أ. د. عادل الأسطة - "خيمة عن خيمة تفرق" ونفق عن نفق يفرق

لا أعرف كم من القراء قرأ رواية ( ليون اوريس ) " اكسودس " - أي الخروج . ولا أعرف إن كان بقي في ذهن من قرأها شيء منها ، أما أنا فعلق في ذهني منها ، منذ قرأت الترجمة الألمانية لها في شتاء العام ١٩٩٠ ، الكثير ، وبنيت عليه دراسات مقارنة نشرتها في كتبي ، بعد أن شاركت فيها في المؤتمرات العلمية .
علق في ذهني مثلا وصف تمرد اليهود في غيتو ( وارسو ) والكتابة عن بطولات قسم منهم في الخروج من الغيتو وتهريب السلاح عبر المجاري . ( يقال إن بطولات هؤلاء مختلقة ، فلم يقاوم اليهود في معسكرات الإبادة وشكل خنوعهم عقدة لديهم ) .
من المؤكد أن الفلسطينيين في هذا الجانب لا يقلدون اليهود ، فالحاجة أم الاختراع ، والسجين يحتاج إلى الحرية وليس غريبا أن يتفتق ذهنه عن معجزات من أجل الحصول عليها .
منذ مجازر تل الزعتر في العام ١٩٧٦ صرنا نقرأ عن الأنفاق ، فقد حفرها الفدائيون وعندما اشتد الحصار وقلت الذخائر استخدموها .
بعد ٢٠ عاما - أي في العام ١٩٩٦ ، اندلعت في الضفة الغربية مظاهرات نجم عنها ، في مدينة القدس ، مواجهات عنيفة ، وعرفت تلك الأحداث بانتفاضة النفق .
منذ سيطرت حماس على قطاع غزة ، ومنذ حاصرته القوات الإسرائيلية والقوات المصرية ، صار النفق وسيلة أهل غزة لاختراق الحصار ومواصلة الحياة ، وهكذا حفر الغزيون الأنفاق وأصبح لها جماعات جماعات أثرى قسم منهم وصاروا تجار ذهب وتجار ما يدر من التجارة الذهب ، وفي فترة حروب غزة المتكررة حفرت الأنفاق لاختراق الحدود بين القطاع والدولة الإسرائيلية ، وهكذا يمكن أن نستعير من رواية غسان كنفاني " أم سعد " عبارة " خيمة عن خيمة تفرق " لنقلدها ونكتب عن إيقاعها " نفق عن نفق يفرق " .
أمس فجرا أعلنت دولة إسرائيل أن ستة من الأسرى الفلسطينيين نجحوا في الهروب من سجن ( جلبوع ) الإسرائيلي ، وبدأت القوات الإسرائيلية البحث عنهم ، فهي تريدهم أحياء أو أمواتا .
تجربة الهروب من السجن عبر الأنفاق تجربة مر بها شعراء عرب أهمهم الشاعر العراقي مظفر النواب الذي هرب من سجنه " نقرة السلمان " مع مجموعة من رفاقه في ٦٠ القرن ٢٠ .
ماذا سيخسر السجناء الستة الذين تمكنوا من الهرب من السجن ؟!
الحديث أمس ، في الشارع وفي السيارة ، غالبا ما تركز على السجناء الستة والكل ينتظر المآل الذي سيؤولون إليه ، وللمرحوم الأديب الراحل علي الخليلي رواية عنوانها " ضوء في النفق الطويل " . هل أعقب على كلامه أم أترك الأمر للقاريء ؟
الله المستعان به في الأزمات وفي كل الأوقات .
" خيمة عن خيمة تفرق " و " نفق عن نفق يفرق " .
صباح الخير
خربشات
٧ أيلول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى