الهدف من البحث:
قد لا نبالغ إذا قلنا إن العملية التعليمية فى أى زمان لا تخرج عن ستة أركان ؛ فى كل فروع التعليم فى أى مكان:
أولاً: منهج تعليمى:
يتشكل من منظومة العلوم فى حالة من التكامل والترابط العلمى والمعرفى فى إتجاه يوازن بين المواد النظرية والمواد العملية . فالمنهج هو دستور العملية التعليمية المقدس. كما أن توظيف المواد هى القوانين المنفذة لمواد ذلك الدستور. وغياب المنهج كغياب العمود الفقرى عن الجسم . غير أنه يبدو ضرورياَ التأكيد على أن توظيف مفردات كل مادة يعد جزءاً لا يتجزأ من المنهج فهو بمثابة الحواس الخمس بالنسبة لجسم الكائن الحى.
ثانياً: مادة علمية:
وهى المحتوى الموضوعى الذى يركز على مجموعة من المفاهيم والقضايا والقيم والأفكار المترابطة فى إتجاه تعميق الموضوع الرئيسى ، خدمة للهدف المشترك للعملية التعليمية بين المرسل والمستقبل. وهى عملية تستند إلى تحديد ما ينبغى على الطلاب تحصيله إلى جانب تحديد كيفية تحصيله. وذلك يتحقق نظرياً عن طريق التوصيف الخاص
بكل مادة.
ثالثاً: طريقة التوصيل:
وتتمثل فى الأسلوب التعليمى الذى يلجأ إليه المعلم فى إيصال المعلومات المعرفية والعلوم ، وهو يختلف من نظرية تعليمبة إلى نظرية تعليمية أخرى فقد يأخذ شكل التلقين المعرفى ، وقد يتخذ شكلاً مفجراً لطاقات الطلاب وقد يتمثل فى بدء عملية الشرح والتحليل والتوضيح والتثبيت المعلوماتى المعرفى أو العلمى بإنطلاق المعلم من الجزئيات وصولاً إلى الكليات أو إلى حقيقة علمية ثم يبرهن على صدق المنطوق بالأمثلة والشواهد أى أنه يقدر البيّنة ليؤكد صدق الفرض أو الزعم أو الإدعاء. على أن يتحقق ذلك كله عبر التدرج الإتصالى بينه وبين الطلاب.
رابعاً: الوسيلة التعليمية:
هى أداة التعليم أو الوسيط بين الخطاب التعليمى وتلقيه وهى تتدرج ما بين الكتاب والصورة والمادة المذاعة والقراءة وجهاز عرض الصورة التوضيحية أو الإرشادية p rojector أو الشرائح المصورة slides أو الحاسوب أو جهاز عرض الشرائط على جهاز الإذاعة المرئية أو عدسة تكبير الصور.
خامساً: طريقة الإستقبال:
التركيز – الفهم – المناقشة – تدوين رؤوس الموضوعات – التعليق – التساؤلات – إستخدام السبورة – إعادة تلخيصية لموضوع الدرس بأداء أحد الطلاب على زملائه فى وجود المعلم – التسميعية . غير أنه من المستحسن العمل بإستمرار على تنويع محيط المشاركة فى عملية التلقى مع تنويع طريقة التلقى.
سادساً: الهدف المشترك:
من البداهة أن يكون هناك هدف محدد من وراء العملية التعليمية . وقد يكون هدفاً تعليمياً وقد يكون هدفاً تربوياً أو علمياً يتوخى بناء الهيكل الجسمى أو العقلى أو الشعورى أو التخييلى أو التذوقى . وتلك أهداف مشتركة يشترط لتحقيقها موهبة المعلم ورغبة الطالب فى التحصيل المعرفى والعلمى.. وهما يشكلان فى الحقيقة شرطاً واحداً يمكن أن نطلق عليه ( حالة الحضور المشترك أو التفاعل البناء المشترك).
وحالة الحضور المتفاعل والمتنامى تلك بين المعلم وطلابه تقتضى فهم المعلم لطبيعة دوره فى بث روح التعاون والعمل الجماعى والإخلاص أو التفانى بين الطلاب مع تنوع طريقة التلقى لدى الطلاب وتنوع محيط المشاركة إلى جانب التوازن بين عملية الإرسال والإستقبال.
بمعنى أن ما يختار من دراسات بهدف إفادة الطالب يجب أن يتوازن مع مدى إقباله على دراساته ومدى تكيفه . ومدى تكييف خطوات الإتصال بين المعلم والطلاب والدراسات فى ظل الإلزام والإلتزام معاً . بالإضافة إلى توازن الدراسات (المواد العلمية) وطرق التدريس مع المواد التربوية بأن تكون هناك علاقة عضوية وجدلية بين المادة والطريقة والمعلم والطالب بحيث لا يؤثر طرف منها تأثيراً قصرياً على الأطراف الأخرى المشتركة فى العملية التعليمية.
