أ. د. عادل الأسطة - سنصير شعبا... إن أعطينا الخبز إلى خبازه

"إن أردنا" هو عنوان إحدى يوميات الشاعر محمود درويش ، وقد ظهرت في كتابه " أثر الفراشة " ٢٠٠٦ ، وغالبا ما يستشهد قراء الشاعر بسطر منها هو " سنصير شعبا " إن فعلنا كذا وكذا أو وصلنا إلى كذا وكذا ، وبعض قراء الشاعر من غير المعجبين بشخصه وسلوكه يسألونني ، حين أقتبس منها سطرا ، إن كان الشاعر نفسه يلتزم بما قال.
قبل بضعة أيام مثلا اقتبست من القصيدة السطر الذي يقول فيه الشاعر إننا سنصير شعبا إن شتمنا السلطان وحاجبه دون محاكمة ، فعلق صديق لي ذاهبا إلى أن درويش نفسه كان يقف إلى جانب السلطان ويتخذ موقفا سلبيا ممن يهجو السلطان وحاجبه ، وذكرني بحكاية ناجي العلي .
لم أكن ، وأنا أفكر في الكتابة ، لم أكن أفكر في الكتابة عن الشاعر أصلا ، فما كنت أفكر في الكتابة عنه هو بؤس الدراسات العليا في الجامعات العربية في جانب الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه وتشكيل لجان المناقشة ، وفي اختيار محكمي الأبحاث ومحكمي رتب الترقية ، وفوق ما سبق التعليم الموازي في برنامجي الماجستير والدكتوراه ، بل وفي عدد الطلبة المقبولين للبرنامجين .
في الأيام الأخيرة اطلعت على رسالة دكتوراه صدرت عن إحدى الجامعات الأردنية ، فرثيت حال القسم الذي منحها وحال مشرفها ، وهو ممن يشهد لهم ، وحال كاتبها ، ومثل هذه الرسالة رسائل كثيرة في جامعاتنا ، وأعتقد أنها ستفرخ شهادات كثيرة لا تقدم للعلم شيئا قدر ما تسيء إليه .
في السنوات الأخيرة من عملي في الجامعة كنت في لجنة قراءة خطط الماجستير وإجازتها ، وغالبا ما كنت اتشدد حتى ضاق بعض الزملاء ذرعا بي فجعلوا عدد أعضاء اللجنة خمسة بدلا من ثلاثة ليضيع صوتي في المهرجان .
وتكمن الكارثة حين أنظر في علاقة المشرف بالموضوع الذي يشرف عليه ، فعدا افتقاد أكثر المشرفين إلى الإحاطة بالمناهج النقدية ، حيث لا يعرفون " كوعهم من بوعهم " ، فإنهم يشرفون على رسائل صلتهم بموضوعها مثل صلتي بالطب . وغالبا ما يستدعي هؤلاء مناقشين صلتهم بالموضوع معدومة ، ولا يستدعون من كتب في الموضوع حتى لا يرفض الرسالة ، فرفض الرسالة يعني ضعف كاتبها والمشرف عليها معا . وربما كنت في الجامعة من المدرسين القليلين الذين رفضوا إجازة رسائل ضعيفة أو طلبوا إجراء تعديلات جوهرية أو لم يواصلوا الإشراف على طالب لا يتقدم في الكتابة ولا ينهي أطروحة تستحق الشهادة .
يقول مثلنا الشعبي " أعط الخبز لخبازه لو حرق نصفه " ، وهذا آخر ما نفعله حقا على الأصعدة كلها ، ولذلك فإننا سنحتاج إلى عقود حتى نصير شعبا ، وآمل أن أكون مخطئا ، ويكون الرئيس أبو مازن والدكتور رامي الحمدلله والفصائل والأمناء العامون على صواب .
هل أكرر مقولة سعد زغلول " ما فيش فايدة " ؟
غطي لي رأسي يا ... وليس يقيم معي أحد لأطلب منه ما طلبه سعد زغلول من زوجته !!
صباح الخير
خربشات
السبت
١٧ تموز ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...