هناك فرق كبير بين ما يسمى بالامراض النفسية والامراض العقلية ومع ما اوضحناه في مقال سابق بعدم صحة المصطلح الذي يسمى بالامراض النفسية وانما كلا المرضين هما امراض عقلية وانما الفرق بينهما بان ما يطلق عليه بالمرض العقلي هو خلل وتشوه مادي وبايولوجي في نفس كرة الدماغ او تشوه خلقي فيها وقد يصاحب هذا التشوه في كرة المخ تشوه في معظم انحاء الجسم او في نفس الجمجمة كما يطلق عليه بالمنغولي ويكون ذلك في معظم الحالاات ولادية فيولد الطفل وهو فيه هذا التشوه ويؤدي الى التخلف العقلي فتكون تصرفاته وسلوكه غير طبيعي او سوي مثل باقي البشر فتبدو للناس تصرفات شاذة وغريبة وغير متوازنة كما تكون اما مسالمة او عنفية شرسة ومتقلبة متغيرة المزاج ومضطربة الاحوال 0 وهو مرض صعب العلاج او في كثير من الاحيان مستعصيا ومستحيلا فيعيش المتخلف عقليا منبوذا ومنزويا يعيش داخل عالمه الخاص بعيدا عن سياقات الحياة العامة وفي العادة مثل هذا الشخص يودع في المصحات العامة او في مستشفى المجانين او يحتجز داخل بيت العائلة التي ينتسب لها وحالة هذا المريض بايولوجية تشوهية في كرة المخ ذاتها 000 بينما في الامراض النفسية فهي مجرد عوارض قد تصيب احد اجزاء الوظائف الدماغية بالخلل مع سلامة المخ من الناحية المادية مما يؤدي الى ظهور خلل في التصرفات الظاهرية للمريض نفسيا وشذوذا في سلوكياته عن باقي البشر الطبيعيين مما قد يثير انتباه الناس اليه وازعاج وقلق لاهله او للغرباء من المشاهدين له، وقد صرح يوما من الايام الدكتور جاك عبودي وهو استاذ الامراض العقلية في كلية الطب قبل اكثر من خمسين سنة بانه ليس هناك انسان على وجه الارض لايخل من بعض الخلل ولو الى حد بسيط مهما اعتقد بانه سليم مائة بالمائة بما قد يتعرض له كل انسان من نوع من الضغوط الحياتية التي لابد وان يتعرض لها طالما هو يعيش داخل هذا المجتمع المتأزم وليس هناك مجتمع دون ازمات في أي وقت وفي أي ضرف، ومهما يكن من صحة ما ادعاه الدكتور جاك عبودي في حينه فان ما نشاهده اليوم يدل دلالة اكيدة على صحة الكثير مما ذهب اليه الدكتور من تكالب وتصارع من قبل البشر دون أي مبرر منطقي او معقول، فالمريض النفسي اذا هو مريض على درجات ومستويات مختلفة في الحدة والشدة وقد صنفها بعض اطباء علم النفس من حالة الشوزفرينيا التي يصاب صاحبها بالتهيئات الى النورستانيا وقد تصل الى حد فقدان الذاكرة وهذه تكون نتيجة مشاهدات واحداث مفاجئة ومرعبة او نتيجة صدمة مادية تخلق له خللا وظيفيا في بعض او جميع اجزاء الدماغ وقد يبدو كالمتخلف عقليا في كثير مكن الاحيان فتتغير احواله وتصرفاته بعد ان كان انسانا سويا طبيعيا لا يختلف عن اقرانه من البشر فيبدو انسانا شاذا لاينسجم من خلال هذه التصرفات مع ما يدور داخل مجتمعه 00 ومثل هذا المريض مريض مظهريا من خلال تصرفاته وكلامه الغير متوازن والمشوش او من ردة افعاله الغير متوافقة مع الحياة العامة وتبدو هذه الظواهر بحسب شدة المرض وتأثيره على المريض نفسه وكثيرا ما يتعرض لمثل هذه الامراض المراهقين والمراهقات نتيجة الكبت والقسر الاجتماعي وقد تظهر تصرفاتهم في الحالات الخفيفة على شكل ظواهر مادية تبدو على الجسم كا لا كزمات ا لجلدية او ظهور بثور حب الشباب او تساقط الشعر او على صورة تصرفات كقضم الاظافر او حركات اخرى لجلب الانتباه وغيرها من الاعراض العديدة 00 والامراض النفسية تكون فرص شفائها كبيرة جدا بل قسم منها تزول بزوال عامل الضغط نفسه ويعود الانسان لحالته الطبيعية وفي بعض الاحيان يحتاج الى بعض المعالجات النفسية البسيطة الايحائية او التلقينية او بعض جلسات التنويم المغناطيسي الذ ثبت مفعوله في معظم العلاجات، ومن اجل فهم الفرق بين المرض العقلي والنفسي لابد من العودة لشرح او جه التشابه بين المخ والحاسب الالكتروني كي نستطيع ان نقرب الفكرة الى ذهن القاريء الكريم 00 فالمخ والحاسب الالكتروني ( الكومبيوير ) هو جهاز واحد من حيث التركيب التقني والوظيفي والفرق بينهما هو نوع المادة المصنوعان منها فالمخ مادة لحمية والحاسوب مادة معدنية اما اجزائهما فواحدة تماما وعملهما متناضر ايضا فهما رديفان لبعضهما، فالاثنان يعملان بالكهرباء والاثنان يستلمان الظواهر والمشاهد عن طريق الشعاع الالكتروني البصري أي الضوئي او الترددي الذبذبي ويختزنانها في جزء معين ثم تذهب للمعالج لتفسيرها واعطاء الاجوبة لها، والكمبيوير يمرض نفسيا وعقليا مثلما يمرض المخ البشري ولكن كيف وهو ما سنشرحه فيما يأتي، فالكمبيوتر عندما يمرض عقليا وذلك اذا اصاب احد قطعه الالكترونية بالتلف فهو يحتوي على الاف الترانسسترات متجمعة حاليا في قطعة واحدة تدعى ( انتكرد) مضافا لها العشرات من المتسعات والمقاومات الكهربائية، والتي تقوم بعدة ادوار فمنها يقوم بدور المعالج ومنها يقوم بدور التسريع وكل ذلك يجري عن طريق الالكترونات التي يتلقاها من قسم ( البور ) الذي يجهز الجهاز بالطاقة الكهربائية فاذا احترقت أي من هذه القطع تعطل الجهاز ويصبح مشابه للشخص المتخلف عقليا لتلف في دماغه 00 اما عندما يدخل فايروس في احد قطع الكمبيوتر فان احد برامجه يختل ولكن قطعه ستبقى سليمة ويعالج ببساطة باعادة برمجته من جديد وهذا الامر يقابل المرضى نفسيا تماما الذين تكون ادمغتهم سليمة لايشوبها أي تشوه خلقي وانما يمرضون بسبب حادثة او صدمة او ضغوط نفسية اخرى فتختل برامج مخهم ويكونوا بحاجة الى اعادة برمجة وتنظيم وهو امر سهل كذلك في معظم الاحايين وكم من المختلة برامجهم للاسف الشديد من يحكمون بلدانهم اليوم كزعماء ورئساء في مختلف اصقاع العالم وليس هناك من يتجرأ علىاصلاح برمجتهم واعادتهم الى الطريق القويم كي يديروا بلدانهم بشكل سليم