أ. د. عادل الأسطة - أنطون تشيخوف وقصته القصيرة "المغفلة"

قصة الكاتب الروسي المعروف ( انطون تشيخوف ) " المغفلة " ، وهي قصة قصيرة ، لا تخلو من بعد تعبوي تحريضي ، وإخالها يصلح تعميمها على كثيرات ممن يعملن في رياض الأطفال والحضانات اللاتي يتقاضين راتبا رمزيا ضئيلا لا يسد الرمق ، فهو عدا أنه لا يسمن لا يغني من جوع .
قصة ( تشيخوف ) تعمم على شريط فيديو لا تتجاوز مدته ثلاث دقائق ، وغالبا ما يتناقله نشيطو وسائل التواصل الاجتماعي .
خطرت القصة ببالي أمس حين كتبت تحت عنوان " يا رئيس البلدية ، إن كان هناك رئيس بلدية " وأنا استعرت عنوان مقالتي من أغنية فيروزية كتبت مرة عنها معتمدا على بعض كلامها لا على عنوانها . " لكي يكون عندك يا رئيس البلدية شعبية ، طعميهم على حسابك " وفي مثلنا " اطعم الفم تستح العين " .
كم مرة نبدو نحن مثل المغفلة الصامتة عن حقها ، والمغفلة في القصة فتاة طيبة لدرجة السذاجة لا تدافع عن حقوقها أمام سيدها الذي تعمل في بيته خادمة ومربية ، إذ توافق على كل ما يقوله لها وتقبل كل ما يعطيه لها دون أن تناقش وتفند وتوضح الصحيح. إنها تبدو مسلوبة الإرادة والشخصية ، ولقد كبلها الخوف والعجز .
أول أمس وأنا أراجع في مبنى البلدية حول فاتورة الماء طلبت من الموظف أن يعطيني كشفا بالمستحقات فوافق ، وعندما قلت له إنني سأكتب ما جرى على جدار الفيس بوك تراجع .
ومع ما سبق فإن المرء منا أحيانا يكون مغفلا فينصب عليه كثيرون من المتذاكين والنصابين والمحتالين ويضطر تلافيا للمشاكل أن " يمشيها " .
أطرف شريط فيديو شاهدته أمس عرضه الصديق حنظلة حنظلة وفيه يقف جندي إسرائيلي بمحاذاة أطفال فلسطينيين في الشارع أخذوا يرقصون ويدبكون . ولقد كتب أعلى الشريط
" شعب ملوش حل " .
من مقاومة بالحجارة إلى مقاومة بالدبكة والأغنية لمقاهرة المحتل ، ولا أظن أنه كان منذ ١٩٢١ مغفلا . لماذا إذن تصمت موظفات رياض الأطفال والحضانات على استغلالهن ؟
أهي الحاجة أم الرغبة في الخروج من البيت والعمل مهما كان الأجر زهيدا .
لم يكن رب العمل في قصة ( تشيخوف ) مستغلا ، فلقد أراد أن يختبر موظفته ويرى إن كانت تدافع عن حقها ، وحين لاحظ جبنها وعجزها سألها :
- لماذا لم تدافعي عن حقك ؟
ولقد أعطاها المبلغ الذي تستحق ، ولم أسمع مرة عن صاحب روضة أطفال أو حضانة يدفع لموظفيه الحد الأدنى المتفق عليه للأجور ، ولعلني مخطيء .
صباح الخير
خربشات
٦ تشرين الأول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى