحرش والرشوة الجنسية ( البورنو )، أسلوب تداعي حر من نجوى وهدان الجميلة الغنية بنت العالم الأزهري , وهي بالأساس فقيرة وابنة لتربي، وتداعي حر آخر من الدكتور، الناقد، ذئب النساء وهو بالأساس مخصي وابن كلاف يعمل أجيرا في خدمة بهائم الباشا، هذا الأسلوب وهذه المعالجة , وإن بدت مغايرة ولكنها جاءت كمقدمة لمواقف عمقت ديناميكية الرواية، والتحليل النفسي جاء بمقدمات أدت إلى نتائج .. هي مايريد الكاتب | الراوي.. أن يصل إليها. واستخدامه لطريقة البوح والفضفضة في غياب الوعي تحت تأثير الخمر عن طريق المعالجة السريرية هي الإدهاش الذي خرج بالرواية عن المألوف، بالكشف من خلال هذا البوح عن الأسرار والخصوصيات التي لا يحب أحد أن يجاهر بها وهو في حالة الوعي . أمسك الكاتب بخيوط الرواية حتى كاد أن يشبعنا ويقنعنا بخصائص زمن نجوى وهدان ، وإن جاءت الرواية في بدايتها متعجلة فكان على الكاتب التمهيد ولو قليلا لتبربر جرأة الناقد في أول لقائه بنجوى هذه .
وفي مداخلة للأديب وائل وجدي قال :
يظن بعض الأدباء ؛ أن الإبداع موهبة فقط ؛ لا تستلزم جهدا ومثابرة ودأبًا ؛ حتى تثمر في النهاية إبداعًا جميلاً ؛ تسربل المتلقي بالدهشة والانتشاء .
والكاتب مجدي جعفر ؛ من الأدباء الذين يأخذون الإبداع ؛ بفهم واع وإدراك لمسئوليته ؛ في تطوير إبداعه من ناحية الشكل والمضمون ؛ دون ضجيج وافتعال .
وحديثًا ؛ هلت علينا ثمرة جديدة من إبداعه الجميل ؛ الذي يصوغه بنفسه الشفيفة ، وروحه الوثابة إلى اقتناص الفكرة التي تصاغ بالشكل الملائم لها.
إنها مسرواية - زمن نجوى وهدان ؛ لاعتمادها على الحوار ؛ في بث الأحداث ، والكشف عن مكنون الشخصيات ؛ مع السرد الخارجي للمكان ؛ وانفعالات الشخصيات ؛ صوب الأحداث . وهذه التجربة الإبداعية ؛ التي تمزج بين الحوار المسرحي والسرد ؛ قل من يقترب منها ؛ لصعوبتها ؛ ولا تدخل في إطار الموضة السائدة في الإبداع ؛ وبالطبع لا نستطيع أن ننسى (بنك القلق) للرائد والمبدع الكبير توفيق الحكيم .
يأخذنا الفنان إلى زمن نجوى وهدان - زمن الانفتاح الاقتصادي- ؛ وكيفية السعي وراء المال فقط ؛ بغض النظر عن المثل والأخلاق المجتمعية ؛ والمتاجرة بكل شي.. المهم كم زادت الملايين ؟ دون ال الاهتمام بالكيفية . بث هذه الفكرة ونسجها فنيا ببراعة واقتدار ؛ دون المباشرة المقيتة .
إن شخصيات- زمن نجوى وهدان - محدودة تنحصر في الدكتور الناقد ، ونجوى ؛ أما باقي الشخصيات ؛ فإنها شخصيات ثانوية , ومحدودة أيضًا , والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاريء المتابع لأعمال الكاتب .. هل نجح في تجربة المزاوجة بين الحوار المسرحي والسرد ؛ أم أنه لم يوفق ؟
والحقيقة ؛ أن الروائي مجدي جعفر ؛ قد نجح في المزج بين السرد الخارجي للشخصيات والمكان ؛ وتحلت بالتكثيف والبراعة ؛ لم أشعر بأي نتوءات لا يستلزمها العمل الإبداعي . أما الحوار فقد نجح في صياغته , متنامي دراميا في الكشف عن مكنون الشخصية بسلاسة وعذوبة لافتة . ولكن في بعض الأحايين استخدم بعض الكلمات العامية المصرية ؛ وهو أمر لا أحبذه ، ولا أجد ضرورة فنية له .
