في الأيام الخمسة الأخيرة قرأت كتاب الفلسطيني الأصل / البريطاني الجنسية ، المولود في المجدل في العام ١٩٤٥ الروائي ربعي المدهون ، " طعم الفراق".
والحقيقة أنني استمتعت بقراءته أكثر من استمتاعي بقراءة روايتيه " السيدة من تل أبيب " و " مصائر ، كونشرتو الهولوكست والنكبة " ربما لأنه خرج من القلب إلى الورق دون تكلف أو صنعة ، وربما لأنه سيرة ذاتية للكاتب ولأسرته اللاجئة معا نموذجا لسيرة أسرة لاجئة فلسطينية أرخت لستة عقود من حياتها وما ألم بها .
وأنا أقرأ الكتاب تذكرت قصة قصيرة للكاتب المرحوم محمد أيوب ابن مدينة يافا المولود فيها واللاجيء إلى قطاع غزة المقيم مثل ربعي المدهون في مخيم خان يونس ، وعنوان القصة " زوجة بالبريد " يعالج فيها الكاتب موضوع الزواج في المجتمع الفلسطيني في ٧٠ القرن ٢٠ ، حيث كان الأهل يخطبون لابنهم المقيم في العالم العربي ويعقدون له القران على إحدى معارفهم ويرسلون له زوجته بعد ذلك ، عبر الأردن عن طريق مطارها ، إلى حيث يقيم .
لماذا تذكرت القصة ؟
تصر عمة ربعي المدهون أن تزوجه من أديبة ابنة أخيها دون أن تأخذ رأيه ، وهكذا يتم عقد القران دون حضوره هو المقيم في دمشق لانقطاعه عن أهله بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ ، حيث كان يدرس في القاهرة التي رحل عنها لوقوفه ضد قبول جمال عبد الناصر مشروع روجرز ولانتمائه للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين .
يخضع ربعي للأمر ويلبس الخاتم ويتزوج بالبريد ، ولكنه أيضا ينفصل عن زوجته بالبريد ، فمن عقد قرانه قام برفع قضية طلاق ضده وطلقه من زوجته .
لعل الصفحات ٣٠٠ إلى ٣١٠ عن الموضوع هي الأطرف عموما ، وإن كان ثمة صفحات كثيرة طريفة ولافتة مثل تلك التي تأتي على ياسر عبد ربه يوم كان نشيطا في الجبهة الديمقراطية في نهاية ٦٠ القرن ٢٠ أيام الثورة الفلسطينية في الأردن .
حين أصدر ربعي المدهون كتابه لم يكن كتب أيا من روايتيه . كانت صدرت له فقط مجموعة قصصية أظن عنوانها " أبله خان يونس " وإن لم تخني الذاكرة ففيها قصة عنوانها " كناس المخيم " .
حكاية ربعي هي حكاية جيل فلسطيني ولد في ٤٠ القرن ٢٠ وعاش اللجوء وأقام في المخيمات وانتمى للثورة ثم ...
ثم...
" لا بد من صنعا وإن طال السفر " .
رحم الله الكاتب محمد أيوب وأطال في عمر الكاتب ربعي المدهون وفي عمر أخيه الشاعر راسم الذي ما زال يقيم في سورية " قلب العروبة النابض" التي لم ترق لربعي فغادرها إلى بيروت لأن تجربته فيها ، مع المخابرات السورية ، كانت مرة و ... .
حكايات الفلسطينيين حكايات ولا أعرف إن كان ياسر عبد ربه قرأ ما كتب عنه فيها ليرى صورته في شبابه ويقارنها بصورته الآن .
إن أطال الله في عمري فلعلني أكتب عن صورة اليسار في الرواية العربية ؛ ولقد كتبت مرة عن قصة الكاتب القصصي السوري زكريا تامر " يا أيها الكرز المنسي " .
كلنا في شبابنا أحببنا الفقراء ودافعنا عنهم ثم صرنا وزراء أو ذوي مناصب عالية ونسينا طعم الكرز . هل نسي ربعي طعمه أيضا يوم حصل على الجنسية البريطانية ؟!
لست أدري ، ومن قال لا أدري فقد أفتى !!
