في أجواء اقتحام الأقصى وحصار حي الشيخ جراح وما جره السلوكان من حرب على قطاع غزة قرأت ، لأول مرة ، ما كتب على صفحة عنوانها " الكابتن الإسرائيلي " وهي صفحة غير صفحة " المنسق الأمني " الإسرائيلي ، وتابعت قسما من تعليقات متابعي الصفحة ، ولاحظت كيف تختلف التعليقات في أيام الحرب عنها في فترة الهدوء ، وليس هذا عموما ما أرمي إليه من هذه الكتابة ، فما أهدف إليه هو خطاب المشرف على صفحة " الكابتن " وما قادني إليه .
يناشد الكابتن الإسرائيلي من أبناء الضفة ألا ينجروا وراء سياسة حماس التي جنت على أبناء غزة وتريد أن تخرب على أبناء الضفة ، ويطلب من العمال ، ممن يملكون تصاريح عمل ، أن يعودوا إلى أماكن عملهم . وواضح أن الخطاب يقصد منه التمييز بين أبناء الشعب الفلسطيني وتقسيمه إلى مجموعات مناطقية .
الكلام السابق خيض فيه كثيرا ، وقد يكون ما كتبته إيجازا لما كتب .
شخصيا التفت إلى مناشدة الكابتن الإسرائيلي العمال بالعودة إلى أعمالهم من زاوية أخرى تتجسد في أن الإسرائيليين الذين ينشدون إقامة دولة يهودية غير قادرين على الاستغناء عن غير اليهود ، ذلك أنهم كانوا منذ تأسيس الدولة ، بل وقبل تأسيسها ، بحاجة إلى الغوييم لينجزوا لهم بعض أعمالهم . إنهم بحاجة إلى ( غوي شبات ) وهي عبارة ترجمها الروائي المقدسي عارف الحسيني إلى " كافر سبت " واتخذها عنوانا لروايته الأولى .
لقد أثار النداء في ذهني سلسلة من التداعيات الأدبية أثارتها في الوقت نفسه قراءتي رواية سليم بركات " ماذا عن السيدة اليهودية راحيل ؟" التي أنجزت عنها مقالة الأسبوع الماضي ، ف ( الغوي شبات ) فيها هناك حاضر ، وقد وتمثل في المراهق الكردي ( كيهات ) الذي وقع في حب ابنة راحيل ، فعرض من تلقاء ذاته أن يخدمهما في أيام السبت ، وأن يكون ( غوي شبات ) ، دون أن يسمع بهذه العبارة ودون أن يعرف معناها ، فما عرفه من اللغة العبرية اقتصر على جملة واحدة من عشرة حروف كتبها له الشاب اليهودي سمير دون أن يعرف قصد ( كيهات ) من وراء كتابتها . " أنا أحبك / أني اوهف اوتك " .
لقد كان ( كيهات ) الكردي كافر سبت بمحض إرادته ، ولكن خاب مسعاه .
عبارة ( غوي شبات ) وجدت طريقها إلى الأدب الفلسطيني قبل العام ١٩٤٨ ، فقد كتب حولها الكاتب حنا أبو حنا في مذكراته التي تأخر نشرها عقودا ، وروى قصة حدثت معه صار فيها " كافر سبت " وأدى خدمة ليهودي متدين نسي أن يفتح مفتاح النور الكهربائي في البيت " ولا يحق لي دينيا أن أفعل ذلك الآن . أرجو أن تقدموا لي هذه الخدمة وأجركم عند الله " . كتب حنا العبارة على النحو الآتي " شاباس غوي " .
لم يتوقف إميل حبيبي في " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل " أمام العبارة ، ولكنه أورد حكاية ساخرة توضح معناها .
في الرسالة التي عنوانها " كيف سبقت العروبة الأصيلة ، بالتشمير ، عصر التشمير " روى حكاية عن آباء مستوطنة " زخرون يعقوب " بخصوص معاشرة اليهودي زوجته يوم السبت : أهو عمل أم عبادة ؟ وذهبوا إلى الحاخام يقضي بينهم :
- هل الأمر عمل أم لذة ؟
ففكر الحاخام طويلا ، ثم حكم أنه لذة .
- فهات برهانك ؟
قال :
- لو حكمت بأنه عمل لأعطيتموه العرب - الفرادسة .
فضحكنا ، يعقوب لأنه يكره الاشكناز ، وأنا لأنه ضحك " .
الرواية التي لفتت الأنظار إلى العبارة " غوي شبات / كافر سبت " هي رواية عارف الحسيني وفيها توقف مطولا أمام الموضوع ، على الرغم من أن الرواية صدرت في ٢٠١٢ ، وأن سيرة حنا صدرت في٢٠٠٤ . إنها سلطة العنوان من ناحية والخوض في تفاصيل العبارة " غوي شبات " من ناحية ثانية ، فالرواية تفصل ما ورد في سيرة حنا خبرا عاجلا ، بل وتجعل من " غوي شبات " شبه موظف لا يقدم خدمة طوعية ، فالأصل هو ألا يتقاضى مقدم الخدمة أجرة :
" ومن ضمن الأشياء مثلا أنه لا يمكنهم قيادة السيارات أو تشغيل أو إطفاء أي جهاز كهربائي .... لأن كل هذا يعتبر عملا ، والله أمرهم بالراحة يوم السبت ... ولكن في الحالات الطارئة فإنه لا ضير أن يستخدموا خدمات " كافر السبت " ، وهو شخص غير يهودي ، " غوي " على رأيهم ، ليقوم بالعمل ، ولكن دون أن يدفعوا له أو أن يطلبوا منه العمل بشكل مباشر ... " .
هل صار الفلسطينيون في فلسطين التاريخية " غوي شبات " الدولة العبرية ، مع تطور معنى العبارة لتنسجم مع زمن الحداثة - أي الغوي شبات في القرن العشرين والحادي والعشرين ؟
ما دامت الدولة العبرية بحاجة إلى الأيدي العاملة العربية فلماذا لا تفكر جديا بالأمر ، وكانت منذ تأسيسها بحاجة إليهم كما قرأت في كتاب ( إيلان بابيه ) " التطهير العرقي " ٢٠٠٦ ، فعندما احتلت حيفا وهجر أهلها اتصل ( بن غوريون ) بقائد حملة التطهير وسأله إن نظفوا المدينة من سكانها العرب ، وطلب منه أن يطردوا من لم يرحل ، فرد عليه الضابط :
- سيدي ولكن إن فعلنا ذلك فمن سينظف الشوارع ويخبز في الأفران و ... .
المساحة محدودة والكتابة تطول .
الجمعة
٢٨ / ٥ / ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2854072461512971
يناشد الكابتن الإسرائيلي من أبناء الضفة ألا ينجروا وراء سياسة حماس التي جنت على أبناء غزة وتريد أن تخرب على أبناء الضفة ، ويطلب من العمال ، ممن يملكون تصاريح عمل ، أن يعودوا إلى أماكن عملهم . وواضح أن الخطاب يقصد منه التمييز بين أبناء الشعب الفلسطيني وتقسيمه إلى مجموعات مناطقية .
الكلام السابق خيض فيه كثيرا ، وقد يكون ما كتبته إيجازا لما كتب .
شخصيا التفت إلى مناشدة الكابتن الإسرائيلي العمال بالعودة إلى أعمالهم من زاوية أخرى تتجسد في أن الإسرائيليين الذين ينشدون إقامة دولة يهودية غير قادرين على الاستغناء عن غير اليهود ، ذلك أنهم كانوا منذ تأسيس الدولة ، بل وقبل تأسيسها ، بحاجة إلى الغوييم لينجزوا لهم بعض أعمالهم . إنهم بحاجة إلى ( غوي شبات ) وهي عبارة ترجمها الروائي المقدسي عارف الحسيني إلى " كافر سبت " واتخذها عنوانا لروايته الأولى .
لقد أثار النداء في ذهني سلسلة من التداعيات الأدبية أثارتها في الوقت نفسه قراءتي رواية سليم بركات " ماذا عن السيدة اليهودية راحيل ؟" التي أنجزت عنها مقالة الأسبوع الماضي ، ف ( الغوي شبات ) فيها هناك حاضر ، وقد وتمثل في المراهق الكردي ( كيهات ) الذي وقع في حب ابنة راحيل ، فعرض من تلقاء ذاته أن يخدمهما في أيام السبت ، وأن يكون ( غوي شبات ) ، دون أن يسمع بهذه العبارة ودون أن يعرف معناها ، فما عرفه من اللغة العبرية اقتصر على جملة واحدة من عشرة حروف كتبها له الشاب اليهودي سمير دون أن يعرف قصد ( كيهات ) من وراء كتابتها . " أنا أحبك / أني اوهف اوتك " .