وكانت النهاية بما لها من دلالات موفقة ؛ تدل على الموهبة , وفهمه الجيد , لدور المبدع ؛ متي ينهي العمل عند ؛ هذه النقطة - تحديدًا - ويترك القلم .
واستنكرت الكاتبة منى ماهر إمكانية حدوث هذا من المرأة على أرض الواقع , ونفت وجود هذا النموذج في الوسط الأدبي والثقافي , هذا العالم الذي ينشد المثالية ، واختلف معها الكاتب محمد كمال وأشاد ببراعة الكاتب وواقعية الرواية وفنيتها مركزا على مشهدين بالرواية , مشهد ممارسة الحب داخل المقبرة , ومشهد النهاية , لإقترانهما بالانفتاح هنا والانفتاح هناك , والفلوس والقلم والعلاقة بينهما في زمننا النكد هذا , وما جره هذا على الوطن، وقال الأديب خليل الجيزاوي إنه مستعد لذكر عددا غير قليل من أمثال هذا الناقد وهذه الدعية الذين أفسدوا حياتنا الثقافية والأدبية ولكني لا أريد أن أحصر الرواية في هذه الزاوية الضيقة هى بالأساس تعبر عن حال مجتمع وصعود طبقات وانحسار طبقات .
زمن نجوى وهدان لمجدي جعفر والتداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي
كتب / أحمد عبده
أقام نادي القصة ندوة لمناقشة رواية زمن نجوى وهدان للأديب مجدي جعفر وقام بتقديمها الدكتور شريف الجيار وقاربها نقديا الدكتور حسين حمودة بحضور عددا من الأدباء, الأساتذة يوسف الشاروني ومحمد قطب ووائل وجدي وخليل الجيزاوي ومحمد سليمان وآخرون، وقال شريف الجيار في تقديمه : إن مجدي جعفر بهذه ( المسرواية ) قد دخل عش الدبابير وعلينا أن نبحث في النواحي الفنية عن الفن الروائي والفن المسرحي فيها ومدى توفيق الكاتب في الموائمة بينهما، وقال فى تقديمه لمجدي جعفر : صدر له عددا من الأعمال الإبداعية توزعت بين القصة والرواية ، ومن إصداراته القصصية ( أصداء رحلة شاب، أم دغش، الزيارة وتحولات الرؤى ) ومن إصداراته الروائية ( أميرة البدو) و ( زمن نجوى وهدان ) وهي محل الدراسة اليوم وقد لاقت أعماله حفاوة نقدية كبيرة حظيت بثلاث كتب نقدية، الكتاب الأول لمجموعة مؤلفين من النقاد والكُتّاب بعنوان ( مجدي جعفر أديب على مشارف الوصول ) وهو نظرات ورؤى ودراسات نقدية في مجموعته أصداء رحلة شاب وروايته أميرة البدو، والكتابين الآخرين للدكتور نادر عبدالخالق الأول بعنوان ( الصورة والقصة – دراسة في العلاقات والأركان – قصص مجدي جعفر نموذجا ) واقتصر على دراسة المجموعة القصصية أم دغش لمجدي جعفر، والكتاب الثاني بعنوان ( الرواية الجديدة –دراسات تطبيقية) واقتصرت هذه الدراسات على رواية ( زمن نجوى وهدان )
وتناول الدكتور حسين حمودة العمل من خلال سبعة عناوين رئيسية وهي : العنوان، الشخصيات الأساسية، فكرة الزمن وسطوة الماضي، بعض القضايا التي أثارتها الرواية، ملامح السرد الروائي والتقديم المسرحي، بعض التقنيات الفنية، بعض المستويات اللغوية.