ولا بد من الاخذ فى الإعتبار أن وجود طريقة محددة للتوصيل مع تعذر وجود المادة يشكل نوعاص من التعذر أمام المعلم للوصول إلى غايته. كما أن دسامة المادة مع ضعف الطريقة لا يحقق الهدف المنشوط. وحسن الطريقة يعوض فقر المادة كما أن غزارة المادة تصبح عديمة الجدوى إذا لم تصادف المادة طريقة جيدة. وهذا ما قصدته عندما قلت إن العلاقة بين أطراف العملية التعليمية يجب أن تكون علاقة جدلية.
إشكالية تعليم الفنون:
فإذا جئنا إلى موضوع تعليم الفنون يجب أن نقف عند ثلاث ركائز:
أولها: إن الفنان يفكر بالمادة: اللون – الحجر – الخشب – الجسم – النغمة – النص – الممثل (صوته وجسمه ومشاعره أو جسمه وصوته ومشاعره).
ثانيها: إن العملية التعليمية فى الفنون والآداب لا تخلق الفنان أو الأدب وإنما هى فحسب ، تبلور موهبته وتنظمها أو تمنهجها بعد صقلها . وتخلق لها شخصيتها المنفردة عن غيرها : فهى مرآة الفنان أو الأديب المقعرة18
إشكالية البحث :
تتمحور إشكالية هذا البحث فى مجال التعليم بشكل عام وفى مجال تعليم الفنون وإحاطتها بالمنهج العلمى فى مدى توافق عملية تعليم الفنون مع تلك الأركان المشار إليها بشكل عام ومدى إلتزام العملية التعليمية فى مجال الفن بكل فروعه بعد أن أنشئت المعاهد الفنية للإبداع وبعد أن خرجت أقسام الفنون فى الكليات المختلفة ( الآداب – الفنون الجميلة – الفنون التطبيقية – التربية الفنية – التربية النوعية – التربية الموسيقية – أقسام المسرح بالجامعات المصرية ) العديد من الفنانين والنقاد.
أهم النتائج :
افتقاد معلمى المسرح للمنهج – نقص المعرفة الموسوعية – الميل إلى التدريس باللهجة الدارجة – رطانة خطاب الدرس فى فنون المسرح وركاكة أساليب التدريس – قصور أدوات التوصيل – الميل إلى التلقين فى تدريس الفنون نقص التحصيل النظرى للمعلم – الإحتراف المبكر لطلاب الفن وخاصة فى حقل التمثيل – تهميش النص الأدبى والنظرية النقدية فى دراسة المسرح وخاصة النظريات المعاصرة – غيبة النقد التطبيقى وفق نظرية نقدية ما – نقص ثقافة المحاضر – ظاهرة التغيب المتكرر للمعلم وللطلاب – نقص الأجهزة والقاعات المجهزة – انعدام المتابعة والصيانة .
تخلخل النظام التعليمى مع كل رئاسة جديدة للمعهد أو للكلية لغيبة الفلسفة والمنهجية والموضوعية .
كان المسرح فى الماضى فناً قائماًَ على الموهبة ، ومع طول الممارسة أصبح موهبة تستند إلى الخبرة ، ومع نمو الحياة العلمية وازدارها ارتبطت الفنون بالعلم فأفاد المسرح بالعلم ومع تراكم خبرات فنان المسرح تعددت وجهات النظر والتفاسير والرؤى فأصبح لفن المسرح العديد من النظريات ينتظم المنهج وتصبح الحاجة إلى تصحيح مسار كل فرع من فروع الفن المسرحى قياساً على المرجعية النظرية ، فنشأت المعاهد العلمية لفنون المسرح وأصبح لكل فن من فنونه تخصصاً علمياً يعنى بتعليم الأصول والمفاهيم والنظريات ، كما يعنى بدرس تحليل النص ، ويدرس تحليل العرض المسرحى فى كل عنصر من عناصره ، بل أصبح التحليل أساساً للدراسة فى فن التمثيل كما أصبح أساساً للدراسة فى فن الإخراج وفى المعادل التشكيلى المرئى للنص المسرحى وأصبح أساساً للدراسات النقدية فى إتجاهات النقد القديم (نظرية المثل لأفلاطون ونظرية المحاكاة لأرسطو ) وأساساً للدراسات النقدية الحديثة :
(نظرية التعبير – نظرية التخلق – نظرية الإنعكاس – النظرية العضوية ) وأساساً للدراسات المعاصرة فى النقد (البنيوي ، الشكلانى ، العلاماتى ، النماذجى ، المجال التاريخى ، الظاهراتى ، التلقى ، إستجابة القارئ ، الأسلوبى السياقى ، الثقافى ) إلى أن أصبح التفكيك أساساً فى إتجاه نقد ما بعد الحداثة (التفكيكي ، النسوى ، ما بعد المستعمرات)
