كنت ذات يوم في مدينة عدن وعمري تقريبا "لايتجاوز السادسة عشرة عاما" توفى والدي في حادث سيارة قبيل الاستقلال.. كان يعمل في حرس السلطنة الفضلية.. كنت حينها طفلا "صغيرا" في الخامسة او السادسة من العمر وكنت أكبر أخوتي ..
كنا ثلاثة أولاد.. مرضت أمي مرضا "شديدا" ونقلناها من قريتنا الواقعة في منطقة السواد الوضيع إلى مستشفى الجمهورية بعدن وأجريت لها عمليتين وتم ترقيدها لأكثر من شهرين كنا نسكن أنا وأخوتي عند جدي أحمد حسين الملقاط أمسعيدي من دثينة أطال الله بعمره وعافاه في جبل هيل في منزله الكائن في المساكن القديمة لضباط الأنجليز بالفتح وهو خال أمي وكنت قد أنهيت المرحلة الأعدادية ومن المتفوقين ودائما" من الأوائل ومعروف على مستوى منطقة الوضيع ولودر كان ذلك بداية عام 1977م.
حدث ذات يوم وأنا نازل من الجبل وذاهبا "الى المستشفى لزيارة امي ان مر بنا موكب الرئيس رحمة الله عليه وقد جاء الى العروسة وتوقف هناك.. هرولت الى الموكب وجدت سيارة حراسته وعرفت واحدا "من قبيلتنا كان حارسا" معه .. شرحت له ظروفي وإني أريد مقابلة الرئيس وقررت البحث عن عمل وترك الدراسة رغم رغبتي الشديدة في مواصلة دراستي وبسرعة تحركت سيارة الرئيس وتحركت سيارة حراسته .. قفزت معهم فوق السيارة وقد حاول بعض الحراسة ان يمنعني ولكنني تشبثت بمقعد في السيارة وجلست في الوسط..وصلنا وتوقف الموكب في مقر الرئاسة ونزل "سالمين" متجها إلى مكتبه وحاول الحراسة منعي من اللقاء به ولكنني كنت أشطر منهم صرخت بصوت عال ياسالمين!! ياسالمين !!.
.فالتفت رحمة الله عليه إلى مكان الصوت وإذا بشاب نحيل وسط حراسته.. فقال لهم أتركوه وقمت بمصافحته لأول مرة أرى وجه سالمين عن قرب وبرزت لي أسنانه الذهبية شعرت بروحه الطيبة وأبتسامته العريضة وبساطته وحبه لشعبه وقال: ماذا تريد يا ولدي.. شرحت له مشكلتي وقال له الحارس الذي يعرفني هذا ابن الشيبة بن ناصر الحنشي الذي راح في حادث سيارة قبل الأستقلال.. قال سالمين: الشيبة بن ناصر معروف ومناضل هل له راتب? قلت له: لا.. فتعجب!! وقال ياولدي أنت لازم تواصل دراستك وبعمل لكم مساعدة عشرة دينار.. سحب مذكرة الرئاسة وراح يكتب وقلت: ماتكفي عشرة دينار.. ضحكوا الحراسة لجرأتي. وأبتسم سالمين وقال : طيب خمسة عشر دينارا".. تستلمها من هنا كل شهر وهذه مذكرة أخرى بنقلك الىعدن والسكن في قسم داخلي للطلاب في التواهي وأستمروا انت وأخوانك في دراستكم وعندما تنهي دراستك الثانوية العامة تعال الى عندي..نقلت الى عدن وسكنت في التواهي كان يقوم بنقلنا باص حكومي الى ثانوية القلوعة لم يدم الحال بنا مكثت عاما" فقط أكملت أول ثانوي علمي بنجاح.....
تم الأنقلاب على سالمين وانقطع الراتب وعدت بعد ذلك الى مدرستي في لودر. ثانوية راجح حيث أكملت دراستي هناك والتحقت بالشرطة .. حصلت على منحة دراسية في موسكو وواصلت دراستي الجامعية وعدت إلى الوطن بعد أحداث يناير86 الدامية..