لقد كان ( كيهات ) الكردي كافر سبت بمحض إرادته ، ولكن خاب مسعاه .
عبارة ( غوي شبات ) وجدت طريقها إلى الأدب الفلسطيني قبل العام ١٩٤٨ ، فقد كتب حولها الكاتب حنا أبو حنا في مذكراته التي تأخر نشرها عقودا ، وروى قصة حدثت معه صار فيها " كافر سبت " وأدى خدمة ليهودي متدين نسي أن يفتح مفتاح النور الكهربائي في البيت " ولا يحق لي دينيا أن أفعل ذلك الآن . أرجو أن تقدموا لي هذه الخدمة وأجركم عند الله " . كتب حنا العبارة على النحو الآتي " شاباس غوي " .
لم يتوقف إميل حبيبي في " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل " أمام العبارة ، ولكنه أورد حكاية ساخرة توضح معناها .
في الرسالة التي عنوانها " كيف سبقت العروبة الأصيلة ، بالتشمير ، عصر التشمير " روى حكاية عن آباء مستوطنة " زخرون يعقوب " بخصوص معاشرة اليهودي زوجته يوم السبت : أهو عمل أم عبادة ؟ وذهبوا إلى الحاخام يقضي بينهم :
- هل الأمر عمل أم لذة ؟
ففكر الحاخام طويلا ، ثم حكم أنه لذة .
- فهات برهانك ؟
قال :
- لو حكمت بأنه عمل لأعطيتموه العرب - الفرادسة .
فضحكنا ، يعقوب لأنه يكره الاشكناز ، وأنا لأنه ضحك " .
الرواية التي لفتت الأنظار إلى العبارة " غوي شبات / كافر سبت " هي رواية عارف الحسيني وفيها توقف مطولا أمام الموضوع ، على الرغم من أن الرواية صدرت في ٢٠١٢ ، وأن سيرة حنا صدرت في٢٠٠٤ . إنها سلطة العنوان من ناحية والخوض في تفاصيل العبارة " غوي شبات " من ناحية ثانية ، فالرواية تفصل ما ورد في سيرة حنا خبرا عاجلا ، بل وتجعل من " غوي شبات " شبه موظف لا يقدم خدمة طوعية ، فالأصل هو ألا يتقاضى مقدم الخدمة أجرة :
" ومن ضمن الأشياء مثلا أنه لا يمكنهم قيادة السيارات أو تشغيل أو إطفاء أي جهاز كهربائي .... لأن كل هذا يعتبر عملا ، والله أمرهم بالراحة يوم السبت ... ولكن في الحالات الطارئة فإنه لا ضير أن يستخدموا خدمات " كافر السبت " ، وهو شخص غير يهودي ، " غوي " على رأيهم ، ليقوم بالعمل ، ولكن دون أن يدفعوا له أو أن يطلبوا منه العمل بشكل مباشر ... " .
هل صار الفلسطينيون في فلسطين التاريخية " غوي شبات " الدولة العبرية ، مع تطور معنى العبارة لتنسجم مع زمن الحداثة - أي الغوي شبات في القرن العشرين والحادي والعشرين ؟
ما دامت الدولة العبرية بحاجة إلى الأيدي العاملة العربية فلماذا لا تفكر جديا بالأمر ، وكانت منذ تأسيسها بحاجة إليهم كما قرأت في كتاب ( إيلان بابيه ) " التطهير العرقي " ٢٠٠٦ ، فعندما احتلت حيفا وهجر أهلها اتصل ( بن غوريون ) بقائد حملة التطهير وسأله إن نظفوا المدينة من سكانها العرب ، وطلب منه أن يطردوا من لم يرحل ، فرد عليه الضابط :
- سيدي ولكن إن فعلنا ذلك فمن سينظف الشوارع ويخبز في الأفران و ... .
المساحة محدودة والكتابة تطول .
الجمعة
٢٨ / ٥ / ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2854072461512971