وقال "إن العنوان ( زمن نجوى وهدان ) يحيلنا في هذه المسرواية كمدخل للتناول وكمدخل لبناء العمل، وهذه المسرواية لمجدي جعفر تحيلنا أيضا إلى تداخل الأنواع وتذكرنا من جديد بالقيمة الكبرى للرواية التي تمتص طرائق سرد عديدة وتغتني بنصوص متنوعة .
العنوان الرئيس ( زمن نجوى وهدان ) زمن ما بعد تحول شخصية نجوى، فكان لها اسمها الآخر وعالمها الآخر، زمنها هو زمن الصعود ( زمن الانفتاح ) – وشخصية نجوى معلما لهذا الزمن، واختزال له، فميلادها الحقيقي جاء مع قرار الانفتاح ! والذي يجمع نجوى بالناقد أن كلاهما من خارج القاهرة، وانتماء كل منهما إلى عالم يبدو على هامش العالم ( الانتماء الأول ) فعالم الناقد قريبا من عالم الحيوانات وعالم نجوى قريبا من عالم الموتى، والزمن المرجعي في هذه المسرواية يحيل إلى فترة تاريخية محددة وهي فترة الانفتاح ، وفترة الانفتاح هي فترة فارقة , ومحاولات عودة الناقد إلى عالم الفلاح عالمه الأول ومحاولات نجوى أيضا وربما هذه المحاولات التي تبوء بالفشل مرجعها إلى عدم القدرة على الانفصال عن الزمن الأول ، وتُحتسى خمورا كثيرة ، وسياقات مركبة للتحول والعودة إلى الماضي – الرحم الأول .
وعن التداخل بين السرد الروائي والتقديم المسرحي قال د . حسين حمودة " تقديم الكاتب مجدي جعفر في بداية المشاهد استخدم فيه اللغة المحايدة تتوقف لتوصيف ما بداخل المشهد ( مرئي) يعتمد على حاسة البصر، واستشهد الناقد من الرواية بمشاهد كثيرة ليؤكد أنه بمثابة القانون وقد ألزم مجدي نفسه به وهذا القانون بدأ من الصفحة الأولى وظل يتنامى على مدى الصفحات وبطول العمل تقريبا، يبدأ بلغة مجردة حيادية ثم يتحول إلى لغة ذاتية تنزع نزوعا شعريا محلقا ومجنحا.
وعن بعض التقنيات التي استخدمها مجدي جعفر أوجزها في :
1 – المزاوجة بين صوتين، صوت داخلي مستتر، كامن داخل الشخصية، وصوت معلن خارج الشخصية.
2 – استخدم الكاتب بعض الأساليب المسرحية في توصيف حالات المتحاورين أثناء حواراتهم .
3 – الفجوات والقفزات الزمنية بين المشاهد والمقاطع السردية واتخذ الناقد المشهد رقم (3 ) للتدليل وتتصل هذه التقنية بسريان الزمن واستخدام الكاتب لأزمنة متعددة في نطاق مكاني واحد تقريبا ومحدود.
4 – استخدم مفردات ثلاثة كوسيلة للولوج إلى العوالم الداخلية للشخصيات وهي : البوح، الفضفضة، الحكي
5 – تحول الشخصيات من نمط إلى نمط ( هناك تحول أساسي من هنومة إلى نجوى، من هامش الحياة إلى سدة الحياة، والناقد كذلك، بجانب التحول الواقعي الفعلي، وهناك تحولات كثيرة كانت تتم بين لحظة وأخرى واستخدم الكاتب ( المعالجة السريرية ) لتتحول الشخصيات تحولا مغايرا عندما يتقمص دور الطبيب النفسي .
وعن اللغة أشاد الدكتور حسين بلغة الكاتب وقال أنها لغة سليمة إلى حد بعيد ولم يصادف خطئا أثناء القراءة .
وتقدم الأديب أحمد عبده بمداخلة نقدية قال : انقسم الزمن | الواقع، وتعدد عند الكُتّاب، وهو ليس انقسام الخلايا الحية، الحميدة، ولكنه انقسام الخلايا السرطانية، ليس في افرازها المتكاثر، ولكن في تشظيها، وتشرذمها، وأنانيتها، واحتكارها وتسلطها ومآلها الأسود الذي ينتهي بالجسد، وهو نوع من البكاء والنعي على ما آل إليه الواقع، ومحاولة لرصد ما يشغي في جحر هذا الواقع، فكاتب عنده زمن الراقصة فلانة ، وآخر عنده زمن الانتهازي فلان ، وثالث عنده الزمن زمن السياسي كذا... ، وبهذا المفهوم قد نجد عند الكاتب الواحد أكثر من زمن في وقت واحد . وحينما صنع كاتبنا مجدي جعفر روايته عن زمن نجوى وهدان وبناء على ما تقدم ، يبرز السؤال: ومن هي نجوى وهدان هذه ؟ وما خصائص زمنها ؟ وما سماتها هي لكي تكون علما على زمن بأكمله ؟ إنها هنا صاحبة المال والجمال .. ثم الموهبة ، ومن كلمة( ثُم ) هذه جاءت مفارقات الرواية ، نجوى وهدان بطلة رواية مجدي جعفر هي ظاهرة استهلاكية ، هي ابنة لعالم من التحولات النفسية أكثر منها تحولات اجتماعية يمر بها الوطن، ولقد لجأ الكاتب إلى تقنية الاسترجاع , ليستبطن بها داخل الشخصيات ويستدعي ماضيهم التعس في مواجهة الواقع، ويتم هذا بطريقة ( غرائبية ) وهذه الغرائبية هي ما أخرجت الرواية من التماس والتشابه مع روايات التحرش والرشوة الجنسية ( البورنو )، أسلوب تداعي حر من نجوى وهدان الجميلة الغنية بنت العالم الأزهري , وهي بالأساس فقيرة وابنة لتربي، وتداعي حر آخر من الدكتور، الناقد، ذئب النساء وهو بالأساس مخصي وابن كلاف يعمل أجيرا في خدمة بهائم الباشا، هذا الأسلوب وهذه المعالجة , وإن بدت مغايرة ولكنها جاءت كمقدمة لمواقف عمقت ديناميكية الرواية، والتحليل النفسي جاء بمقدمات أدت إلى نتائج .. هي مايريد الكاتب | الراوي.. أن يصل إليها. واستخدامه لطريقة البوح والفضفضة في غياب الوعي تحت تأثير الخمر عن طريق المعالجة السريرية هي الإدهاش الذي خرج بالرواية عن المألوف، بالكشف من خلال هذا البوح عن الأسرار والخصوصيات التي لا يحب أحد أن يجاهر بها وهو في حالة الوعي . أمسك الكاتب بخيوط الرواية حتى كاد أن يشبعنا ويقنعنا بخصائص زمن نجوى وهدان ، وإن جاءت الرواية في بدايتها متعجلة فكان على الكاتب التمهيد ولو قليلا لتبربر جرأة الناقد في أول لقائه بنجوى هذه .
وفي مداخلة للأديب وائل وجدي قال :
يظن بعض الأدباء ؛ أن الإبداع موهبة فقط ؛ لا تستلزم جهدا ومثابرة ودأبًا ؛ حتى تثمر في النهاية إبداعًا جميلاً ؛ تسربل المتلقي بالدهشة والانتشاء .
