د. عبدالجبار العلمي - أدباء وأديبات من المشرق والمغرب :

ستتم إضافة كتاب وشعراء من جناحي الوطن العربي كلما جمعت المادة وسمح الوقت والجهد بالإضافة. :

1 ـ الأستاذ الدكتور أحمد الإدريسي رحمه الله
كان أستاذنا الدكتور أحمد الإدريسي رحمه الله عبقرياً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، وذلك بشهادة كل معارفه وأقرانه وطلابه ، ولكنه وُجد في بلد لا يعطي الاعتبار للعلم والمعرفة ، ولا يكرم المتفوقين من أبنائه ، ولا يعترف بما قدموه في حياتهم من أعمال جليلة بكل تفان ونكران ذات. وما يؤسفني كلما تذكرته ـ وذكراه عصية على النسيان ـ هو أن ما ترك من كتابات وأعمال علمية قيمة ، لم يتح لها الخروج إلى النور ، ولم تفكر الجهات المعنية بالثقافة والبحث العلمي ، لا الجامعة التي عمل بها سنوات طويلة ، وتولى رئاسة إحدى شعبها ، ولا وزارة الثقافة المغربية ، ولا حتى بعض الجمعيات المحلية بمدينته تطوان ، أن تنهض بنشر بعض أعماله العلمية القيمة في مجال مهم هو فقه اللغة واللسانيات . وهذه مناسبة لنجدد عليه الرحمات ، ولنذكر أفضاله على أجيال من الطلبة والباحثين ستحسب له في دار البقاء بعد أن غادر دار الفناء الجحود.عرفناه منذ مرحلة الصبا أستاذا بالتعليم الثانوي( الإعدادي). كان من المعلمين المجدين الذين انتدبوا للتعليم الثانوي لتغطية الفراغ الهائل الذي عرفه التعليم بعد ترحيل الأساتذة المصريين في بدايات سنوات الستين فجاة لأسباب سياسية. كنت محظوظا بالتتلمذ عليه في السنة الثانية من الثانوي في ثانوية جابر بن حيان بتطوان ، فقد كان يحفظنا في درس النحو أبياتا من ألفية ابن مالك التي كان يحفظها كالماء ( كما يقال ) ، وكان يدرسنا نصوصا أدبية جميلة في درس المحفوظات ، أذكر منها هجاء كافور للمتنبي وغير مجد في ملتي واعتقادي للمعري ووصف الجبل لابن خفاجة ولغير العلا مني القلى والتجنب ... ولولا العلا ماكنت في الحب أرغب / الشريف الرضي ، وأعجبت بي بين نادي قومها أم سعد ... فمضت تسأل بي لمهيار الديلمي وغيرها .. ولم يكن يكتفي- رحمه الله- بشرح معاني الأبيات ، بل كان يضع يدنا على مواطن الجمال الأدبي فيها. ويجعلنا نتذوقها ونتلذذ طعمها الحلو كقطع الحلوى او الشيكولاته . وكان دائما يحفزنا على حفظها . كما كان يوجهنا إلى المطالعة الحرة و اقتناء الكتب. بل أذكر أنه دعانا إلى تكوين خزانة للكتب داخل القسم ، واختار لها لجنة وقيما عليها. وكنا نتبادل تلك الكتب فيما بيننا ، فنقرؤها ونحاول تلخيصها. أما في درس الإنشاء. فكان يختار نماذج من إنشاءات بعض التلاميذ الجيدة ، و يكلف أصحابها بقراءتها علينا ، فيثني الثناء المستحق على الموضوع الذي توفق في كتابته صاحبه ، منبها إلى الأخطاء العامة التي على الجميع أن يتجنبها في الموضوع الآتي. لا أخفي عنك. كنت من المعجبين بهذا الأستاذ الجليل المتقد ذكاء ، المتحمس لمهنته ، الغيور على أبنائه وإخوته من التلاميذ. وشاءت الصدف أن نحصل أستاذي وأنا على الباكالوريا الأدبية المزدوجة في نفس السنة الدراسية ( 65 - 1966 ) ، والتحقت وزملاء لي كانوا كلهم أصدقاءه الذين يعزهم ويعزونه، أذكر منهم هنا بعض الأسماء المعروفة أمثال : محمد الشيخي - نجيب العوفي - العياشي أبو الشتا - محمد القماص ، بكلية الآداب بظهر المهراز بفاس حيث كان ما يزال أبناء مدينته يستكملون اجازتهم في إطار نظام الشهادات منهم : محمد بوخزار وإبراهيم الخطيب ، وقد تسجل هو بالكلية ليتابع الدراسة بطريقة غير منتظمة ، فقد كان آنذاك قد عين حارسا عاما بثانوية القاضي عياض ثم مدير مؤسسة ثانوية بالناضور . ويعلم الجميع أنه كان يحصل على أعلى النقط تخول له المرتبة الاولي في السنوات الجامعية الأربع . سجل رسالته لنيل الدراسات العليا بالرباط حول" أصول النحو العربي من خلال كتاب "الاقتراح" للسيوطي في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة " ، وذلك تحت إشراف الأستاذ تمام حسان، وقد تمت مناقشتها بكلية الاداب بالرباط بتاريخ : 25 - 5 – 1977م. كما أكد ذلك مشكورا الصديق الأستاذ عبدالقادر الخراز ، وقد صححتُ المعلومة التي أوردتُها سهوا حول موضوع الرسالة والأستاذ المشرف بناء على تصحيحه وتوثيقه. أما الأستاذ أحمد الأخضر غزال الذي ورد ذكره على أنه كان المشرف على رسالة أستاذنا سهوا، فقد حظينا بالتتلمذ عليه بكلية الآداب بظهر المهراز بفاس. (وأذكر أنه كان يأتي من الرباط كل خمسة عشر يوما ليقدم لنا درسا في فقه اللغة في سنة من سنوات الإجازة ) . عين الأستاذ أحمد الإدريسي أستاذا بكلية الآداب بالرباط . كان دائما إلى جانب طلبته ، ويذكر زميله وصديقه الأستاذ القاص الباحث المرموق أحمد بوزفور أنه كان رجل المواقف النبيلةسواء إلى جانب طلبته أو إلى جانب زملائه الأساتذة ، وخاصة حين انتخب رئيسا لشعبة اللغة العربية وآدابها بالكلية التي كانت تضم ثلة من خيرة أساتذة اللغة واللسانيات ، أذكر منهم : الأستاذ أحمد العلوي والأستاذ المتوكل .. سجل بحثه لنيل الدكتوراه في مصر بجامعة القاهرة بعنوان " تداوليات الخطاب ولسانيات السكاكي " تحت إشراف الدكتورة تغريد السيد عنبر . واستمر في عمله الجامعي بكليته العتيدة بالرباط . ومن جميل الصدف أن ألقاه وأجالسه عدة مرات حين كنت ازور صهري بحي السلام الجديد آنذاك ، حيث كان يقطن في مرحلة من مرأحل حياته بالرباط وعمله بالكلية. كانت الجلسة معه حقا مفعمة بالمتعة والفائدة والطرف والسخرية . وهذا يعرفه عنه أصدقاؤه وزملاؤه و طلبته القدامى الذين كانوا يجلسون معه في أشهر مقاهي تطوان. وكان يحفظ الكثير من نصوص الشعر العربي المعاصر للرواد ، بل ويجيد فهمها وتحليلها وكان يحفظ جل قصائد صديقه الشاعر أحمد المجاطي عن ظهر قلب ، وقد ذكر هذا الدكتور عزيز الحسين الذي عني بدراسة شعره في كتابين : " شعر الطليعة في المغرب " و "خصوصية النص الشعري الطليعي" . هناك الكثير مما يقال عن هذا الأستاذ العلامة النابغة . وما كان يحز في نفسي شخصيا ، هو أنه لم يتح له طبع عمليه الأكاديميين ، وحين كنت اصادفه لدى زيارتي الصيفية بتطوان ، أسأله متى يطبع عمليه ، فيجيب بأنه بصدد الإعداد لذلك ، لكنه يبدو أنه كان زاهدا في النشر مثله مثل أستاذنا الدكتور أمجد الطرابلسي وأستاذنا أحمد اليبوري الذي لولا إلحاح طلبته عليه بضرورة إخراج أعماله للنور لما فعل. وكم كنت معتزا عميق الاعتزاز حين رأيت أستاذي وصديقي الكبير سي أحمد الإدريسي في حضرة نجيب محفوظ ضمن مجموعة من ادباء ومثقفي المغرب في جلسة أدبية نقلتها وسائل الإعلام المغربية. وأعرف أنه كان من قراء نجيب محفوظ المواظبين المواكبين لجديده. الأستاذ الدكتور الادريسي نابغة من نوابغ تطوان والمغرب ، لا يجود به الزمان إلا نادرا ، وقد خسرناه وهو في قمة عطائه ونضجه. رجل لا يمكن أن يمحوه النسيان من ذاكرة الثقافة المغربية ولغتنا العربية الجميلة وآدابها. رحمه الله رحمة واسعة.

2 ـ الأستاذ أحمد اليبوري
كان قدوة لأجيال من الذين كان لهم الحظ في التتلمذ عليه، في الإخلاص والنزاهة والمواقف النبيلة المشرفة. إنه أستاذ جامعي من طينة الأساتذة الكبار الذين لهم شخصية الأستاذ الجامعي الحق. عالم وباحث أكاديمي يتميز في أبحاثه بالدقة والتركيز المعجز، وأبحاثه في الرواية العربية والمغربية، وقبأحاديثل ذلك في القصة القصيرة، تشهد على ذلك. وكانت رسالته الجامعية حول الفن القصصي في المغرب دراسة رائدة، ليس فقط في المغرب، بل في المشرق العربي أيضاً، وأذكر ونحن في أواخر الستينيات، كنا نبحث عن كتب أو مجلات، تقدم لنا أدوات وتقنيات هذا الفن الأدبي الجديد لنعتمدها فيما نحاوله من كتابات قصصية، فلم نكن نحصل على ما يشفي الغليل، فقد أصدر د. رشاد رشدي كتاباً صغير الحجم هزيلاً في القصة القصيرة، ضمنه مجموعة من النماذج أو المختارات القصصية لم يكلف نفسه عناء دراستها وتحليلها تحليلاً فنيّاً. وكان أملنا أن يكون العددان الخاصان بالقصة القصيرة اللذان أصدرتهما مجلة الهلال المصرية في عددي غشت للسنتين 1969و1970 ، يشتملان على دراسات تحليلية لنماذج قصصية وأخرى تنظيرية تقدم مدارس أو اتجاهات فنية في هذا الفن، وتدرس التقنيات المستعملة فيه، إلا أنهما خيبتا ظننا، فلم نجد فيهما طلبتنا. وجدنا فيها حقيقةً نماذج جديدة جيدة في القصة القصيرة لأغلب كتاب جيل الستينيات ولكن لم نلق مبتغانا. حقّاً كنا اطلعنا على كتاب د. عز الدين إسماعيل ” الأدب وفنونه ” ، وعلى كتابي د. إحسان عباس ومحمد يوسف نجم حول هذا الفن، ولكنها لم تكن تقدم لنا ما يغنينا، ويقدم لنا الأدوات التقنية أو التحليلية التي ننشدها. وفي غمرة بحثنا المضني هنا وهناك عن من يوجهنا إلى الطرائق الفنية لكتابة هذا الفن وإلى الأدوات الإجرائية لدراسته وتحليله، كان عمل أستاذنا أحمد اليبوري الرائد حول القصة القصيرة في المغرب، قد تمت مناقشته سنة 1967 بكلية الآداب بالرباط، ويوجد مرقوناً في أحد رفوف مكتبة الكلية، ولم يتح نشره في كتاب إلا سنة 2005 بعنوان ” تطور القصة القصيرة في المغرب / مرحلة التأسيس ” ، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب / كلية الآداب ـ بنمسيك . وقد أخبرني الصديق القاص أحمد بوزفور أن ما تم طبعه هو الجزء المتصل بالقصة القصيرة والرسالة ، تضم السرد قصة ورواية ، ولم أكن أعلم ذلك . وفي هذا الكتاب الدقيق في تنظيره ودراسته وتحليله لنماذج من مختلف الاتجاهات القصصية في المغرب، بغيتنا التي كنا نبحث عنها، ولم نجدها في المظان المنوه إليها أعلاه. والكتاب - كما أحسب - كان أسبق من بعض الأعمال المشرقية المذكورة آنفاً ، من حيث هو عمل اكاديمي رائد في مجاله في الجامعة المغربية . تحياتي لأستاذنا رائد دراسة فن القصة القصيرة سي أحمد اليبوري، واعتزازي الصادق بالتتلمذ عليه سواء في كلية الآداب بفاس في الستينيات، أو في كلية الآداب بالرباط في أوائل الثمانينيات في الدراسات المعمقة.

3 ـ الشاعر عبدالرفيع الجواهري
عرفنا الشاعر علدالرفيع الجواهري مذيعا لامعا في التلفزة المغربية في زمنها الزاهر في أواخر سنوات الستين ، وكان ينال إعجابنا بفصاحته وصوته الإذاعي الجميل ، فضلا عن وسامة محياه. قبل أن يبهر الجميع بقصيدته الشهيرة "القمر الأحمر " التي غناها المطرب الشاب عبدالهادي بلخياط ولحنها الفنان الكبير عبدالسلام عامر . ومازلت أذكر أن القصيدة نشرت مع صورة المطرب في مجلة محلية كانت تصدر بتطوان. وكانت صورته وهو في ميعة الشباب. ومازلت كذلك أذكر أنني وبعض الأصدقاء ونحن تلاميذ ، كنا نحفظ مقاطع كثيرة من "القمر الأحمر " ، ونتغنى بها في الطريق ، دون مراعاة للعابرين الراشدين :
خجولا أطل وراء الجبال / وجفن الدجى حوله يسهر . / ورقراق ذاك العظيم على شاطئيه ارتمى اللحن والمزهر . كانت تبهرنا هذه الصور الشعرية الجميلة ، ويطربنا الصوت العذب للخياط واللحن المعبر عن معاني الكلام لعامر . هذه التحفة الغنائية التي تضاهي- في رأيي المتواضع باعتباري مجرد مستمع - العديد من أغاني كبار مطربي وملحني الشرق الذين كانت أغانيهم مثار إعجابنا هنا في المغرب ، بل إن الشرق العربي كان أستاذا لنا في هذا المجال وغيره . أمر لا يمكن إنكاره. لكن ما حز في نفسي شخصيا حين ذهب المطرب عبدالهادي بلخياط وعبدالسلام عامر إلى عبدالوهاب ، وقدم بين يديه هذه الأغنية ذات النفس السيمفوني لحنيا بصوته الشجي القوي ، كانت ملاحظة ورد فعل عبدالوهاب : أنه كان يود الاستماع إلى أغنية بالدارجة المغربية التي يحبها. أنا أطرب للقمر الأحمر أكثر مما أطرب. وأطرب لميعاد التي كنت أنصت إليها في المذياع في سنوات الصبا فتسمو بي إلى مواعيد الحب الرومانسي العفيف . هذه مجرد ذكريات ، ومجرد انطباعات مستمع إلى الطرب العربي الأصيل مغربا ومشرقا ، مؤكدا أننا هوانا كان منذ أن وعينا مشرقيا سواء في مجال الغناء والموسيقى أو في مجال الأدب بمختلف أجناسه ، لكن لا ينبغي أن ننسى أن لكل خصوصيته وعبقريته. عبدالرفيع الجواهري اسمه الذي عرفناه به في زمن صبانا، شاعر كبير في مجال القصيدة المغناة ، ليس أقل من صاحب "لا تكذبي" و" لست قلبي " كامل الشناوى، حسب ذوقي، وإن كنت من المعجبين بشعره الذي شدا به مشاهير المطربين والمطربات. وأرى أنه - أقصد عبدالرفيع الجواهري لو أخلص للشعر وحده ، ولم تدفعه مواهبه الأخرى إلى مجال خوض غمار الحياة السياسية والحزبية والصحافية ، فضلا عن ظروف عمله في مهنة المحاماة التي ينكر الإنسان فيها ذاته من أجل هموم ومشاكل الآخرين ، لكان عبدالرفيع الجواهري ، أكبر شعراء عصرنا ، ولكان صانع الجواهر حقا . هو يستحق أكثر من دراسة مثل دراسة. وينبغي أن يوجه أساتذة الجامعة في كل كليات الآداب في المغرب طلبتهم إلى دراسة شعره في كل المستويات الجامعية : الإجازة والماستر والدكتوراه.

4 ـ الشاعر عبدالوهاب البياتي :
حينما رأى الصديق العزيز محمد بوخزار صورة الشاعر عبدالوهاب البياتي رفقة صديقنا وزميل الدراسة أحمد الطريبق ، كتب التدوينة التالية ملقيا أضواء جديدة على زيارة الشاعر الذائع الصيت إلى المغرب
زيارته الاولى للمغرب بدعوة من اتحاد كتاب المغرب اثناء رئاسة الاستاذ عبد الكريم غلاب ومحمد برادة نائب الرئيس والعربي المساري كاتب عام . زار " ابو علي" عددا من المدن المغربية حيث لقي حفاوة وترحيبا. وأذكر اني والأستاذ محمد بنشريفة رافقناه الى مطار النواصر حيث عاد الى القاهرة " فاستثارت تدوينته ذكريات عزيزة مشتركة ، فكتبت التدوينة التالية :
"أنت تعلم ياصديقي سي محمد ، أننا كنا من المعجبين بالبياتي شاعرا ومناضلا ، وقارئي دواوينه الأولى "ملائكة وشياطين " و " أباريق مهشمة " زمن كلية آداب ظهر المهراز بفاس سنوات الستين ، وكان الصديق أحمد الطريبق من بيننا من قراء شعر الرواد آنذاك : البياتي - السياب - نازك - فدوى طوقان - نزار ، فضلا عن أساتذتنا الشعراء : أحمد المجاطي - محمد الخمار الكنوني - محمد السرغيني- إبراهيم السولامي. كان الصديق الطريبق بدأ كتابة محاولاته الأولى وهو تلميذ بطنجة ، و أذكر انه حدثني عن لقائه بعبدالله كنون في بيته ، وعرض عليه بعض قصائده ،وأنه أحرز على جائزة شعرية على إحدى قصائده العمودية على ما أذكر. أما "أبو علي " ، فكان من الشعراء المعاصرين الذين قرأنا لهم جل دواوينه التي كانت تنحاز إلى القضايا التي كانت تشغلنا في تلك المرحلة " أشعار للأطفال والزيتون "ـ سفر الفقر والثورة ". وكنا أيضا إلى جانب إعجابنا بشعره ، منبهرين بشخصيته وحياته غير المستقرة،فهو متنقل من منفى إلى منفى لا يعرف الركون والاطمئنان في بلد واحد ، ربما باحثا عن مأوى يجد فيه ما يطمح إليه من حياة ينعم فيها بالكرامة والحرية ، هاربا من الاستبداد ... وكان هو من عرفنا بالشاعر ناظم حكمت الذي كان من أشد المعجبين به. الصورة التي نشرتها كانت هدية من صديقي أحمد ، وظللت أحتفظ بها ضمن أوراقي إلى الآن . أما أيام فاس فكانت تمثل زمن الشعر ، وليس زمن الرواية حسب ما روج له جابر عصفور فيما بعد . فقد كان زملاؤنا يقرؤون الشعر ويقترفونه ، وقد أصدر بعضهم باكورة أعمالهم الشعرية آنذاك : " الحب مهزلة القرون " لمحمد عنيبة الحمري و " أشواك بلا ورد " لزميلنا المرحوم محمد بن دفعة " أما أستاذنا إبراهيم السولامي ، فأصدر قبلهما ديوانه الجميل " حب "، كما أذكر أن الشاعر محمد بنيس ، أصدر باكورته الشعرية بعد ذلك بعنوان " أول الكلام " . إنها ذكريات عزيزة عصية على النسيان أثارتها تلك الصورة التاريخية للشاعرين البياتي والطريبق.

5 ـ الشاعرة الإعلامية اللبنانية عواطف الزين
عن الشاعرة القاصة الإعلامية عواطف الزين وإشكالية التواصل بين المشرق والمغرب
ما زال توزيع الكتاب الثقافي يعتوره الفتور والضعف، رغم أننا في عصر التواصل والتقنية ودعوى أننا نعيش في قرية صغيرة. فقد أخبرتني الكاتبة ،حين عبرت لها عن رغبتي في قراءة كتبها التي أود الاطلاع عليها ، مثل كتابها الموسوم ب" أنا وحكايات النجوم " و" عزيزي النابض حبا " أنني لن أجدها عندنا في كبريات مكتباتنا بالدار البيضاء بحي الأحباس. فدور النشر غالبا ما تعتمد على عرض الكتب في المعارض الدولية التي تقام هنا وهناك .
الكاتبة عواطف الزين كاتبة متعددة الاهتمامات : شاعرة وقاصة وروائية وصحافية ومعدة برامج ثقافية تلفزية ناجحة لصالح التلفزيون الكويتي . لها إصدارات عديدة في كل هذه المجالات ،نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : "أوراق امرأة " - " زمن الصداقة الآتي " مجموعة قصصية - "لو ينطق البحر " مجموعة قصصية "كأنني أحببت " ديوان شعري ـ " نجمة المقهى " رواية ـ -
"عزيزي النابض حبا " سيرة ذاتية.. وغيرها من الأعمال التي تتوزع بين المقالة والسرد والعمل التلفزي . وقد كان ثمرة عملها التلفزيوني معدة لبرنامج ثقافي لمدة سبع سنوات استدعت إليه كبار الكتاب والشعراء والعديد من مشاهير الفنانين في شتى الفنون ، كتاب جمعت فيه حواراتها بينها وبين ضيوفها في كتاب موسوم ب" أنا وحكايات النجوم " . وقد بلغ عددهم ثلاثين شخصية بينما بلغ عدد الذين استقبلتهم في برنامجها " الثقافة وطن " بتليفزيون الكويت خمسمائة شخصية. هذا فضلا عن مشاركاتها في الأنشطة الثقافية في بلادها وفي الكويت التي عملت بها وكتبت في أهم صحفها ومجلاتها كجريدة "القبس" ومجلة "العربي" الذائعة الصيت وغيرهما . وقد أنجز حول بعض أعمالها دراسات من لدن نقاد وأكادميين. وقد قرأت في أحد حواراتها عن كتابها السيرذاتي المتميز " عزيزي النابض حبا "، أنه كتاب يزخر بالتجارب الذاتية والإنسانية التي عرفتها هذه الكاتبة الشاعرة في حياتها . أنا لم يتسن لي قراءته بعد ، وكم شوقني ما ورد في الحوار إلى قراءته ، والمزيد من الاطلاع على كتابات هذه الكاتبة المبدعة التي أنجبها لبنان الشامخ بحضارته وأدبائه وعلمائه. ولا أخفي على القراء أنني لم أكن أعرف بالقدر الكافي هذه الكاتبة المبدعة ، وذلك نتيجة ضعف التواصل بين المشرق والمغرب. ولم يتح لي التعرف عليها إلا عن طريق هذا الفضاء . أعتذر للأستاذة الأديبة المبدعة عواطف الزين عن تقصيري الاضطراري. وأعتز بالمزيد من التعرف عليها من خلال كتاباتها الجادة القيمة المتنوعة التي يمكن أن تصل إليها يدي.

6 ـ الشاعرة الأديبة المصرية جميلة العلايلي:
عن الشاعرة العربية المعاصرة جميلة العلايلي التي لم يذكرنا بها مشكورا إلا غوغول ، و الحقيقة أنني لم اتعرف عليها إلا اليوم ، ومن خلال تدوينة للصديق الشاعر المجيد المجتهد عبداللطيف الوراري الذي ساق ثلاثة أبيات من شعرها الجميل. فعجبت لما يقع من إهمال وتهميش وعدم مبالاة لمثل هؤلاء المبدعات والمبدعين الحقيقيين ، فضلا عن ضعف التواصل الثقافي بين البلاد العربية وقلة نشاط توزيع الكتاب بينها بالشكل الكافي والوافي ، فجاشت بنفسي هذه الأفكار : أنا ذوقي نيوكلاسيكي أو رومانسي ، يطربني مثل هذا الشعر المفعم بالشعرية والموسيقى العذبة النافذة إلى الشغاف . أي حق لنا أن ننبذ هذا الشعر ونهمش أصحابه؟ ولا أخفيك أخي عبداللطيف ، أنني لم أعرف هذه الشاعرة الجميلة العلايلية إلا بعد أن شرفنا بالتعرف عليها هذا الغوغول العارف بكل شيء ، وحتى الدكتورة عائشة عبدالرحمن بنت الشاطئ ، لا أذكر أنها ترجمت لها في كتابها الفريد عن الشواعر العربيات المعاصرات. سنتحقق من الأمر ، وهذه الأديبة الشاعرة لعمري حقيقة بأن يلتفت إليها وإلى منجزها الشعري والنثري فالكاتب روايات وكتابات نثرية كما نبهني مشكورا الصديق الباحث المبدع المهدي ناقوس . و يغلب على الظن أن الكثيرات من شاعراتنا وشعرائنا ومبدعاتنا ومبدعينا في أجناس أدبية أخرى ، يلحقهم جميعا غبن كثير . ولن أنسى ما شعرت به الكاتبة القاصة المغربية الرائدة الروائية المبدعة خناثة بنونة من جحود ونكران وعدم اهتمام من لدن الحضور بجانبها من المغاربة في أحد الملتقيات بالدار البيضاء حول النقد الأدبي ، فكانوا يشيرون بإعجاب إلى ريتا عوض التي كانت تلقي عرضها بالمنصة أو إلى يمنى العيد التي كانت ضمن الحضور ، بينما بجانبهم قيمة أدبية تشرف بلدهم بأعمالها الريادية في مجال الإبداع والكتابة وتكوين الأجيال في مضمار التربية والتعليم . أحسست وقد كنت قريبا منها أيضا ، بما حز في نفسها ، وكان الأولى أن نلتفت إليها ونشيد بريادتها في القصة القصيرة بمجموعتها " ليسقط الصمت " في أواسط الستينيات ، حيث كان طبع كتاب معجزة من المعجزات ، خاصة من لدن امرأة. إن خناثة بنونة وغيرها ، وكن قليلات آنذاك ، فاطمة الراوي صاحبة أول رواية تنحاز إلى المهمشين " غدا تتبدل الأرض " ورفيقة الطبيعة ( زينب فهمي ) التي كانت تكتب كل أسبوع تقريبا قصصها الاجتماعية بجريدة العلم ، وكانت تخفي نفسها تحت اسم مستعار لأن المجتمع كان ما يزال له موقف سلبي إزاء كتابة المرأة والتعبير عن همومها وعواطفها وهواجسها. لزينب فهمي مجموعات قصصية مطبوعة ، من عاد يتذكرها اليوم ؟ ،من التفت إلى أعمالها وتصدى لها بالدراسة والتحليل ؟ والحقيقة أنه غاب عن ذهني وأنا أكتب هذه التدوينة أن الصديق وزميل الدراسة الناقد المغربي نجيب العوفي عني بدراسة بعض أعمال الكاتبين في كتابيه "درجة الوعي في الكتابة " وفي عمله الأكاديمي حول القصة القصيرة المغربية " الموسوم ب " مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية من التأسيس إلى التجنيس " وهو الذي نبهني مشكورا إلى ذلك. ولقد حصل لرفيقة الطبيعة ما حصل لجميلة العلايلي ، ولا ننسى أيضا مبدعة إعلامية أخرى من نفس جيلهن هي السيدة ليلى أبو زيد. لقد كان الكبار يقدرون أعمال الناس حق قدرها ، فكتب الأستاذ علال الفاسي مقدمة لمجموعة " ليسقط الصمت " لخناثة بنونة ، و كتب الأستاذ عبدالله إبراهيم مقدمة لرواية " غدا تتبدل الأرض " . وفي الحقيقية يمكن أن نؤرخ للكتابة الإبداعية التي كتبتهة المرأة المغربية في القصة القصيرة والرواية ، بهذه الأعمال وغيرها لزينب فهمي وليلى أبو زيد . وعلى الجيل الجديد أن يتعرف على إبداعات الأجيال السابقة نساء ورجالا ، وعلى الأساتذة في الجامعات أن يوجهوا اهتمام الطلبة إلى دراسة هذه الأعمال سواء على مستوى الإجازة أو غيرها : ما ستر - دكتوراة ،فلعل ذلك يعيد الاعتبار إلى أديبات رائدات ، ويزيحوا ما يحسسن به من حيف وإجحاف ونكران وجحود . وأخيرا أود أن أوجه إليهن التحية الحارة والإعجاب بإبداعهن و شجاعتهن في مجتمع كان بعضه يعتبر صوت المرأة عورة .. وأسجل اعتذاري هنا ، رغم مرور سنين عديدة ، لأنني ترددت -ربما لخجلي - أن أتقدم إلى القاصة الروائية المغربية المبدعة خناثة بنونة حينذاك ، لأقول لها ما ينبغي أن يقال من أننا نعرفها ونعرف قدرها و قيمتها الأدبية ودورها الرائد في تطور الأدب المغربي الحديث.

7 ـ كاتبة الأطفال والرواية وأدب الخيال العلمي الأديبة السورية لينا كيلاني لقد اتجهت الكاتبة السورية لينا كيلاني في مشوارها الأدبي إلى الكتابة في جنسين أدبيين لا يخوض غمارهما إلا الموهوبون العاشقون لهما ، فهما ليسا من السهولة التي قد تغري بالكتابة فيهما ، فأدب الطفل . لا يجيده إلا قلة من كتابنا. وهم كما تعلمين معروفون قد يعدون على أصابع اليدين ، مع بعض التجاوز بخصوص بعض المحاولات التي تظهر هنا وهناك ، وأغلبها لا يكتب لها النجاح ... وأدب الخيال العلمي يعرف ندرة مشهودا بها من لدن كبار الدارسين في أدبنا المعاصر . وبيبليوغرافيا رواية الخيال العلمي المنشور جزء منها في عدد (فصول) الذي خصصته المجلة لهذا النوع الأدبي ، يشهد شهادة أكاديمية على ذلك . ناهيك عن ميزة تتميزين بها عن الكتابة التي تكتبها الأديبات العربيات أو ما يسميه البعض بالأدب النسائي أو الأدب النسوي .. هي استبعاد الأنا في كتاباتك الروائية واستعمال الضمائر الأخرى على اعتبار أن الهموم التي تتحدثين عنها هي هموم موضوعية تهم المجتمع والإنسانية جمعاء ،وليست هموم المرأة الذاتية الضيقة التي غالبا ما يكون موضوعها في الغالب الصراع بين الجنسين ، والتعبير عن الهموم اليومية . لقد تجاوزت أنت في أدبك هذا المستوى الذي تحس فيه المرأة ، وهيكل. حق بلا مدراء - بالدونية والقهر في مجتمع ذكوري قاهر . وإنما نفتحت على قضايا إنسانية عامة تهم الإنسان في كل مكان بما فيه إنساننا العربي المتأذي من معطيات العلم الجديد وثورة التكنولوجية الحديثة، وهو في عقر داره إن لم نقل في خيمته الصحراوية . لم يقدم ولم يؤخر . فقط هو منبهر بما يراه من مختارات علمية مدهشة خطيرة ،فاتحا فاه ،قائلا سبحان الله . الأثرياء منا يشترون ويستهلكون بما فوجئوا به من كنوز ، فكانت الطفرة من النقيض إلى النقيض . إنك متميزة ضمن الكاتبات اللواتي لدينا لأنك عرفت طريقك الذي يجعلك حقا متفردة بينهن . فانتاجك مرصود من للطفل العربي وحتى الطفل الغربي أيضا من خلال تقديمك نماذج إيجابية من تراثنا الديني والحضاري لتحسين فكرة الآخر عن الإسلام السمح الخالي من الشوائب ، وذلك من خلال كتيبات عن الصحابة باللغة الإنجليزية ، ومن جهة أخرى موجه إلى الإنسان تنبهه إلى المخاطر الذي تتهدده وتهدد الحياة على الأرض جراء التجارب العلمية الخطيرة غير محسوبة العواقب من لدن القوى الكبرى في العالم ، في هذا الإطار يمكن تصنيف روايتك الهادفة التي تعالج قضايا تهم إنسان العصر ، وتدعو إلى المحبة والعدل و السلام ،وتنبه إلى خطورة استخدام العلم فيما يدمر الإنسان ويخرب المحيط الذي نحيى داخل قضائه جميعا ،وهذه الروايات هي " بذور الشيطان " و " الاختيار و " لودميلا " و" الرأس المفتوح " وغيرها من الروايات الموجه. للفتيان ومعظمها من أدب الخيال العلمي المترع بالخيال الخصب والمفعم بعناصر التشويق.
بقي أن أقول إن الأديبة الروائية السورية لينا كيلاني كرست حياتها للكتابة الهادفة الموجهة لخدمة أبناء وطنها وأبناء الأرض جميعا دون تمييز بين البشر في اللون أو العرق أو الجنس أو الدين...

8 ـ الأستاذ عبدالكريم غلاب :
الأستاذ عبدالكريم غلاب ( 1919 ـ 2017 ) : الأديب القاص الروائي المناضل الصحافي المرموق .
رائد الرواية الواقعية التي تمثلها روايتاه " دفنا الماضي " و " المعلم علي " وصاحب العمود الشهير اليومي " مع الشعب " الذي كان ينشره في جريدة ( العلم ) الذي كان يعالج فيه قضايا تتعلق بهموم الشعب وانشغالاته بكثير من الصدق الصراحة والشجاعة ، وقد كنت أقرأه وأفيد منه أيما إفادة .
وبينما أنا بصدد تصفح كتابه الممتع المفيد " القاهرة تبوح بأسرارها " الصادر عن كتاب "الهلال" الأغر ، صادفت بين صفحاته هذه الورقة التي كتبتها إثر وفاته رحمه الله ، وذلك يوم الاثنين 14غشت
مات قرير العين"" 2017 « حقاً ، بعد أن دافع عن " أرضه الحبيبة " وزج به من أجل ذلك الحب في في غيابات السجن خلف " سبعة أبواب" فخرج لـ"يدفن الماضي" مع رفاقه ، وإن لم يتمكنوا من دفن كامل جثته ، ثم تعلم وإياهم على يد " المعلم علي " فن النضال والدفاع عن الحقوق المهضومة ،
وخاض غمار " الحركة الوطنية وتاريخها " ، وأنصت إلى " القاهرة وهي تبوح بأسرارها " وقرأ
"سفر التكوين " ، وعانق هموم الناس في مجتمعه وناضل من أجلهم بالكلمة الجريئة الجاهرة بالحق من منبر " مع الشعب " ، وظل دائماً يعمل جاهداً لكي لا يزحف الليل على الوطن مزيحاً نور الصباح.. "صباح ويزحف الليل " ، حريصاً كل الحرص على ألا تحدث " شروخ في مراياه ". لقد ظل هذا الرجل الفذ المثقف الملتزم المؤمن بانتصار قيم الخير والحق والجمال ، مجاهداً مناضلاً من أجل تحقيقها متحدياً " الشيخوخة الظالمة ". فنم قرير العين ، فستظل في وجدان الناس وذاكرة التاريخ ، متبوئاً مكانك المستحق مع الخالدين.»

9 ـ الشاعر المغربي محمد الشيخي وحديث عن ديوانه « فاتحة الشمس »
هذا الديوان للشاعر المغربي المُجيد محمد الشيخي يأتي بعد دواوينه الرائعة "حينما يتحول الحزن جمراً" - "الأشجار" ـ " وردة المستحيل " ـ " ذاكرة الجرح الجميل " ـ " زهرة الموج " . وقد صدر الديوان في حلة أنيقة عن منشورات مجلة " فضاءات مستقبلية " ، سلسلة : " فضاء الشعر " التي يشرف عليها الأستاذ محمد البكري . وغلاف الديوان لوحة بريشة الفنان المبدع عبدالرحيم التوراني وكذا الرسوم الداخلية. يتضمن هذا الديوان عشر قصائد اختار لها الشاعر العناوين التالية : " فاتحة الشمس " ـ " أوتار " ـ "دهشة الريح " ـ " وما ذا بعد ؟ " ـ " قفا نضحك " ـ " إيقاعات مبتهجة " ـ " وجه الماء " ـ " جمرة الريح " ـ ذاك الربيع " ـ " لحظات هاربة " . والمعروف أن الشاعر محمد الشيخي من الشعراء المقلين الذين يشعرون بالمسؤولية إزاء ما ينشرونه على الملأ ، بين ديوانه الجديد هذا وديوانه " زهرة الموج " أكثر من خمس سنوات. وهو بذلك من زمرة الشعراء الذين يحككون شعرهم ويجودونه ، فلا يخرج من بين أناملهم إلا وهو سبائك متقنة، تنطق بالجمال وجودة الصنع. إنه ينسج على منواله الخاص المتميز في أسلوبه ولغته وتصويره وتراكيبه. ويمكن لقارئه اللبيب أن يتعرف على شعره دون أن يكون ممهوراً باسمه. لقد تمكن الشاعر خلال تجربته الشعرية الطويلة الغنية أن يصوغ له أسلوبه الخاص المتفرد. وقد أبدع الأستاذان المبدعان محمد البكري وأحمد بوزفور في تقديم ديوان " فاتحة الشمس" ومن خلاله تجربة الشاعر الباذخة المعتقة بأسلوبهما الشعري، وبلغتهما الأنيقة، فكان أول تلق جميل، واحتفال بهيج بميلاد شمس متوهجة بالشعر

10 ـ الكاتب القاص الروائي المسرحي يوسف إدريس
في ذكرى أحد عباقرة الأدب العربي المعاصر وأحد كتاب القصة القصيرة المجيدين الذين يحسبون في أدبنا على رؤوس الأصابع مشرقا ومغربا باعتباره فنا صعب المراس مثل صنوه الشعر الصعب الطويل سلمه . تحيتي بمناسبة الحديث عن القصة القصيرة إلى الصديق أحمد بوزفور..
من الكتب القيمة التي أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب ، هذا السفر الضخم الذي تبلغ صفحاته 1056 صفحة من القطع الكبير ، وذلك في أربعينية وفاة الكاتب الكبير يوسف إدريس ، وهو بإشراف د.سمير سرحان رحمه الله وإعداد د.اعتدال عثمان . ويشتمل هذا العمل الباذخ على مقدمة لسمير سرحان و أجزاء تضم مجموعة من الدراسات لنقاد وباحثين وأدباء للأنواع الأدبية التي كتب فيها وهي : القصة القصيرة - المسرحية - الرواية ، كما يضم العديد من الشهادات التي قيلت في حق تجربته الأدبية الخصبة وكتاباته المتنوعة ومنها المقالة الأدبية ومشاركاته الدؤوب في الصحافة والإعلام. ويختتم الكتاب بوثائق بخط الكاتب وصور فوتوغرافية وبيبليوغرافيا من إعداد الدكتورين حمدي السكوت ومارسدن جونز وتنقسم إلى الأقسام التالية : أولا : أعمال يوسف إدريس في جميع الأجناس الأدبية التي كتب فيها : 1 - مجاميع قصصية – 2 ـ مسرحيات ـ 3 – روايات ـ 4 كتب ـ 5 ـ كتب بالاشتراك ومقدمات كتب – 6 ـ قصص قصيرة نشرت في دوريات ـ دراسات ومقالات نشرت في الأهرام في باب بعنوان من مفكرة يوسف إدريس ( 12 / 01 / 1987 إلى 16 / 11 / 1990 ) أحاديث صحفية واستفتاءات وندوات , .- ثانيا : أعمال عن يوسف إدريس ، وهي كما يلي : 1 - كتب كاملة .2 - كتب تناولته في فصول - 3 - مقالات ودراسات نقدية عن يوسف إدريس لأبرز النقاد و الباحثين المصريين لا يتسع المجال هنا لذكر أسمائهم لكثرة أصحابها الذائعي الصيت في المشهد الأدبي والثقافي في عصر الكاتب ، وقد نشرت في صحف ومجلات مصرية وغيرها - أعمال عن يوسف إدريس بلغات أخرى . والكتاب يعتبر أهم مرجع لكل من يتصدى لدراسة جانب من جوانب تجربة يوسف إدريس الأدبية من الباحثين والدارسين سواء على المستوى الجامعي الأكاديمي أو غيره. وقد صدر الكتاب سنة 1991 . فشكرا للهيئة المصرية العامة للكتاب على إصدار هذا السفر الرفيع الذي تعتبر القراءة فيه نزهة ممتعة ومفيدة.
هذا الكتاب فعلا ، كنز مليء بالجواهر من دراسات ومقالات لكبار النقاد والباحثين والأدباء . والجزء الخاص بالمسرح وحده ذخيرة غنية لا غنى عنها لمن يتصدى لدراسة مسرح يوسف إدريس ، فقد كتب فيه ثلة من خيرة نقاد وأدباء أرض الكنانة أمثال :د.علي الراعي ود. محمد مندور وفاروق عبدالقادر وصبري حافظ ومحمود أمين العالم وصلاح عبدالصبور وبهاء طاهر وغيرهم . وقد تناولوا المتن المسرحي كله ليوسف إدريس ، مسرحيات : اللحظة الحرجة - الفرافير - المخططين - جمهورية فرحات - المهزلة الأرضية - البهلوان. والملاحظ أن بعض النصوص المسرحية المذكورة حظيت بالدراسة والتحليل من لدن أكثر من دارس وناقد كاللحظة الحرجة والفرافير . والجدير بالذكر أن د.اعتدال عثمان التي اضطلعت بمهمة إعداد هذا الكتاب التكريمي والفريق الذي كان معها قاموا بجهد كبير في جمع مواد الكتاب من كثير من المظان المتفرقة : في الكتب والدوريات والجرائد السيارة. هذا وسأسمح لنفسي بهذا الاستطراد ، ويتعلق الأمر باهتمام المغاربة بأدب يوسف إدريس ، وأذكر أن الناقد المترجم المغربي إبراهيم الخطيب كتب عن مسرحية المخططين إثر نشرها وتمثيلها ، وإن لم تخني الذاكرة كتب أيضا عن مسرحية الفرافير ، وهذا الصنيع يعكس مدى اهتمام المغاربة بما ينتجه إخوانهم في المشرق من إنتاجات أدبية في مختلف الأجناس ومدى الحرص على التواصل الثقافي بين هذين الجناحين من الوطن العربي. وقد ازدادت أواصر التواصل بيننا بفضل جهود الطرفين وبفضل وسائط التواصل الاجتماعي والوسائل الإليكترونية الحديثة.


د. عبدالجبار العلمي




تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...