مقتطفات من ذكرياتي
عميد: حسين الشيبة ناصر
"
كنا ثلاثة أولاد.. مرضت أمي مرضا "شديدا" ونقلناها من قريتنا الواقعة في منطقة السواد الوضيع إلى مستشفى الجمهورية بعدن وأجريت لها عمليتين وتم ترقيدها لأكثر من شهرين كنا نسكن أنا وأخوتي عند جدي أحمد حسين الملقاط أمسعيدي من دثينة أطال الله بعمره وعافاه في جبل هيل في منزله الكائن في المساكن القديمة لضباط الأنجليز بالفتح وهو خال أمي وكنت قد أنهيت المرحلة الأعدادية ومن المتفوقين ودائما" من الأوائل ومعروف على مستوى منطقة الوضيع ولودر كان ذلك بداية عام 1977م.
حدث ذات يوم وأنا نازل من الجبل وذاهبا "الى المستشفى لزيارة امي ان مر بنا موكب الرئيس رحمة الله عليه وقد جاء الى العروسة وتوقف هناك.. هرولت الى الموكب وجدت سيارة حراسته وعرفت واحدا "من قبيلتنا كان حارسا" معه .. شرحت له ظروفي وإني أريد مقابلة الرئيس وقررت البحث عن عمل وترك الدراسة رغم رغبتي الشديدة في مواصلة دراستي وبسرعة تحركت سيارة الرئيس وتحركت سيارة حراسته .. قفزت معهم فوق السيارة وقد حاول بعض الحراسة ان يمنعني ولكنني تشبثت بمقعد في السيارة وجلست في الوسط..وصلنا وتوقف الموكب في مقر الرئاسة ونزل "سالمين" متجها إلى مكتبه وحاول الحراسة منعي من اللقاء به ولكنني كنت أشطر منهم صرخت بصوت عال ياسالمين!! ياسالمين !!.
.فالتفت رحمة الله عليه إلى مكان الصوت وإذا بشاب نحيل وسط حراسته.. فقال لهم أتركوه وقمت بمصافحته لأول مرة أرى وجه سالمين عن قرب وبرزت لي أسنانه الذهبية شعرت بروحه الطيبة وأبتسامته العريضة وبساطته وحبه لشعبه وقال: ماذا تريد يا ولدي.. شرحت له مشكلتي وقال له الحارس الذي يعرفني هذا ابن الشيبة بن ناصر الحنشي الذي راح في حادث سيارة قبل الأستقلال.. قال سالمين: الشيبة بن ناصر معروف ومناضل هل له راتب? قلت له: لا.. فتعجب!! وقال ياولدي أنت لازم تواصل دراستك وبعمل لكم مساعدة عشرة دينار.. سحب مذكرة الرئاسة وراح يكتب وقلت: ماتكفي عشرة دينار.. ضحكوا الحراسة لجرأتي. وأبتسم سالمين وقال : طيب خمسة عشر دينارا".. تستلمها من هنا كل شهر وهذه مذكرة أخرى بنقلك الىعدن والسكن في قسم داخلي للطلاب في التواهي وأستمروا انت وأخوانك في دراستكم وعندما تنهي دراستك الثانوية العامة تعال الى عندي..نقلت الى عدن وسكنت في التواهي كان يقوم بنقلنا باص حكومي الى ثانوية القلوعة لم يدم الحال بنا مكثت عاما" فقط أكملت أول ثانوي علمي بنجاح.....
تم الأنقلاب على سالمين وانقطع الراتب وعدت بعد ذلك الى مدرستي في لودر. ثانوية راجح حيث أكملت دراستي هناك والتحقت بالشرطة .. حصلت على منحة دراسية في موسكو وواصلت دراستي الجامعية وعدت إلى الوطن بعد أحداث يناير86 الدامية..
مقتطفات من ذكرياتي
عميد: حسين الشيبة ناصر
"