محب غبور - مرآة الحب عمياء... أحيانا

منذ نعومه اظافرى اتابع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن قرب واستمع واستمتع بخطاباته وصلت الى درجه العشق دفعنى هذا الحب احارب واتشاجر مع اى شخص يتكلم او يلفظ كلمه عابره عن عبد الناصر لم يكن شعورى انا فقط بل كان شعور رجل الشارع والحاره والقهوه والمصنع حتى المصالح الحكوميه ومؤسساتها كنا نتلهف بعشق ونتسابق لناخذ مكانا فى الصفوف الاماميه فى اى مقهى او قهوة مقابل المشاريب لا احد بمقداره شراء راديو ... الراديو فى جميع المقاهى اسطمبه واحده ماركه فيلبس على شكل صندوق خشبى بنى اللون على رف علوى ، وقت القاء الخطاب الجميع يجلس امام الراديو بخشوع واحترام اعتقادا ان الرئيس ينظر ويتابع كل واحد منا وكما يصفق له الجمهور والحضور كنا ننتفض من على مقاعدنا ونصفق بحراره قد يكون حبا عن اقتناع او خوفا مما نسمعه وكثيرا منا لا يفهم ما يقوله المهم تايده ومناصرته ( بالروح والدم نفديك يا ريس ) وبعد الانتهاء من خطابه نخرج من القهوة فى مظاهره تاييد مرددين اغانى الثوره الحماسيه وكاننا قطيع من الغنم مخدر بحب عبد الناصر كلماته الحماسيه اصبحت مقدسه وايات كانها من وحى الهى لا نجادل ولا ننتقد ولا نتكلم مؤمنين بما يقوله كايمان العاشق لحبيبته والولاء اصبح سمه متعارف عليها ومقرر فى حياتنا هذا الحب والولاء والعشق ساهم كثير ان يتملك ناصر زمام الدوله ويحكمها بيد من حديد وبدلا من استغلالها لصالح شعبه الذى يحبه ويسانده اصبح يقر ويفعل ويفرض مايشاء سواء خطا او صواب لا رقابه ولا حساب طالما الحاشيه ورجال الرئيس والصحافه والاعلام تنحى رؤسها بالولاء والطاعه للرئيس ، بدا مسلسل زوار الفجر وطيور الظلام بالتعدى على حرمه المنازل والاشخاص بلا سند قانونى من خلال مراقبه التليفونات وكانها مبرمجه عند الحديث وسيره عبد الناصر ، فتحت ابواب السجون لكل معارض او صاحب راى حتى اصحاب التعبير بالغمز والهمز تم تغيير وتعيين رؤساء الصحف بما يتماشى مع التطبيل والتاييد للزعيم والويل لمن يسير عكس التيار ... ضاعت ثروه مصر بعد ان كانت اغنى دوله عربيه تمنح القروض لانجلترا والسعوديه ومساعده الدول العربيه والافريقيه ماديا ومعنويا لم يكتفى بذلك قام بتاييد وتاييد الثورات والمساهمه على قلب نظم الحكم كما حدث فى اليمن وحربه ضد السعودبه وليبيا والجزائر ودول افريقيه كثيره ليصبح الزعيم الاوحد تحت شعار القوميه العربيه هذا بجانب تطاوله المستمر على رؤساء وملوك العرب ( اهان الملك حسين فى احد خطاباته بقول لم انساه ...