في أواخر العام 2013 عثر علماء الحفريات في صحراء باتاجونيا بالأرجنتين، وبالتحديد في المنطقة التي تحمل اسم "باخادا كولورادا Bajada Colorada"، على هيكل عظمي مثير للعجب ، لدينوصور بدا منتميًا للصُوروبودا Sauropoda؛ جنس الدينوصورات العاشبة العملاقة المعروفة بأعناقها وأذنابها الطويلة. لكن الأمر استغرق خمسة أعوام كاملة من المقارنات الدقيقة والدراسات المرهقة، قبل أن يعلن العلماء أخيرًا -في بحث نُشر في دورية "ساينتيفِك ريبورتس Scientific Reports"- أن هذا الهيكل ينتمي لنوع جديد من الدينوصورات، أُطلق عليه اسم "باخاداصوروس برونوسبيناكس Bajadasaurus pronuspinax" كإشارة إلى المنطقة التي عُثر عليه فيها - و"باخادا" في الإسبانية تعني المنحدَر - وإلى الصفة العجيبة التي تتميز بها أعناق تلك الدينوصورات الجديدة.
فعلى طول الفقرات العُنقية للباخاداصوروس، تمتد أشواك هائلة إلى الأعلى -وتميل إلى الأمام- كعُرف ضخم يكلل العنق الطويل العملاق. عُرف عظمي سيثير مرآه -بالتأكيد- رهبة أكبر اللواحم المعاصِرة. يقول (بابلو جالينا) الباحث المُساعد بالمجلس القومي الأرجنتيني للأبحاث العلمية والتكنولوجية CONICET: "نرجح أن الغرض من وجود هذه الأشواك البالغة الطول على أعناق وظهور الباخاداصوروس والأمارجاصوروس Amargasaurus -وهو دينوصور آخر ينتمي لنفس العائلة "دايكرايوصوريدى Dicraeosauridae"- هو زجر المُفترِسات المحتمَلة. وأغلب الظن أن تلك الأشواك لم تكن مجرد نتوءات عظمية عارية أو مغطاة بالجلد فقط؛ فلو كان هذا هو الوضع لانخلعَت الأشواك أو انقصفَت عند أي التحام عنيف. لكنها - في اعتقادنا - كانت مدرعة بغلاف قوي من الكيراتين، مثلما نرى اليوم في قرون العديد من الثدييات".
وقد تشارك الباخاداصوروس وقريبه الأمارجاصوروس نفس المنطقة الجغرافية والحقبة الزمانية -من العصر الطباشيري قبل 140 مليون سنة تقريبًا- مع الجيجانوتوصوروس Giganotosaurus الذي اكتُشف لأول مرة في صحراء باتاجونيا عام 1993، والذي يُعتبر أحد أكبر الدينوصورات اللاحمة المعروفة (وهو يفوق في حجمه التيرانوصوروس رِكس الشهير)، ومن الراجح أن الباخاداصوروس اندرج تحت قائمة فرائسه المحتملة، ولهذا فلا عجب من احتياج الأخير إلى سلاح دفاع بهذه القوة والضخامة.
وقد لاحظ العلماء تقنية دفاع أخرى شديدة الأهمية، وهي موقع العينين من الجمجمة. ففي الغالب كان الباخاداصوروس يتغذى على النباتات القريبة من الأرض، مما يُفرض أن يتجه بعنقه ورأسه إلى الأسفل لأوقات طويلة قد يباغته خلالها هجوم المفترسات. لكن محاجر العينين تقع قريبًا من أعلى الرأس، مما سمح للباخاداصوروس بإبقاء ما حوله تحت الرقابة أثناء الانحناء لالتقاط الطعام.
وهناك بعض التخمينات باحتمالية وجود أجزاء لحميّة تربط بين تلك الأشواك، مكوِّنةً لشراعٍ ربما يكون الباخاداصوروس قد استعمله لتنظيم درجة حرارة جسده، أو لتخزين الدهون مثل أسنمة الجمال.
تُعرَض جمجمة الباخاداصوروس المكتشَفة - والمحفوظة في حالة ممتازة - مع نموذج محاكٍ لعنقه بأشواكه العجيبة، في المركز الثقافي للعلوم في بوينوس آيرس.
أحمد الديب
فبراير 2019
___________
فعلى طول الفقرات العُنقية للباخاداصوروس، تمتد أشواك هائلة إلى الأعلى -وتميل إلى الأمام- كعُرف ضخم يكلل العنق الطويل العملاق. عُرف عظمي سيثير مرآه -بالتأكيد- رهبة أكبر اللواحم المعاصِرة. يقول (بابلو جالينا) الباحث المُساعد بالمجلس القومي الأرجنتيني للأبحاث العلمية والتكنولوجية CONICET: "نرجح أن الغرض من وجود هذه الأشواك البالغة الطول على أعناق وظهور الباخاداصوروس والأمارجاصوروس Amargasaurus -وهو دينوصور آخر ينتمي لنفس العائلة "دايكرايوصوريدى Dicraeosauridae"- هو زجر المُفترِسات المحتمَلة. وأغلب الظن أن تلك الأشواك لم تكن مجرد نتوءات عظمية عارية أو مغطاة بالجلد فقط؛ فلو كان هذا هو الوضع لانخلعَت الأشواك أو انقصفَت عند أي التحام عنيف. لكنها - في اعتقادنا - كانت مدرعة بغلاف قوي من الكيراتين، مثلما نرى اليوم في قرون العديد من الثدييات".
وقد تشارك الباخاداصوروس وقريبه الأمارجاصوروس نفس المنطقة الجغرافية والحقبة الزمانية -من العصر الطباشيري قبل 140 مليون سنة تقريبًا- مع الجيجانوتوصوروس Giganotosaurus الذي اكتُشف لأول مرة في صحراء باتاجونيا عام 1993، والذي يُعتبر أحد أكبر الدينوصورات اللاحمة المعروفة (وهو يفوق في حجمه التيرانوصوروس رِكس الشهير)، ومن الراجح أن الباخاداصوروس اندرج تحت قائمة فرائسه المحتملة، ولهذا فلا عجب من احتياج الأخير إلى سلاح دفاع بهذه القوة والضخامة.
وقد لاحظ العلماء تقنية دفاع أخرى شديدة الأهمية، وهي موقع العينين من الجمجمة. ففي الغالب كان الباخاداصوروس يتغذى على النباتات القريبة من الأرض، مما يُفرض أن يتجه بعنقه ورأسه إلى الأسفل لأوقات طويلة قد يباغته خلالها هجوم المفترسات. لكن محاجر العينين تقع قريبًا من أعلى الرأس، مما سمح للباخاداصوروس بإبقاء ما حوله تحت الرقابة أثناء الانحناء لالتقاط الطعام.
وهناك بعض التخمينات باحتمالية وجود أجزاء لحميّة تربط بين تلك الأشواك، مكوِّنةً لشراعٍ ربما يكون الباخاداصوروس قد استعمله لتنظيم درجة حرارة جسده، أو لتخزين الدهون مثل أسنمة الجمال.
تُعرَض جمجمة الباخاداصوروس المكتشَفة - والمحفوظة في حالة ممتازة - مع نموذج محاكٍ لعنقه بأشواكه العجيبة، في المركز الثقافي للعلوم في بوينوس آيرس.
أحمد الديب
فبراير 2019
___________