( المجتمع المدني هل هو منظومة حكومية أم غير حكومية؟)
يجمع مختصون أن المجتمع المدني غير منظم و سيطرت عليه الأفكار السلبية ( السوداء) من قبل بعض من وصفوا بـ: "المتملقين"، لولا الحراك الشعبي الذي حدث في الجزائر قي فبراير 2019 جعل السلطات العمومية توليه بعض الإهتمام من أجل بعث الهدوء و حتى بعد ظهور جائحة كورونا من أجل تحسيس المواطنين بأهمية اللقاح و اتخاذ التدابير الوقائية لمواجهتها
في الثلاث سنوات الأخيرة لم يعد بالإمكان تجاهل الأحداث و ما انطوى عليها من دلالات، و بدأت الأسئلة تطرح بقوة مُحَمَّلَةٌ بالشّكوك، ماذا يحدث؟ وماهي الحلول أو البدائل؟ حين خرج الشعب عن صمته و ليست المرة الأولى ، إلا أن هذه المرة كان الغضب سلميا لم يلبس ثوب العنف و التطرف، تمثل في الحراك الشعبي الذي خرج منظموه إلى الشوارع في مسيرات سلمية للمطالبة بالتغيير الجذري، وبناء دولة يتوفر فيها الانسجام و السلام، لأن الأحداث التي عاشتها الجزائر منذ الربيع الأسود لم تغير شيئا، خاصة و أن هذه الأحداث رسمت بانوراما قوية التعبير و شديدة الحساسية، عجزت الأحزاب السياسية عن تحليلها و راح كل حزب يطلق تبريرات هنا و هناك، و أجبر بعض قيادييه على التكيف مع الوضع و يدعم هذا الحراك سواء آمن بمشروعه أم لم يؤمن به.
فلا أحد استطاع أن يقدم البديل لإخراج الجزائر من أزمتها، حيث فقدت السلطة ثقتها في الأحزاب السياسية، بما فيها الأحزاب الموالية، و ظنت السلطة أن الأفق الوحيد أمام المجتمع المدني، فكان لابد من إعادة النظر في دوره من أجل استرداد روحه الضائعة كونه من بين المتطلبات الجديدة للحكم الراشد، حسب الدراسات ، ظهر المجتمع للمدني كبديل للدولة لما يتميز به من قدرة على المساهمة في إصلاح مؤسسات سياسية جديدة و خلق روح المبادرة لدى المواطن و بالتالي تشجع مساهمته في تنمية البلاد، هكذا كان المجتمع المدني وسيطا بين النظام و الحراكيين لفك النزاعات الداخلية و تجنب البلاد الدخول في فوضى و ضمان الاستقرار.
الملاحظ عن المجتمع للمدني في الجزائر - كنموذج- هو خليط من الجمعيات بمختلف نشاطاتها و قوانينها الداخلية و كذا برامجها، و هذا يعني أن القيادة "جماعية"، كما أن جل الناشطين في حركة المجتمع المدني منضوون تحت لواء أحزاب سياسية، أي أنهم مجبرون على تنفيذ أجندة الحزب الذي ينتمون إليه و تطبيق سياسته، و لعل هذا ما أدى بالمجتمع المدني إلى الفشل في معالجة بعض القضايا المطروحة و تحقيق طموحات المواطن، كتكريس روح "المواطنة" و محاربة الآفات الاجتماعية لاسيما المخدرات في ظل انتشار الجريمة، حسب الأرقام توجد في الجزائر 132 ألف جمعية على المستوى الوطني، اتخذت على عاتقها جانب من الحياة و النشاطات، كلا حسب اختصاصها، لكن في ظل التعددية وجدت نفسها محاصرة و من الصعب أن تتخلص من الذهنيات التي لا تؤمن بمبدأ "المواطنة" و ممارستها بمسؤولية، و تريد التحكم في الكل و السيطرة على الكل و بالتالي أصبحت تخشى من أن تعيد الواقع إلى دائرة الصفر أو تدخله في دائرة مغلقة حيث يستحيل تغييره.
من هنا نشأ الصراع حول كيفية فصل المجتمع المدني عن المجتمع السياسي، إذا كان الأوّل (أي المجتمع المدني) مُسَيَّسٌ و تتحكم فيه الأحزاب، هي ثنائية متصارعة لأن كل من هذين المجتمعين لم ينميا الحِسّ الديمقراطي الذي هو أصيلٌ في فكرة المجتمع، يقول باحثون أن المجتمع المدني لا زال يفتقر إلى قوة المنطق، أي تقديم أفكار و وضع برنامج تنموي حضاري لبناء مشروع المجتمع و إقناع الأفكار المضادة التي تطالب بإلغاء الحكم العسكري مثلا و تَدَخُّلِهِ في الشأن السّياسي، أي كسب الأصوات الداعية إلى بناء دولة مدنية لا دولة عسكرية، و إقناعها بالإقلاع عن فكرتها، وخلاصة القول هي أن مفهوم المجتمع المدني لم يعد يعرف لدى العام و الخاص إن كان منظومة حكومية أم غير حكومية، هذه الأخيرة عادة ما تعارض سلطة الدولة التي غالبا ما تكون بعيدة عن مواطنيها و تعاملهم بطريقة تعسفية، و تعمل لصالح منظومة سياسية أوعسكرية معينة لا تلقى رضا المواطن أو الشعب إن صح التعبير، و أمام انظمام الجمعيات إلى الأحزاب السياسية لم تعد لهذه الأخيرة أيضا استقلالية حتى لوكانت تتكلم باسم المجتمع المدني، بحيث تتلقى التعليمات و الأوامر من طرف رؤساء الأحزاب ونوابهم، و بذلك تخرج عن الخط الذي تأسست من أجله، و هو تطوير المجتمع في عملية الإنفتاح و التحول الديمقراطي، خاصة مع انتخاب الرئيس الحالي الذي أعطى للجمعيات حق الممارسة السياسية ، و هذا من أجل كسبها إلى صف السلطة.
إن الانسداد الذي تعيش فيها المنظومة الجمعوية في الجزائر هو افتقار بعض العناصر إلى الكفاءة الثقافية في ممارسة العمل الجمعوي، كما أن ممثلي هذه الجمعيات لا يتركون النقاش يسير بعفوية و صراحة تامة و لا يقدرون الأوضاع حق قدرها، لأنهم مسيرون من قبل أحزابهم، و بالتالي فقدت علاقتها مع النخب الإجتماعية و دورها ابرقابي للنهوض بشرائح المجتمع الهشة، و الدفاع عن حقوقها بحيث بات ينظر إلى المجتمع المدني و كأنه في خدمة الأحزاب أو فئات معينة ( ذوي المال) و ليس المجتمع، لقد بات السؤال يُطْرَحُ حول مستقبل المجتمع المدني في الجزائر و ماهو دوره الرقابي؟ وماهي التحديات التي يمكن أن يرفعها لتحقيق الإنسجام بين جميع شرائح المجتمع، وماهي مهامه المستقبلية في ظل المخاطر التي تهدد أمن و استقرار البلاد في الداخل و الخارج؟
علجية عيش
يجمع مختصون أن المجتمع المدني غير منظم و سيطرت عليه الأفكار السلبية ( السوداء) من قبل بعض من وصفوا بـ: "المتملقين"، لولا الحراك الشعبي الذي حدث في الجزائر قي فبراير 2019 جعل السلطات العمومية توليه بعض الإهتمام من أجل بعث الهدوء و حتى بعد ظهور جائحة كورونا من أجل تحسيس المواطنين بأهمية اللقاح و اتخاذ التدابير الوقائية لمواجهتها
في الثلاث سنوات الأخيرة لم يعد بالإمكان تجاهل الأحداث و ما انطوى عليها من دلالات، و بدأت الأسئلة تطرح بقوة مُحَمَّلَةٌ بالشّكوك، ماذا يحدث؟ وماهي الحلول أو البدائل؟ حين خرج الشعب عن صمته و ليست المرة الأولى ، إلا أن هذه المرة كان الغضب سلميا لم يلبس ثوب العنف و التطرف، تمثل في الحراك الشعبي الذي خرج منظموه إلى الشوارع في مسيرات سلمية للمطالبة بالتغيير الجذري، وبناء دولة يتوفر فيها الانسجام و السلام، لأن الأحداث التي عاشتها الجزائر منذ الربيع الأسود لم تغير شيئا، خاصة و أن هذه الأحداث رسمت بانوراما قوية التعبير و شديدة الحساسية، عجزت الأحزاب السياسية عن تحليلها و راح كل حزب يطلق تبريرات هنا و هناك، و أجبر بعض قيادييه على التكيف مع الوضع و يدعم هذا الحراك سواء آمن بمشروعه أم لم يؤمن به.
فلا أحد استطاع أن يقدم البديل لإخراج الجزائر من أزمتها، حيث فقدت السلطة ثقتها في الأحزاب السياسية، بما فيها الأحزاب الموالية، و ظنت السلطة أن الأفق الوحيد أمام المجتمع المدني، فكان لابد من إعادة النظر في دوره من أجل استرداد روحه الضائعة كونه من بين المتطلبات الجديدة للحكم الراشد، حسب الدراسات ، ظهر المجتمع للمدني كبديل للدولة لما يتميز به من قدرة على المساهمة في إصلاح مؤسسات سياسية جديدة و خلق روح المبادرة لدى المواطن و بالتالي تشجع مساهمته في تنمية البلاد، هكذا كان المجتمع المدني وسيطا بين النظام و الحراكيين لفك النزاعات الداخلية و تجنب البلاد الدخول في فوضى و ضمان الاستقرار.