يدوس على ديله فى عمان يهوهو فى لندن ) تطاوا ايضا على روساء الغرب وامريكا ، بدا الشعب المصرى يسمع لاول مره المطالبه بربط الاحزمه ودعم السلع مع ظهور شريحه كبيره تحت سقف الفقر حتى خطبه عن الاقتصاد وانتاج مصر من الابره للصاروخ كان موجهها للداخل فقط لتاكيد زعامته لقد فقدنا مواردنا وانتشرت البطاله ببن الشباب الا لمن ينتمى للاتحاد الاشتراكي ومنظمات الشباب التابعه له وانتشر الفساد والرشوه والمحسوبيه ثم كانت الضربه القاضيه نكسه 5 يونيو 1967 واحتلت سيناء باكملها واغلقت قناه السويس ودمرت مدن القناه وتهجير شعوبها بجانب الهزيمه العسكريه وتدمير اسلحتها واستشهاد عشرات الالاف من ابنائنا وانهيار اقتصاده واصبحنا دوله محمله ومثقله بالديون الداخليه والخارجيه ، خرج بعدها ناصر فى ثوب جديد يداه ملطخه بدماء شهداء مصر والدموع تتساقط من عينيه ليعلن تنحيه عن السلطه لزكريا محيى الدين ولان مرايه الحب عمياء خرجت الملايين تبكى ناصر وترفض تنحيته وترفض الهزيمه ليسترد عبد الناصر هيبته وقوته ويستمر فى الحكم بنفس الوجوه الفاسده المحيطه به عدا عبد الحكيم عامر احد اصدقاؤه المقربين له مضحيا به من اجل كارزيما كاذبه خادعه وتعليق شماعه الهزيمه على صديقه الوفى والفساد الذى يتستر وراءه واتهامه بالسعى الى قلب نظام الحكم استغل ناصر حب الشعب الأعمى لتدعيمه وتاييد قراراته رغم اخطاؤه التى مازالت توابعها تتحملها الاجيال الحاليه لم يستغل عبد الناصر حب الشعب له لتحسين المعيشه والارتقاء بمستوى الصحه والتعليم والصناعه وتحسين البنيه التحتيه وتحقيق العداله الاجتماعيه كما وعد فى خارطه الطريق ومبادىء الثوره السبعه من ديمقارطيه وعداله اجتماعيه والقضاء على الاستعمار والاقطاع والراس ماليه كانت جميعها تصريحات ليست على ارض الواقع لم يوفى ناصر بما وعد ورغم حكمه الدكتاتورى الا ان رحيله المفاجىء كانت صدمه كبيره لشعب احبه وعشقه احدث موته هزه ارضيه عنيفه وبركان حب خرج الملايين فى مظاهره حب وتاييد وخرج على الاعناق وخلفه الملايين من شعب اخلص له وتحمل ما لا يتحمله بشر لان مراه الحب عمياء
مراه الحب عمياء احيانا تكون سلاحا بحدين قد تكون تشجيعا ودفعه قويه للرئيس للمضى قدما لتقديم العون للشعبه والارتقاء به نحو حياه افضل بكرامه وعداله تساهم فى تقبل الشعب قراراته شرط ان يفتح قلبه لمعارضيه يبدى كل منهم رايه بشفافيه بعيدا عن المصالح الذاتيه والشهره الزائفه لما فيه الصالح العام دون خوف او رعب او تهديد اوالزج بهم خلف القضبان ، الرئيس الذى يطرح مشروعاته وافكاره ليست بالضروره تكون صائبه او مجرد مؤيده بمن حوله فقط لابد من طرحها للمناقشه فى جو ديمقراطى علمى بحثى امام شعبه قبل اقرارها بجانب اعطاء الفرصه للمعارضين فى طرح رؤيتهم وطره الحلول البديله ربما تكون افضل مما هو مطروح لكن ناصر لم يلتفت إلى هذا وذاك واستمر اسلوب الكرباج والقهر والقرارات الاحاديه أحد أهم مبادئه ونجح فى ذلك حتى وفاته
مراه الحب عمياء للحاكم الديكتاتورى الذى يجعل من الشعب اضحوكه ودميه بلا روح لان الحب الاعمى يجعل من الحاكم ديكتاتور مغرور متكبر متعالى لا يشعر بنبض شعبه واحواله لكن الاهم هى صورته اما الفقراء فهم فى عداد الاموات ويكفى ان لهم روحا تنبض نبض الحياه وبسمه اليائس الحزين




تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...