أ. د. عادل الأسطة - آخر أدباء المقاومة

أمس صباحا عقبت على مقولة في صورة أدرجها الصديق Nabil Chouquet ابن بيت لحم الحاصل على الجنسية الفرنسية المقيم الآن في ( بون ) والراقد في أحد مشافيها ، فاتصل بي من هناك .
سألت الصديق نبيل الذي زار ، قبل عقد من الزمن ، مدينة نابلس وجامعتها ، فالتقينا معا لأول مرة وجاهيا ، بعد أن كنا تعارفنا فيسبوكيا ، سألته عن صحته وأوضاعه الأسرية ومن يعتني به في هذه الأيام ، فهو كان ترك زوجته الفرنسية التي خلف منها ابنتين ما زال على تواصل معهما ، وهما من تزورانه بين فترة وفترة وتهتمان به ، وعرفت منه أنه تزوج ثانية وتنقل بين البلدان لأن الدولة الأوروبية التي قرر الاستقرار فيها لم تسمح لزوجته المححبة بالإقامة فيها .
ونبيل فلسطيني ممن منحوا شبابهم لخدمة بلدهم وها هو الآن في المشفى وحيد ينتظر العودة إلى شقته في ( بون ) ليقيم فيها ، ومنه عرفت أن الأستاذ الألماني Stefan wild الذي امتحنني في الدكتوراه توفي .
هل ثمة حنين انتابني إلى بون التي أقمت فيها عاما دراسيا وزرتها ثانية في ١٩٩٦ ؟
بعد أقل من ساعة اتصل بي الكاتب Tawfik Fayad من تونس ، وكنت التقيت به في رام الله قبل أعوام وكتبت عن ذلك اللقاء .
توفيق فياض الآن في الثانية والثمانين من العمر - أمد الله في عمره وفي عمري معا - وقد يزور البلاد في الشهر القادم ، إذ جدد جواز سفره الفلسطيني بعد مشاكل عديدة ، وهو يجري الفحص تلو الفحص تحت رعاية ابنته الطبيبة التي ستمنحه الإشارة بالسفر أو عدمه ، بناء على تطورات حالته الصحية .
استمرت المكالمة مع الكاتب ساعتين وأكثر وفيها استفسرت منه عن الأدباء الذين نشأ معهم في خمسينيات القرن العشرين ، ثم أخذتهم الحياة إلى عوالم شتى .
من تبقى من أدباء جيل الخمسينيات ؟
توفيق فياض وحنا أبو حنا ، وفتحي فوراني ، ومن جماعة الأرض بقي الكاتب Sabri Jiryis والمحامي محمد ميعاري أمد الله في أعمارهم .
الخطأ الذي ارتكبته أنني لم أسجل الحوار الطويل بين توفيق وبيني ، فلقد تحدثنا عن أشياء قد تكون مهمة إن قلتها في قادم السنوات ، دون توثيق أو دليل ، فلن يصدقني أحد .
لماذا هاجر محمود درويش من الأرض المحتلة ؟
ما رأي الكاتب في الرسائل المتبادلة بين محمود وسميح ؟
هل كان سميح ينتمي إلى حركة الأرض ؟
ما هو رأي الكاتب في الشاعر أحمد دحبور ؟ ... إلخ .. إلخ .
من مقدمة د . هشام شرابي لكتابه " النضال الصامت " الذي دون فيه تجربة المناضل صالح برانسي في السجن والإقامة الجبرية تشجعت أن أجري حوارات مع بعض كتاب الرعيل الأول ، وللأسف لم أنجز ما طمحت إلى إنجازه ، فلا أحمد دحبور ولا توفيق فياض طاوعاني في كتابة سيرتهما التي من المؤكد أنها كانت ستغني الأدب الفلسطيني وتثريه وتضيء جوانب مهمة منه .
كم مرة تحاورت وأحمد دحبور بحضور زياد خداش أو بحضور فيصل حوراني و Yassar Dahbour ؟ ولولا أنني كنت أكتب انطباعات عن زياراتي له لذهبت أدراج الرياح .
آخر مرة التقيت فيها بالكاتب توفيق فياض كانت في عمان في تشرين الثاني من العام ٢٠١٩ . يومها شاركت في مؤتمر جامعة البتراء المخصص لمدينة القدس ، وقد حضر الكاتب وقائع جلساته ، ثم حلت الست كورونا ، ومنذ ذلك الوقت لم أغادر نابلس إلا مرات قليلة ولم ألتق أدباء عديدين . منذ ذلك الوقت صار الواحد منا رهين بيته يشارك أبا العلاء المعري في تجربته .
العمر المديد للصديق نبيل شوكة وللكاتب توفيق فياض ، والجنة للست كورونا " بس تحل عنا " ومبارك عليها الحور العين من الرجال إن كانت مؤنتة أو الحور العين من النساء إن كانت ذكرا .
صباح الخير
خربشات
٢١ آب ٢٠٢١ .


https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2913734218880128

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...