والكاتب مجدي جعفر ؛ من الأدباء الذين يأخذون الإبداع ؛ بفهم واع وإدراك لمسئوليته ؛ في تطوير إبداعه من ناحية الشكل والمضمون ؛ دون ضجيج وافتعال .
وحديثًا ؛ هلت علينا ثمرة جديدة من إبداعه الجميل ؛ الذي يصوغه بنفسه الشفيفة ، وروحه الوثابة إلى اقتناص الفكرة التي تصاغ بالشكل الملائم لها.
إنها مسرواية - زمن نجوى وهدان ؛ لاعتمادها على الحوار ؛ في بث الأحداث ، والكشف عن مكنون الشخصيات ؛ مع السرد الخارجي للمكان ؛ وانفعالات الشخصيات ؛ صوب الأحداث . وهذه التجربة الإبداعية ؛ التي تمزج بين الحوار المسرحي والسرد ؛ قل من يقترب منها ؛ لصعوبتها ؛ ولا تدخل في إطار الموضة السائدة في الإبداع ؛ وبالطبع لا نستطيع أن ننسى (بنك القلق) للرائد والمبدع الكبير توفيق الحكيم .
يأخذنا الفنان إلى زمن نجوى وهدان - زمن الانفتاح الاقتصادي- ؛ وكيفية السعي وراء المال فقط ؛ بغض النظر عن المثل والأخلاق المجتمعية ؛ والمتاجرة بكل شي.. المهم كم زادت الملايين ؟ دون ال الاهتمام بالكيفية . بث هذه الفكرة ونسجها فنيا ببراعة واقتدار ؛ دون المباشرة المقيتة .
إن شخصيات- زمن نجوى وهدان - محدودة تنحصر في الدكتور الناقد ، ونجوى ؛ أما باقي الشخصيات ؛ فإنها شخصيات ثانوية , ومحدودة أيضًا , والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن القاريء المتابع لأعمال الكاتب .. هل نجح في تجربة المزاوجة بين الحوار المسرحي والسرد ؛ أم أنه لم يوفق ؟
والحقيقة ؛ أن الروائي مجدي جعفر ؛ قد نجح في المزج بين السرد الخارجي للشخصيات والمكان ؛ وتحلت بالتكثيف والبراعة ؛ لم أشعر بأي نتوءات لا يستلزمها العمل الإبداعي . أما الحوار فقد نجح في صياغته , متنامي دراميا في الكشف عن مكنون الشخصية بسلاسة وعذوبة لافتة . ولكن في بعض الأحايين استخدم بعض الكلمات العامية المصرية ؛ وهو أمر لا أحبذه ، ولا أجد ضرورة فنية له .
وكانت النهاية بما لها من دلالات موفقة ؛ تدل على الموهبة , وفهمه الجيد , لدور المبدع ؛ متي ينهي العمل عند ؛ هذه النقطة - تحديدًا - ويترك القلم .
واستنكرت الكاتبة منى ماهر إمكانية حدوث هذا من المرأة على أرض الواقع , ونفت وجود هذا النموذج في الوسط الأدبي والثقافي , هذا العالم الذي ينشد المثالية ، واختلف معها الكاتب محمد كمال وأشاد ببراعة الكاتب وواقعية الرواية وفنيتها مركزا على مشهدين بالرواية , مشهد ممارسة الحب داخل المقبرة , ومشهد النهاية , لإقترانهما بالانفتاح هنا والانفتاح هناك , والفلوس والقلم والعلاقة بينهما في زمننا النكد هذا , وما جره هذا على الوطن، وقال الأديب خليل الجيزاوي إنه مستعد لذكر عددا غير قليل من أمثال هذا الناقد وهذه الدعية الذين أفسدوا حياتنا الثقافية والأدبية ولكني لا أريد أن أحصر الرواية في هذه الزاوية الضيقة هى بالأساس تعبر عن حال مجتمع وصعود طبقات وانحسار طبقات .