في العيد غالبا ما أزور المخيم ، وكلما سرت في شوارعه وجدتني أكرر قول محمود درويش في قصيدته "بيروت":
" بوركت الحياة وبورك الأحياء
فوق الأرض لا تحت الطغاة
تحيا الحياة
تحيا الحياة "
وأتساءل إن كان سكان المخيم يباركون الحياة في المخيم .
أول أمس ، في اليوم الأول من أيام العيد ، زرت مخيم بلاطة ، ففيه تسكن ابنة أختي ، ولم أزر مخيم عسكر الجديد ، فقد تركت أختي بيتها فيه وأقامت في حي قريب منه .
يبدو مخيم بلاطة كتلة اسمنتية غير متناسقة البناء إطلاقا . إنه مخيم لم يبن دفعة واحدة بناء ذا شكل هندسي ، وإنما أقيم على دفعات ، فقاطنوه كلما تيسر لهم مبلغ من المال توسعوا في المائة متر التي منحوها يوم تأسس المخيم بعد النكبة ، وعندما سمح لهم ببناء طابق أول فثان فثالث تم البناء بهندسة صاحبه ، وهكذا صار في المخيم مهندسون بقدر عدد أصحاب البيوت ، كل يهندس بطريقته .
الطابق الأرضي لكثير من بيوت المخيم صار أشبه بقبو ، شبابيكه مغلقة بحراسة من الحديد ، وأما عن السير في طرقات المخيم فحدث عن السير في أزقة ضيقة وزواريب و ... .
لقد أقمت شخصيا في المخيم منذ ولدت في العام ١٩٥٤ حتى العام ١٩٧٨ ، ولو طلب مني الآن أن أقيم فيه لما استطعت .
ببساطة سوف أجدني أكرر قول محمود درويش محورا :
" بوركت الحياة وبورك الأحياء
في بنايات صحية لا كتلة اسمنتية عفشيكية
تحيا الحياة
تحيا الحياة في حيفا ويافا وعكا
لا في المخيمات "
صارت الحياة في المخيمات مثل الحياة تحت الطغاة .
عندما اشتكت أم سعد في رواية غسان كنفاني " أم سعد " للراوي عن واقع المخيم في فصل الشتاء ، كان المخيم أوسع وكانت الحياة فيه أرحب ، فلم يكن فيه اكتظاظ سكاني ولم تكن مبانيه عفشيكية . كانت هناك مساحات وأشجار تين وليمون ونباتات تتسلق الأسيجة ، وكانت هناك حديقة أشبه بمنتزه . الآن قد لا ترى في المخيم دالية أو شجرة تين واحدة ولن ترى ترابا مزروعا في أي بيت .
عندما كتب محمود درويش قصيدته " نزل على بحر " كتب :
" طالت نباتات البعيد "
ملمحا إلى أن ما زرعه اللاجئون في بيوتهم البعيدة عن مدنهم وقراهم الفلسطينية قد طال ، وذلك إشارة إلى طول مدة الإقامة في المنفى .
الآن بم نقيس طول مدة الإقامة في المنفى ولم يبق في المخيمات نباتات وأشجار ؟
" وطال ظل الرمل فينا وانكسر " .
ربما نقيس طول مدة الإقامة في المنفى من خلال الاتكاء على أرشيف البيوت . هذا إن أرشفت عائلات المخيم بناء بيوتها .
في كتابي " حزيران الذي لا ينتهي " كتبت عن بناء بيتنا في المخيم على دفعات وكم كان ذلك مزعجا لنا ! كم !
صباح الخير
خربشات
٢٢ تموز ٢٠٢١ .
" بوركت الحياة وبورك الأحياء
فوق الأرض لا تحت الطغاة
تحيا الحياة
تحيا الحياة "
وأتساءل إن كان سكان المخيم يباركون الحياة في المخيم .
أول أمس ، في اليوم الأول من أيام العيد ، زرت مخيم بلاطة ، ففيه تسكن ابنة أختي ، ولم أزر مخيم عسكر الجديد ، فقد تركت أختي بيتها فيه وأقامت في حي قريب منه .
يبدو مخيم بلاطة كتلة اسمنتية غير متناسقة البناء إطلاقا . إنه مخيم لم يبن دفعة واحدة بناء ذا شكل هندسي ، وإنما أقيم على دفعات ، فقاطنوه كلما تيسر لهم مبلغ من المال توسعوا في المائة متر التي منحوها يوم تأسس المخيم بعد النكبة ، وعندما سمح لهم ببناء طابق أول فثان فثالث تم البناء بهندسة صاحبه ، وهكذا صار في المخيم مهندسون بقدر عدد أصحاب البيوت ، كل يهندس بطريقته .
الطابق الأرضي لكثير من بيوت المخيم صار أشبه بقبو ، شبابيكه مغلقة بحراسة من الحديد ، وأما عن السير في طرقات المخيم فحدث عن السير في أزقة ضيقة وزواريب و ... .
لقد أقمت شخصيا في المخيم منذ ولدت في العام ١٩٥٤ حتى العام ١٩٧٨ ، ولو طلب مني الآن أن أقيم فيه لما استطعت .
ببساطة سوف أجدني أكرر قول محمود درويش محورا :
" بوركت الحياة وبورك الأحياء
في بنايات صحية لا كتلة اسمنتية عفشيكية
تحيا الحياة
تحيا الحياة في حيفا ويافا وعكا
لا في المخيمات "
صارت الحياة في المخيمات مثل الحياة تحت الطغاة .
عندما اشتكت أم سعد في رواية غسان كنفاني " أم سعد " للراوي عن واقع المخيم في فصل الشتاء ، كان المخيم أوسع وكانت الحياة فيه أرحب ، فلم يكن فيه اكتظاظ سكاني ولم تكن مبانيه عفشيكية . كانت هناك مساحات وأشجار تين وليمون ونباتات تتسلق الأسيجة ، وكانت هناك حديقة أشبه بمنتزه . الآن قد لا ترى في المخيم دالية أو شجرة تين واحدة ولن ترى ترابا مزروعا في أي بيت .
عندما كتب محمود درويش قصيدته " نزل على بحر " كتب :
" طالت نباتات البعيد "
ملمحا إلى أن ما زرعه اللاجئون في بيوتهم البعيدة عن مدنهم وقراهم الفلسطينية قد طال ، وذلك إشارة إلى طول مدة الإقامة في المنفى .
الآن بم نقيس طول مدة الإقامة في المنفى ولم يبق في المخيمات نباتات وأشجار ؟
" وطال ظل الرمل فينا وانكسر " .
ربما نقيس طول مدة الإقامة في المنفى من خلال الاتكاء على أرشيف البيوت . هذا إن أرشفت عائلات المخيم بناء بيوتها .
في كتابي " حزيران الذي لا ينتهي " كتبت عن بناء بيتنا في المخيم على دفعات وكم كان ذلك مزعجا لنا ! كم !
صباح الخير
خربشات
٢٢ تموز ٢٠٢١ .