أ. د. عادل الأسطة - من الخليل يأتي كل أمر جليل

لا أعرف التفاصيل الدقيقة لمقتل السيد باسل الجعبري .
الخبر محزن وما هو أكثر حزنا هو تبعات الحادث التي شاهدنا قسما منها في بعض أشرطة الفيديو .
في نهاية انتفاضة الأقصى صارت محافظة الخليل موضع مديح كثيرين ، بخاصة فيما يتعلق باستقرار الأوضاع فيها قياسا إلى محافظات أخرى .
المادحون عزوا الأمر إلى النظام العشائري في الخليل ، فرؤساء عشائرها أخضعوا الأفراد للعرف العشائري ، وهذا ما لم استسغه شخصيا ، ومن قبلي لم يستسغ القبيلة وحكمها الشاعر مريد البرغوثي الذي كتب في " قصائد الرصيف " :
" قبائلنا تسترد مفاتنها في زمن انقراض القبائل "
كما لم يستسغ الشاعر محمود درويش في قصيدته " إن أردنا " من ديوان " أثر الفراشة " القبيلة ، إذ كتب :
" سنصير شعبا حين ننسى ما تقول لنا القبيلة ... حين يعلي الفرد من شأن التفاصيل الصغيرة " .
وقبل عامين ثلاثة أفشلت عشائر الخليل قانون الضمان الاجتماعي ، مفضلة أن يطعم أغنياؤها فقراء المدينة من خلال التكايا ، وثمة مثل يجري على ألسنة العمال " يا طالب الرزق القليل ! عليك بنابلس والخليل " والتكايا تطعم ولا ضرورة لتكديس الثروة بأيدي الجميع .
هل هناك عاقل في الدنيا يرفض قانونا مثل قانون الضمان الاجتماعي ؟
وأنا أشاهد شريط الفيديو الذي هاجم فيه طرف محلات تجارية ، فكسر زجاجها وخرب ( فاتريناتها ) تساءلت عن شيوخ العشائر أين هم ليحولوا دون هذا الدمار ؟!
كان المنظر يبعث على الأسى حقا ، وكان السلاح بأيدي الأفراد يبث الخوف في النفوس ويبعث الرعب في القلوب ويترك المرء يضع يده على قلبه ويثير لدى بعض كتاب غزة مثل الكاتب شجاع الصفدي الأسئلة ، فأين كان هذا السلاح في أيار ٢٠٢١ أيام الحرب في غزة ، ولماذا لم يهب حاملوه لنجدة الأقصى والشيخ جراح وبيتا ؟!
هل تذكرت سطر الشاعر الخليلي عز الدين المناصرة :
" يا عنب الخليل كن سما على الأعداء ؟! " .
وفي شوارع نابلس كان الباعة وهم يجرون عرباتهم ، ينادون :
- خليلي يا عنب !!
وفي شوارعها أيضا وأمام معارض بيع الأحذية لا ترى إلا صناعة خليلية ، وأتمنى من الله وأرجوه ألا يصدر لنا أهل الخليل النظام العشائري السائد هناك ، فمن الخليل يأتي كل أمر جليل .
و " سنصير شعبا حين ننسى ما تقول لنا القبيلة " ، وأغلب الظن أننا لا ننسى تعاليم القبيلة وما تقوله ، فقبائلنا تسترد مفاتنها في زمن الحداثة وما بعد الحداثة ، ولعل أطرف ما في مؤتمرات جامعاتنا أنها لا تناقش إلا الحداثة وما بعد الحداثة وهلم جرا !!
ثمة عشيرة لآل الأسطة لا أعرف عنها الكثير ، وقد أرسلت إلي في العام الأخير غير دعوة للانضمام إليها وكنت أبتسم ولا أرد .
صباح الخير
خربشات
٢٩ تموز ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...