في 6 / 1/ 1990
عزيزي أبا فارس الوردة
حبي وتمنياتي بأن تكون سنتنا الجديدة يُمنا وبركة وعشقا للحياة، وتطلعا ، وراحة بال ، وشبابا متجددا يستمد حيوته من بحيرات استوكهولم العذبة ومن سفر حافل بالذكريات.
لعلّ رسالتي قد وصلتك. الشهرين الاخيرين من السنة الماضية قضيت كالمحمول على موجة عاتية يأكلني القلق، وتستبد بي الوساوس . ولهذا تعجلت أن يهلّ العام الجديد ، لعلّ شيئا جديدا يهل في حياتي ، وأنا ما أزال أعلل نفسي بذلك.ربما هو الشتاء اللعين ، أو شيء في الداخل ينخر كالفأر اللعين أحاول أن اسكته فلا اوفق الا ساعات.او ربما لدقائق. ولكن ماحيلة المضطر الا ركوبها . أقصد الحياة والغربة ، ولواعج الشوق ، وفقدان الحركة، وبعد الاحباب ، وقلة الجدوى، واحكام الحصار، وشحة المردود ، وقصر ذات اليد ، ونهم الفؤاد ، وجشع العين .. الى آخر ذلك ..
ولكننا في انتظار الربيع ، ثم الصيف، وتخضر الدنيا وتشرق الشمس، ويلملم الشتاء أرديته البيضاء كالاكفان.
هل أطلت عليك ؟ انه من كثرة الشوق، يا ابافارس . الشوق المطل من كل أنملة ، ومن كل رفة جفن ..
كيف أحوالك ؟ ما ازال أذكر غرفتك الوضاءة والصالون الانيق ، حيث كنت تفترش الارض وتدب نحو التلفون تبشُ برنينه الجميل لتستمع الى صوت صديق ومحادثة جميلة .. ما أزال اذكر مطبخك العامر وانت تقلب المركة ، وتحمس اللحم الخالي من الشحم ، ما أزال اذكر واذكر.. والذكرى كما تعرف ، تقرب من نزح.
أحوالي كما هي .. ما أزال أترجم .. ولكنني سأتقاعد بعد شهرين .. ومع ذلك فان هذا التقاعد لايحصنني .. فسارتبط بترجمة كتاب لعل ما احصل منه يشيل شحة تقاعدي الهزيل. وقد طلبت أن اوقع العقد على أن تدفع المكافأة بالعملة الاجنبية ، فاشترطوا عليّ أن يكون لي عنوان خارج الاتحاد السوفيتي تبعث اليه المكافأة في حالة اتمام الترجمة وتسليمها ، وقد أبحت لنفسي أن أكتب عنوانك ، يا أبا فارس ، فلا تفاجأ..
ان كل ذلك بسبب الروتين الحقير .. فلعلهم يدفعون اجرة الترجمة بالعملة السويدية .. القابلة للتحويل..
وعلى كل حال ، فان كل ذلك يستغرق سنة كاملة اذا امتد بي العمر واتممت ترجمة الكتاب ، وهو الجزء الثاني من كتاب ..بطرس الاول ، لالكسي تولستوي.
بالمناسبة لم يصدر حتى الان أي شيء من مجلدات -الدون الهادئ- وحالما يصدر سأرسل لك بالتأكيد ما سيصدر.
ارسل لك مع الصديق العزيز جميل كتابي - المركب - و - السبحة - التي وعدتك بها .طلعت فيروزية وليست خضراء كما تصورتها .. والظاهر ان حبي للسيدية جعلني اتصورها خضراء.
أما - مذكرات دجاجة - فلحد الان لم اعثر عليها بين كتبي ، ولكنني سارسلها لك حالما اعثر عليها هذا عهد مني لك .
كيف احوال الولدين العزيزين فارس وسامر ؟ تحياتي القلبية لهما وتحياتي الى جميع الاصدقاء احمد المرتجى وشاكر وجمال وابي طيف والى القادمين الجدد موجات وموجات ، والى كل من تحبهم ..
ودمت لاخيك
المخلص غائب
عزيزي أبا فارس الوردة
حبي وتمنياتي بأن تكون سنتنا الجديدة يُمنا وبركة وعشقا للحياة، وتطلعا ، وراحة بال ، وشبابا متجددا يستمد حيوته من بحيرات استوكهولم العذبة ومن سفر حافل بالذكريات.
لعلّ رسالتي قد وصلتك. الشهرين الاخيرين من السنة الماضية قضيت كالمحمول على موجة عاتية يأكلني القلق، وتستبد بي الوساوس . ولهذا تعجلت أن يهلّ العام الجديد ، لعلّ شيئا جديدا يهل في حياتي ، وأنا ما أزال أعلل نفسي بذلك.ربما هو الشتاء اللعين ، أو شيء في الداخل ينخر كالفأر اللعين أحاول أن اسكته فلا اوفق الا ساعات.او ربما لدقائق. ولكن ماحيلة المضطر الا ركوبها . أقصد الحياة والغربة ، ولواعج الشوق ، وفقدان الحركة، وبعد الاحباب ، وقلة الجدوى، واحكام الحصار، وشحة المردود ، وقصر ذات اليد ، ونهم الفؤاد ، وجشع العين .. الى آخر ذلك ..
ولكننا في انتظار الربيع ، ثم الصيف، وتخضر الدنيا وتشرق الشمس، ويلملم الشتاء أرديته البيضاء كالاكفان.
هل أطلت عليك ؟ انه من كثرة الشوق، يا ابافارس . الشوق المطل من كل أنملة ، ومن كل رفة جفن ..
كيف أحوالك ؟ ما ازال أذكر غرفتك الوضاءة والصالون الانيق ، حيث كنت تفترش الارض وتدب نحو التلفون تبشُ برنينه الجميل لتستمع الى صوت صديق ومحادثة جميلة .. ما أزال اذكر مطبخك العامر وانت تقلب المركة ، وتحمس اللحم الخالي من الشحم ، ما أزال اذكر واذكر.. والذكرى كما تعرف ، تقرب من نزح.
أحوالي كما هي .. ما أزال أترجم .. ولكنني سأتقاعد بعد شهرين .. ومع ذلك فان هذا التقاعد لايحصنني .. فسارتبط بترجمة كتاب لعل ما احصل منه يشيل شحة تقاعدي الهزيل. وقد طلبت أن اوقع العقد على أن تدفع المكافأة بالعملة الاجنبية ، فاشترطوا عليّ أن يكون لي عنوان خارج الاتحاد السوفيتي تبعث اليه المكافأة في حالة اتمام الترجمة وتسليمها ، وقد أبحت لنفسي أن أكتب عنوانك ، يا أبا فارس ، فلا تفاجأ..
ان كل ذلك بسبب الروتين الحقير .. فلعلهم يدفعون اجرة الترجمة بالعملة السويدية .. القابلة للتحويل..
وعلى كل حال ، فان كل ذلك يستغرق سنة كاملة اذا امتد بي العمر واتممت ترجمة الكتاب ، وهو الجزء الثاني من كتاب ..بطرس الاول ، لالكسي تولستوي.
بالمناسبة لم يصدر حتى الان أي شيء من مجلدات -الدون الهادئ- وحالما يصدر سأرسل لك بالتأكيد ما سيصدر.
ارسل لك مع الصديق العزيز جميل كتابي - المركب - و - السبحة - التي وعدتك بها .طلعت فيروزية وليست خضراء كما تصورتها .. والظاهر ان حبي للسيدية جعلني اتصورها خضراء.
أما - مذكرات دجاجة - فلحد الان لم اعثر عليها بين كتبي ، ولكنني سارسلها لك حالما اعثر عليها هذا عهد مني لك .
كيف احوال الولدين العزيزين فارس وسامر ؟ تحياتي القلبية لهما وتحياتي الى جميع الاصدقاء احمد المرتجى وشاكر وجمال وابي طيف والى القادمين الجدد موجات وموجات ، والى كل من تحبهم ..
ودمت لاخيك
المخلص غائب