أمثلة على رطانة أسلوب المعلم:
وعلى الرغم من ذلك فإن دراسة فنون المسرح وعلومه ، قد أصابها ما أصاب بلادنا من إحباطات وتخللتها شوائب التسطيح والرطانة حتى فى تدريس مادة الإلقاء وهى من أهم المواد العملية التى تؤهل الخطيب والممثل والمحامى والقائد السياسى والقائد الحربى ورجل الإعلام مذيعاً كان أم صحافياً كما تؤهل الكاتب الأديب والشاعر والمغنى ورجل الدولة ورجل القضاء .. ومن الشواهد على ركاكة درس الإلقاء ما جاء على لسان أستاذة الإلقاء 19 فى إحدى محاضراتها : والوقف ممكن أن يكون قصير وممكن أن يكون طويل نسبياً أو ضعف الوقف القصير – وهذا ليه ؟؟ " بناخد الأسئلة دى وهناك تقطيع آخر "
وإلى جانب ركاكة أسلوب توصيل مادة الإلقاء نجد فيها من الرطانة أيضاً : " ما أعمل تمرين ميكانيزم التنفس فى الصمت بأشكاله المختلفة والرياضية بتاعته المختلفة . فمى لا يفتح ولا يقفل فى نفس الوقت – يعنى أنا مش هاقفله "
وإذا كان درس الإلقاء لا يستقيم بغير التدريب العملى فهذا لا يعطى المحاضر الحق فى خلط العامية بالفصحى وإلحاق الفعل المضارع بحرف (الباء) مثل "بناخد" "فبيكون مرقق" "أو بيدلّعوا قوى" "باعلم طفل" كما لا يعطيه الحق فى إستعمال ألفاظ عامية مثل " إيه" ، "ليه" "أنا مش هاقفله " أو " ميكانزم" بديلاً عن "آليات" ولا يعطيه الحق فى رفع ما يجب نصبه " أن يكون قصير " أن يكون طويل " أو يستخدم لفظة "بتاع" أو "بتاعتنا" . إن طريقة التوصيل وإن تطلبت التبسيط ، غير أن ذلك لا يعنى فى بعض الدروس العملية أن يتخلى المحاضر أو المدرس عن قواعد اللغة الوطنية خاصة فى درس الإلقاء فيعطى أمثلة أو تدريباً تطبيقياً فى الإلقاء على قصيدة عامية للأبنودى أو حتى لبيرم على طول قامة بيرم
" فى المازورة الموسيقية بتاعتنا" " بممعنى إننا نحس قد إيه الفترة الزمنية الخاصة بالفاتحة – وده داخلنا إحنا "
" قواعد اللغة نعرفها كلنا وهى فى الكتب – مثل الشرطة والسكون والضمة والكسرة والفاتحة ونقطتين فوق بعض إلخ.. وأشياء أخرى كثيرة جداً .. وهذه كلها وكل حاجة من الحاجات دى لها عندى وقف معين – ليه؟؟ "
" وأن قلت قبل كدة لو المفخم ورققته وأنا بأعلم طفل – فهذا عيب قوى – لكن أفخمه – أفخمه ولا أرققه – المرقق ساعات يرقق جداً – يعنى المذيعات عندنا بيرققوا جداً أو بيدّلعوا قوى – فبيكون مرقق جداً – وطعمه ماسخ قوى والمفخم إذا رققته ينقلب المعنى رأساً على عقب مثل " قلب ، كلب وطابا غير تابا وصار غير سار " 20
فإذا تركنا مثالب تدريس على الإلقاء وفنونه جانباً ونظرنا فى طرق تدريس مادة التعبير الحركى وهى مادة تدرس فى معهد (الباليه ) فى مصر فلسوف تصدمنا ركاكة الأسلوب:
" .. النهاردة يمكن نلتقى فى محاضرة وقد تكون جديدة شوية من المسرح أو على مستوى مختلف شوية عن اللى يمكن أنتم درستوه أو شفتوه .. وإحنا سوف نتكلم فيها عن التعبير الحركة وبالمرة واحنا بنتكلم فى المحاضرة سوف نعطى فرصة إن احنا نشوف عن طريق الفيديو بعض الأفلام من خلال عمل فنى من الفن الرفيع إسمه "الباليه" زى ما احنا عارفين إن إتجاهات المسرح المعاصر أو المسرح الحديث إنه يعتمد على الحركة " سموه المسرح الجسدى سموه المسرح التجريبى سموه بأسماء كثير قوى لكن هو لا يخرج على أنه تعبير بالحركة " 21
فى تحليل الفقرة:
" يمكن نلتقى فى محاضرة " وكأنه لا يعتبر ما يؤديه محاضرة "النهاردة يمكن" "وقد تكون جديدة شوية " وكان يمكنه أن يقول " الآن" أو "اليوم" وأن يقول " جديدة شيئاً ما" و "نحن" "ونحن نتكلم" ولا أدرى لماذا يحاضر الراقص أو أستاذ الرقص الرفيع أو الشعبى بالكلمات إذا كان لا يجيد الحديث سوى بقدميه وبنصفه الأسفل؟!
فإذا جئنا إلى التعريفات والمفاهيم وهى أساس القياس والتأصيل العلمى لا نجد كلاماً عما طرحه الأستاذ فى إفتتاحية خطابه التعليمى كذلك نجد نقصاً فى الثقافة العلمية وجهلاً بالمصطلح العلمى:
" لكن لما نيجى نتكلم بنقول إن المسرح الكلامى لا يستغنى أبداً عن الحركة واحنا بنسميها فى المسرح " الميزانسية" 22 والصحيح (ميزانسين) وكان أجدى به أن يتوقف عند لفظة "عن الحركة" دون الحاجة إلى الخطأ الشنيع الذى لا يقع فيه عامل خشبة المسرح (الأمى).
والأدهى من ذلك ما تجده عن المحاضر نفسه أو عندهما معاً من نقص فى المعرفة الثقافية فى مجال التخصص نفسه.
"المسرحيات والفن والإحساس الفنى والإبداع الفنى باقى ما بقيت الحياة بمعنى إيه؟ إن احنا دلوقتى بنعمل معارض لبيكاسو ومعارض لبيرنارد شو"
أمعقول هذا . عميد المعهد العالى للباليه بأكاديمية الفنون بمصر يحاضر لطلابه فيجعل من جورج برناردشو الكاتب المسرحى والمفكر الإشتراكى العالمى ، الذى حصل على جائزة نوبل فى الأدب فناناً تشكيلياً !!
هذا إلى جانب التسطيح وإنعدام الثقافة العامة "بنشوف أعمال شكسبير وبنسمع أعمال بتهوفن ، بنسمع أعمال بتهوفن ، بنسمع أعمال تشيكوفسكى أعمال فنية عظيمة وكبيرة ما زلنا بنسمعها بنفس العرض اللى اتعرضت بيه أول مرة . وبنفس الأسلوب ونفس الأحاسيس ليه لأن الفن ده بيدوس على أوتار البشر من أول آدم لحد آخر واحد فى الدنيا مش حتتغير أبداً " هل لهذه الأقوال المرسلة أية صلة بالعلم . أين هذا مما قاله هيراقليطس منذ مائتى سنة أو أكثر قبل ميلاد المسيح؟! " أنت لا تستطيع أن تستحم فى النهر مرتين" ؟! أين هذا من إتجاهات النقد الما بعد الحداثى ونظرية التفكيك وقراءة الإسارة " بنسمعها بنفس العرض اللى اتعرضت بيه أول مرة وبنفس الأسلوب وبنفس الأحاسيس "
ومعنى هذا أن الفنانين من عازفين أو عارضين والجمهور هم لم يتغيروا فلا فن ولا فنانين ولا جمهور عبر العصور والأجيال التى تلت بتهوفن وشكسبير وعصر كل منهما ؟! ولا ندرى إذا كان الفن قد عرف منذ آدم أم لا؟! فالأستاذ المحاضر لم يشفع كلامه المرسل بشاهد أو دليل أو حتى قرينة !!
وإذا كان العلم فى أحد تعريفاته هو (القوة التى تهدف إلى المنفعة )23 وفى تعريفات أخرى هو (التفكير فى الحقيقة)24
وإذا كانت عملية دراسة ما تكتسب مسماها من وجود خواص ثلاثة ينهض لها العلم وهى:
"الخاصية الأولى: وجود معارف منظمة فى المجال – موضع الدراسة.
الخاصية الثانية : وجود مناهج بحث لإكتشاف تلك المعارف.
الخاصية الثالثة : إمكان الضبط الكمى لتلك المعارف.
فإن الدراسات بطريق (المحاضرات) المشار إليها وغيرهما ألقى على طلاب الدورات التثقيفية من أساتذة الفن فى أكاديمية الفنون بمصر . ومحاضراتهم لطلابهم فى المعاهد الفنية قد خلت من المعرفة المنظمة فى مجال التخصص وقد خلت من المنهج الذى يكشف عن تلك المعارف وهى على ركاكتها ورطانة أسلوبها وقصورها يتعذر ضبطها ضبطا ً كمياً فإن . ذلك يخرجها عن إطار العلم وينأى بها عن مناهج التعليم وأهدافه ومن ثم تأثيره الأمر الذى نجد معه خريجى المعاهد الفنية (المسرح ،الباليه ، الموسيقى ، التربية النوعية ، رياض الأطفال ) يميلون إلى الإرتجال بعد التخرج والخروج على الأصول التى يجب أن يتأسس عليها الفن فى كل حقل من حقوله الإبداعية الأمر الذى يؤدى بفنان مثل سعيد صالح يقدم إلى المحاكمة لخروجه على النص فى أحد العروض ويحكم عليه بالسجن . ومع ذلك لم يحدث زجر ولم يتحقق ردع . لأن التخلى عن الأصول والمفاهيم الصحيحة فى تعليم الفن وفى المجتمع ككل يعيش منذ 1967 حالة خروج على القيم الإجتماعية فى كل مجالات الحياة بالإضافة إلى أن ذلك يتزايد يوماً بعد يوم منذ 1973م وعصر الإنفتاح الإستهلاكى والتبعية الإقتصادية والثقافية لأمريكا.
