. د. عادل الأسطة - أسبوع الفقدان: محمد الأسعد ثالثهم

رحل في الأسبوع الماضي ، في فيينا ، المخرج الفلسطيني نصري حجاج ، وبعد رحيله بيومين توفيت ، في الكويت ، الأكاديمية الفلسطينية المدرسة سابقا في جامعة بير زيت ، إلهام أبو غزالة ، وأمس رحل ابن قرية أم الزينات الشاعر محمد الأسعد ، اللاجيء في العام ١٩٤٨ إلى العراق ، والمقيم ، في الكويت ، حتى لحظة وفاته .
لم ألتق بالأخير ، خلافا لنصري و إلهام ، ولكن علاقة صداقة نشأت بيننا في الأعوام الثلاثة الأخيرة ، من خلال الفيس بوك والماسنجر ، فصار كل منا يتابع نتاج الآخر ويعقب عليه ، حتى فوجئت بمبادرته بالاتصال بي لنتجاذب أطراف الحديث .
الكتابان الوحيدان لمحمد الأسعد اللذان بحوزتي هما كتابه عن اللغة الشعرية وروايته " أطفال الندى " التي أعاد عباد يحيى طباعتها هو ونجوان درويش قبل أعوام قليلة ، علما بأن لمحمد ست روايات وسبعة عشر ديوان شعر وكتبا أخرى مؤلفة ومترجمة ، فهو يتقن الإنجليزية ويقرأ بها ويترجم عنها ، وأعترف ، بعد محاوراتي معه وقراءاتي لمقالاته والمقابلات التي أجريت معه ، أنه مثقف فلسطيني قل نظيره ، ولطالما اقترح علي قراءة بعض الكتب في الموضوعات التي أخوض فيها ، فعندما كتبت عن تسميم الدولة العبرية في بداية نشأتها لآبار المياه ، وهو ما كتب عنه ( إيلان بابيه ) في كتابه " التطهير العرقي " أرسل محمد إلي بعض سيرة ذاتية لليهودي العراقي نعيم جلعصي الذي عرف لاحقا بنعيم جلعادي ، عرفت من خلالها أن جلعصي / جلعادي كان مقربا في العام ١٩٤٨ من دوائر صنع القرار في إسرائيل ، ولكنه اختلف معها فهاجر إلى أميركا وألف هناك كتابا لم يجد له ، بسبب محاصرته ، أي دار نشر ، فباع شقته ونشره على نفقته .
عندما نشرت مقالي عن صورة ناجي العلي في رواية الروائي الكويتي " اسماعيل فهد اسماعيل " على عهدة حنظلة " حول إلي محمد ما كتبه عن ناجي العلي الذي عرفه ، في الكويت ، شخصيا ، وكان خطهما في الموقف من القيادة الفلسطينية ، متقاربا ، وظل محمد علي موقفه حتى رحيله أمس .
آخر مكاتبة بيني وبينه ، عبر الماسنجر ، كانت حول ما كتبه عن شعر المقاومة ، وسألني عن رأيي في متابعة الموضوع ، وفوجيء حين حولت له دراستي في هذا الموضوع ، ولما قرأها طلب مني الاحتفاظ بها ، فقد راقت له .
كان محمد الأسعد في الأشهر الأخيرة متابعا لقصيدة الهايكو ، فكتبها وترجم قصائد يابانية منها وأصدر كتابا فيها .
أمس عرفت من صفحة Najeh Khalil أن محمدا توفي ، وتأكدت من الخبر من صفحة الصديق Jehad Ranteesy .
أمس مساء أغلقت الراديو ولم أصغ إلى أم كلثوم ، فلقد انتابتني حالة من الحزن سببها الفقدان .
عندما توفيت إلهام أبو غزالة وعرفت أن وفاتها وقعت في الكويت سألت عن السبب ، فهي تقيم في نابلس .
عندما توفي نصري في فيينا العاصمة النمساوية كنت أعرف أنه يقيم هناك هو ابن مخيم عين الحلوة .
عندما قرأت نعي محمد الأسعد وموته في الكويت لم افاجأ ، فهو يقيم فيها منذ فترة طويلة .
كم مقبرة صار للفلسطينيين في المنافي ؟!
كانت مقابر الفلسطينيين في المنافي تشغل بال نصري حجاج ، فأنتج فيلما عنها تحدث فيه بصوت حزين هو الذي ولد في مخيم عين الحلوة في لبنان ومات في فيينا .
لا أعرف أين دفنت إلهام أبو غزالة ، ومن المؤكد أن محمد الأسعد سيدفن في الكويت ، وكانت الكويت المكان الذي دفن فيه أبطال رواية غسان كنفاني " رجال في الشمس " ، غسان الذي دفن في لبنان ، لبنان الذي نثر فيه رماد جثة ادوارد سعيد .
منافينا كثيرة ومقابرنا بعددها وأكثر ؛ في القاهرة دفن معين بسيسو ، وفي لندن دفن ناجي العلي و .. والحكاية تطول....
الشاعر والكاتب والروائي والمترجم محمد الأسعد الذي جاء في العام ١٩٩٠ ، بعد احتلال جيش صدام الكويت وطرد الفلسطينيين منها ، ليستقر في الأردن ، فآذاه يومها ما سمعه من مسؤول أردني بأن مياه الأردن لا تكفي لاستيعاب فلسطينيي الكويت ، فرحل ، محمد الأسعد وداعا !!
وآخر ما أحزنه كان ما عرفه مني أن قراء فلسطين لم يقرأوا له إلا " أطفال الندى " .
ثانية :
محمد الأسعد وداعا !!
مساء الخير
٢١ أيلول ٢٠٢١ .





https://www.facebook.com/adel.alosta.9/posts/2942359389350944

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...