" لغة الماء " هي الرواية الأولى لعفاف خلف ، وقد صدرت عن دار اوغاريت في العام ( ٢٠٠٧ ) ، ولا أعرف إن كانت الكاتبة نشرت من قبل نصوصا في الصحف أو المجلات . لقد فأجأتنا برواية يمكن القول إنها ناضجة وممتعة ، على الرغم من أنها الأولى . وربما تذكر المرء ، وهو يقرأ " لغة الماء " روايات الأدبية الجزائرية أحلام مستغانمي ، وإن كان هناك فارق بين الكاتبتين فإن مستغانمي كتبت الشعر ونشرته قبل عشرين عاما من إصدارها "ذاكرة الجسد " ( ١٩٩٣ ) .
وإذا كانت عفاف خلف تركت عنوان روايتها يبرز على الغلاف باللون الأبيض ، لتقول لنا إن لغتها بيضاء ، فقد نجحت إلى حد بعيد ، ذلك أن لغة الرواية لغة صافية أدخلها المؤلف في مياه نهر ( ليثي ) ، لتبدو مثل لغة الشعر الغنائي لغة صافية واحدة ، على الرغم من تعدد الساردين . كأن لا فرق بين فاطمة التي تروي وبين محمد الذي يحاورها ويعطيها أوراقه لتكتب الرواية .ويمكن القول إننا أمام راويين رئيسين وأمام نصوص مقتبسة من كتب أبرزها العهد القديم . واللافت أنه لا فرق بين المستوى اللغوي في الرواية بين الناطقين / الشخوص الذين يعيشون في القرن العشرين وبين النصوص المقتبسة من العهد القديم .
وربما لا يستغرب المرء هذا لسبب واضح هو أن المؤلفة الضمنية للرواية ، وهي فاطمة، قارئه روايات وكتب ، وأن محمدا أيضا يكتب . عدا ذلك يبدو أن فاطمة قارئة جيدة للقرآن الكريم ، بل ويبدو أنها حافظة له ، ما جعلها تفيد من لغته وعباراته التي انتثرت على لسانها ولسان محمد في صفحات كثيرة ، وهذا يذكرنا بقول ( ميخائيل باختين ) عن اللغة والأسلوب الذي هو مزيج من لغات سابقة ، فليس ثمة لغة لإنسان على الأرض خالية من لغة الآخرين إلا لغة آدم عليه السلام ، إذ كل لغة بعده معتمدة على لغته . وإذا ما كررنا مقولة وردت في القرآن تتمثل في أن الله - سبحانه وتعالى - علم آدم الأسماء الحسنى قلنا إنه ليس ثمة لغة خالية من لغة الآخرين إلا لغة الله ، إذ أن لغة آدم لغة متعلمة ، لغة تتكيء على لغة سابقة .
وعلى الرغم من أن الساردين سردا بلغة عربية فصيحة ، بل إن الحوار ، حتى مع الجنود الإسرائيليين ، جرى بالعربية الفصيحة ، إلا أن المرء لا يعدم وجود أخطاء لغوية نحوية ، تنتشر هنا وهناك ، وهي أخطاء يقع فيها أحيانا كثيرة متخصصون في الأدب العربي .
وسيرد في الرواية الحديث عن اللغة في مواضع أبرزها في ص ١٠١ وفي ص١٦٩ تحت عنوان فرعي هو " اليوم السابع عصرا " تسرد فاطمة وتخاطب أمها قائلة :
" ارتاحي يا أم ، هدهدة الموت لا تجدي ولا تجدي لغة الرثاء " وفي ص ١٦٩ ، بعد استشهاد محمد ، تقول عن لغته :
" كم هي مفخخة لغتك ، كم من الألغام تنتثر بين الجمل والسطور .... "
وقبلها :
" تخذلني الكلمات ، وحدك كنت الفارس الأجمل في حقول اللغة "
وسنعرف ونحن نقرأ الرواية أن لغة المقاومين لغة مشفرة . هكذا يكتب هؤلاء في أثناء الاجتياح رسائل على الهاتف المحمول . تبدو مشفرة تقول ما لا يفعله أي شيء آخر ، فمنه جعل الله كل شيء حيا .