أ.د / أبو الحسن سلاّم
قد لا نبالغ إذا قلنا إن العملية التعليمية فى أى زمان لا تخرج عن ستة أركان ؛ فى كل فروع التعليم فى أى مكان:
أولاً: منهج تعليمى:
يتشكل من منظومة العلوم فى حالة من التكامل والترابط العلمى والمعرفى فى إتجاه يوازن بين المواد النظرية والمواد العملية . فالمنهج هو دستور العملية التعليمية المقدس. كما أن توظيف المواد هى القوانين المنفذة لمواد ذلك الدستور. وغياب المنهج كغياب العمود الفقرى عن الجسم . غير أنه يبدو ضرورياَ التأكيد على أن توظيف مفردات كل مادة يعد جزءاً لا يتجزأ من المنهج فهو بمثابة الحواس الخمس بالنسبة لجسم الكائن الحى.
ثانياً: مادة علمية:
وهى المحتوى الموضوعى الذى يركز على مجموعة من المفاهيم والقضايا والقيم والأفكار المترابطة فى إتجاه تعميق الموضوع الرئيسى ، خدمة للهدف المشترك للعملية التعليمية بين المرسل والمستقبل. وهى عملية تستند إلى تحديد ما ينبغى على الطلاب تحصيله إلى جانب تحديد كيفية تحصيله. وذلك يتحقق نظرياً عن طريق التوصيف الخاص
بكل مادة.
ثالثاً: طريقة التوصيل:
وتتمثل فى الأسلوب التعليمى الذى يلجأ إليه المعلم فى إيصال المعلومات المعرفية والعلوم ، وهو يختلف من نظرية تعليمبة إلى نظرية تعليمية أخرى فقد يأخذ شكل التلقين المعرفى ، وقد يتخذ شكلاً مفجراً لطاقات الطلاب وقد يتمثل فى بدء عملية الشرح والتحليل والتوضيح والتثبيت المعلوماتى المعرفى أو العلمى بإنطلاق المعلم من الجزئيات وصولاً إلى الكليات أو إلى حقيقة علمية ثم يبرهن على صدق المنطوق بالأمثلة والشواهد أى أنه يقدر البيّنة ليؤكد صدق الفرض أو الزعم أو الإدعاء. على أن يتحقق ذلك كله عبر التدرج الإتصالى بينه وبين الطلاب.
رابعاً: الوسيلة التعليمية:
هى أداة التعليم أو الوسيط بين الخطاب التعليمى وتلقيه وهى تتدرج ما بين الكتاب والصورة والمادة المذاعة والقراءة وجهاز عرض الصورة التوضيحية أو الإرشادية p rojector أو الشرائح المصورة slides أو الحاسوب أو جهاز عرض الشرائط على جهاز الإذاعة المرئية أو عدسة تكبير الصور.
خامساً: طريقة الإستقبال:
التركيز – الفهم – المناقشة – تدوين رؤوس الموضوعات – التعليق – التساؤلات – إستخدام السبورة – إعادة تلخيصية لموضوع الدرس بأداء أحد الطلاب على زملائه فى وجود المعلم – التسميعية . غير أنه من المستحسن العمل بإستمرار على تنويع محيط المشاركة فى عملية التلقى مع تنويع طريقة التلقى.
سادساً: الهدف المشترك:
من البداهة أن يكون هناك هدف محدد من وراء العملية التعليمية . وقد يكون هدفاً تعليمياً وقد يكون هدفاً تربوياً أو علمياً يتوخى بناء الهيكل الجسمى أو العقلى أو الشعورى أو التخييلى أو التذوقى . وتلك أهداف مشتركة يشترط لتحقيقها موهبة المعلم ورغبة الطالب فى التحصيل المعرفى والعلمى.. وهما يشكلان فى الحقيقة شرطاً واحداً يمكن أن نطلق عليه ( حالة الحضور المشترك أو التفاعل البناء المشترك).
وحالة الحضور المتفاعل والمتنامى تلك بين المعلم وطلابه تقتضى فهم المعلم لطبيعة دوره فى بث روح التعاون والعمل الجماعى والإخلاص أو التفانى بين الطلاب مع تنوع طريقة التلقى لدى الطلاب وتنوع محيط المشاركة إلى جانب التوازن بين عملية الإرسال والإستقبال.
بمعنى أن ما يختار من دراسات بهدف إفادة الطالب يجب أن يتوازن مع مدى إقباله على دراساته ومدى تكيفه . ومدى تكييف خطوات الإتصال بين المعلم والطلاب والدراسات فى ظل الإلزام والإلتزام معاً . بالإضافة إلى توازن الدراسات (المواد العلمية) وطرق التدريس مع المواد التربوية بأن تكون هناك علاقة عضوية وجدلية بين المادة والطريقة والمعلم والطالب بحيث لا يؤثر طرف منها تأثيراً قصرياً على الأطراف الأخرى المشتركة فى العملية التعليمية.
ولا بد من الاخذ فى الإعتبار أن وجود طريقة محددة للتوصيل مع تعذر وجود المادة يشكل نوعاص من التعذر أمام المعلم للوصول إلى غايته. كما أن دسامة المادة مع ضعف الطريقة لا يحقق الهدف المنشوط. وحسن الطريقة يعوض فقر المادة كما أن غزارة المادة تصبح عديمة الجدوى إذا لم تصادف المادة طريقة جيدة. وهذا ما قصدته عندما قلت إن العلاقة بين أطراف العملية التعليمية يجب أن تكون علاقة جدلية.
إشكالية تعليم الفنون:
فإذا جئنا إلى موضوع تعليم الفنون يجب أن نقف عند ثلاث ركائز:
أولها: إن الفنان يفكر بالمادة: اللون – الحجر – الخشب – الجسم – النغمة – النص – الممثل (صوته وجسمه ومشاعره أو جسمه وصوته ومشاعره).
ثانيها: إن العملية التعليمية فى الفنون والآداب لا تخلق الفنان أو الأدب وإنما هى فحسب ، تبلور موهبته وتنظمها أو تمنهجها بعد صقلها . وتخلق لها شخصيتها المنفردة عن غيرها : فهى مرآة الفنان أو الأديب المقعرة18
إشكالية البحث :
تتمحور إشكالية هذا البحث فى مجال التعليم بشكل عام وفى مجال تعليم الفنون وإحاطتها بالمنهج العلمى فى مدى توافق عملية تعليم الفنون مع تلك الأركان المشار إليها بشكل عام ومدى إلتزام العملية التعليمية فى مجال الفن بكل فروعه بعد أن أنشئت المعاهد الفنية للإبداع وبعد أن خرجت أقسام الفنون فى الكليات المختلفة ( الآداب – الفنون الجميلة – الفنون التطبيقية – التربية الفنية – التربية النوعية – التربية الموسيقية – أقسام المسرح بالجامعات المصرية ) العديد من الفنانين والنقاد.
أهم النتائج :
افتقاد معلمى المسرح للمنهج – نقص المعرفة الموسوعية – الميل إلى التدريس باللهجة الدارجة – رطانة خطاب الدرس فى فنون المسرح وركاكة أساليب التدريس – قصور أدوات التوصيل – الميل إلى التلقين فى تدريس الفنون نقص التحصيل النظرى للمعلم – الإحتراف المبكر لطلاب الفن وخاصة فى حقل التمثيل – تهميش النص الأدبى والنظرية النقدية فى دراسة المسرح وخاصة النظريات المعاصرة – غيبة النقد التطبيقى وفق نظرية نقدية ما – نقص ثقافة المحاضر – ظاهرة التغيب المتكرر للمعلم وللطلاب – نقص الأجهزة والقاعات المجهزة – انعدام المتابعة والصيانة .
تخلخل النظام التعليمى مع كل رئاسة جديدة للمعهد أو للكلية لغيبة الفلسفة والمنهجية والموضوعية .
كان المسرح فى الماضى فناً قائماًَ على الموهبة ، ومع طول الممارسة أصبح موهبة تستند إلى الخبرة ، ومع نمو الحياة العلمية وازدارها ارتبطت الفنون بالعلم فأفاد المسرح بالعلم ومع تراكم خبرات فنان المسرح تعددت وجهات النظر والتفاسير والرؤى فأصبح لفن المسرح العديد من النظريات ينتظم المنهج وتصبح الحاجة إلى تصحيح مسار كل فرع من فروع الفن المسرحى قياساً على المرجعية النظرية ، فنشأت المعاهد العلمية لفنون المسرح وأصبح لكل فن من فنونه تخصصاً علمياً يعنى بتعليم الأصول والمفاهيم والنظريات ، كما يعنى بدرس تحليل النص ، ويدرس تحليل العرض المسرحى فى كل عنصر من عناصره ، بل أصبح التحليل أساساً للدراسة فى فن التمثيل كما أصبح أساساً للدراسة فى فن الإخراج وفى المعادل التشكيلى المرئى للنص المسرحى وأصبح أساساً للدراسات النقدية فى إتجاهات النقد القديم (نظرية المثل لأفلاطون ونظرية المحاكاة لأرسطو ) وأساساً للدراسات النقدية الحديثة :
(نظرية التعبير – نظرية التخلق – نظرية الإنعكاس – النظرية العضوية ) وأساساً للدراسات المعاصرة فى النقد (البنيوي ، الشكلانى ، العلاماتى ، النماذجى ، المجال التاريخى ، الظاهراتى ، التلقى ، إستجابة القارئ ، الأسلوبى السياقى ، الثقافى ) إلى أن أصبح التفكيك أساساً فى إتجاه نقد ما بعد الحداثة (التفكيكي ، النسوى ، ما بعد المستعمرات)
