وأنا أتابع ما يكتبه أبناء غزة عن حياتهم في أثناء الحرب التي سوت مباني كثيرة بالأرض ، لدرجة أن بعض مدرجي صور الدمار كتبوا على الصور عبارة " هذه ليست هيروشيما " ، التفت إلى بضعة أسطر دونتها Heba Alagha أتت فيها على غزة قبل العام ١٩٤٨ .
نص الأسطر بالتمام والكمال :
" كانت غزة تصدر الشعير لمعامل الجعة في ميونيخ إضافة إلى الزيت والزبيب والصابون والجلود .
تاريخ طويل من التصدير يا غزة واليوم نحن نصدر الكرامة والصمود والشرف .
صباح الخير لأرواح الشهداء الشرفاء " .
أسطر هبة الآغا ذكرتني بأسطر من قصيدة راشد حسين " الحب والغيتو " التي كتبها في العام ١٩٦٦ ، وفيها يكتب عن يافا وما ألم بها في عام النكبة ١٩٤٨ .
يقول الشاعر في قصيدته :
" يافا - لمن يجهلها - كانت مدينة
مهنتها تصدير برتقال
وذات يوم هدمت ، وحولوا
مهنتها .. تصدير لاجئين " .
شخصيا عرفت غزة مدينة برتقال ومدينة نخيل .
كان أخي درويش - رحمه الله - يعمل في نهاية ستينيات القرن العشرين وبداية سبعينياته سائق شاحنة ، وغالبا ما كان يسافر إلى رفح وغزة ويعود محملا شاحنته بالبرتقال أو البلح ، وعندما زرت غزة في العام ١٩٦٩ لحضور عرس ابنة عمي شاهدت بيارات البرتقال ، وعندما زرت في العام ١٩٧٨ خان يونس بصحبة الكاتب المرحوم محمد كمال جبر وبتنا في بيت الكاتب المرحوم محمد أيوب شاهدت أشجار النخيل ، وقبل عقد من الزمان سألت جارنا " أبو نزار " عن بيارات البرتقال في مدينته ، فأخبرني ، متحسرا ، أنها ما عادت موجودة . لقد اجتثت وحلت المباني محلها .
لطالما كررت مقطعا شعريا لمحمود درويش كتبه في بداية ٧٠ القرن ٢٠ عن غزة :
" وغزة لا تبيع البرتقال ،
لأنه دمها المعلب " .
في عام النكبة لجأ فلسطينيون كثر ، ممن هجروا ، إلى غزة وصارت مدينة أغلب سكانها من المهجرين . صارت غزة مدينة لاجئين تقريبا ، وواصلت تصدير البرتقال .
الآن ما عادت المدينة تصدر البرتقال والبلح والشعير والجلود والزبيب ، ولا حتى الجميز . صارت تصدر أولا المتعلمين إلى دول الخليج ، ثم العمال إلى الداخل الفلسطيني المحتل في ١٩٤٨ ، وفي فترة لاحقة صارت تصدر البندورة والأزهار والفراولة وطناجر الألمنيوم ، ومنذ العام ٢٠٠٨ صارت تصدر الصواريخ .
هل وصلتها قطارات ( ثيودور هرتسل ) الكهربائية ؟
حلم الأب المؤسس للصهيونية ببلاد تغرق في السمن والعسل ، وحلم بتمدين الشرق البائس وبقطارات كهربائية تربط بين مدنه تصل إلى بيروت وغيرها ، وحلم بواحة وجنة في صحراء الشرق القاحلة ، وبعد مائة عام من حلمه دمر المدن الفلسطينية وأولها يافا ، ودمر بيروت في العام ١٩٨٢ ، ومنذ العام ٢٠٠٨ أخذ ، بالتدريج ، يدمر غزة .
أطرف ما سمعته أمس من أشرطة كان الشريط الذي يحوي محادثة بين ضابط اسرائيلي أظن اسمه رامي ومواطن فلسطيني غزي .
يتصل رامي الرؤوف الرحيم بالمواطن الغزي ويطلب منه إخلاء بيته من القاطنين فيه ، فالطائرات الإسرائيلية ستقصف مبنى البنك المجاور .
يا الله ! كم هو رؤوف رحيم رامي هذا ، والمواطن الغزي يصر على البقاء في المنزل ، ولا يستمع إلى نصائح رامي بأن ذلك انتحار ، والانتحار في الإسلام محرم . صار رامي مثل أفيخاي درعي خبيرا بالإسلام وتعاليمه .
هل يقل عن شريط المحادثة السابق شريط آخر لحاخام يهودي ، يدعو فيه إلى احترام المقدسات وترك الأقصى للمسلمين والتنازل عن بناء الهيكل والعودة إلى ما كان عليه أبناء الديانات في زمن الدولة العلية العثمانية ؟
إنها الحرب ! قد تثقل القلب ولكن خلفك عار العرب .
أنستنا الحرب الكورونا والكمامات والتباعد الجسدي واللقاحات ، وذكرتنا بمدننا التاريخية وبفلسطين الممتدة من النهر إلى البحر .
صباح الخير
خربشات
٢١ / ٥ / ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2848717742048443
نص الأسطر بالتمام والكمال :
" كانت غزة تصدر الشعير لمعامل الجعة في ميونيخ إضافة إلى الزيت والزبيب والصابون والجلود .
تاريخ طويل من التصدير يا غزة واليوم نحن نصدر الكرامة والصمود والشرف .
صباح الخير لأرواح الشهداء الشرفاء " .
أسطر هبة الآغا ذكرتني بأسطر من قصيدة راشد حسين " الحب والغيتو " التي كتبها في العام ١٩٦٦ ، وفيها يكتب عن يافا وما ألم بها في عام النكبة ١٩٤٨ .
يقول الشاعر في قصيدته :
" يافا - لمن يجهلها - كانت مدينة
مهنتها تصدير برتقال
وذات يوم هدمت ، وحولوا
مهنتها .. تصدير لاجئين " .
شخصيا عرفت غزة مدينة برتقال ومدينة نخيل .
كان أخي درويش - رحمه الله - يعمل في نهاية ستينيات القرن العشرين وبداية سبعينياته سائق شاحنة ، وغالبا ما كان يسافر إلى رفح وغزة ويعود محملا شاحنته بالبرتقال أو البلح ، وعندما زرت غزة في العام ١٩٦٩ لحضور عرس ابنة عمي شاهدت بيارات البرتقال ، وعندما زرت في العام ١٩٧٨ خان يونس بصحبة الكاتب المرحوم محمد كمال جبر وبتنا في بيت الكاتب المرحوم محمد أيوب شاهدت أشجار النخيل ، وقبل عقد من الزمان سألت جارنا " أبو نزار " عن بيارات البرتقال في مدينته ، فأخبرني ، متحسرا ، أنها ما عادت موجودة . لقد اجتثت وحلت المباني محلها .
لطالما كررت مقطعا شعريا لمحمود درويش كتبه في بداية ٧٠ القرن ٢٠ عن غزة :
" وغزة لا تبيع البرتقال ،
لأنه دمها المعلب " .
في عام النكبة لجأ فلسطينيون كثر ، ممن هجروا ، إلى غزة وصارت مدينة أغلب سكانها من المهجرين . صارت غزة مدينة لاجئين تقريبا ، وواصلت تصدير البرتقال .
الآن ما عادت المدينة تصدر البرتقال والبلح والشعير والجلود والزبيب ، ولا حتى الجميز . صارت تصدر أولا المتعلمين إلى دول الخليج ، ثم العمال إلى الداخل الفلسطيني المحتل في ١٩٤٨ ، وفي فترة لاحقة صارت تصدر البندورة والأزهار والفراولة وطناجر الألمنيوم ، ومنذ العام ٢٠٠٨ صارت تصدر الصواريخ .
هل وصلتها قطارات ( ثيودور هرتسل ) الكهربائية ؟
حلم الأب المؤسس للصهيونية ببلاد تغرق في السمن والعسل ، وحلم بتمدين الشرق البائس وبقطارات كهربائية تربط بين مدنه تصل إلى بيروت وغيرها ، وحلم بواحة وجنة في صحراء الشرق القاحلة ، وبعد مائة عام من حلمه دمر المدن الفلسطينية وأولها يافا ، ودمر بيروت في العام ١٩٨٢ ، ومنذ العام ٢٠٠٨ أخذ ، بالتدريج ، يدمر غزة .
أطرف ما سمعته أمس من أشرطة كان الشريط الذي يحوي محادثة بين ضابط اسرائيلي أظن اسمه رامي ومواطن فلسطيني غزي .
يتصل رامي الرؤوف الرحيم بالمواطن الغزي ويطلب منه إخلاء بيته من القاطنين فيه ، فالطائرات الإسرائيلية ستقصف مبنى البنك المجاور .
يا الله ! كم هو رؤوف رحيم رامي هذا ، والمواطن الغزي يصر على البقاء في المنزل ، ولا يستمع إلى نصائح رامي بأن ذلك انتحار ، والانتحار في الإسلام محرم . صار رامي مثل أفيخاي درعي خبيرا بالإسلام وتعاليمه .
هل يقل عن شريط المحادثة السابق شريط آخر لحاخام يهودي ، يدعو فيه إلى احترام المقدسات وترك الأقصى للمسلمين والتنازل عن بناء الهيكل والعودة إلى ما كان عليه أبناء الديانات في زمن الدولة العلية العثمانية ؟
إنها الحرب ! قد تثقل القلب ولكن خلفك عار العرب .
أنستنا الحرب الكورونا والكمامات والتباعد الجسدي واللقاحات ، وذكرتنا بمدننا التاريخية وبفلسطين الممتدة من النهر إلى البحر .
صباح الخير
خربشات
٢١ / ٥ / ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2848717742048443