وإذا كانت عبارة " لغة الماء " عبارة مشفرة ، والتشفير ، كما لاحظنا ، وارد في الرواية ، فإنه يجوز لنا أن نورد التأويلات الآتية لها :
- لغة الكاتبة بيضاء . بمعنى أنها سليمة ومتينة وشاعرية .
- لغة المقاومة هي اللغة البيضاء وما عداها من لغات ليست كذلك . وتتمثل لغة المقاومة في لغة فاطمة ومحمد . وتبقى هناك على أية حال اجتهادات أخرى .
موضوع الرواية :
موضوع الرواية هو اجتياح نابلس في نيسان ٢٠٠٢ ، وهو موضوع خاض فيه كتاب وروائيون وقصاصون من قبل ، وهو موضوع يدرج تحت عنوان أوسع وأكبر هو " أدب انتفاضة الأقصى " ؛ الانتفاضة التي اشتعلت في ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ ، بسبب زيارة ( إريك شارون ) المسجد الأقصى .
ويمكن أن يشير المرء إلى شعراء كتبوا في الموضوع أبرزهم محمود درويش في " حالة حصار " ( ٢٠٠٢ ) وإلى قصاصين أبرزهم أكرم هنية في " أسرار الدوري " ( ٢٠٠١ ) و " دروب جميلة "( ٢٠٠٧ ) وإلى روائيين مثل سحر خليفة في روايتها " ربيع حار "( ٢٠٠٤) وسهاد عبد الهادي في " ذاكرة زيتونة " ( ٢٠٠٧ ) .
و " لغة الماء " هي ثالث رواية بعد روايتي سحر وسهاد تدور أحداثها في البلدة القديمة في نابلس في شهر الاجتياح ، وتبدو مقاربة النصوص والمقاربة بينها مجدية ، لأنها ترينا ثلاث روايات كتبت في موضوع واحد ، بل كبف كتبت ثلاث روائيات من المدينة نفسها عن الحدث نفسه .
أصغت سحر إلى نساء حوش العطعوط وكتبت روايتها ، فيما كتبت سهاد عن الأحياء المحيطة وما جرى فيها ، وأما عفاف فاتكأت ساردتها على ما عاشته ، وهي من سكان البلدة القديمة ، وأيضا على تجربتها مع مقاوم هو محمد ، وكان يزورها ويتصل بها ويكتب أوراقا يعطيها إياها لتكتب الرواية .
نحن في " لغة الماء " أمام سارد مشارك يروي من الداخل ، ويروي بمقدار ما يشاهد وما يعرف . إننا لسنا أمام سارد كلي المعرفة غير مقنع . إن الراوي في " لغة الماء " يروي الأحداث التي يعيشها ويعرف عنها من شخوصها الذين يزودونه بالأخبار مشافهة وكتابة ، ما يمنح الرواية قدرا كبيرا من الإقناع .
وربما اختلط أمر السرد على القاريء العادي ، إذ أننا تارة نصغي إلى صوت فاطمة تروي ، وطورا نصغي إلى صوت محمد ، دون أن أن تلجأ الكاتبة إلى لعبة شكلية تميز من خلالها صوت الراوي سوى ترك فراغ أحيانا أو وضع إشارات أو عناوين فرعية . وكان للكاتبة أن تفعل ما فعله غسان كنفاني في روايته " ما تبقى لكم " إذ لجأ إلى تغيير شكل الحرف حين يتغير السارد ، وأظن أن الكاتبة أفادت في كتابة روايتها من روايات حسن حميد الكاتب الفلسطيني المقيم في الشام ، بخاصة روايتاه " جسر بنات يعقوب " و " النهر بقمصان الشتاء " ، إذ غالبا ما لجأ إلى عناوين فرعية كتب تحتها ما لم يكتبه في النص الأصل ، وكتب الحواشي ليتمم المعنى أو ليوضح ما لم يوضحه السارد ، وهو في " لغة الماء " فاطمة ومحمد . وقد تكون الحواشي مكتوبة من فاطمة وقد تكون لمحمد نفسه . ويحتاج القاريء إلى قدر من التأني حتى يحدد من هو المتكلم .
جرأة في الطرح
ليست لغة الرواية وأسلوبها هو ما يلفت النظر فيها على الرغم من أن اللغة والأسلوب يبدوان آسرين . إن ما يلفت النظر فيها أيضا هو النقد الذاتي الجريء للسلطة الفلسطينية ولانتهازيي الفصائل . يسجن محمد في سجون السلطة ويعذب ، ولكن هذا لا يثنيه عن مقاومة المحتل ، وحين يبدأ الاجتياح يدافع عن نابلس ، خلافا لكثيرين ممن خدموا في قوات السلطة وتراجعوا لأن الأوامر جاءت إليهم بألا يقاوموا ، فالمعركة غير متكافئة . ومحمد الذي يمثل فصيلا مقاوما ، وتحديدا جهة في فصيل ، قاومت وما زالت تقاوم وترى أن المجابهة مع الاحتلال هي الخيار الوحيد ، لا التفاوض والسكون والاستسلام . محمد هنا يرى أن بعض أفراد هذا الفصيل يخونون ، وبعضهم يبدون انتهازيين يغريهم المال والمنصب ، وفي النهاية يدفع حياته ثمنا لخيانة مصطفى وتخاذل لبيب .
كان مصطفى مع لبيب ، ولبيب في فصيل الكتائب ، وكان لهما علاقة مع امرأة من البلدة القديمة هي أم دياب . تتغير هذه وتثرى ويثرى لبيب ويتردد الاثنان على بيتها هي التي تراقب فاطمة وزوارها . وسيشي مصطفى بمحمد فيقتله الإسرائيليون .
إن الخيانة هي ما يؤلم محمد ، وهذا ما كان يكرره كثيرا . لقد جسب للخيانة الف حساب ولم ينج ، فقد سقط صريعا لا لذكاء الاحتلال ، بل للمعلومات التي زوده بها بعض من انصموا إلى الكتائب وتسلقوا عليها .
وسيقرأ المرء نقدا حادا للسلطة الفلسطينية ولمن سار في ركاب ( أوسلو ) . إن محمدا لا يميز بين سجونها وسجون الاحتلال الإسرائيلي ، فالسجان الفلسطيني يفعل بالسجين الفلسطيني ما كان يفعله به السجان الإسرائيلي .
وعموما فإن " لغة الماء " تبشر بمولد روائية ، اتفقنا مع طروحات فاطمة ومحمد أم لم نتفق .
وإذا كانت عفاف خلف تركت عنوان روايتها يبرز على الغلاف باللون الأبيض ، لتقول لنا إن لغتها بيضاء ، فقد نجحت إلى حد بعيد ، ذلك أن لغة الرواية لغة صافية أدخلها المؤلف في مياه نهر ( ليثي ) ، لتبدو مثل لغة الشعر الغنائي لغة صافية واحدة ، على الرغم من تعدد الساردين . كأن لا فرق بين فاطمة التي تروي وبين محمد الذي يحاورها ويعطيها أوراقه لتكتب الرواية .ويمكن القول إننا أمام راويين رئيسين وأمام نصوص مقتبسة من كتب أبرزها العهد القديم . واللافت أنه لا فرق بين المستوى اللغوي في الرواية بين الناطقين / الشخوص الذين يعيشون في القرن العشرين وبين النصوص المقتبسة من العهد القديم .
وربما لا يستغرب المرء هذا لسبب واضح هو أن المؤلفة الضمنية للرواية ، وهي فاطمة، قارئه روايات وكتب ، وأن محمدا أيضا يكتب . عدا ذلك يبدو أن فاطمة قارئة جيدة للقرآن الكريم ، بل ويبدو أنها حافظة له ، ما جعلها تفيد من لغته وعباراته التي انتثرت على لسانها ولسان محمد في صفحات كثيرة ، وهذا يذكرنا بقول ( ميخائيل باختين ) عن اللغة والأسلوب الذي هو مزيج من لغات سابقة ، فليس ثمة لغة لإنسان على الأرض خالية من لغة الآخرين إلا لغة آدم عليه السلام ، إذ كل لغة بعده معتمدة على لغته . وإذا ما كررنا مقولة وردت في القرآن تتمثل في أن الله - سبحانه وتعالى - علم آدم الأسماء الحسنى قلنا إنه ليس ثمة لغة خالية من لغة الآخرين إلا لغة الله ، إذ أن لغة آدم لغة متعلمة ، لغة تتكيء على لغة سابقة .
وعلى الرغم من أن الساردين سردا بلغة عربية فصيحة ، بل إن الحوار ، حتى مع الجنود الإسرائيليين ، جرى بالعربية الفصيحة ، إلا أن المرء لا يعدم وجود أخطاء لغوية نحوية ، تنتشر هنا وهناك ، وهي أخطاء يقع فيها أحيانا كثيرة متخصصون في الأدب العربي .
وسيرد في الرواية الحديث عن اللغة في مواضع أبرزها في ص ١٠١ وفي ص١٦٩ تحت عنوان فرعي هو " اليوم السابع عصرا " تسرد فاطمة وتخاطب أمها قائلة :
" ارتاحي يا أم ، هدهدة الموت لا تجدي ولا تجدي لغة الرثاء " وفي ص ١٦٩ ، بعد استشهاد محمد ، تقول عن لغته :
" كم هي مفخخة لغتك ، كم من الألغام تنتثر بين الجمل والسطور .... "
وقبلها :
" تخذلني الكلمات ، وحدك كنت الفارس الأجمل في حقول اللغة "
وسنعرف ونحن نقرأ الرواية أن لغة المقاومين لغة مشفرة . هكذا يكتب هؤلاء في أثناء الاجتياح رسائل على الهاتف المحمول . تبدو مشفرة تقول ما لا يفعله أي شيء آخر ، فمنه جعل الله كل شيء حيا .
وإذا كانت عبارة " لغة الماء " عبارة مشفرة ، والتشفير ، كما لاحظنا ، وارد في الرواية ، فإنه يجوز لنا أن نورد التأويلات الآتية لها :
- لغة الكاتبة بيضاء . بمعنى أنها سليمة ومتينة وشاعرية .
- لغة المقاومة هي اللغة البيضاء وما عداها من لغات ليست كذلك . وتتمثل لغة المقاومة في لغة فاطمة ومحمد . وتبقى هناك على أية حال اجتهادات أخرى .
موضوع الرواية :
موضوع الرواية هو اجتياح نابلس في نيسان ٢٠٠٢ ، وهو موضوع خاض فيه كتاب وروائيون وقصاصون من قبل ، وهو موضوع يدرج تحت عنوان أوسع وأكبر هو " أدب انتفاضة الأقصى " ؛ الانتفاضة التي اشتعلت في ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ ، بسبب زيارة ( إريك شارون ) المسجد الأقصى .
ويمكن أن يشير المرء إلى شعراء كتبوا في الموضوع أبرزهم محمود درويش في " حالة حصار " ( ٢٠٠٢ ) وإلى قصاصين أبرزهم أكرم هنية في " أسرار الدوري " ( ٢٠٠١ ) و " دروب جميلة "( ٢٠٠٧ ) وإلى روائيين مثل سحر خليفة في روايتها " ربيع حار "( ٢٠٠٤) وسهاد عبد الهادي في " ذاكرة زيتونة " ( ٢٠٠٧ ) .
و " لغة الماء " هي ثالث رواية بعد روايتي سحر وسهاد تدور أحداثها في البلدة القديمة في نابلس في شهر الاجتياح ، وتبدو مقاربة النصوص والمقاربة بينها مجدية ، لأنها ترينا ثلاث روايات كتبت في موضوع واحد ، بل كبف كتبت ثلاث روائيات من المدينة نفسها عن الحدث نفسه .
أصغت سحر إلى نساء حوش العطعوط وكتبت روايتها ، فيما كتبت سهاد عن الأحياء المحيطة وما جرى فيها ، وأما عفاف فاتكأت ساردتها على ما عاشته ، وهي من سكان البلدة القديمة ، وأيضا على تجربتها مع مقاوم هو محمد ، وكان يزورها ويتصل بها ويكتب أوراقا يعطيها إياها لتكتب الرواية .
نحن في " لغة الماء " أمام سارد مشارك يروي من الداخل ، ويروي بمقدار ما يشاهد وما يعرف . إننا لسنا أمام سارد كلي المعرفة غير مقنع . إن الراوي في " لغة الماء " يروي الأحداث التي يعيشها ويعرف عنها من شخوصها الذين يزودونه بالأخبار مشافهة وكتابة ، ما يمنح الرواية قدرا كبيرا من الإقناع .
وربما اختلط أمر السرد على القاريء العادي ، إذ أننا تارة نصغي إلى صوت فاطمة تروي ، وطورا نصغي إلى صوت محمد ، دون أن أن تلجأ الكاتبة إلى لعبة شكلية تميز من خلالها صوت الراوي سوى ترك فراغ أحيانا أو وضع إشارات أو عناوين فرعية . وكان للكاتبة أن تفعل ما فعله غسان كنفاني في روايته " ما تبقى لكم " إذ لجأ إلى تغيير شكل الحرف حين يتغير السارد ، وأظن أن الكاتبة أفادت في كتابة روايتها من روايات حسن حميد الكاتب الفلسطيني المقيم في الشام ، بخاصة روايتاه " جسر بنات يعقوب " و " النهر بقمصان الشتاء " ، إذ غالبا ما لجأ إلى عناوين فرعية كتب تحتها ما لم يكتبه في النص الأصل ، وكتب الحواشي ليتمم المعنى أو ليوضح ما لم يوضحه السارد ، وهو في " لغة الماء " فاطمة ومحمد . وقد تكون الحواشي مكتوبة من فاطمة وقد تكون لمحمد نفسه . ويحتاج القاريء إلى قدر من التأني حتى يحدد من هو المتكلم .
جرأة في الطرح
ليست لغة الرواية وأسلوبها هو ما يلفت النظر فيها على الرغم من أن اللغة والأسلوب يبدوان آسرين . إن ما يلفت النظر فيها أيضا هو النقد الذاتي الجريء للسلطة الفلسطينية ولانتهازيي الفصائل . يسجن محمد في سجون السلطة ويعذب ، ولكن هذا لا يثنيه عن مقاومة المحتل ، وحين يبدأ الاجتياح يدافع عن نابلس ، خلافا لكثيرين ممن خدموا في قوات السلطة وتراجعوا لأن الأوامر جاءت إليهم بألا يقاوموا ، فالمعركة غير متكافئة . ومحمد الذي يمثل فصيلا مقاوما ، وتحديدا جهة في فصيل ، قاومت وما زالت تقاوم وترى أن المجابهة مع الاحتلال هي الخيار الوحيد ، لا التفاوض والسكون والاستسلام . محمد هنا يرى أن بعض أفراد هذا الفصيل يخونون ، وبعضهم يبدون انتهازيين يغريهم المال والمنصب ، وفي النهاية يدفع حياته ثمنا لخيانة مصطفى وتخاذل لبيب .
كان مصطفى مع لبيب ، ولبيب في فصيل الكتائب ، وكان لهما علاقة مع امرأة من البلدة القديمة هي أم دياب . تتغير هذه وتثرى ويثرى لبيب ويتردد الاثنان على بيتها هي التي تراقب فاطمة وزوارها . وسيشي مصطفى بمحمد فيقتله الإسرائيليون .
إن الخيانة هي ما يؤلم محمد ، وهذا ما كان يكرره كثيرا . لقد جسب للخيانة الف حساب ولم ينج ، فقد سقط صريعا لا لذكاء الاحتلال ، بل للمعلومات التي زوده بها بعض من انصموا إلى الكتائب وتسلقوا عليها .
وسيقرأ المرء نقدا حادا للسلطة الفلسطينية ولمن سار في ركاب ( أوسلو ) . إن محمدا لا يميز بين سجونها وسجون الاحتلال الإسرائيلي ، فالسجان الفلسطيني يفعل بالسجين الفلسطيني ما كان يفعله به السجان الإسرائيلي .
وعموما فإن " لغة الماء " تبشر بمولد روائية ، اتفقنا مع طروحات فاطمة ومحمد أم لم نتفق .