أمثلة على رطانة أسلوب المعلم:
وعلى الرغم من ذلك فإن دراسة فنون المسرح وعلومه ، قد أصابها ما أصاب بلادنا من إحباطات وتخللتها شوائب التسطيح والرطانة حتى فى تدريس مادة الإلقاء وهى من أهم المواد العملية التى تؤهل الخطيب والممثل والمحامى والقائد السياسى والقائد الحربى ورجل الإعلام مذيعاً كان أم صحافياً كما تؤهل الكاتب الأديب والشاعر والمغنى ورجل الدولة ورجل القضاء .. ومن الشواهد على ركاكة درس الإلقاء ما جاء على لسان أستاذة الإلقاء 19 فى إحدى محاضراتها : والوقف ممكن أن يكون قصير وممكن أن يكون طويل نسبياً أو ضعف الوقف القصير – وهذا ليه ؟؟ " بناخد الأسئلة دى وهناك تقطيع آخر "
وإلى جانب ركاكة أسلوب توصيل مادة الإلقاء نجد فيها من الرطانة أيضاً : " ما أعمل تمرين ميكانيزم التنفس فى الصمت بأشكاله المختلفة والرياضية بتاعته المختلفة . فمى لا يفتح ولا يقفل فى نفس الوقت – يعنى أنا مش هاقفله "
وإذا كان درس الإلقاء لا يستقيم بغير التدريب العملى فهذا لا يعطى المحاضر الحق فى خلط العامية بالفصحى وإلحاق الفعل المضارع بحرف (الباء) مثل "بناخد" "فبيكون مرقق" "أو بيدلّعوا قوى" "باعلم طفل" كما لا يعطيه الحق فى إستعمال ألفاظ عامية مثل " إيه" ، "ليه" "أنا مش هاقفله " أو " ميكانزم" بديلاً عن "آليات" ولا يعطيه الحق فى رفع ما يجب نصبه " أن يكون قصير " أن يكون طويل " أو يستخدم لفظة "بتاع" أو "بتاعتنا" . إن طريقة التوصيل وإن تطلبت التبسيط ، غير أن ذلك لا يعنى فى بعض الدروس العملية أن يتخلى المحاضر أو المدرس عن قواعد اللغة الوطنية خاصة فى درس الإلقاء فيعطى أمثلة أو تدريباً تطبيقياً فى الإلقاء على قصيدة عامية للأبنودى أو حتى لبيرم على طول قامة بيرم
" فى المازورة الموسيقية بتاعتنا" " بممعنى إننا نحس قد إيه الفترة الزمنية الخاصة بالفاتحة – وده داخلنا إحنا "
" قواعد اللغة نعرفها كلنا وهى فى الكتب – مثل الشرطة والسكون والضمة والكسرة والفاتحة ونقطتين فوق بعض إلخ.. وأشياء أخرى كثيرة جداً .. وهذه كلها وكل حاجة من الحاجات دى لها عندى وقف معين – ليه؟؟ "
" وأن قلت قبل كدة لو المفخم ورققته وأنا بأعلم طفل – فهذا عيب قوى – لكن أفخمه – أفخمه ولا أرققه – المرقق ساعات يرقق جداً – يعنى المذيعات عندنا بيرققوا جداً أو بيدّلعوا قوى – فبيكون مرقق جداً – وطعمه ماسخ قوى والمفخم إذا رققته ينقلب المعنى رأساً على عقب مثل " قلب ، كلب وطابا غير تابا وصار غير سار " 20
فإذا تركنا مثالب تدريس على الإلقاء وفنونه جانباً ونظرنا فى طرق تدريس مادة التعبير الحركى وهى مادة تدرس فى معهد (الباليه ) فى مصر فلسوف تصدمنا ركاكة الأسلوب:
" .. النهاردة يمكن نلتقى فى محاضرة وقد تكون جديدة شوية من المسرح أو على مستوى مختلف شوية عن اللى يمكن أنتم درستوه أو شفتوه .. وإحنا سوف نتكلم فيها عن التعبير الحركة وبالمرة واحنا بنتكلم فى المحاضرة سوف نعطى فرصة إن احنا نشوف عن طريق الفيديو بعض الأفلام من خلال عمل فنى من الفن الرفيع إسمه "الباليه" زى ما احنا عارفين إن إتجاهات المسرح المعاصر أو المسرح الحديث إنه يعتمد على الحركة " سموه المسرح الجسدى سموه المسرح التجريبى سموه بأسماء كثير قوى لكن هو لا يخرج على أنه تعبير بالحركة " 21
فى تحليل الفقرة:
" يمكن نلتقى فى محاضرة " وكأنه لا يعتبر ما يؤديه محاضرة "النهاردة يمكن" "وقد تكون جديدة شوية " وكان يمكنه أن يقول " الآن" أو "اليوم" وأن يقول " جديدة شيئاً ما" و "نحن" "ونحن نتكلم" ولا أدرى لماذا يحاضر الراقص أو أستاذ الرقص الرفيع أو الشعبى بالكلمات إذا كان لا يجيد الحديث سوى بقدميه وبنصفه الأسفل؟!