صباح الخير
خربشات
١٢ تشرين الأول ٢٠٢١ .
والحقيقة أنني استمتعت بقراءته أكثر من استمتاعي بقراءة روايتيه " السيدة من تل أبيب " و " مصائر ، كونشرتو الهولوكست والنكبة " ربما لأنه خرج من القلب إلى الورق دون تكلف أو صنعة ، وربما لأنه سيرة ذاتية للكاتب ولأسرته اللاجئة معا نموذجا لسيرة أسرة لاجئة فلسطينية أرخت لستة عقود من حياتها وما ألم بها .
وأنا أقرأ الكتاب تذكرت قصة قصيرة للكاتب المرحوم محمد أيوب ابن مدينة يافا المولود فيها واللاجيء إلى قطاع غزة المقيم مثل ربعي المدهون في مخيم خان يونس ، وعنوان القصة " زوجة بالبريد " يعالج فيها الكاتب موضوع الزواج في المجتمع الفلسطيني في ٧٠ القرن ٢٠ ، حيث كان الأهل يخطبون لابنهم المقيم في العالم العربي ويعقدون له القران على إحدى معارفهم ويرسلون له زوجته بعد ذلك ، عبر الأردن عن طريق مطارها ، إلى حيث يقيم .
لماذا تذكرت القصة ؟
تصر عمة ربعي المدهون أن تزوجه من أديبة ابنة أخيها دون أن تأخذ رأيه ، وهكذا يتم عقد القران دون حضوره هو المقيم في دمشق لانقطاعه عن أهله بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ ، حيث كان يدرس في القاهرة التي رحل عنها لوقوفه ضد قبول جمال عبد الناصر مشروع روجرز ولانتمائه للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين .
يخضع ربعي للأمر ويلبس الخاتم ويتزوج بالبريد ، ولكنه أيضا ينفصل عن زوجته بالبريد ، فمن عقد قرانه قام برفع قضية طلاق ضده وطلقه من زوجته .
لعل الصفحات ٣٠٠ إلى ٣١٠ عن الموضوع هي الأطرف عموما ، وإن كان ثمة صفحات كثيرة طريفة ولافتة مثل تلك التي تأتي على ياسر عبد ربه يوم كان نشيطا في الجبهة الديمقراطية في نهاية ٦٠ القرن ٢٠ أيام الثورة الفلسطينية في الأردن .
حين أصدر ربعي المدهون كتابه لم يكن كتب أيا من روايتيه . كانت صدرت له فقط مجموعة قصصية أظن عنوانها " أبله خان يونس " وإن لم تخني الذاكرة ففيها قصة عنوانها " كناس المخيم " .
حكاية ربعي هي حكاية جيل فلسطيني ولد في ٤٠ القرن ٢٠ وعاش اللجوء وأقام في المخيمات وانتمى للثورة ثم ...
ثم...
" لا بد من صنعا وإن طال السفر " .
رحم الله الكاتب محمد أيوب وأطال في عمر الكاتب ربعي المدهون وفي عمر أخيه الشاعر راسم الذي ما زال يقيم في سورية " قلب العروبة النابض" التي لم ترق لربعي فغادرها إلى بيروت لأن تجربته فيها ، مع المخابرات السورية ، كانت مرة و ... .
حكايات الفلسطينيين حكايات ولا أعرف إن كان ياسر عبد ربه قرأ ما كتب عنه فيها ليرى صورته في شبابه ويقارنها بصورته الآن .
إن أطال الله في عمري فلعلني أكتب عن صورة اليسار في الرواية العربية ؛ ولقد كتبت مرة عن قصة الكاتب القصصي السوري زكريا تامر " يا أيها الكرز المنسي " .
كلنا في شبابنا أحببنا الفقراء ودافعنا عنهم ثم صرنا وزراء أو ذوي مناصب عالية ونسينا طعم الكرز . هل نسي ربعي طعمه أيضا يوم حصل على الجنسية البريطانية ؟!
لست أدري ، ومن قال لا أدري فقد أفتى !!
صباح الخير
خربشات
١٢ تشرين الأول ٢٠٢١ .