الملاحظ عن المجتمع للمدني في الجزائر - كنموذج- هو خليط من الجمعيات بمختلف نشاطاتها و قوانينها الداخلية و كذا برامجها، و هذا يعني أن القيادة "جماعية"، كما أن جل الناشطين في حركة المجتمع المدني منضوون تحت لواء أحزاب سياسية، أي أنهم مجبرون على تنفيذ أجندة الحزب الذي ينتمون إليه و تطبيق سياسته، و لعل هذا ما أدى بالمجتمع المدني إلى الفشل في معالجة بعض القضايا المطروحة و تحقيق طموحات المواطن، كتكريس روح "المواطنة" و محاربة الآفات الاجتماعية لاسيما المخدرات في ظل انتشار الجريمة، حسب الأرقام توجد في الجزائر 132 ألف جمعية على المستوى الوطني، اتخذت على عاتقها جانب من الحياة و النشاطات، كلا حسب اختصاصها، لكن في ظل التعددية وجدت نفسها محاصرة و من الصعب أن تتخلص من الذهنيات التي لا تؤمن بمبدأ "المواطنة" و ممارستها بمسؤولية، و تريد التحكم في الكل و السيطرة على الكل و بالتالي أصبحت تخشى من أن تعيد الواقع إلى دائرة الصفر أو تدخله في دائرة مغلقة حيث يستحيل تغييره.
من هنا نشأ الصراع حول كيفية فصل المجتمع المدني عن المجتمع السياسي، إذا كان الأوّل (أي المجتمع المدني) مُسَيَّسٌ و تتحكم فيه الأحزاب، هي ثنائية متصارعة لأن كل من هذين المجتمعين لم ينميا الحِسّ الديمقراطي الذي هو أصيلٌ في فكرة المجتمع، يقول باحثون أن المجتمع المدني لا زال يفتقر إلى قوة المنطق، أي تقديم أفكار و وضع برنامج تنموي حضاري لبناء مشروع المجتمع و إقناع الأفكار المضادة التي تطالب بإلغاء الحكم العسكري مثلا و تَدَخُّلِهِ في الشأن السّياسي، أي كسب الأصوات الداعية إلى بناء دولة مدنية لا دولة عسكرية، و إقناعها بالإقلاع عن فكرتها، وخلاصة القول هي أن مفهوم المجتمع المدني لم يعد يعرف لدى العام و الخاص إن كان منظومة حكومية أم غير حكومية، هذه الأخيرة عادة ما تعارض سلطة الدولة التي غالبا ما تكون بعيدة عن مواطنيها و تعاملهم بطريقة تعسفية، و تعمل لصالح منظومة سياسية أوعسكرية معينة لا تلقى رضا المواطن أو الشعب إن صح التعبير، و أمام انظمام الجمعيات إلى الأحزاب السياسية لم تعد لهذه الأخيرة أيضا استقلالية حتى لوكانت تتكلم باسم المجتمع المدني، بحيث تتلقى التعليمات و الأوامر من طرف رؤساء الأحزاب ونوابهم، و بذلك تخرج عن الخط الذي تأسست من أجله، و هو تطوير المجتمع في عملية الإنفتاح و التحول الديمقراطي، خاصة مع انتخاب الرئيس الحالي الذي أعطى للجمعيات حق الممارسة السياسية ، و هذا من أجل كسبها إلى صف السلطة.
إن الانسداد الذي تعيش فيها المنظومة الجمعوية في الجزائر هو افتقار بعض العناصر إلى الكفاءة الثقافية في ممارسة العمل الجمعوي، كما أن ممثلي هذه الجمعيات لا يتركون النقاش يسير بعفوية و صراحة تامة و لا يقدرون الأوضاع حق قدرها، لأنهم مسيرون من قبل أحزابهم، و بالتالي فقدت علاقتها مع النخب الإجتماعية و دورها ابرقابي للنهوض بشرائح المجتمع الهشة، و الدفاع عن حقوقها بحيث بات ينظر إلى المجتمع المدني و كأنه في خدمة الأحزاب أو فئات معينة ( ذوي المال) و ليس المجتمع، لقد بات السؤال يُطْرَحُ حول مستقبل المجتمع المدني في الجزائر و ماهو دوره الرقابي؟ وماهي التحديات التي يمكن أن يرفعها لتحقيق الإنسجام بين جميع شرائح المجتمع، وماهي مهامه المستقبلية في ظل المخاطر التي تهدد أمن و استقرار البلاد في الداخل و الخارج؟
علجية عيش