فإذا جئنا إلى التعريفات والمفاهيم وهى أساس القياس والتأصيل العلمى لا نجد كلاماً عما طرحه الأستاذ فى إفتتاحية خطابه التعليمى كذلك نجد نقصاً فى الثقافة العلمية وجهلاً بالمصطلح العلمى:
" لكن لما نيجى نتكلم بنقول إن المسرح الكلامى لا يستغنى أبداً عن الحركة واحنا بنسميها فى المسرح " الميزانسية" 22 والصحيح (ميزانسين) وكان أجدى به أن يتوقف عند لفظة "عن الحركة" دون الحاجة إلى الخطأ الشنيع الذى لا يقع فيه عامل خشبة المسرح (الأمى).
والأدهى من ذلك ما تجده عن المحاضر نفسه أو عندهما معاً من نقص فى المعرفة الثقافية فى مجال التخصص نفسه.
"المسرحيات والفن والإحساس الفنى والإبداع الفنى باقى ما بقيت الحياة بمعنى إيه؟ إن احنا دلوقتى بنعمل معارض لبيكاسو ومعارض لبيرنارد شو"
أمعقول هذا . عميد المعهد العالى للباليه بأكاديمية الفنون بمصر يحاضر لطلابه فيجعل من جورج برناردشو الكاتب المسرحى والمفكر الإشتراكى العالمى ، الذى حصل على جائزة نوبل فى الأدب فناناً تشكيلياً !!
هذا إلى جانب التسطيح وإنعدام الثقافة العامة "بنشوف أعمال شكسبير وبنسمع أعمال بتهوفن ، بنسمع أعمال بتهوفن ، بنسمع أعمال تشيكوفسكى أعمال فنية عظيمة وكبيرة ما زلنا بنسمعها بنفس العرض اللى اتعرضت بيه أول مرة . وبنفس الأسلوب ونفس الأحاسيس ليه لأن الفن ده بيدوس على أوتار البشر من أول آدم لحد آخر واحد فى الدنيا مش حتتغير أبداً " هل لهذه الأقوال المرسلة أية صلة بالعلم . أين هذا مما قاله هيراقليطس منذ مائتى سنة أو أكثر قبل ميلاد المسيح؟! " أنت لا تستطيع أن تستحم فى النهر مرتين" ؟! أين هذا من إتجاهات النقد الما بعد الحداثى ونظرية التفكيك وقراءة الإسارة " بنسمعها بنفس العرض اللى اتعرضت بيه أول مرة وبنفس الأسلوب وبنفس الأحاسيس "
ومعنى هذا أن الفنانين من عازفين أو عارضين والجمهور هم لم يتغيروا فلا فن ولا فنانين ولا جمهور عبر العصور والأجيال التى تلت بتهوفن وشكسبير وعصر كل منهما ؟! ولا ندرى إذا كان الفن قد عرف منذ آدم أم لا؟! فالأستاذ المحاضر لم يشفع كلامه المرسل بشاهد أو دليل أو حتى قرينة !!
وإذا كان العلم فى أحد تعريفاته هو (القوة التى تهدف إلى المنفعة )23 وفى تعريفات أخرى هو (التفكير فى الحقيقة)24
وإذا كانت عملية دراسة ما تكتسب مسماها من وجود خواص ثلاثة ينهض لها العلم وهى:
"الخاصية الأولى: وجود معارف منظمة فى المجال – موضع الدراسة.
الخاصية الثانية : وجود مناهج بحث لإكتشاف تلك المعارف.
الخاصية الثالثة : إمكان الضبط الكمى لتلك المعارف.
فإن الدراسات بطريق (المحاضرات) المشار إليها وغيرهما ألقى على طلاب الدورات التثقيفية من أساتذة الفن فى أكاديمية الفنون بمصر . ومحاضراتهم لطلابهم فى المعاهد الفنية قد خلت من المعرفة المنظمة فى مجال التخصص وقد خلت من المنهج الذى يكشف عن تلك المعارف وهى على ركاكتها ورطانة أسلوبها وقصورها يتعذر ضبطها ضبطا ً كمياً فإن . ذلك يخرجها عن إطار العلم وينأى بها عن مناهج التعليم وأهدافه ومن ثم تأثيره الأمر الذى نجد معه خريجى المعاهد الفنية (المسرح ،الباليه ، الموسيقى ، التربية النوعية ، رياض الأطفال ) يميلون إلى الإرتجال بعد التخرج والخروج على الأصول التى يجب أن يتأسس عليها الفن فى كل حقل من حقوله الإبداعية الأمر الذى يؤدى بفنان مثل سعيد صالح يقدم إلى المحاكمة لخروجه على النص فى أحد العروض ويحكم عليه بالسجن . ومع ذلك لم يحدث زجر ولم يتحقق ردع . لأن التخلى عن الأصول والمفاهيم الصحيحة فى تعليم الفن وفى المجتمع ككل يعيش منذ 1967 حالة خروج على القيم الإجتماعية فى كل مجالات الحياة بالإضافة إلى أن ذلك يتزايد يوماً بعد يوم منذ 1973م وعصر الإنفتاح الإستهلاكى والتبعية الإقتصادية والثقافية لأمريكا.
أ.د / أبو الحسن سلاّم
Zum Anzeigen anmelden oder registrieren
Sieh dir auf Facebook Beiträge, Fotos und vieles mehr an.
www.facebook.com