أ. د. عادل الأسطة - الفنادق في بيت لحم : أماكن موحشة

افتتح أمس في مدينة بيت لحم ، في قاعة بوتين ، مهرجان القدس الثاني عشر للشعر ، وقد شاركت فيه بعد تردد كبير .
كان الحضور لافتا إذ يبدو أن الناس ملت من الجلوس في البيت منذ بدأت جائحة الكورونا ، ويبدو أن نسبة المتطعمين منهم عالية ، وأن نسبة الاطمئنان إلى السلامة وعدم الخوف من المرض مرتفعة ، فقلة من الحاضرين من حصن نفسه بكمامة أو حافظ على مسافة بينه وبين الآخرين ، بل إنني لاحظت أن قسما من الحاضرين مارس عادة العناق .
غنت المطربة عبير منصور وطمعت في تجاوب الجمهور معها ، ولكن ما بدا لي هو أن القلوب ما زالت ، بسبب الكورونا ، كسيرة ، فالتجاوب لم يكن كما توقعت .
أكثر ما لفت نظري هو حالة فندق ( شبرد ) فرواده لم يكونوا إلا قلة قليلة ، ويبدو أن السواح الأجانب مترددون في زيارة مدينة السيد المسيح ، وقطاع الفنادق أكثر القطاعات تضررا منذ بدء الجائحة .
كانت تنتابني شخصيا حالة من الخوف ، ولعلها حالة مبالغ فيها أو أنه التقدم في السن أو عدم السفر منذ عشرين شهرا ، فالمشاركون في المهرجان شكلوا دائرة في بهو الفندق وواصلوا النقاش والفرح . كما لو أن ما بدأ في صالة بوتين لم ينجز تماما .
منذ العام ٢٠٠٤ وأنا أتردد على مدينة بيت لحم أشارك في مهرجاناتها وفي مؤتمرات جامعتها ، وأنجزت بسبب تلك المشاركة العديد من الأوراق ، ويبدو أن مشاركتي الأخيرة ستسفر عن إنجاز كتاب عنوانه " الرواية الفلسطينية في المنفى " . ( كانت أول مشاركة لي للحديث عن رواية ليلى الأطرش " مرافيء الوهم " بحضورها وحضور الكاتب محمود شقير )
أكثر ما كان يلفت نظري هو مراقبة بعض الحضور لجيبي بنطالي الخلفيين . من المؤكد أنهم لم يكونوا ينظرون إلى مؤخرة ابن خلدون ، فهي ليست لافتة مثل مؤخرة الراقصة روبي ، وإنما كانوا يريدون التأكد إن كنت أخفي فيهما - أي الجيبين - شيئا ما . هل أبالغ ؟ هل صرت مصابا بالبارانويا ؟ ولكن ما لا أشك فيه أن تجربة أبطال ( فرانز كافكا ) لا تكاد تذكر أمام تجربتي السخصية . إما أنني مريض أو أن مجتمعنا ، بسبب التخلف الاجتماعي وطول فترة الاحتلال ، مريض ويحتاج إلى اثني عشر مليون ( فرويد ) !
لماذا ذكرت الراقصة روبي ؟ وأنا أكتب عن مؤخرة ابن خلدون - أي مؤخرتي التي تشغل تفكير كثيرين - تذكرت مقال الكاتبة أحلام مستغانمي عن مقدمة ابن خلدون ومؤخرة روبي .
صباح الخير من فندق ( شبرد )
في بيت لحم .
السبت ٤ أيلول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...