تدفع صور الدمار الواسع الذي ألحقته الطائرات الإسرائيلية بقطاع غزة إلى التساؤل عن السبب : أيعود إلى حقد اليهود الصهيونيين على العرب واحتقارهم لهم وتعاليهم عليهم باعتبارهم أغيارا / غوييم ؟ أم يعود إلى إدراك الإسرائيليين أنهم سلبوا الفلسطينيين أرضهم وطردوهم منها ، وأن هؤلاء لن ينسوا ، وبالتالي يجب إضعافهم كلما نبت ريشهم وقوي جناحهم ؟ أم يعود إلى تصدير أزمتهم الداخلية إلى الخارج ، فقيادتهم أخفقت ، بعد أربع انتخابات ، في البقاء في السلطة ؟
وأنا أعد الدكتوراه في ألمانيا قادتني قراءتي مسرحية معين بسيسو " شمشون ودليلة " وكتابه " نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة " إلى قراءة كتاب الكاتبة الإسرائيلية ( ياعيل دايان ) ابنة وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه ( موشي دايان ) " مذكراتي الحربية " . نشر الكتاب بالإنجليزية وترجم إلى الألمانية ، وفيه قرأت الفقرة الآتية :
" ما يعني لبلد آخر الهزيمة يعني لنا الفناء . نحن لا نستطيع أن نخسر الحرب ، ونبقى في الوقت نفسه على قيد الحياة ، ولما اتجهنا نحو الغرب كان هذا واضحا لكل واحد منا . البعض فهم هذا بالعقل وبأنه ذو دلالة للتاريخ ، وآخرون شعروا ذلك بغريزة بدائية ولكن قوية " .
وهي فقرة توقف أمامها معين بسيسو وأوردها ، في مسرحيته ، على لسان الجندية الإسرائيلية راحيل على النحو الآتي :
" قدرك أن تكسر
أو تتكسر
إن لنا قدرا آخر يا شمشون
غير جميع الناس
إن لنا قدر الأجراس
إن كفت تقرع ماتت
أنا كالمحكوم عليه بأن يضرب بيديه السكين
فلا يجرح
لو سال الدم مات
في الصدر الجرح يميت
في الكف الجرح يميت
قاتلنا الجرح الأول
وعلينا ألا نجرح أبدا " .
وهي ، فيما أرى ، توضح لنا سبب هذا المقدار من العنف والتدمير الذي ألحقته الطائرات الإسرائيلية بقطاع غزة .
لا يحتمل الإسرائيليون هزيمة ، فهي تعني لهم النهاية ؛ نهاية حلمهم الصهيوني باستمرار دولتهم .
وإذا كان الآخرون / العرب والفلسطينيون يحتملون نكبة فنكسة فخسارة المزيد من الأرض ، ويحافظون على بقائهم ، فإن الإسرائيليين لا يحتملون أي هزيمة وليس أمامهم إلا الانتصار وكسر شوكة عدوهم .
في العام ١٩٨٢ حاصر الإسرائيليون بيروت وقصفوها بلا رحمة . وفي العام ٢٠٠٦ قصفوا الضاحية الجنوبية من بيروت وجعلوها ركاما ، ما دفع بالشيخ حسن نصر الله في حينه إلى الاعتراف بأنه لو كان يتوقع هذه النتيجة لما دفع مقاوميه إلى خطف الجنود الإسرائيليين لتندلع الحرب .
وفي الأعوام ٢٠٠٨ / ٢٠٠٩ و ٢٠١٢ و ٢٠١٤ و ٢٠٢١ فعلت إسرائيل الشيء نفسه .
ترى لو لم تتوقف الحرب ، ولو واصلت المقاومة دك تل أبيب بالصواريخ ، هل كانت إسرائيل ستتردد في تسوية القطاع كله بالأرض ؟
أين أنت يا معين بسيسو لتشاهد ما يجري ؟!
أمس التقيت بأصدقاء قدامى لم أر بعضهم منذ عقود ، فتذكرنا حياتنا الماضية وأيامنا في المدرسة و .. وأمس عدت بذاكرتي إلى شتاء ١٩٩٠ في ( بون ) أجلس في مكتبة جامعتها على ضفة نهر الراين وأنظر في السفن والضباب وأواصل قراءتي في مذكرات ياعيل دايان الحربية ويومياتها عن حرب ١٩٦٧ على الجبهة المصرية ، وأواصل مقارنتها بمسرحية معين المذكورة ، وأمس نشرت في جريدة الأيام الفلسطينية مقالي الأسبوعي عن الحرب التي لا تنتهي . و " تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي " .
لا جديد إلا في الظاهر ، وكما يقول البنيويون " ثمة بنية عميقة ثابتة لا تتغير " ، وغدا أعود إلى الحكاية نفسها . غدا أكتب عن كلمات توفيق زياد المقاتلة في حرب ١٩٦٧ . نعم غدا أكتب أيضا عن الحرب ، فليس يلمع في ليلنا إلا ضوء بندقية .
صباح الخير
خربشات
٧ حزيران ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2860624344191116
وأنا أعد الدكتوراه في ألمانيا قادتني قراءتي مسرحية معين بسيسو " شمشون ودليلة " وكتابه " نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة " إلى قراءة كتاب الكاتبة الإسرائيلية ( ياعيل دايان ) ابنة وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه ( موشي دايان ) " مذكراتي الحربية " . نشر الكتاب بالإنجليزية وترجم إلى الألمانية ، وفيه قرأت الفقرة الآتية :
" ما يعني لبلد آخر الهزيمة يعني لنا الفناء . نحن لا نستطيع أن نخسر الحرب ، ونبقى في الوقت نفسه على قيد الحياة ، ولما اتجهنا نحو الغرب كان هذا واضحا لكل واحد منا . البعض فهم هذا بالعقل وبأنه ذو دلالة للتاريخ ، وآخرون شعروا ذلك بغريزة بدائية ولكن قوية " .
وهي فقرة توقف أمامها معين بسيسو وأوردها ، في مسرحيته ، على لسان الجندية الإسرائيلية راحيل على النحو الآتي :
" قدرك أن تكسر
أو تتكسر
إن لنا قدرا آخر يا شمشون
غير جميع الناس
إن لنا قدر الأجراس
إن كفت تقرع ماتت
أنا كالمحكوم عليه بأن يضرب بيديه السكين
فلا يجرح
لو سال الدم مات
في الصدر الجرح يميت
في الكف الجرح يميت
قاتلنا الجرح الأول
وعلينا ألا نجرح أبدا " .
وهي ، فيما أرى ، توضح لنا سبب هذا المقدار من العنف والتدمير الذي ألحقته الطائرات الإسرائيلية بقطاع غزة .
لا يحتمل الإسرائيليون هزيمة ، فهي تعني لهم النهاية ؛ نهاية حلمهم الصهيوني باستمرار دولتهم .
وإذا كان الآخرون / العرب والفلسطينيون يحتملون نكبة فنكسة فخسارة المزيد من الأرض ، ويحافظون على بقائهم ، فإن الإسرائيليين لا يحتملون أي هزيمة وليس أمامهم إلا الانتصار وكسر شوكة عدوهم .
في العام ١٩٨٢ حاصر الإسرائيليون بيروت وقصفوها بلا رحمة . وفي العام ٢٠٠٦ قصفوا الضاحية الجنوبية من بيروت وجعلوها ركاما ، ما دفع بالشيخ حسن نصر الله في حينه إلى الاعتراف بأنه لو كان يتوقع هذه النتيجة لما دفع مقاوميه إلى خطف الجنود الإسرائيليين لتندلع الحرب .
وفي الأعوام ٢٠٠٨ / ٢٠٠٩ و ٢٠١٢ و ٢٠١٤ و ٢٠٢١ فعلت إسرائيل الشيء نفسه .
ترى لو لم تتوقف الحرب ، ولو واصلت المقاومة دك تل أبيب بالصواريخ ، هل كانت إسرائيل ستتردد في تسوية القطاع كله بالأرض ؟
أين أنت يا معين بسيسو لتشاهد ما يجري ؟!
أمس التقيت بأصدقاء قدامى لم أر بعضهم منذ عقود ، فتذكرنا حياتنا الماضية وأيامنا في المدرسة و .. وأمس عدت بذاكرتي إلى شتاء ١٩٩٠ في ( بون ) أجلس في مكتبة جامعتها على ضفة نهر الراين وأنظر في السفن والضباب وأواصل قراءتي في مذكرات ياعيل دايان الحربية ويومياتها عن حرب ١٩٦٧ على الجبهة المصرية ، وأواصل مقارنتها بمسرحية معين المذكورة ، وأمس نشرت في جريدة الأيام الفلسطينية مقالي الأسبوعي عن الحرب التي لا تنتهي . و " تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي " .
لا جديد إلا في الظاهر ، وكما يقول البنيويون " ثمة بنية عميقة ثابتة لا تتغير " ، وغدا أعود إلى الحكاية نفسها . غدا أكتب عن كلمات توفيق زياد المقاتلة في حرب ١٩٦٧ . نعم غدا أكتب أيضا عن الحرب ، فليس يلمع في ليلنا إلا ضوء بندقية .
صباح الخير
خربشات
٧ حزيران ٢٠٢١
https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2860624344191116