اتصل الرئيس السادات، بالكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير «الأهرام»، وقال له: «توفيق الحكيم الذى تدافع عنه، ألا تعرف أنه كتب كتابا ضد جمال عبدالناصر؟»، كان «الحكيم» من كبار الكتاب الذين حشدهم «هيكل» فى «الأهرام».
رد «هيكل»: «لا أعرف» ثم تساءل: «هل هذا معقول؟!»، رد السادات: «سأرسل لك الكتاب، أنا عندى فصلين منه أبعتهم لك، المباحث بعتت لى الفصلين»، وفقا لراوية «هيكل» للكاتب يوسف القعيد، فى كتابه «عبدالناصر والمثقفون والثقافة»، مضيفا: «قبل أن يصلنى الفصلان، فاتحت توفيق الحكيم فى الأمر، سألته: هل كتبت كتابا ضد جمال عبدالناصر؟ وكنا فى مبنى الأهرام الجديد، فقال لى: لا، وهل يمكن أن أفعل هذا؟!».
يكشف «هيكل»: «وصلنى الفصلان وقرأتهما، كانا مكتوبين على الآلة الكاتبة»، يذكر: «عنما كنت أريد توفيق الحكيم فى أمر ما، كنت أصعد إليه فى الدور السادس، ولأن الموضوع حساس طلبته إلى مكتبى، فى اللقاء كان غضبى من الحكيم وصل إلى مدى من الصعب وصفه، وقد تكون المرة الوحيدة التى احتديت عليه فيها وبدون أى قصد، واجهته بالورق الذى كان معى، وكان عبارة عن الفصلين اللذين وصلانى من كتابه، الذى لم يكن أحد يعرف عنه أى شىء سوى فى بعض الدوائر الضيقة جدا».
يتذكر «هيكل»: «سألته: هذا الورق أنت الذى كتبته؟ قال لى: ياه.. أصل أنا كنت باعمل حاجة تجريبية ليست للنشر، وأعطيتها لبعض الأصدقاء فى أضيق الحدود الممكنة لقراءتها، لكنها لا تخرج عن التجريب الذى يتم فى حدود فنية ولا يتعداها أبدا»، يكشف «هيكل»: «لفت نظرى فى الفصلين أمر مكتوب فيهما رأى شخصى لى، قلته للحكيم ذات مرة، وكان الدليل على أنه كاتب الفصول، فإذا بالأمر موجود فى الفصلين، عبارة عن واقعة خاصة قلتها له، ولم أكن كتبتها، ولم تكتب سوى بعد هذا، وهى، أن تكاليف الحرب كانت تكفى لإنارة أربعة آلاف قرية».
يذكر «هيكل» بقية حواره مع «الحكيم»: «عاد يقول لى، إنها عملية تجريبية من أجل أن يقرأها عدد محدود جدا من الأصدقاء، قلت له: أنت أحرجتنى أكثر من مرة، وسألتك فى البداية إن كان هناك كتاب كتبته ضد جمال عبدالناصر قلت لى: لا، وأنكرت هذا، طلبت أنور السادات وقلت له كلام المباحث خطأ، ووضعتنى فى وضع وصل إلى أن السادات أرسل لى فصلين من الكتاب، وحتى بعد ذلك قلت لى إن معلومات المباحث خطأ، قلت له وكان صامتا طول الوقت: لا أريد أن أتخانق معك، ولكنى حقيقة زعلان وغاضب..كنت أشعر بضيق حقيقى من الحكيم فعلا».
كان كتاب «عودة الوعى» هو المقصود، ويفتح الحكيم فيه النارعلى ثورة 23 يوليو وزعيمها جمال عبدالناصر، يذكر فى مدخله: «هذه السطور ليست تاريخا إنما هى مشاهد ومشاعر استرجعت من الذاكرة ولا تستند إلى أى مرجع آخر، للفترة ما بين هذين التاريخين من الأربعاء 23 يوليو 1952 إلى 23 يوليو - مثل هذا اليوم - 1972».
انتقد «الحكيم» كل إنجازات الثورة، ولم ير فيها إيجابية واحدة تقريبا، بالرغم من أنه كان موضع تقدير رفيع من عبدالناصر الذى تأثر بروايته «عودة الروح»، وأهداه كتاب «فلسفة الثورة»، ومنحه وسام الجمهورية عام 1957، بحسب الدكتور غالى شكرى فى كتابه «من الأرشيف السرى للثقافة المصرية»، مضيفا: «عند انتخابات الرئيس الثانية كتب فى «الأهرام»: «لقد انتخبته منذ ثلاثين عاما لافتا النظر من جديد إلى بطل عودة الروح، وحين رحل، كتب أولى القصائد مطالبا له بتمثال فى أكبر ميادين العاصمة، يتم نحته وفق مسابقة عالمية بين الفنانين الكبار، ويسهم فى إقامته كل مواطن».
أحدث نشر الكتاب ضجة كبرى، ورد عليه الكاتب المفكر المؤرخ محمد عودة بقوة بكتاب «الوعى المفقود» وكتب على غلافه: « ليس هذا الكتاب ردا على توفيق الحكيم، ولا تحيزا لجمال عبدالناصر، ولكنه دفاع عن الشرف السياسى والثقافى لمصر»، وقال فى مقدمته: «لا يليق بكاتب أن ينغمس فى عصر إلى آخره، ويعيش كل أحداثه، ويبارك كل إنجازاته، ثم يخرج بعد نهايته وبعد قيام عصر آخر يرى أنه نقيضه ليعلن أنه سقط، وأنه فقد وعيه خلال كل العصر، وهو لا يطلب سوى التوبة والغفران، لقد كانت سقطته كبيرة، وهو يكفرعنها بأن يعلن كل شىء كان دجلا وعارا وزورا انطلى على العامة والخاصة معا، ذلك ما فعله الأستاذ توفيق الحكيم».
يذكر الدكتور أحمد صلاح الملا، فى كتابه «اليسار المصرى بين عبدالناصر والسادات - مجلة الطليعة 1965-1977»: «ظهر مبكرا أن قوى اليمين السياسى عالية الصوت فى تلك اللحظة، تحاول اتخاذ الحكيم، بما له من اسم وتأثير كبيرين واجهة وقيادة ثقافية للحملة ضد ثورة يوليو وعبدالناصر».
.......................................................
سعيد الشحات-اليوم السابع
www.facebook.com
رد «هيكل»: «لا أعرف» ثم تساءل: «هل هذا معقول؟!»، رد السادات: «سأرسل لك الكتاب، أنا عندى فصلين منه أبعتهم لك، المباحث بعتت لى الفصلين»، وفقا لراوية «هيكل» للكاتب يوسف القعيد، فى كتابه «عبدالناصر والمثقفون والثقافة»، مضيفا: «قبل أن يصلنى الفصلان، فاتحت توفيق الحكيم فى الأمر، سألته: هل كتبت كتابا ضد جمال عبدالناصر؟ وكنا فى مبنى الأهرام الجديد، فقال لى: لا، وهل يمكن أن أفعل هذا؟!».
يكشف «هيكل»: «وصلنى الفصلان وقرأتهما، كانا مكتوبين على الآلة الكاتبة»، يذكر: «عنما كنت أريد توفيق الحكيم فى أمر ما، كنت أصعد إليه فى الدور السادس، ولأن الموضوع حساس طلبته إلى مكتبى، فى اللقاء كان غضبى من الحكيم وصل إلى مدى من الصعب وصفه، وقد تكون المرة الوحيدة التى احتديت عليه فيها وبدون أى قصد، واجهته بالورق الذى كان معى، وكان عبارة عن الفصلين اللذين وصلانى من كتابه، الذى لم يكن أحد يعرف عنه أى شىء سوى فى بعض الدوائر الضيقة جدا».
يتذكر «هيكل»: «سألته: هذا الورق أنت الذى كتبته؟ قال لى: ياه.. أصل أنا كنت باعمل حاجة تجريبية ليست للنشر، وأعطيتها لبعض الأصدقاء فى أضيق الحدود الممكنة لقراءتها، لكنها لا تخرج عن التجريب الذى يتم فى حدود فنية ولا يتعداها أبدا»، يكشف «هيكل»: «لفت نظرى فى الفصلين أمر مكتوب فيهما رأى شخصى لى، قلته للحكيم ذات مرة، وكان الدليل على أنه كاتب الفصول، فإذا بالأمر موجود فى الفصلين، عبارة عن واقعة خاصة قلتها له، ولم أكن كتبتها، ولم تكتب سوى بعد هذا، وهى، أن تكاليف الحرب كانت تكفى لإنارة أربعة آلاف قرية».
