اللغة دال ومدلول بالمفهوم السوسيري. لا الدال يحايث المدلول ولا المدلول يحايث الدال، ومن هنا فالدال إشاري فقط، وبما أنه إشاري غير محايث فاللغة دوما مجازية ولو انطبقت السماء على الأرض. وبما أنها كذلك، فهي قابلة للتأويل، وبما أنها قابلة للتأويل فلا مفر لها من النقد، ولو كانت اللغة نص في كتاب مقدس.
في السودان لن تجد نقداً إلا وتضمن تحرشاً نقدياً، حتى عندما يميل الناقد إلى تطريب الآخرين بالنص، فهو يمارس تحرشا بصاحب النص عبر النص. ولذلك يكثر عندنا النقاد المتهافتون من مداحي النصوص الأنثوية. لكن الغالب أنك لن تقرأ في السودان نقداً بلا دوافع نفسية مسبقة (شخصية جداً). إذ تتمركز الشخصية السودانية حول نفسها نسبة لريفيتها، وهي تأمل أن يطوف حولها الآخرون. لذلك يكثر التحرش النقدي.
أحد أساتذة الفلسفة ترك النشر في الصحف لأنه تعرض لتحرش نقدي بالغ. والتحرش النقدي هو سفه مختلط بإدعاء المعرفة، وهذا مما يصعب الرد عليه أو مواجهته؛ إذ ان مساحة المعركة فيه شاسعة وزمنها بلا نهاية، والمرتزقة فيها أصحاب صراخ عالٍ.
إن اغلب الكتاب الناجحين، نجحوا وهم خارج السودان، لأنهم أمِنوا على إبداعاتهم من التحرش النقدي المستمر. راجع أي أديب وستجد أنه نال شهرته في الخارج فحصل على طابية الأمان حين عاد إلى الداخل، دون أن يعني ذلك خلو بيئته من نباح الجراء الصغيرة بين فينة وأخرى.
في الواقع كلما زاد التحرش النقدي دل ذلك على سمتين داخل المجتمع الثقافي، أولاهما: سمة النمط pattern attribute، وثانيتهما: الفقر الإنتاجي العام.
يرى إدوارد سعيد أن من سمات المثقف هو الخطأ. وذلك في رأيي المتواضع لأن المثقف ليس متخصصاً بل هو مسطح المفاهيم الدولوزي، ذلك الذي يتم فوقه وعبره خياطة العناصر المفهومية كلها لتبلغ إبداعها الأخير. إن الخطأ إذاً ليس بخطأ، بل إنحراف من مفهوم إلى مفهوم. هذا ما سنجده في المجتمعات التي تجاوزت سمة النمط والفقر الإنتاجي العام، فهي تميل إلى المرونة الكافية لاستيعاب الجديد.
إنني أقيس شعباً أو مجتمعاً ما بمدى مرونته تلك. فكلما انتقلنا إلى الريف سادت سمة النمط والفقر الإنتاجي، ورفض كل ما هو جديد، وكلما انتقلنا إلى المدن كلما وجدنا تلك المرونة في استيعاب المتغيرات بسهولة أكبر. هذه المرونة هي تيرمومتر قياس الحراك الثقافي والمعرفي في مجتمع ما وشعب ما. إن الشعوب المتمدنة تقبل الخطأ ولكن باعتباره إما إنحرافا إلى مفهوم جديد، أو باعتباره دليلاً على صحة قانون قائم بالفعل. وهو دليل ينضاف إلى غيره من الأدلة.
وعندما نجد شعوباً تميل إلى التحرش النقدي، سنعرف مباشرة أنها شعوب تميل إلى القروية أكثر من المدنية، وأنها تخضع لأنماط ثابتة، وأنها تعاني من فقر إنتاجي عام.
وهذا بالضبط ما يعاني منه الشعب السوداني، وما يجعله سيد التحرش النقدي، وهو ما سنجده عند كل الشعوب البدائية الأخرى..
في السودان لن تجد نقداً إلا وتضمن تحرشاً نقدياً، حتى عندما يميل الناقد إلى تطريب الآخرين بالنص، فهو يمارس تحرشا بصاحب النص عبر النص. ولذلك يكثر عندنا النقاد المتهافتون من مداحي النصوص الأنثوية. لكن الغالب أنك لن تقرأ في السودان نقداً بلا دوافع نفسية مسبقة (شخصية جداً). إذ تتمركز الشخصية السودانية حول نفسها نسبة لريفيتها، وهي تأمل أن يطوف حولها الآخرون. لذلك يكثر التحرش النقدي.
أحد أساتذة الفلسفة ترك النشر في الصحف لأنه تعرض لتحرش نقدي بالغ. والتحرش النقدي هو سفه مختلط بإدعاء المعرفة، وهذا مما يصعب الرد عليه أو مواجهته؛ إذ ان مساحة المعركة فيه شاسعة وزمنها بلا نهاية، والمرتزقة فيها أصحاب صراخ عالٍ.
إن اغلب الكتاب الناجحين، نجحوا وهم خارج السودان، لأنهم أمِنوا على إبداعاتهم من التحرش النقدي المستمر. راجع أي أديب وستجد أنه نال شهرته في الخارج فحصل على طابية الأمان حين عاد إلى الداخل، دون أن يعني ذلك خلو بيئته من نباح الجراء الصغيرة بين فينة وأخرى.
في الواقع كلما زاد التحرش النقدي دل ذلك على سمتين داخل المجتمع الثقافي، أولاهما: سمة النمط pattern attribute، وثانيتهما: الفقر الإنتاجي العام.
يرى إدوارد سعيد أن من سمات المثقف هو الخطأ. وذلك في رأيي المتواضع لأن المثقف ليس متخصصاً بل هو مسطح المفاهيم الدولوزي، ذلك الذي يتم فوقه وعبره خياطة العناصر المفهومية كلها لتبلغ إبداعها الأخير. إن الخطأ إذاً ليس بخطأ، بل إنحراف من مفهوم إلى مفهوم. هذا ما سنجده في المجتمعات التي تجاوزت سمة النمط والفقر الإنتاجي العام، فهي تميل إلى المرونة الكافية لاستيعاب الجديد.
إنني أقيس شعباً أو مجتمعاً ما بمدى مرونته تلك. فكلما انتقلنا إلى الريف سادت سمة النمط والفقر الإنتاجي، ورفض كل ما هو جديد، وكلما انتقلنا إلى المدن كلما وجدنا تلك المرونة في استيعاب المتغيرات بسهولة أكبر. هذه المرونة هي تيرمومتر قياس الحراك الثقافي والمعرفي في مجتمع ما وشعب ما. إن الشعوب المتمدنة تقبل الخطأ ولكن باعتباره إما إنحرافا إلى مفهوم جديد، أو باعتباره دليلاً على صحة قانون قائم بالفعل. وهو دليل ينضاف إلى غيره من الأدلة.
وعندما نجد شعوباً تميل إلى التحرش النقدي، سنعرف مباشرة أنها شعوب تميل إلى القروية أكثر من المدنية، وأنها تخضع لأنماط ثابتة، وأنها تعاني من فقر إنتاجي عام.
وهذا بالضبط ما يعاني منه الشعب السوداني، وما يجعله سيد التحرش النقدي، وهو ما سنجده عند كل الشعوب البدائية الأخرى..