د. عبدالجبار العلمي - أحاديث عن أدباء من المغرب والمشرق : 11 - الناقد الباحث اﻷستاذ مصطفى المسناوي رحمه الله :

11 - الناقد الباحث اﻷستاذ مصطفى المسناوي رحمه الله :

الباحث الناقد السينمائي الصحافي الأستاذ الأكاديمي مصطفى المسناوي الذي وافاه الأجل بالقاهرة قبل ثلاث سنوات خلت ،حيث سافر إليها للمشاركة في المهرجان السينمائي المنظم بها آنذاك :
تلقى المثقفون المغاربة خبر وفاته فجأة بأرض الكنانة بكثير من الحزن والألم ، وذلك إثرأزمة قلبية بعد وصوله بساعات . وتم نقل جثمانه الطاهر إلى مدينة الدار البيضاء حيث مقر سكناه لتوديعه إلى مثواه الأخير . وعرف الفقيد باهتماماته المتنوعة وبأعماله القيمة المتميزة في عدة مجالات ـ كما سبقت الإشارة ـ نذكر منها :
ـ " طارق الذي لم يفتح الأندلس " ـ أحلام الشاهد السبعة " ( مجموعتان قصصيتان ) / " أبحاث في السينما المغربية " ـ " علم الأدب الاجتماعي " للوسيان غولدمان " ( ترجمة ) / " سيولوجيا الغزل العربي : الشعر العذري نموذجا ، للطاهر لبيب ، ( ترجمة ) ، بالإضافة إلى تلك الأعمال الجادة المتميزة ، أسس مع ثلة من زملائه مجلة " الثقافة الجديدة "الذائعة الصيت ، كما أصدر جريدة " الجامعة " التي كانت مرجعاً قيماً مفيداً للأساتذة وتلاميذ الباكلوريا ، ومجلة "بيت الحكمة " التي كان رئيس تحريرها . هذا فضلاً عن الكتابة الصحفية التي كانت تتميز بأسلوب ساخر ، ومساهمته في المجال السمعي البصري بتعاون مع بعض الفنانين والنقاد السنمائين الملتزمين. لقد كان المرحوم مصطفى المسناوي مثقفاً ملتزماً ، يؤمن بأن للثقافة وللمثقف الحقيقيين سلطة خاصة في المتجمع ، وإنساناً رزيناً دمث الخلق تألفه من أول لقاء ، وكأنك تعرفه من زمن بعيد. ولا أنسى أنه حمل إلي نسختين من مجلة الهلال سلمهما إليه الروائي سعد القرش الذي كان وقتذاك يرأس تحريرها لموافاتي بهما حين كان بالقاهرة للمشاركة في مؤتمر الرواية العربية. وأذكر أنه كان حريصاً على تبليغ الأمانة ، وقد اتصل بي مراراً عبر الهاتف بعد وصوله إلى الدار البيضاء ، ليحدد معي موعد اللقاء ومكانه. وقد التقينا في مقهى فينيسيا بمنطقة بوسكورة. وقد كانت هذه أول مرة نجلس فيها معاً ، وإن كنا نلتقي في مناسبات قليلة متباعدة عابرة. وقد لمست عن كثب خلال هذا اللقاء ، مدى ما يتصف به الرجل من تواضع ولطف وانبساط في الحديث ، يجعلك قريباً منه كأنكما صديقان قديمان. في هذا اللقاء الأول والأخير ـ إذ لم يتح لنا أن نلتقي مرة أخرى كما تواعدنا ، أهداني مجموعته القصصية الجميلة " أحلام الشاهد السبعة " . إن وفاة هذا المثقف المبدع المغربي الكبير ، ليعد خسارة جسيمة لثقافتنا وأدبنا المغربيين ، ورحيله المفاجئء لم يكن في الحسبان. ولكن الرجال أمثاله ، إن رحلوا عن عالمنا جسدياً ، فإن أرواحهم تبقى سابحة في ذاكرة الزمن ، وآثارهم تظل راسخة باقية تتحدى الموت والفناء. رحمه الله رحمة واسعة ، وألهم الصبرَ الجميل أسرتَه الصغيرة ، وعائلته الكبيرة من أصدقائه سواء في بلده المغرب أو في مصر التي كان يهواها ويحب أهلها .








إ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...