يذكر «هيكل» بقية حواره مع «الحكيم»: «عاد يقول لى، إنها عملية تجريبية من أجل أن يقرأها عدد محدود جدا من الأصدقاء، قلت له: أنت أحرجتنى أكثر من مرة، وسألتك فى البداية إن كان هناك كتاب كتبته ضد جمال عبدالناصر قلت لى: لا، وأنكرت هذا، طلبت أنور السادات وقلت له كلام المباحث خطأ، ووضعتنى فى وضع وصل إلى أن السادات أرسل لى فصلين من الكتاب، وحتى بعد ذلك قلت لى إن معلومات المباحث خطأ، قلت له وكان صامتا طول الوقت: لا أريد أن أتخانق معك، ولكنى حقيقة زعلان وغاضب..كنت أشعر بضيق حقيقى من الحكيم فعلا».
كان كتاب «عودة الوعى» هو المقصود، ويفتح الحكيم فيه النارعلى ثورة 23 يوليو وزعيمها جمال عبدالناصر، يذكر فى مدخله: «هذه السطور ليست تاريخا إنما هى مشاهد ومشاعر استرجعت من الذاكرة ولا تستند إلى أى مرجع آخر، للفترة ما بين هذين التاريخين من الأربعاء 23 يوليو 1952 إلى 23 يوليو - مثل هذا اليوم - 1972».
انتقد «الحكيم» كل إنجازات الثورة، ولم ير فيها إيجابية واحدة تقريبا، بالرغم من أنه كان موضع تقدير رفيع من عبدالناصر الذى تأثر بروايته «عودة الروح»، وأهداه كتاب «فلسفة الثورة»، ومنحه وسام الجمهورية عام 1957، بحسب الدكتور غالى شكرى فى كتابه «من الأرشيف السرى للثقافة المصرية»، مضيفا: «عند انتخابات الرئيس الثانية كتب فى «الأهرام»: «لقد انتخبته منذ ثلاثين عاما لافتا النظر من جديد إلى بطل عودة الروح، وحين رحل، كتب أولى القصائد مطالبا له بتمثال فى أكبر ميادين العاصمة، يتم نحته وفق مسابقة عالمية بين الفنانين الكبار، ويسهم فى إقامته كل مواطن».
أحدث نشر الكتاب ضجة كبرى، ورد عليه الكاتب المفكر المؤرخ محمد عودة بقوة بكتاب «الوعى المفقود» وكتب على غلافه: « ليس هذا الكتاب ردا على توفيق الحكيم، ولا تحيزا لجمال عبدالناصر، ولكنه دفاع عن الشرف السياسى والثقافى لمصر»، وقال فى مقدمته: «لا يليق بكاتب أن ينغمس فى عصر إلى آخره، ويعيش كل أحداثه، ويبارك كل إنجازاته، ثم يخرج بعد نهايته وبعد قيام عصر آخر يرى أنه نقيضه ليعلن أنه سقط، وأنه فقد وعيه خلال كل العصر، وهو لا يطلب سوى التوبة والغفران، لقد كانت سقطته كبيرة، وهو يكفرعنها بأن يعلن كل شىء كان دجلا وعارا وزورا انطلى على العامة والخاصة معا، ذلك ما فعله الأستاذ توفيق الحكيم».
يذكر الدكتور أحمد صلاح الملا، فى كتابه «اليسار المصرى بين عبدالناصر والسادات - مجلة الطليعة 1965-1977»: «ظهر مبكرا أن قوى اليمين السياسى عالية الصوت فى تلك اللحظة، تحاول اتخاذ الحكيم، بما له من اسم وتأثير كبيرين واجهة وقيادة ثقافية للحملة ضد ثورة يوليو وعبدالناصر».
.......................................................
سعيد الشحات-اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. 10,410 likes · 6,325 talking about this. إبحار في يوميات التاريخ بسهولة السرد، وتكثيف في العرض