اعترضت أمس إحدى قارئات ما كتبته عن قتل الناشط نزار بنات على استخدامي كلمة " رحيل " .
لا أعرف من هي Noor Al Harami المقيمة في الكويت ودارسة الأدب الفرنسي ، ولكن اعتراضها لفت نظري ، فقد طالبت المثقفين أن يسموا الأشياء بأسمائها على الأقل . يعني ، بناء على كلامها ، وجب أن أستخدم دال اغتيال أو تصفية أو قتل ، فما حدث هو جريمة تدرج تحت واحد من الدوال السابقة ، إذ لم يكن الموت طبيعيا .
عندما كتبت ما كتبت لم تكن الأمور اتضحت بعد ، فقد سمعت الخبر من راديو " أجيال " ولم أشاهد صور الجريمة إلا في ساعات المساء .
قتل الناشط نزار بنات غير مبرر على الإطلاق ، ويخيل إلي أن من أصدر أمر الاغتيال ارتكب حماقة كبرى ليس بحقه وحسب ، بل وبحق الشعب الفلسطيني كله ، فنزار كان دائما يبدي استعداده للذهاب إلى مراكز الشرطة إن أبلغ بضرورة الحضور إليها . الرجل كان معارضا سياسيا يبدي رأيه في الشأن العام ، فلم ترق شجاعته لمن ذكر أسماءهم ، وقد كانت أشرطته تذكرنا برسوم ناجي العلي .
عملية اختطافه وتعذيبه وقتله استثارت في ذهني قصة المرحوم يوسف نصر صاحب جريدة الفجر التي صدرت في الضفة الغربية في بداية سبعينيات القرن العشرين ، فقد اختفى يوسف نصر لانتقاد جريدته رموزا سياسية كانت تؤيد السياسة الإسرائيلية وتدعو إلى حل مع النظام الأردني ، ولا أعرف إن توصل إلى شيء بأمر الاختفاء .
كل من يبدي رأيا في عالمنا يبدو شخصا غير مرغوب فيه ويفكر خصومه بالتخلص منه ؛ إقصاء أو فصلا أو سجنا أو نشرا بالمناشير أو طلقة في الرأس أو تشويها أخلاقيا أو حصارا أو ...
وعندما كتبت في العام ١٩٩٣ تص " ليل الضفة الطويل " شكلت إدارة جامعة النجاح الوطنية لجنة للتحقيق معي ، ومرة وأنا عائد من رام الله ليلا حاول شخصان ضربي عند عيون الحرامية لولا ... .
أما كان الأجدر ، من أجل سمعة الشعب الفلسطيني ، الاكتفاء بسجن الناشط نزار بنات أو التحقيق معه فقط ؟
كم عائلة فلسطينية عاش أفرادها ، بسبب الرصاص الإسرائيلي ، بلا معيل ؟!
لا بد من أن نزيد الطين بلة ، فكم من عائلة فلسطينية أيضا ترملت النساء فيها وتيتم أبناؤها بسبب ذكائنا وحسن تفكيرنا وغياب روح التسامح فينا .
في حالة مثل حالة أمس ؛ قتل نزار بنات ، يتذكر المرء قصيدة محمود درويش " أنت ، منذ الآن ، غيرك " والصحيح أننا صرنا غيرنا ليس منذ الآن ، بل منذ عقود .
يوم أمس لم يكن يوما عاديا في حياة الفلسطينيين ، وقد يقول قائل إن أيام الفلسطينيين كلها أيام غير عادية . قد !!
" لا للاغتيال السياسي ولا للاغتيال على حرية الرأي " .
صباح الخير
حربشات
٢٥ حزيران ٢٠٢١
لا أعرف من هي Noor Al Harami المقيمة في الكويت ودارسة الأدب الفرنسي ، ولكن اعتراضها لفت نظري ، فقد طالبت المثقفين أن يسموا الأشياء بأسمائها على الأقل . يعني ، بناء على كلامها ، وجب أن أستخدم دال اغتيال أو تصفية أو قتل ، فما حدث هو جريمة تدرج تحت واحد من الدوال السابقة ، إذ لم يكن الموت طبيعيا .
عندما كتبت ما كتبت لم تكن الأمور اتضحت بعد ، فقد سمعت الخبر من راديو " أجيال " ولم أشاهد صور الجريمة إلا في ساعات المساء .
قتل الناشط نزار بنات غير مبرر على الإطلاق ، ويخيل إلي أن من أصدر أمر الاغتيال ارتكب حماقة كبرى ليس بحقه وحسب ، بل وبحق الشعب الفلسطيني كله ، فنزار كان دائما يبدي استعداده للذهاب إلى مراكز الشرطة إن أبلغ بضرورة الحضور إليها . الرجل كان معارضا سياسيا يبدي رأيه في الشأن العام ، فلم ترق شجاعته لمن ذكر أسماءهم ، وقد كانت أشرطته تذكرنا برسوم ناجي العلي .
عملية اختطافه وتعذيبه وقتله استثارت في ذهني قصة المرحوم يوسف نصر صاحب جريدة الفجر التي صدرت في الضفة الغربية في بداية سبعينيات القرن العشرين ، فقد اختفى يوسف نصر لانتقاد جريدته رموزا سياسية كانت تؤيد السياسة الإسرائيلية وتدعو إلى حل مع النظام الأردني ، ولا أعرف إن توصل إلى شيء بأمر الاختفاء .
كل من يبدي رأيا في عالمنا يبدو شخصا غير مرغوب فيه ويفكر خصومه بالتخلص منه ؛ إقصاء أو فصلا أو سجنا أو نشرا بالمناشير أو طلقة في الرأس أو تشويها أخلاقيا أو حصارا أو ...
وعندما كتبت في العام ١٩٩٣ تص " ليل الضفة الطويل " شكلت إدارة جامعة النجاح الوطنية لجنة للتحقيق معي ، ومرة وأنا عائد من رام الله ليلا حاول شخصان ضربي عند عيون الحرامية لولا ... .
أما كان الأجدر ، من أجل سمعة الشعب الفلسطيني ، الاكتفاء بسجن الناشط نزار بنات أو التحقيق معه فقط ؟
كم عائلة فلسطينية عاش أفرادها ، بسبب الرصاص الإسرائيلي ، بلا معيل ؟!
لا بد من أن نزيد الطين بلة ، فكم من عائلة فلسطينية أيضا ترملت النساء فيها وتيتم أبناؤها بسبب ذكائنا وحسن تفكيرنا وغياب روح التسامح فينا .
في حالة مثل حالة أمس ؛ قتل نزار بنات ، يتذكر المرء قصيدة محمود درويش " أنت ، منذ الآن ، غيرك " والصحيح أننا صرنا غيرنا ليس منذ الآن ، بل منذ عقود .
يوم أمس لم يكن يوما عاديا في حياة الفلسطينيين ، وقد يقول قائل إن أيام الفلسطينيين كلها أيام غير عادية . قد !!
" لا للاغتيال السياسي ولا للاغتيال على حرية الرأي " .
صباح الخير
حربشات
٢٥ حزيران ٢٠٢١