أ. د. عادل الأسطة - إن لبدنك عليك حقا

قبل عشر سنوات لم أكن ألتفت إلى صحة البدن إطلاقا . كنت أنام وأقوم وأقرأ وأحاضر وأسافر وأشارك في المؤتمرات و ... ولم أكترث لوجع الجسد الذي بدأت آثاره تظهر رويدا رويدا في حصار العام ٢٠٠٢ .
وأنا أحاضر واقفا ، في مادة تذوق النص الأدبي ، في العام ٢٠١٠ تقريبا ، شعرت بأنني سأقع فجلست على الكرسي دون أن أشعر الطلاب بشيء ، وراجعت الطبيب الذي طلب مني إجراء فحص دم ، فتبين أنني مصاب بداء السكري ، إذ بلغت نسبة السكر في الدم صائما ٢٥٥ ، وبعد الفطور بساعتين ارتفعت إلى ٣٧٥ تقريبا .
وأنا أراجع طبيب الجلد الدكتور هشام العارضة تجاذبنا أطراف الحديث ، ومما قلته له إنني لا أهتم كثيرا بصحتي ، فلامني قائلا:
- أنت مخطيء وعليك الالتفات إلى صحتك أولا .
كنت في تلك السنوات أدرس رواية عبد الرحمن منيف " شرق المتوسط " وأتوقف أمام بطلها رجب الذي ظل في السجن صامدا يتحدى السجان ولم يضعف إلا بعد موت أمه وتنبيه أخته أنيسة له إلى جسده وضعفه ، وكان هذا بداية السقوط .
منذ العام ٢٠١٠ صرت أهتم بجسدي لكي أواصل الوقوف وإعطاء المحاضرات بكفاءة وتركيز ، ولا أظن أنني ضعفت يوما في محاضرة ، وفي اليوم الأخير لي في الوظيفة حاضرت أفضل مما كنت أحاضر وأنا شاب . كنت في الخامسة والستين وأربعة أشهر كما لو أنني شاب فتي ، وكل هذا بسبب التفاتي إلى صحتي ، عملا بنصيحة الدكتور هشام .
أمس زرت أخي الذي يصغرني بسبع سنوات في المشفى ، وكان راقدا على سرير الشفاء ، وعبثا نجحت من قبل في إقناعه بالاهتمام بصحته ، إذ كان لسان حاله دائما " داووا مرضاكم بالصدقات " ، ولطالما ساعد الفقيرات والأرامل ، مهملا صحته ، مقتنعا بأن الله يقف إلى جانبه ، غير آخذ بقوله صلعم " اعقل وتوكل " .
وكلما تكلمت معه وسمعت إجابته تذكرت قصة يحيى حقي " قنديل أم هاشم " فسكان حي السيدة زينب يتداوون بالعلاج الشعبي وببركة السيدة ، غير مكترثين لطبيب العيون الذي أنفق سنوات يدرس في بريطانيا . وماذا ألم في النهاية بعيون الفتاة ؟
اللهم نج الشهم من السوء ، واحفظ له صحته وقدمه ، فلعل الله يسمع مني ومن الفقيرات والأرامل اللاتي طالما ساعدهن أو طلب لهن ، من التجار ، المساعدة .
ومع ما سبق أكرر :
مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها " .
و
" اللي انكتب على الجبين لازم تشوفه العين " .
صباح الخير
خربشات
٦ أيلول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى